عبد الفتاح عبدان - صورة آسفي الأدبية بعيون روائييها

«سوف أناديك من المدائن المسبية
الممنوعة
الفاقدة الذاكرة
المنسية
المقطوعة الأثداء»
(البياتي: كتاب البحر، ص 139)

تقديم:

إذا كان أفلاطون قد أثار مكانة الأديب في المدينة الفاضلة التي على عليائها شيد نظرية الميتافيزيقا، فإننا، هاهنا، نود أن نسائل مكانة المدينة في إبداع الأديب وأن نترسم صورتها المتخيلة في غياهب الخيال الرمزي للروائيين، ثم نستكشف معالمها الكائنة والممكنة بين الأدب والواقع وبين الحقيقة والمجاز. ولست في حاجة، لأبرز مكانة الرواية في العصر الحديث، فقد أصبح عصر الرواية بامتياز؛ لأنها كانت وما تزال الجنس الأدبي الأكثر انفتاحا على التقاط مشاكل الذات والواقع، والقادرة كذلك على استيعاب جميع الأجناس والأنواع والخطابات الأخرى، كما أنها الجنس الأدبي المهيمن والمفضل لدى الكثير من القراء والمثقفين بالمقارنة مع غيرها من الأجناس.

ولا شك أن تمثل صورة المدينة بعيون شعرية تكشف عن مفارقة ثقافية لاختلاف نظرة الشعراء إلى فضاءاتها، فكما نجد النظرة المشمئزة والكئيبة من فضائها المقرف، نجد العكس أيضا. وإذا كان هناك من يفضح الشرورَ الشيطانية للمدينة، كإليوت الذي ينعتها بالأرض الخراب، وبودلير الذي يصفها بالعاهرة، وعلى دربهم سار الشعراء العرب فعبدالمعطي حجازي يرى المدينة ” بلا قلب”، وعبد الصبور يصف سكانها بكونهم” آلات آلات”، فهناك- كما يشير أندري نوشي- من ينشدون لها التمجيد، من قبيل ويتمان، الذي وقف موقفا مغايرا من المدينة، بحيث منحها ثقته، ومجّد ما فيها من عُمال وأزقة، وزحمة خانقة، إنه كان نبرةً معاصرةً راضيةً تُغني « المدينة الضخمة المرفوعة إلى مرتبة شيء يلخص العالم كله»[1]. فالمدينة في عيون الشعراء، تمثل الرفض والنقمة والأسى على حياة مفروضة، وعلى الضياع في مدن الأشباح، ضياع وغربة ووحدة، انعكست معاناتهم اليومية على تجاربهم المريرة كأفراد يتمتعون بشفافية، فكان الروح الرومانسي ملاذهم. وإن كان هذا موقف الشعراء المعاصرين من المدينة، فهل الصورة ذاتها يمكن تلمسها عند الروائيين عامة، وروائيي عبدة خاصة؟

I- دلالات الفضاء الروائي:

يعتبر الفضاء الروائي أحد العناصر الهامة التي لا تقوم للسرد قائمة بدونه، فهو المسرح الذي فيه تُشيّد الحكاية وتدور عجلتُها على سكته الملتوية بالتواءات أحداث الرواية وتشابكها. فالمكان يمثل إلى جانب الزمان الإحداثياتِ الأساسيةَ التي تحدد الأشياءَ الفيزيقيةَ في عوالم السرد المبهمة والمشبعة، حتى التخمة، بالصراع النفسي والتمثل الثقافي والانعكاس الاجتماعي للأديب من جهة والمجتمع من جهة أخرى.

إن تعالق الإنسان بفضائه تعالق شديد، ومنذ الأزل ارتبط البشر بالأرض والمكان الذي يستقر فيه. وعلى الرغم من أهميته في السرد الأدبي ظلت الكتابات النقدية العربية والغربية منها على الخصوص حائرة تجاهه، وعُدّ عنصرا هامشيا ومقصيا من حقل الانشغال الأدبي. ونشير، منذ البداية، إلى غياب نظرية متكاملة تحوط بالفضاء الروائي من جميع مناحيه، ولا نكاد نجد إلا اجتهادات مختلفة لبعض النقاد الغربيين أو العرب، وبشكل عام يتخذ مفهوم الفضاء شكلين أساسين مختلفين- حسب لحميداني حميد- نوضحهما في الآتي:

أ‌- الفضاء الجغرافي: يقابله البعض بالحيز المكاني، لكن الفضاء أوسع وأشمل من معنى المكان، إذ لا يعدو هذا الأخير أن يكون مكونا من مكونات الفضاء، ” وما دامت الأمكنة في الروايات غالبا ما تكون متعددة ومتفاوتة، فإن فضاء الرواية هو الذي يلُفّها جميعا، إنه العالم الواسع الذي يشمل مجموع الأحداث الروائية”[2]. وترى جوليا كريستيفا أن الفضاء الجغرافي لا يدرس بمعزل عن دلالاته الحضارية، فهو يتشكل من خلال العالم القِصصي، يحمل معه جميع الدلالات الملازمة له، والتي تكون عادة مرتبطة بعصر من العصور حيث تسود ثقافة معينة، أو رؤية خاصة للعالم، وهو ما تسميه «إدْيُولوجِيم العصر». وفي حين يعتبر هنري متران أن المكان هو الذي يؤسس الحكي لأنه يجعل القصة المتخيلة ذات مظهر مماثل لمظهر الحقيقة[3].

ب‌- فضاء النص: وهو فضاء مكاني، غير أنه متعلق بالمكان الذي تشغله الكتابة الروائية على مساحة الورق ضمن الأبعاد الثلاثة للكتاب.

وسنركز اهتمامنا، في هذه القراءة على الفضاء، ليس باعتباره حيزا جغرافيا مسطحا أو ماديا فحسب، وإنما سننظر إليه نظرة جديدة تعمق البحث عن أبعاده الثلاثية: المجال والثقافة والإنسان، لأننا نرى أنها عناصر تتفاعل في بوتقة واحدة لتشكل من بين تشكيلاتها فضاء المدينة بكل تمظهراته في احتضان التجربة الإنسانية المعيشية والإبداعية. فالمدينة إطار مكاني لما يجيش به المجتمع من الحركة والتشكل المستمر للقيم وأنماط الحياة، وليس هذا فقط، بل هي عمق للحركة والتشكل[4]. ونلخص هذه الأبعاد في الترسمة التالية:

فضاء المدينة

البعد المكاني
البعد البشري
البعد الثقافي

وتعتبر الروايات الاجتماعية والتاريخية من بين الأنواع الروائية التي يهيمن فيها المكان بجلاء، فهي في مسعاها لتقريب الواقع الاجتماعي والتاريخي الخارجي تنقل التفاصيل الدقيقة لمختلف الفضاءات اليومية التي نتعايش معها، بغرض تشخيص صورة محلية للمجتمع. لقد أعطى هنري متران المثال ببلزاك في كتاباته الواقعية التي كان يصف فيها شوارع حقيقية تجعل القارئ يقوم بعملية قياس منطقي، فما دامت هذه أحياء وشوارع حقيقية، إذن فكل الأحداث التي يحبكها الروائي هي كذلك تحمل مظهر الحقيقة[5]. هذا ما جعل البعض ينعت الأدب بكونه ”نمذجة للواقع ببناء لغوي مستقل وجميل”[6].

II- آسفي بعيون روائييها:

من منطلق هذه الأهمية التي يفرضها المكان، بمختلف أشكاله وألوانه، نود أن نسائل الإنتاج السردي الروائي العبدي لنترسم الصورة الأدبية المنمذجة التي تحيكها أقلام الروائيين في أعمالهم الإبداعية عن مدينة آسفي، لنكتشف سوية هذا الفضاء الساحلي بعيون أدبية، وكذلك نروم ملاحقة مختلف الأوجه العمرانية والتاريخية والتراثية والثقافية التي تحضر بها آسفي في أعمال هؤلاء المبدعين لنحدد ملامحها المغايرة التي تترفع عن الواقع عن طريق المحاكاة الإبداعية بالمفهوم الأرسطي. وسنعتمد في هذه الدراسة على أربع روايات عبدية لثلاثة روائيين، وما اختيار هؤلاء إلا لأنهم اتخذوا من آسفي فضاء حيّا لأحداث رواياتهم، وهم:

ü أحمد السبقي:- رواية باب الشعبة، الجزء الثاني، طوب بريس، الرباط، ط2، 2013.

ü محمد أفار: – رواية درب كناوة، سافي غرافي، آسفي، الطبعة الأولى، 2013.

ü عبدالرحيم لحبيبي: – رواية خبز وحشيش وسمك، أفريقيا الشرق، ط1، 2008.

– تغريبة العبدي، أفريقيا الشرق، ط1، 2014.

فبعد قراءتي لهذه الأعمال السردية التي جادت بها قريحة الروائيين العبديين، والتي يمكننا تصنيفها ضمن خانة الرواية الاجتماعية والتاريخية بامتياز، ومرد ذلك في نظري، لتأثر الروائيين بالأعمال السردية التقليدية لسرفونتيس وبلزاك ونجيب محفوظ وعبدالكريم غلاب وغيرهم، وقفت على حقيقة مفادها أن آسفي، أو حاضرة المحيط بالتعبير الخلدوني الشهير، تُستحضر في مخيلة روائييها باعتبارها فضاء سوسيوثقافيا له امتداداته التاريخية والجغرافية والعمرانية والبشرية الضاربة في عمق الحضارة الإنسانية. وهو ما سنعمل على إبرازه من منطلق النظر للفضاء بمنظور واسع.

إن فضاء آسفي حينما ينتقل إلى فضاء الرواية لا يرسو على صورة ثابتة وواضحة، وإنما تتقلب وتتغير، وتسوَّد وتصحو وتكبر وتصغر هذه الصورة بسيرورة الأحداث السردية وبمرجعية الروائي وطبيعة إبداعه. ووجدنا هذه الصورة الأدبية تتأرجح بين التاريخانية والاجتماعية والواقعية حينا، وبين الصورة المثالية الحالمة أحيانا أخرى. ففضاء آسفي عند روائييها له دلالات متعددة، ترتبط بأحوال الشخصيات والأحداث الروائية من جهة، وبطبيعة نظرة الكاتب الذاتية والوجدانية لمدينته من جهة ثانية. وفي هذا الإطار أمكننا التمييز بين مجموعة من التقابلات أو الثنائيات الضدية التي تؤطر الصورة الأدبية لآسفي في الفضاء الروائي العبدي من أبرزها: ثنائية الماضي والحاضر، وثنائية الاحتلال والمقاومة، وثنائية التراث والحداثة، وأخيرا ثنائية الفرجة والبؤس. ونشير أننا في استنباط هذه الثنائيات التزمنا الحياد، واستندنا للروايات التي ذكرناها آنفا لرسم معالم المدينة.

أ‌- آسفي بين الماضي والحاضر:

لعل أول العناصر التي استهوت الروائيين العبديين في هذه المدينة موقعها الجغرافي المتميز بإطلالته المشرقة على المحيط الأطلسي لتستنشق عطر بحر متيم بها[7]، تسري أمواجه على جنباتها وشواطئها لتطهر المكان والسكان، فكان البحر نعيمها وجحيمها، وسبيل سعادَتها وشقائها. “هي البحر، وهو المدينة”[8] (لحبيبي: خبز وحشيش،ص 6)، من لونه صبغت أبوابها ونوافذها، ومن خيراته اقتات أهلها، وعلى صوت هديره نام أطفالها، وعلى نسيمه العليل قام زهادها، فاتخذوا من المغاور والكهوف والأكواخ معابدا ومحاربا، ركبوا البحر وحملوا السلاح ونادوا بحناجرهم، الكفاح، الكفاح، حتى إذا ماتوا ودفنوا، ففي مقابرهم بحي أشبار ولالا هنية الحمرية يشرفون على الرمال الذهبية، ويستمتعون بالغروب وبالليالي الصيفية في العالم الآخر، يرهفون أسماعهم لصوت الموج ويتنسمون ريح البحر، في الليل يخرجون للاستمتاع بضوء القمر على صفحة الموج المنساب برفق على الشاطئ. إن سكان آسفي “كانوا أذكى من الفراعة الذين بنوا مقابرهم داخل أهرامات مغلقة بالحجارة الضخمة”[9] .( لحبيبي: خبز وحشيش، ص8)

واستوت «المدينة على الجرف العالي واستوى الفلك على الجودي، صاعدة من قلب الطوفان جوهرة ومنارة وحضنا للتائهين والحيارى وعابري المحيط والمؤلفة قلوبُهم على الخير والصلاح والواصلين من أهل الله»[10]. إن آسفي – بمنظور لحبيبي- مدينة منسية على سواحل التاريخ، مبعدة قسرا عن خطوط الطول والعرض والتماس، فلا تضبطها المراصد ولا تحددها ولا تعبرها المسالك، وحدهم الأقدمون عرفوا قدرها، فقد كانت حضارة ومنارة وعمرانا[11].

آسفي مدينة العدوتين، فلقها النهر الجاري ليعانق المحيط، فتَنفّس، ونفّس من زخم السكان، إذ كان من دأب النساء اغتنام يوم عطلتهن لغسل ملابسهن ونشرها على أغصان الأشجار المحاذية للوادي[12].( أحمد السبقي: رواية باب الشعبة، ص 68) كما كان النهر متنفسا لتفريغ هموم الساكنة ونسيان ضغوط الحياة واتخاذ القرارات الحاسمة[13].

لقد شكل تاريخ آسفي الجذور العميقة والممتدة في تاريخ المغرب السياسي والاجتماعي والذي منه استمدت مجدها الحاضر، إنها مدينة حيرت الدارسين والمحبين لها، ولم تكشف لهم عن حقيقة لقبها مقبرة حالتها المدنية في المجهول، إلا أنها حُضنُ أم حنون عانقت الفتيان المغرورين وأنقذتهم من التيه والضلال، عبر شعاعها المتلألئ الذي يرسل وميضه لأبعد مدى بحري والمسمى “أسَافو”.

آسفي المدينة التاريخية “بناها الأمازيغ… وسكنها العرب، احتلها البرتغال وأحبها الفرنسيون”[14] كانت موصودة بالأسوار تغلق أبوابها بالأقفال بغروب الشمس وتفتح بإشراقها من القِبلة، وتُضاء أزقتها بالقناديل. “على ساحلها وقفت سنابك جياد عقبة بن نافع كآخر نقطة للعام المتحضر”[15]، فكانت نموذجا في التسامح الديني والاجتماعي فتعايشت فيها الأديان والزوايا والمساجد والكنائس والبيع، كانت دائما مرفأ للتوريد والتصدير، حتى النخاسة وبيع البشر وتهجيرهم إلى البرتغال.

آسفي مدينة في الماضي لم تنعم بالاستقرار والرخاء إلا لحظات تاريخية قليلة، أنهكتها المجاعات والأوبئة والفتن والدسائس والخيانات، فرحل عنها رجالات وعلماء وفقهاء، وعاش فيها الصعاليك والأوباش والأوغاد، حتى قيل عن أهلها « إنهم أناس لا تربية لهم ولا أخلاق»[16]. (لحبيب، خبز وحشيش وسمك، ص6)

وقصر البحر المعلمة الوحيدة من بقايا معالم المدينة التي تقاهر الزمن[17]، وتقاوم في صمت مخالب البحر الذي عبث ببنيانها، بعد أن وجدت مؤنسا روحيا تشكي له مصابها، ألا وهو ضريح القطب الرباني سيدي أبي محمد صالح صاحب الكرامات[18]، ومنظم رحلات الحجيج المتطلعة لاستشراف “البيت”.

آسفي مربط القارات ومعبَر الرحلات، أشهرها رحلة راع، التي روعت الدنيا وقرّبت أطرافها. المدينة بمينائها اشتهرت وبسردينها ازدهرت حتى ” احتلت الرتبة الأولى عالميا في صيد وتصبير سمك السردين سنة 1963″[19].

لكن واقع المدينة “اليوم غيره الأمس، يعلوها الكدر وتكسوها الكآبة”[20]، ويخيم على سمائها المجهول، أوصدت المصانع أبوابها، وعطلت وفقرت عُمالها، سكان درب كناوة “صدورهم حبلى بالدموع بصرخة طويلة… تكسّر أقفاص ضلوعهم وتحرر دموعهم”[21]. آسفي أنصفها التاريخ، وأهملها الحاضر، مزقتها الطبقية الاجتماعية ( أولاد السوينية والكورس ودرب كناوة[22] ليسوا هم أولاد لمدينة أو أولاد بنهيمة…) وأحوجتها الفاقة حتى غدا “الفقراء يعيشون على أزبال الأغنياء”[23]، فكّر السكان في الحلول، فهاجروا للمجهول، باعت الفتيات أجسادهن للشاري[24] وارتمى الشباب في حضن المخدرات والحشيش[25]. في واقع هذه المدينة المتخيلة يغيب العدل والمساواة والإخاء، وتغيب الحقوق… أما الديموقراطية فلم يسمعوا بها ولم يقرأوا عنها إلا في أوراق الحملات الانتخابية[26].

ب‌- ثنائية الاحتلال والمقاومة

آسفي المدينة التي أسالت لعاب ومطامع الغزاة بالسهل الوافر والبحر العامر والمعدن النادر، فجرت إليها الثعالب، فكان البرتغال بالقوة هو الغالب، فبنى بها الحصون وزوّدها بالمدافع لتكون له « قاعدة وحصنا وكذلك منفذا على البحر»[27]. استولى الاحتلال على السهول وهجّر الخيول، وأسر النسوة والرجال وعزلهم عن الأطفال في ضواحي المدينة[28]، فكانت تساق النساء للذة والجنس أو يعرضن في سوق النخاسة للأجانب[29]. وفي قبو القلعة ربط كل شاب بسلسلة متدلية من السقف، كانت القاعة مظلمة ومخيفة في آن واحد، كانت الآهات تملأ الفضاء وتزرع الرهبة في القلوب. لم يكونوا وحدهم فالمكان يغصّ بالعشرات من الرجال الذين أُسروا أثناء المعارك السابقة[30]. “الملاعين … كانوا يثقلون أرجل الموتى بالحديد ويرمون بهم في عرض البحر..”[31].

في ظل هذه الأوضاع المأساوية كان لابد أن تندلع شرارة المقاومة، التي قادها متصوفة وشرفاء، وهبوا أنفسهم للجهاد، واعتلوا صهوة الجياد، وأشهروا السيوف في وجه الأعداء. مول الركي، آل أمغار، رجراجة، أولاد عمران، أولاد أبي السباع ، الوطنيون، المثقفون… تزعموا المشهد، وكانوا رجالا صناديد، لقنوا الغزاة دروسا وخاضوا معهم حربا ضروسا، حتى حرروا كل البلاد واستعادوا كرامة العباد وطهروها من الخونة والأوغاد.

ج‌- ثنائية التراث والحداثة:

بدءا نشير أن مخائيل باختين يرى أصول الرواية وجذورها ترجع إلى الطبقات الشعبية الدنيا، حيث استلهمت بلاغتها وأساليبها اللغوية من الأدب الشعبي، فلاغرو أن نلفي الرواية العبدية مرآة عاكسة لمختلف مظاهر التراث المادي والشفهي لفضاء المدينة، ففيها الدور القديمة بفنائها المعانق لشمس السماء والمحتضن لليالي السمر والأنس، وفيها الحصون والقلاع العتيقة والأسوار العالية والأبواب العتيدة من عبقها تفوح رائحة التاريخ[32]، وفيها “أفران الخزف المنتشرة على امتداد الهضبة المشرفة على “الشعبة” المحاذية لحي أشبار”[33]…

في عالم المدينة تراث زاخر وتقاليد عتيقة توارثها الخلف عن السلف، بها أطرت حياة المدينة وتشكلت هٌويتها الفريدة. في عالم المدينة تلزم النساء النقاب من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين، يرتدين الحياك ويخضبن بالحناء، وعلى الذقون زخارف “وشام أخضر”[34] سحري. تداوم نساء المدينة على زيارة الأولياء والتشفع بهم في طقوس رهيبة وعقائد غريبة حول ضريح سيدي محمد بن صالح، وسيدي عبدالرحمان ولالا فاطمة… ويعملن الحروز والأحجبة لدرء الشر وجلب الخير ورمي “التابعة”[35]، وفي بيوتهن نصبن المناسج لصناعة الزرابي[36].

وقد كان من عاداتهم في الأعراس أن “يعقد القران ويحدد الصداق بعد صلاة العصر أمام العامة، كما كان من دأبهم أن يقدم الخاطب قدرا معلوما من المال نقدا وجارية لخدمة العروس”[37]. وكل مساء كانت تجتمع النساء في فضاء المدينة، يتبادلن الحديث يزهون وبزهوهن تزهو الأفراح، وكان مما يخفف من آلام الغربة والفراق لدى النساء، ما كانت تحكينه من أحاجي الزمن الغابر في تلك الأمسيات تحت ضوء القنديل الخافت[38].

أما لباس الرجل “فقميص تقليدي الصنع… على جنبه تتدلى «شكارة» تشبه جرابا رخوا يدس فيها أشياءه الاحتياطية، ينتعل صندلا مطاطيا صنع من إطار عجلة تبرز أصابعه الخشنة من مقدمته”[39]. وكان من دأب الرجال ارتداء الزي التقليدي الأبيض كل جمعة وفي الأعياد الدينية[40]. يُربون الخيول ويتعلقون بها أيما تعلق، ويعصرون زيوت أركان الفريدة[41]، ويفترشون جلود الأضاحي، يتقنون الكثير من الحرف الشعبية، “سوق لغزل” مجمعهم، وموعدهم الاسبوعي في سوق العفاريت[42] لابتياع المتلاشيات، يصنعون السفن الشراعية ويبحرون طلبا للرزق والسكينة، يغنون ويمرحون “هذي قصِيدة من عيطة وهذا من ملحون”، وفي المساء وسط المدينة يتحلقون، حكايات تروى، وألعاب ومبارزات. وكلما استأسد عليهم البحر أو شحت أسماكه، “يتجه البحارة إلى أحد الأولياء والعباد الصالحين المجاورين للبحر، إلى سيدي بوزكي، ليقدموا قربانا رمزيا، ثورا وكسوة في احتفال طقوسي متميز بالشكوى والاسترحام والتضرع…ليلجم البحر موجه، ويقمع ريحه”[43].

وكانت المدينة على موعد جليل تحتفل به كل سنة، حفل يخصص للأطفال الذين حفظوا القرآن الكريم… كانت أعرافهم تقتضي أن يلبس الحفظة أجمل ما عندهم من ثياب ويضعون الكحل في أعينهم ويخضبون يدهم اليمنى بالحناء وتزخرف ألواحهم، تنويها لهم وتشجيعا»[44].

جاء شبح الاستعمار، قلب المدينة رأسا على عَقِب، تعقد الأكل وتنوع، وُضعت برامج للمائدة والعيش[45]، كثرت الملابس وشاعت ظاهرة إبراز التبان تحت سروال النساء وتجرأت بعضهن على عرض نهديها، وبدأ الناس يحدثون عن الموضة[46]….. لقد تحول المجتمع من البساطة والقناعة إلى مجتمع الشراهة والجشاعة. واستفحل الغلاء وغاب الهناء. افتتن الناس بالدنيا ونسو الآخرة، دخل الأطفال المدارس وتصارعوا على الوظائف. ظهر عصر الشات والشبكة العنكبوتية، اعتصم الناس بالبيوت وقبعوا أمام التلفاز، ليشاهدوا برامج بلهاء، تبلد الذاكرة[47].

في عصر الحداثة تحولت المقبرة إلى منطقة سكنية فاخرة[48]، سكن الأحياء فوق الأموات، توسعت المدينة، أقيم مصنع الكيماويات، وصار نفير القطار من الأصوات المألوفة[49].

د‌- آسفي فضاء للفرجة وللبؤس:

لا يختلف اثنان في غنى أشكال الفرجة بفضاء الحاضرة العبدية وتعدد مشاربها الثقافية والفرجوية، وهو الشيء الذي عكسه روائيو المدينة في أعمالهم المختلفة حيث لا تحلو سهرات الأنس إلا بإيقاع العيطة بنوعيها المرصاوي والحوزي، ثم رقصات الشيخات مثل عيدة والحمونية والعرجونية[50]، نغمات “الطعريجة” و”القعدة”[51] تحرك القلوب وتهز الأكتاف. وكان من عادة السكان في كل عاشوراء تنظيم الليالي الكناوية احتفالا بالذكرى الدينية/ الروحانية على إيقاع موسيقى كناوة، فسرعان ما ” انطلق صوت معلم فرقة كناوة وهو يتموج رخيما دافئا استهلالا لأجواء روحانية تدحض النفوس الشريرة للعالم السفلي”[52]، وتعطر الأبخرة المكان بروائحها الزكية، مرشاة ماء الزهر تسقي الوافدين عطرا. والأبخرة من كل الأنواع والألوان ترسم سحابة الزهو والفرجة بإيقاع السحر ودم القرابين، لتتعالى صحيات الجذب والقفز، حتى يقفز الجن بدوره لفضاء الحلقة. فعبر النغمات الشجية المستوحاة من سهوب إفريقيا وأدغالها تُسلب قلوب وعقول المريدين، رجالا ونساء، أطفالا وشبانا، بلا هوادة لينخرط الجميع في طقوس رقص جنوني قاتل. حلقات الحكواتيين تملأ الساحات والأطفال يلعبون مختلف الألعاب الشعبية، كألعاب الغميضة[53].

على عكس هذا الإيقاع الجميل، نلفي إيقاع الحزن والبؤس منتشرا في أرجاء المدينة “شيوخ وعجزة متخلى عنهم أقصتهم الحياة، يقوم بأودهم بعض المحسنين، في غالب الأحيان يرتادون الميناء يشحدون أو يقبعون عند مزار ” سيدي بو الذهب” يعيشون على الصدقات”[54]. فتيات تنقطعن عن الدراسة وتتزوجن بعولا في عمر أبائهن لتجاوز البؤس والفقر الذي يعشن فيه[55]، “النشالون والمبْثوتون في كل مكان”[56]، وركود فصل الشتاء يحول المدينة إلى كيان آخر مختلف جامد وبائس[57]. وواقع اجتماعي هش يُستغل في الانتخابات، تباع الذمم[58]، وتشترى الأصوات، تنتشر المجون بعدما تناثرت في المدينة بعض حانات خمر، فانتشر الادمان بين الخاصة والعامة[59]، فبدأ المواطن يُمني النفس لو يترك المدينة الكئيبة، القطة التي تأكل صغارها[60].

وبعد ما كشفنا عن هذه الثنائيات المتعددة من خلال تتبعنا للروايات المعتمدة، بدا لنا أن روائيو عبدة المنتخبون في هذه الدراسة كانوا إثنوغرافيين بامتياز، وقاموا بمسح جغرافي بعيون أدبية وتاريخية لفضاء المدينة بدورها ودروبها وقصورها وبحرها وسكانها وطعامها وتراثها، فكان أحمد السبقي مؤرخا، وعبد الرحيم لحبيبي واصفا وحالما، ومحمد أفار فاضحا وممزقا للستار الحاجب للحقيقة، هذا ما جعل صورة آسفي أكثر نضجا وتكاملا في الوعي الجماعي للمبدعين، فبدت المدينة مرآة متكسرة ذات أوجه عديدة تجمع المتناقضات وتتعايش فيها المفارقات، تجمع الماضي بالحاضر والخيانة بالنضال، والتراث بالحداثة والفرح بالقرح، إنها مربع سيميائي خالص يآلف بين الأضداد ويقرّب بين الزوايا البعيدة.

إن فضاء المدينة مجال لتفاعل الإنسان وصراع القيم والأجيال وصدام الثقافات والهويات، وهو بالتالي فضاء للحياة بخيرها وشرها، بحلوها ومرها. وقد سعت الروايات الأربع، كل بطريقتها، إلى تشريح “الهوية المحتجبة”[61] لواقع المدينة الكائن والممكن، وكان سبيلهم في ذلك الواقعية النقدية الطامحة لدمقرطة فضاء المدينة وتذويب فوارقه الاجتماعية ونشر مختلف القيم الإنسانية النبيلة بين سكانه.

لقد استقرأ روائيو عبدة الأرض والذاكرة والوجود والمخيال في تفاعلها مع سؤال المكان بغية البحث عن ارتباط وعي الكتابة الروائية بالتحولات البنيوية والاجتماعية العميقة المبكرة أو الراهنة للمجتمع والمدينة، بل وحتى الأبنية الرمزية والتاريخية واستقراء آثار الإنسان فيها. وقد ألقى الإرث النوسطالجي النابع من سيرة حياة الكاتب بظلاله على صورة المدينة، كما ظل الوصف الإثنوغرافي/ الطوبونيمي مهيمنا في الكثير من المقاطع السردية ذات الارتباط بفضاء المدينة. ومردُّ ذلك في نظري لانغراس المبدع في تربته الثقافية ومهد تكوينه ووعيهِ الشديدِ الخصوصيةِ بأن يكون لنصه الهويةَ التي يريدُها بأبعادها الثقافية والرمزية، والتي تسكن لاوعي المبدع ولا يمكن لأي روائي مهما كان، التنصل منها، للخروج مما يسميه الناقد المغربي عثمان الميلود “التنافر بين الروائي والأتوبيوغرافي”. مما يجعل هذا اللون من الكتابة الروائية الشديد الارتباط بالمكان أقرب على ما يرى عبد الله إبراهيم “بأدب الاعتراف بالهوية”.

ونود من خلال هذه المداخلة أن نؤكد على أن التراث، بوجهي عملته المادي واللامادي، هو الذي يضفي على العمل الروائي بصمة هوياتية تَنبُع من عمق البيئة التي ولدت فيها الرواية، ومن ثمة، لا يمكن تمييز الرواية العبدية عن المغربية، أو المغربية عن المشرقية، إلا بما تطفح به سطورها من تراث شفهي أو مادي.

كما ننبه إلى ضرورة إعادة الاعتبار للتراث اللامادي للمغرب بمختلف مظاهره ورواسبه باعتباره ثروة وطنية زاخرة وغنية، وقادرة على مضاهاة أعرق الشعوب البشرية، وسيتأتى لنا ذلك إذا ما نحن استثمرنا تاريخ الامبراطورية المغربية الزاهي وهويتنا وثقافتنا المتفتحة على مختلف الروافد العرب-إفريقية والأورو-متوسطية، في سبيل تعزيز صورة المغرب لدى الآخر عبر ثقافة الصورة ( السنيما) وثقافة الكلمة ( الرواية- القصة والمسرح…).

[1] أنرديه نوشي: المدينة في شعر زماننا، ص 213، عن مختار علي أبو غالي: المدينة في الشعر العربي المعاصر،مرجع سابق، ص76.

[2] لحميداني حميد: بنية النص السردي( من منظور النقد الأدبي)، المركز الثقافي العربي للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 1991، ص 62.

[3] نقلا عن لحميداني حميد: بنية النص السردي، مرجع سابق، ص 64.

[4] مختار علي أبو غالي: المدينة في الشعر العربي المعاصر، سلسلة عالم المعرفة، العدد 196، الكويت، ص 75.

[5] نقلا عن لحميداني: بنية النص السردي، ص 65.

[6] مصطفى الطوبي: حاضرة الجديدة من خلال الإنتاج القصصي، ضمن كتاب الجديدة ( الذاكرة المتعددة)، ص 62.

[7] يقول عبدالرحيم لحبيبي: ” من قمة سيدي بوزيد تبدو المدينة في عناق حميمي خالد مع البحر، فكأنها تخرج من بين ذراعيه، أو هو ينسل من بين أحضانها، أو كأنهما في اللحظات الأخيرة للانفصال عن بعضهما أو هما في اللحظة الأولى للعناق والالتحام والضم”. رواية خبز وحشيش وسمك: أفريقيا الشرق، ط1، 2008 ، ص5.

[8] نفسه، ص6.

[9] عبدالرحيم لحبيبي: خبز وحشيش وسمك، مرجع سابق، ص 8.

[10] نفسه، ص 5.

[11] نفسه، ص 6.

[12] أحمد السبقي: رواية باب الشعبة، الجزء الثاني، طوب بريس، الرباط، ط2، 2013،ص 68.

[13] نفسه، ص 79.

[14] عبدالرحيم لحبيبي: خبز وحشيش وسمك، مرجع سابق، ص 6.

[15] عبد الرحيم لحبيبي: خبز وحشيش وسمك، مرجع سابق، ص 5.

[16] نفسه، ص 6.

[17] محمد أفار: درب كناوة، سافي غرافي، آسفي، الطبعة الأولى، 2013، ص 7.

[18] عبدالرحيم لحبيبي: تغربية العبدي، أفريقيا الشرق، ط1، 2014، ص32.

[19] محمد أفار: درب كناوة، مرجع سابق، ص 15.

[20] عبد الرحيم لحبيبي: خبز وحشيش وسمك:، مرجع سابق، ص 6.

[21] محمد أفار: درب كناوة، مرجع سابق، ص 86.

[22] يقول السارد في رواية درب كناوة: ” سكان درب كناوة يعيشون على الهامش بمعنى ما، أو قياسا لمن يعتبرون المحور والمركز…” ص 86.

[23] عبدالرحيم لحبيبي: خبز وحشيش وسمك، مرجع سابق، ص 66.

[24] راجع مصير البطلة نسرين في رواية درب كناوة، محمد أفار، ص 295 وما بعدها.

[25] راجع رواية خبز وسمك وحشيش، لحبيبي محمد.

[26] محمد أفار: رواية درب كناوة، مرجع سابق، ص 263.

[27] راجع أحمد السبقي: باب الشعبة، مرجع سابق، ص 60.

[28] راجع أحمد السبقي: باب الشعبة ، ص 30.

[29] نفسه، ص 30.

[30] أحمد السبقي: باب الشعبة، ص 76. وقد جاء على لسان أحد أبطال الرواية في الموضوع: ” ربطني بسلسلة ثم أذاقني ألونا وأشكالا من العذاب…حتى إذا كان الليل صب فوقي الماء البارد” وتضيف حليمة إحدى بطلات رواية “باب الشعبة”:« وما إن ينتصف النهار حتى يأخذوا منها عشر فتيات إلى سطح المركب، فيصبوا عليهن من ماء البحر حتى تزول عنهن رائحة العفونة… فيقضون الليل في شرب الخمر واغتصابهن حتى وقت متأخر، كنا نسمع صراخهن وآهاتهن… كنا نتألم … لحالهن ولحالنا عندما يحين دورنا».

[31] أحمد السبقي: باب الشعبة ، مرجع سابق، ص 31.

[32] عبدالرحيم لحبيبي: خبز وحشيش وسمك، مرجع سابق، ص 104.

[33] محمد أفار: درب كناوة، مرجع سابق، ص 7.

[34] نفسه، ص 9.

[35] نفسه، ص 180.

[36] راجع أحمد السبقي: باب الشعبة ، مرجع سابق،ص 32.

[37] نفسه، ص47.

[38] أحمد السبقي: باب الشعبة، مرجع سابق، ص 56.

[39] محمد أفار: درب كناوة، مرجع سابق، ص 25.

[40] نفسه، ص 26.

[41] يقول السارد في رواية باب الشعبة، الجزء الثاني :« خرج غاضبا فلم يجد سوى صهوة جواده وغابة الأركان المترامية الأطراف متنفسا لهمومه»ن ص 14.

[42] عبد الرحيم لحبيبي: تغربة العبدي، مرجع سابق، ص5.

[43] عبدالرحيم لحبيبي: خبز وحشيش وسمك، مرجع سابق، ص10.

[44] أحمد السبقي: باب الشعبة، مرجع سابق، ص63.

[45] محمد أفار: درب كناوة، مرجع سابق، ص 227.

[46] محمد أفار: درب كناوة، مرجع سابق، ص 228.

[47] نفسه، ص 2.

[48] عبد الرحيم لحبيبي: تغربة العبدي، مرجع سابق، ص5.

[49] عبد الرحيم لحبيبي: خبز وحشيش وسمك، مرجع سابق، ص 22.

[50] محمد أفار: درب كناوة، مرجع سابق، ص 209.

[51] عبدالرحيم لحبيبي: خبز وحشيش وسمك، مرجع سابق، ص 54.

[52] محمد أفار: درب كناوة، مرجع سابق،ص 6.

[53] عبدالرحيم لحبيبي: خبز وحشيش وسمك، مرجع سابق، ص 18.

[54] محمد أفار: درب كناوة، مرجع سابق، ص 17.

[55] راجع رواية درب كناوة.

[56] عبد الرحيم لحبيبي: رواية تغربة العبدي، مرجع سابق، ص 12.

[57] محمد أفار: درب كناوة، مرجع سابق، ص 16.

[58] عبدالرحيم لحبيبي: خبز وحشيش وسمك، ص 157.

[59] حالة البطل سلام في رواية درب كناوة/ وحالة سكان السوينية في رواية خبز وحشيش وسمك.

[60] يقول السارد في رواية خبز وحشيش وسمك: ” سأترك لكم أسفي، المدينة الكئيبة، القطة التي تأكل صغارها” ص 148.

[61] شعيب حليفي: شعرية الرواية الفانتاستيكية، دار الحرف للنشر والتوزيع،القنيطرة، ط2،2007، ص6.

عبد الفتاح عبدان


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نظمت مندوبية وزارة الثقافة باسفي بالخزانة الجهوية يوم 11 ماي 2015 ندوة موضوعها “أسفي وناحيتها :تراث غني ومتنوع”، و قد أشرف على إدارتها نائب عميد الكلية المتعددة التخصصات، الأستاذ منير البصكري
وفيما يلي نص المداخلة التي قدمها الباحث في سلك الدكتوراة الاستاذ عبد الفتاح عبدان حول : صورة آسفي الأدبية بعيون روائييها

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى