أدب السجون والمعتقلات

سطوع الشمس يعشي البصر ، الرقيب المربي يفتح باب السجن ، يطل كجرذ يتردد في الخروج من الجحر ، ثم يغلقه بعد توالي مغادرة السجناء الذين قضوا مدة محكومياتهم ، لا أحد منهم يلتفت بل كلهم يندفعون بسرعة كما لو يخشون أن تعاود قبضة السجن الإمساك بهم ، كانوا ينظرون بإمعان إلى المجال الذي ولجوا إليه كحلازين...
( نظر الرجل إلى المحكوم وسأل الضابط : هل يعرف السجين عقوبته؟ قال الضابط : لا.. سيختبرها بنفسه.....فرانز كافكا)، هذا المقطع مأخوذ من قصة بعنوان (في مستعمرة العقوبات) لكافكا، كانت مفتتحا واستهلالا لفيلم المخرج (الفارو بريشنر) -أثنا عشر عاما مظلما- ومخرج الفيلم هو كاتب ومنتج من الأوروغواي، والأحداث...
كلما مررت من أمام السجن الجاثم على صدر البلدة. اجتزت تلك الأمتار المعدودات، ولاحت لعيني تلك النافذة الملتصقة في أعلى جدار السجن.. ضج بين الجوارح رعد الاحتجاج على عنف القرن العشرين، ليعصف بغبار الزمن المتناسل على وجه النافذة الشاخصة كشاهدة قبر. فأمتشق من غمد الذكرى سيف الأصوات القاصل ليشق غمام...
خمسون مرّتْ منذُ أن أدخلتَني ، بـــــ " معسكرِ التاجيّ " في بغداد مغلولاً ومرتعشاً أُحاكَمُ ... كان حكّامي الثلاثةُ ، مثل ما قرّرتَ ، ضبّاطاً وكانوا يلمعونَ نظافةً وقيافةً ... أمّا أنا ، المغلولُ والـمُضنى ، فقد كنتُ الأسيرَ وكان حرّاسي الذين تناوبوا ضربي اختفَوا ... وحدي مع الضبّاط ! لم أكُ...
في زنزانتي الرطبة أقبع وراء القضبان و النسر الفتي , ربيب الأسر رفيقي الحزين , مرفرفاً بجناحه .ينهش وجبته الدامية عند النافذة ينهشها و يلقي بها , و يتطلع من النافذة .كما لو أنه يشاركني أفكاري إنه ليدعوني بطرفه و صيحته و يود أن ينطق : (هيا بنا ننطلق ... نحن طيران حران , آن لنا أن نمضي بعيداً...
✍ إنها الحالة اليائسة التي يعيشها السجناء في سجن أبشة، بين اضطرابات متتابعة، وتدفق الأفكار في وسط ضجيج الصراصير الراقصة، عندما يأتي الليل ويفترش الظلام ، تجد السجين يلتف حول نفسه ويعرك بطنه في الأرض من شدة الجوع، تكاد تتمزق احشائه، في تلك الغرفة الضيقة، التي يحشر فيها عدد كبير من المساجين...
في السجن ، وبينما اقرأ كتابي على الطيارة مراقبا الداخلين من باب الزنزانة عائدين من الزيارة ، دخل الاستاذ احمد الاربعيني ومدرس اللغة العربية وعضو تنظيمي بجماعة الاخوان المسلمين ، فرش زيارته واخرج الاكل واعطاه لمسؤول المطبخ، اخرج البسكويت واحتفظ به لنفسه ، ثم اخرج كيسا من الادوية ، فتحه واخرج اول...
عندما اندلعت أحداث 26 جانفي 1978 كنت أقضي في معتقل برج الرومي حكما بثماني سنوات أصدرته محكمة أمن الدولة نيابة عن سلطة سياسية ترفض كل معارضة لها. وشاءت التطورات أن نستقبل في جناح المساجين السياسيين ببرج الرومي بعد محاكمة القيادة النقابية المرحومين الحبيب عاشور وعبد الرزاق غربال الذين استقلا بغرفة...
كانت السيارة تسير ببطء، على مسلك متعرّج سيئ التعبيد، على مرمي جحر من سِجْنَي برج الرومي، الأول والثاني، أو برج الرومي والناظور اللذين تولت السلط السجنية، في زمن ما، إعادة توزيع اسميهما فيما بينهما، وفق المثل الشعبي "شاشية هذا فوق راس هذا"!، لأسباب يطول شرحها... كنا نتنقل في ما كان منطقة عسكرية...
تشمل عتبات النص كما نظّر لها جينات، المصاحب النصي (le péritexte) والذي يضمّ العتبات الداخلة في تكوين النصّ كعلامات النشر والعناوين والاهداءات و المقدمات و كل ما يقع تحت مسؤولية الكاتب خاصة. والمحيط النصي (l'épitexte) ويضمّ ما يقع في محيط النصّ من خطابات. وقد قسّمه جينات إلى محيط نصي خاص أو ذاتي...
الزمن أزمنة ثلاثة : الزمن البيولوجي ، والزمن النفساني ، والزمن الاجتماعي.. الزمن النفساني هو زمن الواقع المعاش... الكتابة السجنية محورها الرئيسي الحياة السجنية وما يحوم حولها وبعلاقة بها.. فهل هذه الكتابة ينبغي بالضرورة أن تكتب في آنها ، يعني خلال تجربة الحياة داخل السجن ، أم أنها يمكن أن تكتب...
أينما فسدت السلطة نبتت السجون وتكاثرت، وأينما تكاثرت السجون نبتت داخلها كتابة مخصوصة تروي مناخات السجن وعالمه الأليم. كتابات عرفتها كل شعوب العالم. ولئن اتخذت هذه الكتابات أشكالا كثيرة منها الأدبي ومنها الوثائقي، فإن السيرة الذاتية والأجناس الأدبية الحافة بها تبقى ألصق أنواع الكتابة السجنية فهي...
هذا النّص مُقتطفٌ من كتاب لصاحب هذه الكلمات يحمل عنوان: »عمْ حَمَدة العتّال: ورقات من سجلّ الاعتقال السّياسي في تونس السّبعينات«. سيصدر قريبًا عن دار نقوش عربيّة اخترنا منه فقرات شاهدة على مظهَرٍ من مظاهر المُعاناة السّجنيّة. الرجل الذي تأتي هذه الأسطر على ذكره، وتحاولُ رسم جوانب من الصّورة التي...
في الشهر العاشر من عام 1989 تعرفت على حسن مطلك الروضان الذي كان يعمل مدرساً في كركوك ويبيت في القسم الداخلي الذي كان يقع أمام منزلنا في حي الاسكان الجديد. الدافع الأساس في رغبتي للتعرف عليه كان بهدف معرفته عن قرب وذلك بسبب إعجابي بكتاباته الأدبية، وخاصة في مجال القصة القصيرة، وكنا قد تبادلنا بعض...
إلى «علاء عبدالفتاح» فى محبسه وإلى رفاقه الشرفاء الذين يتخمون زنازين السجون المصرية. وإلى «أحمد حرارة» الذى نرى بعينيه!! تغازل العصافير.. قُضبانها زنزانة لاجلَك كارهة سجّانها دُوق زيّنا حلاوة الزنازين. *** على بُرشَها.. بتمِدّ أطرافك سجّانك المحتار فى أوصافك مهما اجتهدْ ماحيعرف انت مين. ***...

هذا الملف

نصوص
405
آخر تحديث
أعلى