تترنّحُ نغماتُ المطرِ فوقَ شبّاكِ الفضاءِ، وتشكّلُ الرّياحُ صوتا آخر للموسيقى: اللّيلُ يهتفُ للقادمينَ من سماء أخرى ويسمّيهم واحدا واحدا. اللّيلُ مفتاحُ الصّدقٍ إذا تصالحَ الشّمسُ والقمرُ فتلاحما وصارا قلبا أسودَ يشعّ دما: يُهجَرُ القربانُ، ويَهْجُرُ الكاهنُ غابتهُ نحو قلبهِ إذا ما مرّ على مخيّلتهِ طيفُ الغجر.
تكفي سحابة واحدة كي تحمل ظلّي إلى مملكة العذارى: لا تكسريه، وإذا أتاكِ نصفانِ فالنّصفُ بالنّصفِ أنتِ والأمل. وسحابة واحدة تكفي كي أركبها وأتابعَ ظلّي كي أعرف أين سوف يقع: بجانب سنديانة عتيقة يجلسُ، يمسكُ الكمانَ ويجعلُ خيوطَ دمٍ من قلبي أوتارها ويعزفُ لحنا غجريّا يليقُ بما ودّعهُ مستقبلا. ساعدَ الغجريّ المسيحَ كي يرنو نحو خلاصهِ، والمسمارُ الرّابعُ ثبّتهُ في قلبي.. تُصلبُ الأفئدةُ على الكمانِ وترا وترا، وتبحثُ عنّي "مارا" فلا أجدها وتجدُ هي قلبي معلّقا فوقَ صهوة الحياةِ ينتظرُ ركوبها كي يختطفها. والقمرُ يَنزلُ على خيوطٍ من يأس كي يعانقَها: تحملُ العذراءُ داخلَ بطنها قلبي. شعبٌ يفتّشُ عن خلاصهِ من التّرحالِ بين السّحابِ، والمطرُ ينزلُ كي يخفّف ألمَ الطّرقاتِ من التّنقّلُ المستمرّ شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وحُبّا.
- أين القبلةُ؟
- اتّبعوا قلبي، هُناكَ كلّما جاورَ القمر. سوفَ تروْنَ نورهُ الزّائفَ فضّة حمراء اللّون.
- وإلى أين نصل؟
- إلى رحلة أخرى.
ونُحاولُ ولا نسأل لماذا أو كيف أو إلامَ سيؤدّي كلّ هذا. نحنُ نحاولُ أن يحكي الكمانُ حُرقةَ إحساسنَا بالخوفِ ممّا قدْ يكونُ في الزّمنِ الماضي: اللّيلُ يحملُ بينَ طيّاتِهِ طلبَ الغفرانِ من الظلّ المنعكسِ داخلنا. يصطدمُ بالقمرِ شهابٌ كان معلّقا بين نجمتين: أنا وقلبي. والسّباقُ نحوَ الموتِ يتواصلُ مُنذُ بدءِ الحياةِ: من يصلُ أوّلا إلى الفوّهةِ المستلقية على أعتابِ آخر قطعة موسيقيّة ينتجها الكمان؟ شعبٌ يبحثُ عن الحياةِ بينَ الخيالِ والخيالِ، ويفتّشُ عن قشّة أمل تحميهِ من الولوجِ إلى محرقة التّاريخ: كلّ تاريخ يبيدُ ما يراهُ غير صالحٍ لهُ، ونحنُ سنبيدُ قطّاع الأمل. أبني في السّنديانةِ بيتي، ويطرقُ ظلّي الأغصانَ كلّما احتاج إلى يأس يسلّيه. تُمسكُ "مارا" قلبي وترثيه. هُناكَ، بعيدًا، قُرْبَ ظلّي، أخطّ الأيّامَ على الأرضِ: سنكونُ نحنُ جلدهَا إذا ما تركْنَا سفرَ التّكوينِ نفسهُ، ونسينا أنّ بينَ أيدينا أقفالُ التّاريخ. والتّاريخُ يسيرُ إلى أن يصلَ إلى نقطة البداية الثّانية: من هُنا لنا أمل نسيرُ فوقهُ صراطا، ومن يتعثّرُ يتلقّفهُ غُزاةُ الوجود. والوجودُ هو النّقطةُ المضيئةُ وسطَ هذا الكمّ الهائلِ من الإحساسِ بالموت.
- ألا تشعرينَ مثلي بما يعتريني؟
- بلى، ولا.
- هل لي بوترٍ أمسحُ بهِ حبّة قمحٍ تبكيني؟
- ربّما.
- وهل سننجو يوما من بقايا الأمل؟
- حتما.
يبتعدُ صوتُ الكمانِ عن ناظريّ قليلا، ويقتربُ منّي نشيجُ ظلّي: دثّرني. والمطرُ يوقّعُ خطواتهِ فوقَ شبّاكِ العدم. يحملُ اللّيلُ ظلّهُ/القمرُ ويستلقي حذوي يحدّثني عن مأساةِ النّائمين في حقولٍ مشبعةٍ بالبكاء، وعن ملهاةِ الباكينَ السّماء. والسّماءُ زمنُ من ينتظرُ تحقّق الأمنيات: حينَ تسقطُ نجمتي سوفَ يترجّلُ الأملُ من فوقِ حصانِ الغجريّ، وأنسى قلبي..
تكفي سحابة واحدة كي تحمل ظلّي إلى مملكة العذارى: لا تكسريه، وإذا أتاكِ نصفانِ فالنّصفُ بالنّصفِ أنتِ والأمل. وسحابة واحدة تكفي كي أركبها وأتابعَ ظلّي كي أعرف أين سوف يقع: بجانب سنديانة عتيقة يجلسُ، يمسكُ الكمانَ ويجعلُ خيوطَ دمٍ من قلبي أوتارها ويعزفُ لحنا غجريّا يليقُ بما ودّعهُ مستقبلا. ساعدَ الغجريّ المسيحَ كي يرنو نحو خلاصهِ، والمسمارُ الرّابعُ ثبّتهُ في قلبي.. تُصلبُ الأفئدةُ على الكمانِ وترا وترا، وتبحثُ عنّي "مارا" فلا أجدها وتجدُ هي قلبي معلّقا فوقَ صهوة الحياةِ ينتظرُ ركوبها كي يختطفها. والقمرُ يَنزلُ على خيوطٍ من يأس كي يعانقَها: تحملُ العذراءُ داخلَ بطنها قلبي. شعبٌ يفتّشُ عن خلاصهِ من التّرحالِ بين السّحابِ، والمطرُ ينزلُ كي يخفّف ألمَ الطّرقاتِ من التّنقّلُ المستمرّ شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وحُبّا.
- أين القبلةُ؟
- اتّبعوا قلبي، هُناكَ كلّما جاورَ القمر. سوفَ تروْنَ نورهُ الزّائفَ فضّة حمراء اللّون.
- وإلى أين نصل؟
- إلى رحلة أخرى.
ونُحاولُ ولا نسأل لماذا أو كيف أو إلامَ سيؤدّي كلّ هذا. نحنُ نحاولُ أن يحكي الكمانُ حُرقةَ إحساسنَا بالخوفِ ممّا قدْ يكونُ في الزّمنِ الماضي: اللّيلُ يحملُ بينَ طيّاتِهِ طلبَ الغفرانِ من الظلّ المنعكسِ داخلنا. يصطدمُ بالقمرِ شهابٌ كان معلّقا بين نجمتين: أنا وقلبي. والسّباقُ نحوَ الموتِ يتواصلُ مُنذُ بدءِ الحياةِ: من يصلُ أوّلا إلى الفوّهةِ المستلقية على أعتابِ آخر قطعة موسيقيّة ينتجها الكمان؟ شعبٌ يبحثُ عن الحياةِ بينَ الخيالِ والخيالِ، ويفتّشُ عن قشّة أمل تحميهِ من الولوجِ إلى محرقة التّاريخ: كلّ تاريخ يبيدُ ما يراهُ غير صالحٍ لهُ، ونحنُ سنبيدُ قطّاع الأمل. أبني في السّنديانةِ بيتي، ويطرقُ ظلّي الأغصانَ كلّما احتاج إلى يأس يسلّيه. تُمسكُ "مارا" قلبي وترثيه. هُناكَ، بعيدًا، قُرْبَ ظلّي، أخطّ الأيّامَ على الأرضِ: سنكونُ نحنُ جلدهَا إذا ما تركْنَا سفرَ التّكوينِ نفسهُ، ونسينا أنّ بينَ أيدينا أقفالُ التّاريخ. والتّاريخُ يسيرُ إلى أن يصلَ إلى نقطة البداية الثّانية: من هُنا لنا أمل نسيرُ فوقهُ صراطا، ومن يتعثّرُ يتلقّفهُ غُزاةُ الوجود. والوجودُ هو النّقطةُ المضيئةُ وسطَ هذا الكمّ الهائلِ من الإحساسِ بالموت.
- ألا تشعرينَ مثلي بما يعتريني؟
- بلى، ولا.
- هل لي بوترٍ أمسحُ بهِ حبّة قمحٍ تبكيني؟
- ربّما.
- وهل سننجو يوما من بقايا الأمل؟
- حتما.
يبتعدُ صوتُ الكمانِ عن ناظريّ قليلا، ويقتربُ منّي نشيجُ ظلّي: دثّرني. والمطرُ يوقّعُ خطواتهِ فوقَ شبّاكِ العدم. يحملُ اللّيلُ ظلّهُ/القمرُ ويستلقي حذوي يحدّثني عن مأساةِ النّائمين في حقولٍ مشبعةٍ بالبكاء، وعن ملهاةِ الباكينَ السّماء. والسّماءُ زمنُ من ينتظرُ تحقّق الأمنيات: حينَ تسقطُ نجمتي سوفَ يترجّلُ الأملُ من فوقِ حصانِ الغجريّ، وأنسى قلبي..