إبراهيم محمود - الابن المطيع.. جوزيف مسعد، في كتابه " اشتهاء العرب "

1- المأثرة الرئيسة للابن المطيع
في مستهل كتابه " الثامن عشر من برومير لويس بونابرت " يستحضر ماركس هيغلَ لينتقده تالياً ( يقول هيغل في مكان ما إن جميع الأحداث والشخصيات العظيمة في تاريخ العالم تظهر، إذا جاز القول، مرتين، وقد نسي أن يضيف: في المرة الأولى كمأساة والمرة الثانية كمسخرة ).
أحسب أن كتاب المفكر الفلسطيني المتأمرك جوزيف مسعد " اشتهاء العرب، صدر في أميركا/ جامعة شيكاغو، 2007، وترجِم إلى العربية في القاهرة سنة 2013 " في مكانه وزمانه الأميركيين، ولاحقاً: العربيين: كان ظهوره بمثابة المسخرة، مقارنة بكتاب معلمه المفكر الراحل والفلسطيني المتأمرك ادوارد سعيد " الاستشراق ، ظهر في أميركا سنة 1978، وترجِم إلى العربية سنة 1981 "، الذي ظهر كمأساة. وعلي أن أوضّح ذلك؟
تبعاً لطريقة كل منهما لتناول المعرفة وموقعها " لنقل دالتها الابستمية "، ثمة موقع يكون رحماً لها، ومن ثم مغذياً، ومكانة المعرفة تتوقف على ثراء الموقع وقوته، ولا بد أن " الخطاب الغربي، والأميركي ضمناً " يتمتع بقوة نافذة بمفهومها الامبريالي على مستوى عالمي، وهو يتكلم المؤسسة الصانعة : الغربية، والأكاديمية منها ضمناً، بحيث إن كل ما يشكل موضوع خطاب معرفياً يحمل بصمتها، وهي بتعددية طبقاتها/ أقنعتها، إن استسغنا مفهوم مسعد منهجياً.
فإذا كان " الاستشراق " قد خلق بلبلة في الغرب عموماً، وأميركا خصوصاً، جهة ردود الأفعال المضادة لمحتواه، واعتبار مؤلفه في المحصّلة " خائن الخبز والملح الغربيين " مسيئاً إلى المكان الذي حواه وحيّاه واحتواه كذلك، إلا أن النتيجة المترتبة على عمله الجبّار والمهيب هذا جهة قراءاته المتنوعة وذات المساحة الواسعة، كانت مدهشة ومفرحة بما لا يقاس لذات الخطاب الاستشراقي الغربي" الرسمي "، جهة تنفير " الشرق " عموماً، من " الغرب " عموماً، جهة المستشرقون في كل تصانيفهم وتوجهاتهم الفكرية باعتبارهم ليسوا أكثر من مجرد خدم للمؤسسة الامبريالية والاستعمارية وإلى ما بعد الاستعمار " الكولونيالية " كما يظهر، فيما تطرقوا إليه واستوقفهم شرقياً، كما في قوله التنظيري (الاستشراق إحكام...لسلسلة كاملة من " المصالح " التي لا يقوم " الاستشراق " بخلقها فقط، بل بالمحافظة عليها أيضاً بوسائل كالاكتشاف البحثي، والاستبناء فقه اللغوي، والتحليل النفسي، والوصف الطبيعي والاجتماعي، وهو إرادة، بدلاً من كونه تعبيراً عن إرادة... - الترجمة العربية، بيروت، ط2، 38 ). ليثبت بطريقته هذه أنه قارىء ممتاز، لكنه محلل غاية في الفشل، على وقع قراءاته التي دفع بعموم مثقفي الغرب ممن كتبوا عن الشرق، وحتى الذين أشاروا همساً إليه بطريقة ما، بوصفهم ربيبي المؤسسة الكولونيالية، ولتتأكد وحدة الصف " الغربي " من جهة، وإعلام من لم يُعلَم بعد بذلك، وفي الطرف الأقصى، وبعيداً جداً، يقف الشرق المختطَف في المخيال الغربي الكولونيالي التليد، والممزق بسببه، كما يبدو مجدداً، في وحدته المتراصة من جهة أخرى، أو ما يعتبره سعيد هكذا، فلا يعود هناك نظام ومجتمع، مؤسسة ومثقف على خلاف، إنما يلتقي الابن" المثقف الشرق " بالأب " أحدث صور البطرياركية الشرقية المولَّفة سعيدياً " وإن كان في أكثر وضعيات استبداده، وليتم النفور من الغرب، ومن ثم الاستنفار القاعدي، وليأتي كل هذا الكلام " الغاية " في بلاغة " الاستقصاء والاكتناه المعرفيين بغية المستهام في المرام، والذي رُحّب به على مستوى رسمي: إعلامي، قبل الثقافي: الفكري، وفي زمان كانت الأنظمة العربية تثبت كابوسيتها وإفلاسها على مستوى وعودها " بالجملة " بأي مشروع نهضوي، تحرري، وتنويري " لا بد أنني هنا سأتَّهم في الحال من جوزيف مسعد، لحظة استعمالي لهذه المفردة باعتباري مستعمَراً بخطاب الغرب الرأسمالي، على خلفية كتابه الآخر: الإسلام في الليبرالية- 2015 "، وفي مكان زيد إفقاراً، ولتصبح " شرق المتوسط – 1975 " في وضعية " الآن هنا، أو شرق المتوسط مجدداً- 1991 "، وهما روايتان للروائي السعودي الأصل عبدالرحمن منيف، حيث كانت روايته الأولى تلك، مسلطة الضوء على مكانة السجن في سيمياء النظام العربي الحاكم، لتكون الثانية تعبيراً كارثياً عن استفحال الفساد السياسي العربي، وعلى خلفية من الأحداث المتفجزة في المنطقة، وحرب الخليج الثانية بشكل لافت . بينما يأتي كتاب سعيد التالي " الثقافة والامبريالية، والذي صدر في أميركا سنة 1993، وترجِم ونشر عربياً، في بيروت سنة 1997 " مسلّطاً فيه ضوءه المكثَّف والموجع وربما الانتقامي على ما هو أدبي، مردفاً الرواية بالمؤسسة الامبريالية، وحيث لم تنل أي اهتمام عربياً حينها وما في ذلك من غرابة " حسب تصريح شفاهي لمدير دار الآداب ببيروت سماح إدريس، لي شخصياً، وقد أهداني الكتاب الأخير، وكتبت عنه مجموعة مقالات في الصحافة العربية رابطاً إياه بـ" الاستشراق " بنية وتوجهاً فكرياً، ومفارقة هذه العلاقة " كتبت مقالاً بهذا الصدد وهو: ادوارد سعيد المؤدلج عربياً، في صحيفة " الثورة " السورية ، في21-1/ 2001 "، وتلك غرابة ليست هكذا لحظة النظر في المقدَّم وما يفيد الواقع القائم ذرائعياً !
فالمؤسسة السياسية العربية وباعتبارها مؤممة سلطوياً إجمالاً لا تتعامل مع منتوج أدبي- فكري، مهما كانت نوعيته، أو جنسيته، إلا من خلال دخله الاعتباري والتخديمي لغولها الإيديولوجي الملقي بظلاله على كل ميادين الحياة .
لا أظنني ابتعدت عما أريد إثارته معرفياً " نقدياً " هنا، من باب الربط والترابط معاً، ليكون عمل مسعد مندرجاً في خانة هذا " الغول " المشار إليه، حيث إنه في الزمان والمكان، يأتي في أكثر اللحظات سوداوية في تاريخ النظام العربي، وتأكيداً على ما هو من " الآن هنا.."، كما لو أن استمراء النظام السياسي العربي للفساد وظلم " الرعية " واضطراده ترجمة مباشرة ودقيقة لشعوره الضمني بأنه يوغل في الانحلال، ويخشى الانهيار، فيضاعف عنفه ليبقى بالتالي، وتحديداً، في ضوء تصاعد حضوء التنظيمات الدينية " الإسلامية " المتشددة، ودور الأنظمة العربية، وبتفاوت في إنتاجها بشكل مباشر وغير مباشر، كما لو أن حدث " 11 " أيلول 2001، كان القابلة السيئة الصيت لولادة أو تفريخ تنظيمات كهذه، ومنح الأنظمة العربية أكثر من زمن إضافي للبقاء. ولا بد أن سقوط نظام صدام حسين " 2003 " كان مروِعاً لجملة هذه الأنظمة رغم عداء الكثير منها له، لكنه يشكل امتداداً لها، وهذا ما زاد في تسخين اللعبة وزيادة أوراقها المناوراتية.
مسعد في " اشتهاء العرب " الذي رحّب به على نطاق واسع، في الإعلام العربي الرسمي " رغم أنه من الصعب الحديث عن إعلام لا رسمي في بوتقة الجغرافيا السياسية العربية "، إنما ما يكون خارجاً، وهو لا يخلو من إشكال، جهة الدعم ومتطلبات الدعم هذه، وفي منابر ثقافية مختلفة، كما لو أنه جاء في وقته، ليجدد عهد " معلمه " سعيد، حيث يتركز نقده " لم لا أقول حقده، بالحرف ، على كل ما له صلة بالجنس غالباً، ومكتوب هذه المرة بأقلام عربية، وهو يضيء المساحات الخفية أو غير المصرَّح بتسميتها رسمياً، في الأدب والفكر خصوصاً، باعتبار هؤلاء الكتاب والباحثين فالمفكرين "العرب" يندرجون حال المستشرقين، في خانة الامبريالية، تبعاً لضالة " الخطاب " الذي تعسف مسعد في تطبيقه، وليقدم خدمة أكبر من معلمه للنظام السياسي العربي ومجمل الإسلاميين " العرب " تتمثل في أن ما يتردد عن " الجنسانية " العربية ماضياً وحاضراً، وبلسان عربي بالتأكيد، لا يعدو أن يكون تعبيراً عن الأممية المثلية وهي ببدعتها الابستمية مؤسسة امبريالية معممة، وبروكروست المؤلف بالتأكيد، قادرة على النفاذ في عقول كثيرين، حتى الذين يزعمون عداءهم لها جرّاء " كونيتها ". طبعاً وحده مسعد في الحالة هذه يكون الناجي من هذه " الجرثومة الكونية، رغم أنه مقيم في أميركا " العدو اللدود " وفي مؤسسة أكاديمية " أميركية " ولها خطابها المنبري السلطوي " الأميركي " عملياً تبعاً لمنطوقه، وحده في وسعه أن يبني سفينة " نوحية " حيث يقوم الطوفان الفكري والأدبي بمفهومه " الجنسي، ويحمل معه من تنطبق عليه موصفاته بالنسبة لمن لم يتلوث أو يعدى بهذا الفيروس الامبريالي الأميركي الدمغة ، وأعتقد أنه لن يجد أياً كان من نوعه البشري، لا بل حتى هو نفسه لن يكون راكب تلك السفينة إذ ستتوه في بحار ومحيطات دون وجهة معينة تأكيداً على هذه المفارقة القائمة ، وهو يبرىء هذه الثقافة " العالمة " وسواها عربياً من كل ما يدخل في إطار نقدها وتبيان مأثوراتها السلطوية .
مسعد، يكاد يكون عدمياً فيما انطلق منه، لكنه ، وهو بقراءته اللافتة بكثافتها، أكثر من محلل مخيب للآمال في التوقيت والمكان، حين يستعيد لبوس سعيد، ليكون سعيد ليس مسعد هنا، إنما سعيد بوجه آخر، لكنه فيما أتى به، لا يخفي شعوره بالنقص المستدام إزاء ما هو عليه، وربما على خلفية العداء المتصاعد للإسلام والشرق في أميركا على خلفية حدث إيلول، ليحاول فيما يقدمه من كتابات " اشتهاء العرب، الإسلام في الليبرالية " منح براءة الذمة لذوي السلطة العرب والمسلمين والإسلاميين قبل كل شيء، أي ليغدو سلفياً ما بعد حداثياً، حيث إن ربطة عنقه لا يمكنها إخفاء الجلباب القصير داخله، أي يحصل من هو إسلامي أكثر من الإسلامي حال سعيد.
اشتهاء العرب، ودون تقويس، إنزال بالمعرفة إلى مستوى الدافع الغريزي، وما في ذلك من مطب إيديولوجيا التنظير وهوته الذاتية والرهيبة مضموناً، أي إننا بصدد موضوعة " الشهوة " وما فيها من أوالية الجسد الغريزي واللعب بمفهومه، كما هو حال الجنس، وليكون مسعد وحده من تمكن من إحكام القبضة على هؤلاء " الشهويين " بلسان قوته الغضبية وليس الفكرية موقعاً، وهو تعبير سيكولوجي يعبّر عن شعور بالدونية، أو عقدة الاضطهاد في المتن، بتعبير شجاع لـ " لمى أبو عودة – ينظَر مقالها المنشور انترنتياً عن كتاب : اشتهاء العرب "، ويكون المرحّبون به عربياً وإسلامياً في مصافه .
عدميته تظهر في بداية كتابه فهو يسائل بقوة ( طبيعة المعرفة والابستمولوجية الانتروبولوجية ومناهجها الكولونيالية، فإنه يرفض بشدة إخضاع موضوع الشهوة عند العرب لمعطياتها... وحجة الكتاب: تحري الكشف عن الكيفية التي استحوذت وهيمنت من خلالها الابستمولوجية والمناهج الاستشراقية على الفكر العربي في أغلبيته منذ القرن التاسع عشر، وكيف لعب الاستشراق دوراً رئيساً في انتاج الحداثة الفكرية العربية . ص 10 ).
تلك ثنائية صارخة في موقف متشدد كهذا، لكنها ثنائية لا تبقى طويلاً، بمقدار ما تتهافت بمحتواها فور تهجئتها على وقع تنظير كهذا، وهو مدجج بعدة فرويدية وفوكوية، حال معلمه سعيد، وأكثر من ذلك، يصبح " خادماًر " مزدوجاً: من جهة: بالنسبة للمؤسسة التي يعمل فيها أميركياً، لتعميق ساحة العداء، بأدائه الجبهوي الحدي، وبالنسبة لما هو عربي: رسمي، قبل كل شيء، في طمأنة السائد وما يمثّله بأنه على صواب، وهو التشويه الأكثر لفتاً للعيان .
وهذه النبرة المتعالية والتقريعية تتبدى في خطابه اللامعرفي، إنما ما يشبه التوبيخ للذين لم يتمكنوا من فهم كل ما يخصهم تاريخاً، ومجتمعاً، و" جنسانية " وأنفسهم والآخر كذلك، ولعل في ذلك استنساخ للغة سعيد في تسفيه الآخر، وبصفته الوحيد الأوحد المدرك للحقيقة، كما في حوار معه، وهو يرد وبعنف كلامي متوقع جرّاء مسلكه التهديمي، بصدد مصير مفردة الاستشراق، وما يخص مفهوم الليبرالية، وكيف أنها (أصبحت مضغة في أفواه الليبراليين العرب الذين أثبت أعلامُهم وصِحافيوهم المرموقون، لا جهلهم في الثقافة العربية فحسب، بل جهلهم أيضاً في المجتمعات والثقافة والسياسة الغربية التي ينشدون محاكاتها، كما بيّنت في كتاباتي، لاسيما في كتابي الأخير«الإسلام في الليبرالية». إن استخدام الاستشراق كنظرية معرفية من قِبل مثقفي وساسة الإمبريالية الغربية، ولاسيما الليبراليين منهم (وإن كان استخدامهم له لا يزال انتقائياً) من البدهيات. فالاستشراق هو ما يغذّي الخطاب الغربي عن العرب والمسلمين واعتبارهم ذوي نزعات «استبدادية»، وأن ثقافتهم «غير ديمقراطية»، وأن رجالهم، ونساءهم أيضاً، يكنّون حقداً وكرهاً للنساء؛ وإنهم غير متسامحين مع «الآخر»... إلخ. وأغلب الليبراليين العرب، يشاركونهم هذه المفاهيم، ما يجعل هؤلاء الليبراليين أهم المروّجين للاستشراق بلسان عربي مبين.... والخطاب الليبرالي العربي يتغنّى بديمقراطية الغرب وعشقه للنسوية (والنساء) وتسامحه المزعوم وغيرها من هذه الترّهات، التي تنمّ عن جهل مقيم، وتصرّ عليه- حوار مع أحمد فرحات، صحيفة الاتحاد الإماراتية، 29، 10/ 2016).
" اشتهاء العرب " ليس أكثر من صياغة محولة ومثيرة للضحك والاستهجان لحظة التعمق فيه تاريخياً لـ " الاستشراق " السعيدي، حيث تحقق المتوخى منه في " العالميْن "، إذ تصبح " شرقنة الشرق " ببدعتها السعيدية " شهونة/ جنسنة الشرق / العرب مثالاً " ببدعتها الاستنساخية المسعدية مهما قيل من تخالف بينهما. وأرى، وبيقين كبير، أن مسعد حفظ " الاستشراق " عن ظهر قلب، وتعقبه مراراً وتكراراً، ليكتب " اشتهاءه " على مقياس الآخر.
ومنذ الإشارات الأولى لكتابه، وفي استهلال المقدمة ( يقول روبرتو كالاسو في كتابه الكلاسيكي زواج قدمس من هارموني إن " الأخلاق الكلاسيكية في ( التقاليد الغربية ) كانت قد نشأت إلى حد بعيد عن التأمل في طبيعة عشق الرجال للغلمان"، أما اشتهاء العرب فيسعى لتبيان كيف إن كتابة التاريخ العربي في العصر الحديث والمعاصر، إنما نشأت إلى حد كبير لا عن رفض وإنكار عشق الرجال للغلمان فحسب، بل أيضاً عن رفض وإنكار جميع الشهوات الجنسية التي رآها أولئك المؤرخون وحددوها كجزء من ماضي العرب التي يدينها الحاضر الأوروبي، وإن انتصر لها . ص 19 ).
في الطرف المقابل والمنسوخ بذكاء بائس ولمّاح معاً، نقرأ ما ورد في مقدمة مؤلف " الاستشراق " مباشرة ( في زيارة لبيروت أثناء الحرب الأهلية الرهيبة 1975-1976 كتب صحفي فرنسي يلهجة آسفة لدمار الوسط الحيوي للمدينة: " لقد بدت ذات يوم كأنها تنتمي إلى ....شرق شاتوبريان ونِرفال ". ولقد كان على حق، طبعاً، فيما قاله عن المكان، خصوصاً من وجهة نظر الأوروبي. فقد كان الشرق، تقريباً، اختراعاً غربياً، وكان منذ القِدم الغابر مكاناً للرمنسة " رومانس "، والكائنات الغريبة المدهشة، والذكريات والمشاهد الشابحة، والتجارب الاستثنائية. – المصدر المذكور 37 ).
ثمة حرص هائل لمسعد في عملية التقيد بالدرس السعيدي والذي أثيبَ عليه كثيراً من جهته قبل رحيله، كما يأتي مسعد على ذكره كثيراً في البداية، وكتابه نفسه مهدى إليه إلى جانب ماجدة النويهي. إنه حرص الابن المطيع والمأهول بالسلطة الكاريزمية لأب هو الآخر ابن مطيع لمؤسسة، لنظام معرفي استحواذي، أخطبوطي في احتوائه نفساً ورأساً.
بالطريقة هذه لا يعود الغرب غرباً ولا الشرق شرقاً، على وقْع هذا الارتطام العظيم بأرض واقع تفند ما قام به، ومن خلاله هو بالذات، لحظة سؤاله: ومن أنت موقعاً، وأين تكون أنت، وكيف يكون لسان حالك أنت ؟
إنه سؤال مركَّب آخر، يمكن التوقف عنده لاحقاً !


إبراهيم محمود

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى