قصيرة القامة ومتوسطة الجسم ،قوية البصر تنظر لمسافات بعيدة كزرقاء اليمامة . تحرز نتائج طيبة في المدرسة ،كانت تحلم بان تكون طبيبة في المستقبل ،ولكن لوالدها حلم اخر . وفقها الله بإحراز نتيجة ممتازة في امتحان الشهادة الثانوية . فرحت زينب ام الحسن كثيراً ،كذلك والدها فرح بشدة خاصة انه يتمطع بشعبية واسعة ،في تلك المنطقة النائية بشمال السودان .!
ولكن والد زينب ام الحسن لم يكتفي بفرحته هذه ،دخل منزله بل خرج بها الي الشارع حيث بدأ يفتخر لأصدقائه في المجالس ، وقال له صديقه : أنا بديك رأي .. ( ماتخلي بتك تقرأ جامعة) فهنا يقصد الرجل ان كل فتاة ذهبت من اجل ان تدرس الجامعة ،غالباً ماتفقد إنوثتها . ودون ادني تفكير عاد والد زينب ام الحسن الي منزله وفي جعبته رأي صديقي ذاك .
وقبل ذلك كانت زينب ام الحسن تجهز نفسها لدخول مرحلة جديدة ،مرحلة يفتخر بها كل طالب طموح . فمنذ قبولها في أرقي جامعة سودانية . لم تذق طعم النوم أبداً ،ولكن والدها لديه رأي وكاتمه الي حين .
بينما حان موعد الحضور الي الجامعة بحوالي شهر او اقل ،دخلت زينب ام الحسن غرفتها وجربت لبستها الأنيقة والجديدة ،
المصنوعة من قطع الكتينكة ( قماش أفريقي قديم ) ،قبل أسبوعين من مغادرة زينب .. الي الجامعة . فاجأها ابوها بهذا الخبر
( جامعة مافي ) . لان الجامعة فيها اولاد وبنات ما كويسين .. لم أوافق لكي بالدراسة في اي جامعة ،وانت عارفة أنا رجل محترم في البلد دي!! وبكت زينب ام الحسن بحرارة ،كالطفل الصغير الذي غابت أمه عنه لفترة طويلة .. ولم تعود .! وذهبت لامها وهي تبكي . وسئلتها عن أسباب هذا القرار ؟ أجابت الام : أنا لا ادري ولكن تريثي قليلاً .. أنا سوف اسئله عن الأسباب .
وفي اليوم التالي جاء والدها ليشرب قهوة العصر برفقة زوجته . وقتها لم تبقي سوي ستة ايام فقط للحضور الطلاب واكمال الإجراءات الروتينية . وزينب ام الحسن في انتظار هدوء والدها وان كان نسبي .!
كل هذه الفترة قضتها زينب ام الحسن وهي حزينة جداً . وتسئل نفسها كيف تذهب صديقتها الشخصية ( سوسن ) وهي تفشل بسبب لا تعرف من وراءه ؟
وللمرة الثالثة جاء ابوها ليشرب شاي الصباح . حيث تري والدة زينب ام الحسن ،الفرصة الذهبية لكي تسئل زوجها . وسئلته فعلاً
كانت زينب ام الحسن حينذاك تقف خلف راكوبتهم العتيقة المبنية من علف الدخن . دون ان يعرف والدها بوجودها فبدأ يحكي...
والله ياجماعة أنا ما ضد تعليم البنات ولا ضد تعليم بنتي زنوبة . ولكن ماسمعته يكفي ان أقول : ممنوع زينب ان تدرس الجامعة لأسباب اعرفها جيداً،كانت زينب ام الحسن تسمع ابوها وهو يقول لأسباب اعلمها . ولكن هذه المرة وبكل شجاعة وقوة فجت حائط الراكوبة والذي هو مبني من قش الدخن . وأدخلت رأسها بشكل مخيف حتي تخوف والدها وسقط فنجان القهوة الكان بيده .
وقالت الحل شنو يا أبوي ؟ اجاب : زواج بس يا بنتي . لو زوجك وافق ان تدرسي الجامعة أنا ما عندي مانع .!
فهذه الجمل ادخلت زينب في حيرة ،تبقت أربعة ايام فقط ،هل هذه الفترة كافية للزواج والاتفاق علي الذهاب للجامعة ،امر صعب للغاية . فسئلت زينب والدها للمرة الثانية ؟ وقال زواج بس يا بنتي ! زينب طيب يا أبوي مع منو ؟ وفي ياتو زمن ؟ ومن أين يأتي ؟
والوقت قد حان ؟ ثلاثة ايام فقط . هي الفيصل . كانت زينب لا تحبذ حتي الحديث مع الشباب فكيف النجاة ؟ جاءت سوسن صديقة زينب الشخصية ،وهي تسئل عن مدي شعور صديقتها ،ردت زينب ببرود والدمعة تسيل ... بغزارة .!
أبوي يا سوسن .. ! ابوك مالو ؟ قال جامعة مافي .. الا بعد الزواج . ضحكت سوسن برغم مرارة الامر . ولكن يا زينب ابوك رجل محترم فكيف نطق بمثل هذه العبارات ،هذه مجرد عبارات لا مكان لها في إعراب اللغة العربية .
والآن تبقي يوماً واحداً . لنذهب يازينب ،قبل ان تكمل زينب حديثها دخلت عليهن والدة زينب وفي معيتها خبرا ربما ساراً بعض الشي . سلمت علي سوسن وسئلت عن اخواتها .؟ أجابت سوسن ،وقالت ده كلام شنو اللي أنا سمعته من زينب ؟ والله ده قرار ابوها وانحنا ماعندنا فيه نقاش .
وجاء ابوها وهو ينادي يازينب يازينب ، ؟ نعم يا أبوي . يلا فكري في ود عمك نجم الدين ،سنعقد لكم عقد القران في منتصف هذا اليوم . لم تقل لا . او نعم . اتجهت لامها وقالت كيف يا أمي اتزوج نجم الدين وهو عمره لم ينقل حرفاً من الحروف الأبجدية من السبورة؟ ألم تكن اهانة بالنسبة لي ؟
ومعروف ان نجم الدين يعمل في الزراعة وبعد موسم الزراعة يرعي بهائمهم ،يكرس جل وقته في الوديان . زينب ام الحسن جلست علي الارض ،كطفلة صغيرة سقتط منها عملة معدنية من الحديد ، وهي تفكر اخر مرة جلست مع نجم الدين وتبادلت معه الضحكة
استحضرت في اليوم الأخير من مناسبة شقيقها بدرالدين ،
حيث حضر وهو يرتدي جلابية بيضاء اللون ولكنها تحولت الي صفراء اللون بفعل الوساخة والاترباء ،كان ينام الغيلولة في الوديان دون ان يفرش الارض باي شيء .
ينتعل نعال قديم الصنع ( موت تخلي ) !! وفي يده عصا مدبدبة بجلد الماعز . ووافقت زنوبة علي الزواج ،اتجهت لصديقتها سوسن قالت : خليني أعرس المتخلف ده . ؟
وتم عقد القران بشكل درامي ،لان نجم الدين نفسه لم يكن يعرف بالموضوع ،اخبره أباه بالأمر .. فهنا كانت الفرحة حيث ترك كل ما يفعل وبدأ يدرفس نفسه في رمال المزرعة مما زاد من وساخة جلابيته الوحيدة . والتي لا يملك سواها .
اجمل ايام عمره هو اليوم الذي جلس برفقة زوجته زينب في غرفةً معطرة بالبخور ،وخاطبته بأنها ستغادر الي الجامعة ،ووافق فعلا
وذهبت زنوبة .. وهي تحلم ان تكون طبيبة مرموقة . بدأ العام الدراس وزنوبة تحقق نجاح فوق نجاح.
منحت لهن اجازة ثلاثة اشهر ،عادت الي أهليها ،ولكن نجم الدين .. فجر مفاجأة كبري ،قال زينب لم تعود الي بعد إكمال مراسم زواجهم . والمدهش في الامر والد زينب لم يتدخل في الامر بشكل مباشر ،حيث يري ان ابن عمه له الاحقية في ذلك .
قالت زينب والله يا أمي لو ماوقفتوا معاي .. ببلغ الشرطة ،او انتحر ؟ وسمع والدها بذلك وهاجم بنته باشد العبارات ،وساند ابن أخيه نجم الدين علي قراره .
وفي أشد ساعات الظلام التي تسبق الفجر ،خرجت زنوبة ولم يتم العثور عليها ،بحث عنها في كل مكان وزمان دون ان يجدونها..
وبعد ثلاثة أعوام من اختفاء زينب . جاء رجلاً طويل في قامته يتضح انه بلغ أرذل عمره ،وبحوزته رسالة خطية ،بخط الطبيبة زينب
وفيها كتبت : أنا عودتي إليكم مرهونة بطلاقي من نجم الدين ...؟
كانت تعمل في مستشفي مرموق رفضت ذكر اسمه . وبعد سبعة ايام من تاريخ رسالتها عادت الي حضن أمها الدافئ .
طلقت من نجم الدين ،وتزوجت من ابن جارهم سالم ،المغترب في ماليزيا . وحضر نجم الدين في اليوم الختامي من مناسبة زوجته السابقة ،من اجل ان يبارك لهم ،ولكنه سقط علي الارض وهو يبكي ويقول ( ده كلام غلط ده كلام غلط) حتي فقد عقله.
عبد الباقى مُحَمَّد عمر
ولكن والد زينب ام الحسن لم يكتفي بفرحته هذه ،دخل منزله بل خرج بها الي الشارع حيث بدأ يفتخر لأصدقائه في المجالس ، وقال له صديقه : أنا بديك رأي .. ( ماتخلي بتك تقرأ جامعة) فهنا يقصد الرجل ان كل فتاة ذهبت من اجل ان تدرس الجامعة ،غالباً ماتفقد إنوثتها . ودون ادني تفكير عاد والد زينب ام الحسن الي منزله وفي جعبته رأي صديقي ذاك .
وقبل ذلك كانت زينب ام الحسن تجهز نفسها لدخول مرحلة جديدة ،مرحلة يفتخر بها كل طالب طموح . فمنذ قبولها في أرقي جامعة سودانية . لم تذق طعم النوم أبداً ،ولكن والدها لديه رأي وكاتمه الي حين .
بينما حان موعد الحضور الي الجامعة بحوالي شهر او اقل ،دخلت زينب ام الحسن غرفتها وجربت لبستها الأنيقة والجديدة ،
المصنوعة من قطع الكتينكة ( قماش أفريقي قديم ) ،قبل أسبوعين من مغادرة زينب .. الي الجامعة . فاجأها ابوها بهذا الخبر
( جامعة مافي ) . لان الجامعة فيها اولاد وبنات ما كويسين .. لم أوافق لكي بالدراسة في اي جامعة ،وانت عارفة أنا رجل محترم في البلد دي!! وبكت زينب ام الحسن بحرارة ،كالطفل الصغير الذي غابت أمه عنه لفترة طويلة .. ولم تعود .! وذهبت لامها وهي تبكي . وسئلتها عن أسباب هذا القرار ؟ أجابت الام : أنا لا ادري ولكن تريثي قليلاً .. أنا سوف اسئله عن الأسباب .
وفي اليوم التالي جاء والدها ليشرب قهوة العصر برفقة زوجته . وقتها لم تبقي سوي ستة ايام فقط للحضور الطلاب واكمال الإجراءات الروتينية . وزينب ام الحسن في انتظار هدوء والدها وان كان نسبي .!
كل هذه الفترة قضتها زينب ام الحسن وهي حزينة جداً . وتسئل نفسها كيف تذهب صديقتها الشخصية ( سوسن ) وهي تفشل بسبب لا تعرف من وراءه ؟
وللمرة الثالثة جاء ابوها ليشرب شاي الصباح . حيث تري والدة زينب ام الحسن ،الفرصة الذهبية لكي تسئل زوجها . وسئلته فعلاً
كانت زينب ام الحسن حينذاك تقف خلف راكوبتهم العتيقة المبنية من علف الدخن . دون ان يعرف والدها بوجودها فبدأ يحكي...
والله ياجماعة أنا ما ضد تعليم البنات ولا ضد تعليم بنتي زنوبة . ولكن ماسمعته يكفي ان أقول : ممنوع زينب ان تدرس الجامعة لأسباب اعرفها جيداً،كانت زينب ام الحسن تسمع ابوها وهو يقول لأسباب اعلمها . ولكن هذه المرة وبكل شجاعة وقوة فجت حائط الراكوبة والذي هو مبني من قش الدخن . وأدخلت رأسها بشكل مخيف حتي تخوف والدها وسقط فنجان القهوة الكان بيده .
وقالت الحل شنو يا أبوي ؟ اجاب : زواج بس يا بنتي . لو زوجك وافق ان تدرسي الجامعة أنا ما عندي مانع .!
فهذه الجمل ادخلت زينب في حيرة ،تبقت أربعة ايام فقط ،هل هذه الفترة كافية للزواج والاتفاق علي الذهاب للجامعة ،امر صعب للغاية . فسئلت زينب والدها للمرة الثانية ؟ وقال زواج بس يا بنتي ! زينب طيب يا أبوي مع منو ؟ وفي ياتو زمن ؟ ومن أين يأتي ؟
والوقت قد حان ؟ ثلاثة ايام فقط . هي الفيصل . كانت زينب لا تحبذ حتي الحديث مع الشباب فكيف النجاة ؟ جاءت سوسن صديقة زينب الشخصية ،وهي تسئل عن مدي شعور صديقتها ،ردت زينب ببرود والدمعة تسيل ... بغزارة .!
أبوي يا سوسن .. ! ابوك مالو ؟ قال جامعة مافي .. الا بعد الزواج . ضحكت سوسن برغم مرارة الامر . ولكن يا زينب ابوك رجل محترم فكيف نطق بمثل هذه العبارات ،هذه مجرد عبارات لا مكان لها في إعراب اللغة العربية .
والآن تبقي يوماً واحداً . لنذهب يازينب ،قبل ان تكمل زينب حديثها دخلت عليهن والدة زينب وفي معيتها خبرا ربما ساراً بعض الشي . سلمت علي سوسن وسئلت عن اخواتها .؟ أجابت سوسن ،وقالت ده كلام شنو اللي أنا سمعته من زينب ؟ والله ده قرار ابوها وانحنا ماعندنا فيه نقاش .
وجاء ابوها وهو ينادي يازينب يازينب ، ؟ نعم يا أبوي . يلا فكري في ود عمك نجم الدين ،سنعقد لكم عقد القران في منتصف هذا اليوم . لم تقل لا . او نعم . اتجهت لامها وقالت كيف يا أمي اتزوج نجم الدين وهو عمره لم ينقل حرفاً من الحروف الأبجدية من السبورة؟ ألم تكن اهانة بالنسبة لي ؟
ومعروف ان نجم الدين يعمل في الزراعة وبعد موسم الزراعة يرعي بهائمهم ،يكرس جل وقته في الوديان . زينب ام الحسن جلست علي الارض ،كطفلة صغيرة سقتط منها عملة معدنية من الحديد ، وهي تفكر اخر مرة جلست مع نجم الدين وتبادلت معه الضحكة
استحضرت في اليوم الأخير من مناسبة شقيقها بدرالدين ،
حيث حضر وهو يرتدي جلابية بيضاء اللون ولكنها تحولت الي صفراء اللون بفعل الوساخة والاترباء ،كان ينام الغيلولة في الوديان دون ان يفرش الارض باي شيء .
ينتعل نعال قديم الصنع ( موت تخلي ) !! وفي يده عصا مدبدبة بجلد الماعز . ووافقت زنوبة علي الزواج ،اتجهت لصديقتها سوسن قالت : خليني أعرس المتخلف ده . ؟
وتم عقد القران بشكل درامي ،لان نجم الدين نفسه لم يكن يعرف بالموضوع ،اخبره أباه بالأمر .. فهنا كانت الفرحة حيث ترك كل ما يفعل وبدأ يدرفس نفسه في رمال المزرعة مما زاد من وساخة جلابيته الوحيدة . والتي لا يملك سواها .
اجمل ايام عمره هو اليوم الذي جلس برفقة زوجته زينب في غرفةً معطرة بالبخور ،وخاطبته بأنها ستغادر الي الجامعة ،ووافق فعلا
وذهبت زنوبة .. وهي تحلم ان تكون طبيبة مرموقة . بدأ العام الدراس وزنوبة تحقق نجاح فوق نجاح.
منحت لهن اجازة ثلاثة اشهر ،عادت الي أهليها ،ولكن نجم الدين .. فجر مفاجأة كبري ،قال زينب لم تعود الي بعد إكمال مراسم زواجهم . والمدهش في الامر والد زينب لم يتدخل في الامر بشكل مباشر ،حيث يري ان ابن عمه له الاحقية في ذلك .
قالت زينب والله يا أمي لو ماوقفتوا معاي .. ببلغ الشرطة ،او انتحر ؟ وسمع والدها بذلك وهاجم بنته باشد العبارات ،وساند ابن أخيه نجم الدين علي قراره .
وفي أشد ساعات الظلام التي تسبق الفجر ،خرجت زنوبة ولم يتم العثور عليها ،بحث عنها في كل مكان وزمان دون ان يجدونها..
وبعد ثلاثة أعوام من اختفاء زينب . جاء رجلاً طويل في قامته يتضح انه بلغ أرذل عمره ،وبحوزته رسالة خطية ،بخط الطبيبة زينب
وفيها كتبت : أنا عودتي إليكم مرهونة بطلاقي من نجم الدين ...؟
كانت تعمل في مستشفي مرموق رفضت ذكر اسمه . وبعد سبعة ايام من تاريخ رسالتها عادت الي حضن أمها الدافئ .
طلقت من نجم الدين ،وتزوجت من ابن جارهم سالم ،المغترب في ماليزيا . وحضر نجم الدين في اليوم الختامي من مناسبة زوجته السابقة ،من اجل ان يبارك لهم ،ولكنه سقط علي الارض وهو يبكي ويقول ( ده كلام غلط ده كلام غلط) حتي فقد عقله.
عبد الباقى مُحَمَّد عمر