كَتَبَ عَنْهَا قَصِيدَةً مُطَوَّلَةً مُرْفِقًا بِهَا صُورَتَهَا الشَّخْصِيَّةَ وَ أَرْسَلَهَا إِلَى وَاحِدَةٍ مِنْ الصُّحُفِ أَلْأَكْثَرِ اِنْتِشَارًا فِي الْعَوَاصِمِ الْأَجْنَبِيَّةِ . عِنْدَمَا ظَهَرَتْ الطَّبْعَةُ فِي الْأَسْوَاقِ ، اِرْتَفَعَتْ مَعْنَوِيَّاتُهُ ، اِنْتَعَشَتْ آمَالُهُ بَالْعُثُورِ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ تَقَطَّعَتْ بِهُمَا السُّبُلُ مُنْذُ أَرْبَعَةِ عُقُودٍ خَلَتْ . مَنَّ النَّفْسَ بِأَنَّ الصَّحِيفَةَ سَتَـقَعُ بَيْنَ يَدَيْهَا حَتْمًا لِتُبَادِرَ بَالْاتِّصَالِ بِهِ . عَادَ إِلَى الدَّارِ حَيْثُ فَاجَأَهُ أَبُوهُ بَالْقَوْلِ : يَا بُنَيَّ ، دَعْكَ مِنْ هَذِهِ الْمَهْزَلَةِ ، فَلَا أَثَر لِتِلْكَ الْمَخْلُوقَةِ سِوَى فِي مُخَيِّلَتِكَ الْوَاهِنَةِ ، أَنْصَحُكَ بَالتَّعَقُّلِ وَ الْكَفِّ عَنْ مُطَارَدَةِ شَبَحٍ ، لَا تَكُنْ كَمَنْ يَبْحَثُ عَنْ إِبْرَةٍ فِي كَوْمَةِ قَشٍّ ، تَطَلَّعْ نَحْوَ الْمُسْتَـقْبَلِ الرَّحِبِ بَدَلًا مِنَ الْغَوْصِ فِي مَاضٍ لَنْ يَعُودَ أَبَدًا .. عِنْدَهَا أَحَسَّ بِكَفٍّ تَهُزُّهُ بِلُطْفٍ ، وَ صَوْتٍ خَافِتٍ يُدَغْدِغُ مَسْمَعَهُ . فَتَحَ عَيْنَيْهِ بِتَثَاقُـلٍ وَ إِذْ بِهَا شَرِيكَةُ حَيَاتِهِ تَحُثُّهُ عَلَى النُّهُوضِ . قَفَزَ مِنَ السَّرِيرِ قَفْزًا مُهَرْوِلًا نَحْوَ الْمَغْسَلَةِ ، عَلَى عُجَالَةٍ اِرْتَدَى مَلَابِسَهُ الَّتِي فَاتَهُ أَنْ يَكْوِيهَا لَيْلَةَ الْبَارِحَةِ ، ثُمَّ اِنْطَلَقَ مُسْرِعًا إِلَى عَمَلِهِ عَسَى أَلَّا يَكُونَ الْأَوَانُ قَدْ فَاتَ.