ميلود خيزار - كيف تصبح "مسؤولا صغيرا" في بلد "الكس كس" .

و أنا أضع هذه الجملة الاستفهاميّة "شكلا" و الخبريّة "مضمونا"، مرّ من خاطري الكثير من "نماذج" و "أسماء" و "تجارب" مهنيّة عرفتُـها و تابعتُـها عن قرب و هي "تتعثّـر" بوحل "واقعها المرير"، ذلك لعوامل عديدة:
- كون "طموحها" الأصلي، لم يكن "مهنيّا" بل كان رغبة كامنة في "التّسلّط" و مغادرة موقع "المنفّذ"/ "المأمور" إلى موقع "المقرّر"/ "الآمر".
- كثير من الطّامحين إلى السّلطة، عبر المسؤوليّة، لا يملك "خصائص و مميّـزات" "القائد"، فهو "ينحدر" من بيئة "الحرمان"، فكريّا و سّياسيّا و اجتماعيّا، و طموحه لا يتعدّى الرّغبة في طلب الحماية عبر وسيلة "السّلطة"، و لذلك هو ليس أكثر من أداة في آليّة إعادة إنتاج "الاستبداد" و "الجهل".
- و السّلطة، لا تشترط أكثـر من توفّر البلادة في هذه "الأداة العمياء"(الغباء على الأقل)، يمكننا الاستشهاد بالكثير من نماذج " الأدوات البليدة" في جهاز السّلطة، بهذا الخصوص.
- التنكّر للبيئة الأصليّة، هو من مميّـزات هذه "الأدوات البليدة"، التي غالبا ما يكون هذا التنكّر "مشفوعا" لديها "بطمس الذّات" في حضور "الآخر/ السيّد" و بكلّ ما يتضمّنه هذا السّلوك من "عبوديّة متأصّلة" تجد "صعوبة بالغة" فـي "التّمايز " و "الحضور" إزاءه، فتكتفي، بممارسة "الخسّة" و تنويع حالات "التّماهي الحقير" مع رغبة السيّد: المالك الشّرعي لإرادتها.
- ليس أمام السّلطة، "غير الشّرعيّة"، سوى ممارسة "الاستبداد" و "التّمييز" بين "رعاياها" تمكينا لسلطتها، و هي مجبرة بذلك على تبنّـي "الإفساد" كمنهج، و هذا ما توفّره "قوانين التّمييز" (الحوافز) التي توفّرها "لكسب" المزيد من "المتسلّطين/ الفاسدين" (أو الذين لديهم نزعات فاسدة) و إغراقهم في "المغريات" كضمان لولائهم "الأبديّ"، بهذه الطريقة يتمّ سلخ "الطامحين"عن "بيئتهم الاجتماعية" و إلحاقهم،طوعا أو كرها، بجناح "الحريم السّياسي" و هذا ما توفّره و بامتياز، الانتخابات "المزوّرة" و التّعيينات "المشبوهة" و "الامتيازات المهنيّة" التي لا سند أخلاقي لها. و لا يمكن لأيّ مسار مهني، بهذه المواصفات، أن يكون إضافة "للتّجربة المهنية الذاتيّة الأصيلة" بقدر ما سيكون "نموذجا" لانهيار قيم و قواعد و تجارب متأصّلة و نماذج أصيلة في عمليّة "الاستحقاق"، و هذا الانهيار هو بالضّبط احد "قوانين الاستبداد": تجريد الفعل من كلّ قيمة أخلاقية و فكرية مؤسّسة.
- السّلطة، "غير الشّرعيّة"، تعلم جيّدا أنّـها "فاسدة" (فانعدام الشّرعيّة هو اكبر المفاسد) لذلك ليس أمامها سوى ممارسة "الاستبداد" لفرض "شرعيتها" و هي بذلك تتبنّى "الإفساد" حفاظا على "مكاسبها"، و لن تجد أفضل من "الطموحات الفاسدة"، كأدوات، لتحقيق رغبتها و إرادتها و ليس غريبا أن يطال "الفساد" كلّ العناصر المفترض أن تكون "حيّة" في المجتمع: المثقف، الإعلامي، السّياسي، رجل الدّين، النّقابي، الأكاديميّ، رجل الأعمال، نشطاء الجمعيات ،.. الخ. هكذا "تتأسّس" القواعد الخلفيّة" "لنظام الفساد"، بتوريط "اكبر عدد ممكن" في مسؤولية "إفساد الحياة".
فليس المطلوب ممّن مُورس عليه القهر أثناء "طفولته" سوى أن يمارسه حين "يكبـُر".

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى