ألف ليلة و ليلة محمد عبد الرحمن يونس - ملامح شخصية الخليفة العباسيّ عبد الله المأمون في حكايات ألف ليلة وليلة سياسيا واجتماعيا وثقافيا

لا نجد في حكاية ألف ليلة و ليلة صورة واحدة لطبقة السلطة و حكّامها، بل تتعدد الصور، و ذلك نظراً لتعدد رواة الحكايات، و تباين مواقفهم الإيديولوجيّة من طبقة السلطة، فهم تارةّ يدينون هذه السلطة(1)، و يهزؤون منها(2)، و يعتبرونها شرّاً و وبالاً على المجتمع(3)، وتارة يتعاطفون معها، و يقدّمونها في صورة العفّة و الطهارة و الكرم(4). وهذا ليس غريباً على السياق العامّ الذي تندرج تحته الأحداث و الوحدات السرديّة، و المواقف الأيديولوجيّة، والذي يعتمد مبدأ الثنائيّات الضديّة المتناقضة و المتجاورة في الحكاية الواحدة، و المتحكّمة في مسار سلوك الشخصيّة الواحدة، الذي يكون قابلاً و بشكل دائم لأن يكون متبدّلاً من موقف إلى آخر، و من حالة إنسانيّة إلى أخرى، و وفقاً للعوامل الإنسانيّة، و الحالات المزاجيّة، التي تصيب هذه الشخصية، فليس هناك شرٌّ مطلق، و لا خير مطلق يتحكّمان في مسار هذه الشخصيّة أو تلك. و إذا كان بعض رواة الحكايات قد غمزوا بأخلاق الملوك و الأمراء الفسقة(5)، و من لفّ لفّهم من رجال السلطة، فإنّهم في آن أكّدوا على الجوهري الإنسانيّ، و الأخلاقيّ الفاضل عند بعض هؤلاء الملوك و الأمراء(6). لكنّ هذا الإنسانيّ النبيل لم يكن مساوياً في عدده لذاك السلطويّ المستبدّ الأهوج، الذي لا يعرف إلاّ البطش و الجبروت، و اغتصاب الثروات و النساء. وفي هذا المقال أحاول أن أدرس ملامح شخصية الخليفة عبد الله المأمون في حكايات ألف ليلة وليلة، معتمداً ـ بالدرجة الأولى ـ نصوص ألف ليلة وليلة، ومستفيداً في آن من بعض الأدبيات التاريخيّة التي ذكرت هذا الخليفة.

لا يأخذ المأمون بن هرون الرّشيد (198-218هـ/831-833م) في حكايات ألف ليلة وليلة فضاء سرديّاً واسعاً يعادل الفضاء الذي يحتلّه والده الخليفة هرون الرّشيد في هذه الحكايات، إذ تذكره اللّيالي في أربع حكايات من حكاياتها. و هذه الحكايات هي: حكاية » إبراهيم بن المهدي مع ابن أخيه المأمون «، وحكاية » المأمون و زواجه بخديجة بنت الحسن بن سهل «، و حكاية » الجواري المختلفة الألوان «، و حكاية » المأمون و رغبته في هدم أهرامات مصر «.
وتبدو صورة المأمون في هذه الحكايات مقاربة إلى حدّ ما من صورتها التّاريخيّة، كما قدّمها المؤرّخون. ففي حكايته مع عمّه إبراهيم بن المهدي، يبدو رجلاً حكيماً و عاقلاً، وخبيراً مجرّباً، ممتلئاً بالحلم والحكمة، ويعرف أن يكون نبيلاً، وكاظماً لغيظه. إذ يشير راوي الحكاية إلى أنّ عمّه إبراهيم بن المهدي لمّا آلت » الخلافة إلى المأمون ابن أخيه هارون الرّشيد، لم يبايعه بل ذهب إلى الرّيّ وادّعى الخلافة لنفسه، وأقام على ذلك سنة واحدة و أحد عشر شهراً واثني عشر يوماً، وابن أخيه المأمون يتوقّع منه العود إلى الطّاعة و انتظامه في سلك الجماعة، حتّى يئس من عوده. فركب بخيله ورجاله ودخل الرّيّ في طلبه. فلمّا بلغ إبراهيم الخبر لم يسعه إلاّ أنّه جاء إلى بغداد واختفى خوفاً على دمه. فجعل المأمون لمن يدلّ عليه مائة ألف دينار. «(7).

ويستمرّ السّرد الحكائيّ، و يلتجئ إبراهيم بن المهديّ إلى دار إحدى جواريه السّابقات ببغداد طالباً الحماية وستر سرّه، لكنّ الجارية سرعان ما تذهب إلى دار الخلافة لتشي به. وبينما هو في دارها، و إذا بالنّديم إبراهيم الموصلي وغلمانه وجنود الخليفة – الذي أرسلهم المأمون للقبض عليه – و المرأة الجارية أمامهم، يحيطون به، ويأخذونه عنوة إلى الخليفة المأمون(8). و أمام الخليفة المأمون يقف إبراهيم معتذراً منشداً :
أتيــــــــت ذنبــــــــــاً عظيـمـــــــــاً = وأنـــــــــت للعفـــــــــــو أهـــــــــــــــل
فــــــإن عفـــــــــــــــوت فمـــــــــــنّ = وإن جـــــــــــزيـــــت فعــــــــــــــــدل.

و عند ذلك يرى المأمون أنّ العفو عند المقدرة من شيم الكرام، فيعفو عن عمّه، ويكظم غيظه، ويقبل عذره، ويردّ على شعره المعتذر، منشداً :
وكنـت إذا الصّديـق أراد غيظي = و أشـــرقنـي على حنقي بريـــقي
غفــــرت ذنوبــه وعفـــوت عنه = مخافــة أن أعيــش بلا صديــق(9).

وقبل أن يعفو المأمون عن عمّه إبراهيم بن المهديّ يستشير جميع خاصّته الحاضرين، إلاّ أنّهم يؤكّدون ضرورة الانتقام منه بقتله، لكنّ أحد العاقلين ـ يسميه الرّاوي بـ أحمد بن خالد ـ يقول للمأمون: » يا أمير المؤمنين إن قتلته وجدنا مثلك من قتل مثله، وإن عفوت عنه فما وجدنا مثلك عفا عن مثله. «(10). فما كان من المأمون إلاّ أن نكّس رأسه، واستنفر كرمه وعفوه(11)، وأنشد قول أحد الشعراء:
» ســــامـح أخـــــــــاك إذا خلـــــــط = منـــــه الإصــــــابـــــة بــالغلـــــــط
واحفــــــــــظ صنيعــــك عنــــــده = شـــــكر الصنيـعـــــة أم غَمـــــــِط
و تجـــــاف عـــــــــــن تعنيــفـــه = إن زاغ يـــومـــــاً أو قَســــــــَط(12).

و يقول إبراهيم بن المهدي(13)عن عفو ابن أخيه المأمون عنه: » والله ما عفا عنّي المأمون تقرّباً إلى الله تعالى، ولا صلة للرّب ولكن له سوق في العفو يكره أن تكسد بقتلي. «(14).
وعلى كلّ حال تبقى حالات العفو عن المتمرّدين سياسيّاً، و الخارجين عن طاعة الخليفة أو السّلطان أو الأمير في ألف ليلة و ليلة قليلة جداً، إذ لا يشكّل كرم بعض حكّام اللّيالي وحلمهم مقياساً يمكن الانطلاق منه وتعميمه، وبالتالي القول عن الحكّام الآخرين: إنّهم حكماء وعقلاء. بل يمكن القول، و تأسيساً على ما تفرزه الحكايات من أنساق معرفيّة وفكريّة حول حياة هؤلاء الحكّام: إنّهم ظلمة و أجلاف، وقساة القلوب.

ويبدو أنّ صورة المأمون وهو يعفو عن عمّه، تتّفق مع الصّورة الوضيئة التي عُرِف بها في خلافته، من حلم وعدل و عفو، والتي نقل المؤرّخون كثيراً من ملامحها. فقد كان المأمون عادلاً في إقامة الحقّ، وكان منصفاً حين جلوسه للنّظر في مظالم الناس، التي كانت تُرفع إليه، وكان يأخذ للمظلوم حقّه من الظّالم، حتّى ولو كان هذا الظّالم قريباً أو ابناً له. ويروي ابن عبد ربّه الأندلسيّ عن قحطبة بن حميد أنّه قال(15):
» إنّي لواقف على رأس المأمون يوماً و قد جلس للمظالم، فكان آخر من تقدّم إليه، وقد همّ بالقيام، امرأة عليها هيئة السّفر، وعليها ثياب رثّة، فوقفت بين يديه فقالت: السّلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله و بركاته(…) فقال لها يحي بن أكثم(16): (…) تكلّمي بحاجتك؛ فقالت:
يا خيـرَ مُنْتَصِف يُهدى له الرَّشدُ؛ = و يا إمـاماً به قد أشــرق البَلدُ
تشكو إليك، عميدَ القـوم، أرملةٌ = عُدِيَ عليها، فلم يُترك لها سَـبَد(17)
وابتُزّ منّي ضياعي بعد مَنْعتـها، = ظُلمـــاً، و فـــُـرّق منّي الأهــل والــولــد «.
وعندما يسمع المأمون شعرها يطلب منها أن تأتيه يوم الأحد، وقت انعقاد مجلس ردّ المظالم:
» فلمّا كان يوم الأحد جلس[المأمون]، فكان أوّل من تقدّم إليه تلك المرأة، فقالت:
السّلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة الله وبركاته. فقال:
وعليكِ السّلام، أين الخصْم؟ فقالت: الواقف على رأسك يا أمير المؤمنين – و أومأت إلى العبّاس ابنه. فقال: يا أحمد بن أبي خالد، خذ بيده فأجْلِسه معها مجلسَ الخصوم. فجعل كلامها يعلو كلام العبّاس؛ فقال لها أحمد بن أبي خالد: يا أمة الله، إنّك بين يديّ أمير المؤمنين، وإنّك تكلّمين الأمير، فاخفضي من صوتك. فقال المأمون: دعها يا أحمد، فإنّ الحق أنطقها و أخرسه ثم قضى لها بردّ ضيعتها، وظلم العباّس بظُلمه لها، وأمر بالكتاب لها إلى العامل ببلدها أن يوغِر (18)لها ضَيْعتها ويُحْسن معاونتها، وأمر لها بنفقة. «(19).

و إذ يشير الرّاوي في الحكاية السّابقة إلى أنّ المأمون ردّ على اعتذار عمّه إبراهيم بن المهديّ، منشداً من شعره و من شعر غيره، فإنّ اهتمام المأمون بالشّعر وحفظه و إنشاده، يبدو أنّ له خلفيّة مرجعيّة، تدلّ على شغفه بالأدب والفنّ، وتقديره لهما، فقد كان يحفظ كثيراً من أشعار شعراء عصره، والعصور التي سبقته(20). وكان من أفضل خلفاء الدّولة العبّاسيّة، وعلمائها و حكّامها وحلمائها، وكان فطناً كريماً(21). وكان يؤمّ بلاطه نفر من نجوم الغناء، والشّعراء، والعارفين بعلوم زمانهم، والذين » كانت لكلّ واحد منهم ذاكرة حافلة بمختارات من الشّعر الجيّد و من الرّوايات الأدبيّة. «(22).

إن بنية السّرد وطبيعة الرّؤية الفكريّة التي تسمه، تثبت أنّه ليس هناك مقياس نقديّ ثابت ونهائي، يمكن تعميمه على كلّ حكايات وشخوص ألف ليلة وليلة، فما ينطبق على حكاية قد لا ينطبق على حكاية أخرى، وما تتّصف به شخصيّة ما من شخصيّات ألف ليلة وليلة، من عدالة وحلم وحكمة، يمكن أن يُخرق، ويبدو تهوّراً عند هذه الشّخصيّة في حكاية أخرى، وذلك نظراً للثنائيّات الضّدّية المتحكّمة في مسار سلوك الشّخصيّة الواحدة، كما أشير إلى ذلك سابقاً. فالخليفة أو الملك أو الحاكم في اللّيالي، وإن بدا عاقلاً وحكيماً ومتّزناً في بعض المواقف، فإنّه سرعان ما يتخلّى عن اتّزانه إذا سمع بوجود امرأة جميلة خارج قصره، إذ يفعل كلّ ما بوسعه لجلبها، ويبدّد مال خزينة بيت المال لشرائها. وهذه هي حال الخليفة المأمون في حكاية » المأمون و زواجه بخديجة بنت الحسن بن سهل «، إذ يطلب المأمون من إسحاق الموصلّي أن يجلس في قصر الخلافة، وينتظره، حتّى يذهب لقضاء غرضٍ من أغراضه، عندها توسوس له نفسه العاشقة للغناء أن يذهب إلى دار خديجة بنت الحسن بن سهل(23) ليسمع غناءها(24)، و ما إن ينتشي بالموسيقى وبجمال خديجة بنت الحسن وجواريها، ويعود إلى منزله، حتى يهجم عليه جنود المأمون ويأخذوه أخذاً عنيفاً إلى دار الخلافة. يقول الموصلّي: » فوجدته [أي وجد المأمون] قاعداً على كرسيّ و هو مغتاظ منّي، فقال: يا إسحاق أخروجاً عن الطّاعة؟ فقلت لا والله يا أمير المؤمنين. قال: فما قصّتك، أصدقني الخبر. «(25). عندها يصف الموصلّي جمال خديجة وشفافيّتها، فيندفع المأمون ملتاثاً بالعشق الذي لا يطيق عليه صبراً، ويطلب من الموصلّي أن يأخذه إلى دارها، ليرى جمالها. فيحتال الموصلّي، ويطلب منها أن، تسمح له باصطحاب ابن عمّه. ويتنكّر المأمون كعادة أبيه هرون الرّشيد، ويدخلان منزل خديجة، و هناك في منزل الفتاة يتخلّى المأمون عن وقاره أمام جمال المرأة، ونبيذها، ويكشف قناعه كما كان والده الرّشيد يفعل. يقول الموصلّي واصفاً استقبال خديجة لهما:

» فأقبلت وسلّمت علينا. فلمّا رآها المأمون تحيَّر من حسنها وجمالها وأخذت تذاكره الأخبار و تناشده الأشعار. ثم أحضرت النّبيذ، فشربنا وهي مقبلة عليه مسرورة به وهو أيضاً مقبل عليها مسرور بها. ثم أخذت العود وغنّت طريقة، وبعد ذلك قالت لي: وهل ابن عمّك هذا من التّجار؟ وأشارت إلى المأمون، قلت نعم، قالت: إنّكما لقريبا الشبه من بعضكما بعضاً، قلت نعم. فلمّا شرب المأمون ثلاثة أرطال داخله الفرح والطّرب فصاح، وقال: يا إسحاق، قلت لبّيك يا أميرالمؤمنين، قال غنّ بهذه الطّريقة. فلما علِمَتْ أنّه الخليفة مضت إلى مكان ودخلت فيه. «(26).

إنّ الوحدة السّرديّة السّابقة تشير إلى أنّ المأمون قد تحرّر من سطوة السّلطويّ وهيبته، واندفع محموماً أمام جمال المرأة، وشرب ثلاثة أرطال من النّبيذ احتفاءً بصوتها الجميل، وإعجاباً بشكلها الجماليّ. و هذا الاندفاع يبدو طبيعيّاً و مألوفاً بالنّسبة للمأمون، ولا سيّما أنّه يعايش مجتمعاً بغداديّاً ترفاً، عاقر فيه الخلفاء كلّ أصناف الخمرة. ويبدو أنّ راوي الحكاية استعار فكرة أرطال النّبيذ الثلاثة التي شربها المأمون من أبي الفرج الأصفهانيّ، الذي يشير إلى أنّ المأمون كان يندفع محموماً إلى الخمرة، وبخاصّة إذا استمع إلى الغناء الجميل. فها هو يستمع إلى صوت المغنّي مُخَارق(27)وهو ينشد:
ألم تقـولي: نَعَم، = قالــت: أرى وَهَمـــــا
منّي وهـــل يؤخذ = الإنســـان بالوَهَــــم !(28)

و ينتشي المأمون طرباً عند سماعه لهذا الصّوت، ويشرب ثلاثة أرطال من النّبيذ(29).
وفي الوحدة السّرديّة السّابقة عندما تعرف خديجة بنت الحسن أنّ الماثل أمامها هو الخليفة المأمون، تتراجع خائفة من هيبة السّلطة، و تحتجب عن الخليفة. ونظراً لسطوة الخليفة المطلقة في النّظام العبّاسيّ، فقد وعى النّاس جميعاً، في ولايات الدّولة العبّاسيّة، الخطر الذي يمكن أن يَحْدِق بالفرد فيما إذا اقترب من هذه السّلطة أو نادمها، و من خلال هذا الوعي انسحبت خديجة محتجبة. فالسّلطة السّياسيّة أداة قاهرة في النّطاقين الاجتماعيّ والتّاريخيّ(30)لأنّها تمارس فيهما أدوات قهرها، وهي أداة قاهرة في كلّ الفضاءات المكانيّة التي تحلّ فيها، لأنّها تفرض سطوتها وأبّهتها وديكتاتوريّتها.

وعندما قدّم المغني إسحاق الموصلّي نفسه لخديجة على أنّه تاجر، وعندما قدّم المأمون على أنّه ابن عمّه، وأنه تاجر مثله، أعطت خديجة نفسها مزيداً من الحرّيّة، وشربت النّبيذ، وأنشدت مستمتعةً بهذين التاجرين الظّريفين، اللّذين لا سلطة لهما عليها. وعندما عرفت أنّ الرّجل ـ المأمون ـ كشف قناعه، وبان وجهه السّلطويّ، احتجبت، لأنّها تعي أنّ نظام مجتمعها العبّاسيّ يقوم على سطوة الطّبقات السّلطويّة المطلقة على ما دونها، واستخدام هذه السّطوة لاغتصاب الأموال، وأخذ النّساء بالتّرغيب بالمال، أو التّرهيب بسيف السّلطة؛ و تعي أنّ الخليفة فيما إذا انتشى طرباً، قد يزداد ثملاً، وبالتّالي قد ينفلت الوحش الرّابض وراء أبّهة و قناع السّلطة، ليبسط مخالبه، ويؤذيها هي و من حولها، عندها اضطرّت أن تنسحب من مجلسه وتحتجب، ولا سيّما بعد أن عرفت أنّ الموصلّي و المأمون أتقنا دور الحيلة جيداً، ودخلا دارها بعد أن تقنّعا متنكّرين بهيئة التّجار. ولأن الخليفة المأمون عشق خديجة بنت الحسن عشقاً جنسيّاً، فإنّه سارع وهو في أوج نشوة السّكر، وبعد أن احتجبت خديجة مباشرة، وسأل: » من ربّ هذه الدّار؟ فبادرته عجوز بالجواب وقالت: هي للحسن بن سهل. فقال: عليّ به. فغابت العجوز ساعة وإذا بالحسن قد حضر، فقال له المأمون: ألك بنت؟ قال: نعم، قال: ما اسمها؟ قال: اسمها خديجة. قال: هل هي متزوّجة؟ قال: لا والله. قال: فإنّي أخطبها منك. قال: هي جاريتك وأمرها إليك يا أمير المؤمنين. فقال الخليفة: قد تزوّجتها على نقد ثلاثين ألف دينار و تُحمل إليك صبيحة يومنا هذا، فإذا قبضت المال فاحملها إلينا من ليلتها. قال: سمعاً و طاعة.(31).

من خلال الوحدة السّرديّة السّابقة يمكننا أن نفهم إلى أيّ مدى تدنّت فيه قيمة المرأة في النّظام السّياسيّ العبّاسيّ. فالمأمون لا يرى في الصّبيّة التي ستصبح زوجته إلاّ سلعة بين السّلع النّسائيّة الكثيرة المعروضة في منازل مدينته، ومن هنا فقد حدّد قيمتها بثلاثين ألف دينار. إنّها سلعة قابلة للتّبادل، لكنّ التّبادل هنا ليس سلعة بسلعة أخرى، بل بقيمة نقديّة. وعلى الرّغم من أنّ خديجة سيّدة من حرائر المجتمع العبّاسيّ، فعمّها الفضل بن سهل كان وزيراً للخليفة المأمون، ثم صار بعده والدها الحسن بن سهل وزيراً عند هذا الخليفة؛ إلاّ أنّها في النّهاية ليست إلاّ جارية، طالما أنّ قيمتها حُدِّدت بمبلغ مالي باهظ.

وتتعمّق سياسة التّبادل السّلعيّ الاستهلاكيّ بين رأس النّظام السّياسيّ، ونساء الطّبقات الأخرى، من خلال هذه النّظرة الدّونيّة للمرأة، فكأنّ الخليفة المأمون يريد أن يعقد صفقة تجاريّة بحتة، لا علاقة لها بالمشاعر الجماليّة و الإنسانيّة التي يؤطّرها فعل الحبّ بين المرأة والرّجل. وهاهو بوضوح يحدّد للحسن بن سهل شروط هذه الصّفقة التّجارية، وما على الحسن إلاّ أن يقبلها شاء أم أبى، هو وابنته. ويمكن صياغة شروط هذا العقد التّجاري التي يفرضها القويّ ـ المأمون ـ على الشكل الآتي: يا حسن بن سهل، أنا سأشتري ابنتك خديجة فما عليك إلاّ القبول، و رجالي سيحملون إليك ثلاثين ألف دينار صباح هذا اليوم، و عندما تقبضها، فما عليك إلاّ أن تملّكني ابنتك، وتحملها إليّ بنفسك إلى قصري في بغداد، واتّفاقنا هذا غير قابل للنقض من طرفك.

وطالما أن السّلعة المشتراة هي جارية في نظر السّلطة السياسيّة، يُلاحظ أن الحكاية لا تستشير البنت فيما إذا كانت قابلة بعقد البيع هذا، لأنّ رأس السّلطة السّياسيّة لا يرى نفسه إلاّ خليفة الله في الأرض، وما أموال المسلمين ونساؤهم إلاّ ملك له. أمّا الحسن بن سهل، والد خديجة، فإنّه لا يرى في ابنته إلاّ جارية يشرّفها أن تخدم المأمون، وإنّه بوجود المأمون لا أمر له على ابنته، بل الأمر كلّه للمأمون، وله الحقّ في امتلاك المرأة الجارية مقابل ثلاثين ألف دينار. وتشير المفردات اللّغويّة في الحكاية بوضوح إلى العقليّة السّلطويّة التّجاريّة، التي يكرّسها النّظام السّلطوي، وعلى رأسه الخليفة من جهة، والنّظام الرّجوليّ، والد الفتاة، من جهة أخرى: » من ربّ هذه الدار؟..هي جاريتك.. أمرها إليك يا أمير المؤمنين.. احملها إلينا.. سمعاً و طاعة «.

إنّ ما يسم طابع العلاقات الاجتماعيّة و الإنسانيّة في مجتمعات ألف ليلة وليلة » هو طابع السّلطة الفوقيّة. فصاحب السّلطة في المجتمع (ومن يمثّله أو يمثّل سلطته) هو الذي يملك و يستفيد، بينما باقي النّاس تقبل وترضخ وتمتثل. » و الكبير « (…) هو دوماً الذي يتسلّط ويحكم ويسيطر. فالقرارات تؤخذ » من فوق « بمعزل عن الأكثريّة التي تشكّل هدف هذه القرارات [و] ليس الكبير صاحب السّلطة و المركز في المجتمع إلاّ صورة مكبّرة للأب في العائلة ـ بتصرّفاته و نظرته لنفسه وعلاقته بمن هم دونه. «(32)

وإذا كان الرّاوي لم يستشر خديجة بنت الحسن، فيما إذا كانت قابلة بالخليفة المأمون، فلأنّه يعي تماماً أنّ حكايته ستفقد مصداقيّتها في حالة الاستشارة، ولأنّه سيعطي هذه المرأة مكانة مهمّة، تبدو فيها ندّا للخليفة المأمون، وهذا ما لا ترضاه السّلطة السّياسيّة، فأيّ شرف لأسرة الحسن بن سهل أعظم من شرف أن تكون ابنته خديجة خادمة لرجل سلطويّ كبير جدّاً، ولا سيّما أنّ هذا الرّجل هو أمير المؤمنين؟. وإذا كان الأمير أو الحاكم في طبيعته الاستبداديّة مضطّراً لأن يفرض الخوف على شعبه حتّى يطيعه، فإنّ عليه فرض الخوف بطريقة » يتجنّب بواسطتها الكراهية إذا لم يضمن الحبّ، إذ إنّ الخوف وعدم وجود الكراهية قد يسيران معاً جنباً إلى جنب، وفي وسعِ الأمير الذي يمتنع عن التدخّل في ممتلكات مواطنيه و رعاياه، وفي نسائهم، أن يحصل عليهما. «(33). إلاّ أنّ خلفاء و ملوك و أمراء ووزراء ألف ليلة وليلة لم يكونوا قادرين على الامتناع عن التّدخّل في ممتلكات مواطنيهم، وفي نسائهم، بل كانت معظم اهتماماتهم تنحصر في امتلاك الأموال والعقارات والنّساء، ولم يكن يهمّهم أكان هذا الامتلاك مشروعاً أم اغتصاباً.(43)

وبالعودة إلى الحكاية السّابقة » حكاية المأمون وزواجه بخديجة «، يمكن القول إنّ خديجة لن تكون في قصر الخليفة المأمون إلاّ جارية كما حدّد لها والدها الحسن أن تكون. وستنحصر مهمّة هذه الجارية في كونها سلعة جميلة باهظة الثّمن، ينحصر دورها في التّرفيه عن الخليفة جنسيّاً، وفي تبديد كآبته بصوتها الجميل جداً. وعندما تتحوّل العلاقات الإنسانيّة بين أفراد المجتمع إلى علاقات جنسيّة و سلعيّة، فإنّها تساهم في تأبيد عبودية المرأة، وفي تأبيد تخلّف المجتمع، وبالتّالي في استمرار علاقات القوّة والسّيطرة والتحكّم(35) في المجتمع الذي يقوم، في تركيبته السياسيّة و الاجتماعيّة، على التباين الطبقي الحادّ و على امتلاك القويّ فيه لكلّ شيء.
و إذا كان الخلفاء و الملوك و الأمراء في الليالي، أو في المدينة العربيّة الإسلاميّة يستطيعون امتلاك أجساد النساء بالسطوة و الإرهاب و الأموال، فإنّه ليس من الضروري أن يمتلكوا أرواحهنّ وعواطفهنّ، و تطلعاتهنّ الجنسيّة الأخرى صوب رجال من خارج القصر. فعلى سبيل المثال يشير أبو فرج الأصفهاني إلى أنّ الخليفة المأمون اشترى المغنيّة المتميّزة عريب بمائة ألف درهم(36)، لكنّه لم يستطع أن يمتلك روحها التوّاقة إلى عشيقها محمد بن حامد، فقد كانت تحتال للخروج من قصر المأمون و زيارة عشيقها في منزله، على الرغمّ من أنّ المأمون: » حبسها في كَنيف مظلم شهراً لا ترى الضوء، يُدخَل إليها خبز و ملح و ماء من تحت الباب في كلّ يوم «(37)، علّه يمنعها من لقاء عشيقها محمد بن حامد، إلاّ أنّه لم يستطع، و بعد أن أفرج عنها، أن يكبح جموحها و توقها الجنسيّ لهذا العشيق، فقد كانت تخرج من قصره، إذا هبط الظلام و تتوّجه إلى دار عشيقها محمد بن حامد. و يروي أحمد بن حمدون عن أبيه: أنّه كان خارجاً في ليلة ظلماء ذات رعود و بروق، بأمر من المأمون، لإيصال رسالة من رسائله، فـ » برقت بارقة فأضاءت وجه الراكب، فإذا عريب، فقلت: عريب؟ قالت: نعم، حمدون؟ قلت: نعم. ثمّ قلت: من أين أقبلتِ في هذا الوقت؟ قالت: من عند محمد بن حامد، قلت: و ما صنعت عنده؟ قالت عريب: يا تكش(38)، عريب تجيئ من عند محمد بن حامد في هذا الوقت خارجة من مَضْرب الخليفة و راجعة إليه، تقول لها: أيّ شيء عَملتِ عنده؟ صَلَّيت معه التراويح؟ أو قرأت عليه أجزاء من القرآن، أو دارست شيئاً من الفقه، يا أحمق تعاتبنا، و تحادثنا، و اصطلحا و لعبنا، و شربنا و غنيّنا، وتنايكنا، و انصرفنا، فأخجلتني و غاظتني و افترقنا. «(39).

إذا كان إسحاق الموصلّي، في الحكاية السابقة، هو الذي وصف للمأمون جمال خديجة بنت الحسن، قائلاً: » جارية كأنّها البدر الطالع «(40)، فإنّه في الواقع التاريخيّ هو الذي وصف له جمال الجارية عريب، و شجّعه على شرائها، فما كان من المأمون إلاّ أن أمر كاتب نفقاته إبراهيم بن رباح أن يشتريها(41). و يبدو أنّ أفعال و مواقف ندماء الخلفاء و عبر تاريخهم الطويل كانت مكرّسة لخدمة الخلفاء، فبالإضافة إلى أنّهم ندماء ظرفاء مُرفّ‍هون ـ بكسر الفاء ـ عن الخليفة، فإنّهم دلاّلون له على النساء الجميلات المتميّزات في دولته. و حتّى يستطيع النديم الوصول إلى مكانة مهمّة عند الخليفة أو الملك، عليه أن يتحلّى بمجوع من المزايا الأخلاقيّة، و منها أن يكون ذكيّاً، فـ » الذكاء أوّل ما يجب أن يتّصف به من يخالط السلطان و يلازمه لأنّ صحبة السلطان لا تليق بذوي الجهل، و ذكاؤه عدّته للخروج من كثير من المتاعب التي قد يتعرّض لها. و لذا ينبغي أن يكون جليس السلطان و أنيسه جامعاً لخصال كثيرة أهمّها: » العقل، فإنّه رأس الفضائل، و العلم، فإنّه من ثمار العقل «.و إذا كان العقل أهمّ صفات فهذا يعني أنّه يجب أن يكون قادراً على ان يفهم ما يريده الملك الذي يجالسه و يقرّبه، و لذلك قيل: » ينبغي للنديم أن يكون كأنّما خُلِق من قلب الملك، و يتصرّف بشهواته، و يتقلّب بإرادته، لا يملّ المعاشرة، و لا يسأم المسامرة. «. «(42).

و يبدو أنّ إسحاق الموصليّ كان جامعاً لخصال كثيرة تؤهله لأن يكون نديماً متميّزاً عند المأمون و مفضلاً على غيره من الندماء الكثيرن الذين كانوا يحضرون مجلسه، فقد » كان عالماً فقيهاً و شاعراً مجيداً، و أديباً أريباً، و نديماً جمّ الظرف حلو الشمائل، و جليساً لطيف المعاشرة (…) لا يستغني عنه الخلفاء. و راوية يروي أخبار القدامى و المحدّثين بل و كثيراً ما كان يصحح خطأ من ينسب الأشياء إلى غير قائليها. و كان مغنيّاً عارفاً بفنّ الغناء تمام المعرفة، و عازفاً ماهراً، و ملحناً بارعاً. «‍?‍(43).

و تشير حكاية: » الجواري المختلفة الألوان «، إلى دور النديم في تقديم الجواري للخليفة و تعريفه بهنّ من خلال أوصافهنّ المثيرة، و قدراتهنّ على المسامرة و المنادمة، و حفظهنّ الشعر، و بالتالي تحريض الخليفة على شرائهنّ. فقد كان من جملة ندماء الخليفة المأمون في الحكاية نديم يسمّى محمد البصري، و ذات ليلة يسأله المأمون أن يحدّثه بشيء لم يسمعه قط، فقال: » يا أمير المؤمنين أتريد أن أحدّثك بحديث سمعته بأذني أو بأمر عاينته ببصري؟ فقال المأمون: حدّثني يا محمد بالأغرب منه . «(44). و لأنّ النديم يعرف أنّ أهمّ ما يزيل هموم الخلفاء و يثيرهم في مجتمع عباسيّ منفتح على ثقافات العالم و نسائه و جواريه هو الحديث عن النساء فقد قرّر محمد البصري أن يكون حديثه عن الجواري الجميلات، يضاف إلى ذلك أنّ محمداً البصري عندما ينقل للمأمون أخبار النساء، فإنّ مكانته بين الندماء ستزداد عند المأمون، و سيقرّبه أكثر، نظراً لشغف الخلفاء بالنساء شغفاً لا يقاوم، و بالتالي إيثارهم لكلّ نديم يكون دلاّلاً لهم على هاته الجواري. فالبؤرة المركزيّة للحكاية التي سيحكيها محمد المصري للمأمون تضمّ » ستّ جوار كأنّهنّ الأقمار (…) و كنّ حسان الوجوه كاملات الأدب عارفات بصناعة الغناء و آلات الطرب «(45). و كانت هاته الجواري مختلفات الألوان و مملوكات لرجل يمانيّ، انتقل من اليمن و حمل ماله و جواريه، و استقرّ ببغداد مستمتّعاً بالأيام الجميلة، و الطعام و النبيذ و الطرب، و بهاته الجواري المثيرات، ذوات الأصوات و الألحان الشجيّة، القادرة على أن تجعل المكان ينفلت من سكونيّته، ليرقص تحت وقع هذه الألحان: » فأخذت [إحدى الجواري] العود، و أصلحته، و رجّعَت عليه الألحان حتّى رقص المكان «(46).

و يستمرّ النديم محمد البصري في وصف هاته الجواري و قدراتهنّ المتميّزة على المناظرة فيما بينهنّ و بين سيّدهنّ حول مفاهيم الجمال اللونيّ و الجنسيّ، و متى تكون المرأة مثيرة جماليّاً و متى لا تكون. ومن خلال المناظرة تُظهر هاته الجواري المغنيّات معرفة عميقة بأشعار الغزل التي قيلت في أوصاف المرأة المثيرة، ولون بشرتها، ثمّ تقدّم كلّ منهنّ نفسها إلى سيّدها على أنّها هي النموذج الجماليّ المثالي الذي يجب على الرجال أن يبحثوا عنه و يظفروا به(47). و ما إن ينتهي النديم محمد البصري من سرد الحكاية، قائلاً(48): » فما رأيت يا أمير المؤمنين في مكان ولا زمان أحسن من هؤلاء الجواري الحسان. «، حتّى يكون المأمون استُثير و انفجرت رغبات الامتلاك لديه، و قرّر أن يضمّ الجواري إلى حوزته، لاستكمال لذّاته بهاته النسوة التي لا يجود الزمان بمثلهنّ مرّة أخري. يقول المأمون(49) لنديمه محمد البصري: » و هل يمكنك ان تشتريهن لنا من سيّدهنّ؟ فقال له محمد: يا أمير المؤمنين قد بلغني أنّ سيّدهنَ مغرم بهنّ و لا يمكنه مفارقتهنّ. فقال المأمون: خذ معك إلى سيّدهنّ في كلّ جارية عشرة آلاف دينار، فيكون مبلغ ذلك الثمن ستين ألف دينار، فاحملها صحبتك و توجّه إلى منزله و اشتريهنّ منه. «.

لقد عُرِف عن المأمون في فترة حكمه أنّه كان شغوفاً بالموسيقى، و السماع إلى أصوات المغنّين من الرجال و النساء، و من شدّة شغفه بالغناء فقد كان في بعض الأحيان يدعو سائر المغنّين في بغداد للمثول بين يديه، و منذ الصباح الباكر(50)، ليفتتح يومه بإشعال طقوس الموسيقى، و كان في مجلسه يجلس مكللاً وسط المغنيّات الجميلات، إذا كان يُجلِس عشر مغنيّات عن يمينه و عشراً عن يساره(51) و كان يسرف في الإنفاق على هؤلاء المغنيّات وعلى غيرهنّ، فقد كانت نفقاته على مسرّاته ستّة آلاف دينار كل يوم(52). و من هنا ليس بعيدا، في الحكاية، أن يأمر المأمون بشراء جواري الرجل اليماني بستّين ألف دينار، في حين أنّ فقراء بغداد يعانون الفاقة و الجوع(53). ففي عصر الخلفاء العبّاسيين، على الرغم من الازدهار و الثراء الذي عرفته الدولة العبّاسيّة فقد » تردّى الشعب في هوّة من الفقر أشدّ عمقاً لكي يقدّم إلى الخليفة نفقات متارفه في بغداد. و كان من الطبيعيّ أن تُبتّز الأموال الضروريّة لإشباع موظفيّ الدولة و نفقات البلاط من جيوب الشعب. «(54)، ما دام هذا البلاط غارقاً في حمّى الترف و الملذّات و امتلاك النساء.

وفي الحكاية السابقة يرسل المأمون نديمه محمد البصري إلى الرجل اليمانيّ، و يعلمه برغبة الخليفة بشراء الجواري، و لأنّ الرجل اليمانيّ يعيش في بغداد غير بعيد عن جلاوزة الخليفة و سطوتهم، فإنّه يضطّر مُكرْهاً إلى بيع الجواري، و لأنّ راوي الحكاية هو محمد البصري نديم الخليفة المأمون، أو هو الراوي الذي لا يخرج عن طوع السلطان أو المُهيَّأ لأن يكون نديماً له فإنّه لا يستطيع أن يضع الرجل اليمانيّ موضع الرافض لعملية البيع، فيضطّر عندها إلى أن يقول إنّ عمليّة البيع تمّت » لأجل خاطر أمير المؤمنين «(55). فهو يعرف مسبقاً إلى أيّ مدى سوف يكون الخليفة باطشاً و مستبدّاً في حال لم تتمّ عملية البيع، و هو يعرف أنّه في ظلّ الخلفيّة المعرفيّة التي فرزتها السياسة العباسيّة من ظلم و استبداد مطلقين، و من كون الخليفة هو الآمر و الناهي، و ظلّ الله على الأرض؛ لا يمكن لأيّ رجل كان، و مهما كان ثريّاً أو سلطويّاً، أن يردّ طلب الخليفة، وهذا الرّاوي متأكدُ من أنّ الخليفة المأمون قد يلجأ إلى قتل الرّجل، أو تدبير مكيدة له، ثم مصادرة أمواله و جواريه، إذا رفض بيع هاته الجواري، عندها اضطرّ الرّاوي النّديم إلى تحقيق منطق التّصالح بين الرّعيّة والسّلطة، انطلاقاً من وجوب طاعة الرّعيّة للسّلطان، وجعل بطله اليمانيّ يتخلّى عن الجواري، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا يستطيع الرّاوي أن يضع الخليفة أمير المؤمنين في حالة أرق و غضب، لأنّ من مهمّته أن ينادمه و أن يزيل أرقه. وعلى المستوى البنائيّ لا يستطيع الرّاوي فيما إذا قتل اليمانيّ أن يفكّ عقدة حكايته، ويجعل مسار سرده ينمو ليحقّق غاية وظيفيّة أخرى، وهي الوصول إلى فكرة عدل المأمون و حلمه، كما سيظهر في آخر الحكاية.

و تاريخياً تشير سيرة المأمون إلى أنّه كان باطشاً وسفّاكاً، على الرّغم من حلمه وكرمه وعفوه، وتقديره للعلوم و العلماء. ويروي علي بن الحسين المسعوديّ(56) الخبر الآتي: » وغلب على المأمون الفضل بن سهل(57)، حتى ضايقه في جارية أراد شراءها، فقتله، وادّعى قوم أن المأمون دسّ عليه من قتله. «، و إذا كان المأمون، تاريخيّاً، يقتل وزيره الفضل بن سهل لأجل جارية أراد شراءها فليس بمستبعد حكائيّاً أن يقتل الرّجل اليمانيّ ـ لا يذكر الرّاوي اسماً له ـ فيما إذا امتنع عن بيع جواريه الحسان. وتقول الحكاية: إنّ الجواري عندما وصلن » إلى أمير المؤمنين هيّأ لهنّ مجلساً لطيفاً، وصرن يجلسن فيه معه وينادمنه، وقد تعجّب من حسنهنّ و جمالهنّ و اختلاف ألوانهنّ وحسن كلامهنّ، وقد استمر على ذلك مدّة من الزّمان. «(58).

ولأن للمرأة أهميّة خاصّة، لا تعادلها أهميّة أخرى، عند الرّجال في التّاريخ العبّاسيّ و ألف ليلة وليلة، باعتبارها ضروريّة جدّاً لإقامة طقوس المسرّات، فإنّ الرّجل اليمانيّ ما استطاع صبراً على مفارقة جواريه، وحنّ إليهنّ، وأرسل كتاباً إلى الخليفة المأمون، يشكو فيه ما عنده من لوعة وحزن وشوق عارم لهذه الجواري، ويقول فيه(59) :
قد سلبت ستّ ملاحٍ حسان = هنّ سمعي وناظري وحياتي
لست أسلو من حسنهنّ وصالاً = آه يا طول حسرتي وبكائي

فعلى الستّة[كذا] الملاح سلامي = وشرابي ونزهتي وطعامي
ذاهب بعدهنّ طيب منامي = ليتني ما خلقت بين الأنامي[كذا].

ولأنّ الرّاوي في هذه الحكاية هو راوٍ سلطويّ مؤدلج لخدمة فكرة العدل والكرم و المروءة عند الخلفاء المسلمين، اضطّر وحتى يُظهر الخليفة المأمون في صورة الرجل الكريم العادل، إلى أن يرجع هاته الجواري إلى سيّدهنّ. يقول(60): » فلمّا وقع ذلك الكتاب في يد الخليفة المأمون، كسا الجواري من الملابس الفاخرة وأعطاهنّ ستّين ألف دينار وأرسلهنّ إلى سيّدهنّ، فوصلن إليه وفرح بهنّ غاية الفرح، أكثر مما أتين به من المال، وأقام معهنّ في أطيب عيش و أهنأه [كذا]، إلى أن أتاهم هادم اللّذات ومفرّق الجماعات. «.

وإذا أخذنا بمنطق التّجارة المكرّس في ألف ليلة وليلة الذي يعتبر المرأة سلعة، تتحدّد قيمتها بقدرتها على إشعال طقوس المسرّات، و مجامر أجساد الخلفاء والملوك، فإنّه يمكننا القول: إنّ ما قدّمته الجواري السّت من ترفيه ومسرّات وغناء، خلال المدة التي بقين فيها في قصر الخليفة المأمون، يعادل كل ما دفعه المأمون لصاحبهنّ اليمانيّ من أموال، وربما لا يعوّض خسارة صاحبهنّ في فقدانه لهنّ، نظراً لما سبّب له هذا الفقدان من حسرات وآلام، فهو ليس بحاجة إلى المال، لأنّه من أصحاب الثّراء الواسع(61)، كما يؤكّد الرّاوي في أوّل الحكاية.

إذا كان الرّاوي في حكاية » إبراهيم بن المهديّ مع ابن أخيه المأمون « قد صوّر المأمون في صورة الحاكم الحليم والعاقل، و الكريم الذي يعفو عند المقدرة، فإنّ راوياً آخر في حكاية » المأمون ورغبته في هدم أهرامات مصر « قد صوّره في صورة الرّجل الجاهل بقيمة الآثار التّاريخيّة و الجماليّة، وعلاقة هذه الآثار بفكر الأمم والحضارات التي أنتجتها، فهو في هذه الحكاية يصمّم على هدم أهرامات مصر، التي بناها الفراعنة: » حُكي أنّ المأمون ابن هرون الرّشيد لمّا دخل مصر أراد هدم الأهرام ليأخذ ما فيها (…)، فلمّا حاول هدمها لم يقدر على ذلك مع أنّه اجتهد في هدمها، وأنفق على ذلك أموالاً عظيمة، ولم يقدر على هدمها وإنّما فتح في إحداها طاقة صغيرة. ويقال إنّ المأمون وجد في الطّاقة التي فتحها من الأموال قدر الذي أنفقه على فتحها لا يزيد ولا ينقص فتعجّب المأمون من ذلك، ثم أخذ ما هناك ورجع عن تلك النيّة. «(62).

وإذا كان الرّاوي قد غطّى هدر المأمون لأموال الدّولة الإسلاميّة، وعبثه بها، في محاولته لهدم صرح حضاريّ وعمرانيّ، يُعتبر آية في الرّوعة و الجمال والهندسة المعماريّة، من خلال المال الذي وجده في الكوّة المفتوحة، والذي يشكّل تعويضاً عن الأموال المهدورة في عمليّة الهدم، فإنّ صورة المأمون هنا لا تتّفق مع صورته في المواضع الأخرى التي يبدو فيها حاكماً عاقلاً، وذوّاقاً للأدب والفنّ والجمال والموسيقى، كما يؤكّد بعض رواة اللّيالي، بل تتباين معها تبايناً واضحاً، لأنّ المأمون يبدو في هذه الحكاية رجلاً مستهيناً بالإرث المعرفيّ والعمرانيّ الذي تركته الحضارات السّابقة على الحضارات الإسلاميّة، هذا الإرث الذي يدلّ على عظمة هذه الحضارات، ودورها التّاريخيّ في مسيرة البشريّة و تطوّرها.

ويبدو أنّ لهذه الحكاية خلفيةّ مرجعيّة تاريخيّة سجّلتها المصادر التّاريخيّة. إلاّ أنّ هذه المصادر تذكر أنّ الخليفة العباّسيّ الذي أمر بهدم أحد هذه الأهرامات هو الخليفة هرون الرّشيد، وليس ابنه المأمون. ويروي هذه الحكاية المسعودي قائلاً(63) :
» إنّ الرّشيد لما دخل مصر، فرأى الأهرام أحبّ أن يهدم بعضها ليعلم ما فيه، فقيل له إنّك لا تقدر على ذلك، فقال لا بدّ من فتح شيء منه، ففتحت الثّلمة المفتوحة بنار توقد وخلّ يرشّ ومجانيق يرمى بها وحدّادين يعملون ما فسد منها وأنفق عليها مالاً عظيماً فوجدوا عرض الحائط قريباً من عشرين ذراعاً، فلمّا انتهوا إلى آخر الحائط وجدوا خلف النّقب مَطْهَرَة(64) خضراء فيها ذهب مضروب وزن كل دينار أوقيّة من أواقينا، وكان عددها ألف دينار فعجبوا من ذلك ولم يعرفوا معناه، فأخبروا بذلك الرّشيد، وأتوه بالذّهب والمطهرة فجعل يعجب من ذلك الذّهب، و من جودته وحسنه وحمرته، ثم قال ارفعوا إليّ حساب ما أنفقتموه على هذه الثّلمة ففعل ذلك فوجوده بأزاء ذلك الذّهب الذي أصابوه لا يزيد ولا ينقص. «.

إذا كان النصّ السابق الذي يرويه المسعودي صحيحاً، فإنّه يمكن القول: إنّ راوي الحكاية في ألف ليلة وليلة يجهل بعض الحقائق التّاريخيّة، أو بتعبير آخر تختلط عليه هذه الحقائق، فهو إمّا يجهلها، وإمّا يعمل فيها تحريفاً، وكما يحلو له، إذ يجعل المأمون يهدم الهرم بدلاً من أبيه هرون الرّشيد. ويبدو أنّ هذا التّحريف في بعض الأحيان عائد إلى جهل الرّاوي بالعصور التّاريخيّة والأدبيّة للدّولة الإسلاميّة. فعلى سبيل المثال نجد الرّاوي في حكاية

» عبد الملك بن مروان و القماقم السليمانيّة «، يذكر أن الشّاعر الجاهليّ النّابغة الذّبيانيّ كان حاضراً في مجلس عبد الملك بن مروان، يستمع إلى حكاية القمام السليمانيّة التي يرويها طالب بن سهل للخليفة عبد الملك(65). وهذا خطأ تاريخيّ واضح، لأنّ النابغة الذّبيانيّ توفيّ سنة 604م(66)، أي قبل هجرة النبيّ محمد (ص) إلى المدينة سنة 622م، في حين أنّ الخليفة عبد الملك بن مروان ولد سنة 26هـ/646م(67)، وبُويع له بالخلافة في مدينة دمشق في شهر رمضان سنة 65هـ/685م(68). فكيف يستطيع الشاعر النّابغة أن يكون حاضراً في مجلس الخليفة الأمويّ عبد الملك بن مروان؟ .

انتهى.

ويليه المصادر والمراجع

(1) – ألف ليلة و ليلة، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت، طبعة دون تاريخ،( أربعة أجزاء)،2/61 ،72؛ 3/97.
(2) – م س، 3/86، 115، 119.
(3) – م س، 3/122؛ 4/84،91.
(4) – م س، 3/6، 43، 126، 134؛ 4/12.
(5) – م س،1/59، 275؛ 2/106، 109، 227.
(6) – م س،1/59، 275؛ 2/106، 109، 227.
(7) – ألف ليلة و ليلة، 2/405 -406.
(8) – م س، 2/408.
(9) – م س، 2/408.
(10) – م س، 2/410.
(11) – إنّ صورة المأمون وهو يعفو عن عمّه في الحكاية، تتناصّ إلى حدّ قريب جداً مع الصورة التاريخية التي نقلها الأبشيهي، إلاّ أنّ الأبشيهي يضيف إلى الحكاية ما يلي: " فلمّا سمع المأمون كلامه وشعره ظهرت الدموع في عينيه وقال: يا إبراهيم الندم توبة، وعفو الله تعالى أعظم مما تحاول، وأكثر مما تأمل، ولقد حبّب إليّ العفو حتى خفت أن لا أؤجر عليه، لا تثريب عليك اليوم ثم أمر بفكّ قيوده و إدخاله الحمّام، وإزالة شعثه.".
- الأبشيهي، شهاب الدين محمد بن أحمد،المستطرف في كل فن مستظرف، تحقيق المكتب العالمي للبحوث،دار مكتبة الحياة، بيروت، طبعة 1989م، 1/281.
(12) – ألف ليلة و ليلة، 2/410.
- و غَمِطَ: جحد و لم يشكر. و قَسَطَ: جار و حاد عن الحقّ.
-معلوف، لويس: المنجد في اللغة، منشورات اسماعيليان، طهران/دار المشرق، بيروت،طبعة 1973م، مادة: غمط، ص 560. و مادة: قَسَطَ، ص 628.
(13) - إبراهيم بن المهدي: (ابراهيم بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور، 162-224هـ/779-839م): العبّاسي الهاشمي، الأمير، أخو هرون الرّشيد. وُلد و نشأ في بغداد، وولاه الرّشيد إمرة دمشق، ثم عزله عنها بعد سنتين، ثم أعاده إليها فأقام فيها أربع سنين. ولما انتهت الخلافة إلى المأمون كان إبراهيم قد اتّخذ فرصة اختلاف الأمين والمأمون للدّعوة إلى نفسه، وبايعه كثيرون ببغداد، فطلبه المأمون، فاستتر، فأهدر دمه، فجاء مستسلماً، فسجنه ستة أشهر، ثم طلبه إليه وعاتبه على عمله، فاعتذر، فعفا عنه.
- الزركلي، خير الدين: الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الثانية عشرة، فبراير1997م،1/59 ـ 60.
(14) – الأبشيهي: المستطرف في كل فن مستظرف، 1/276.
(15) – العقد الفريد،ابن عبد ربه، أبو عمر أحمد بن محمد الأندلسي: العقد الفريد، شرح كرم البستاني، دار المسيرة، بيروت، الطبعة الثانية 1981م، 1/43.
(16) – يحي بن أكثم: ( يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن التميمي الأسيدي المروزي، أبو محمد، 159-242هـ/775-857م): قاضٍ، رفيع القدر، عالي الشهرة، من نبلاء الفقهاء. ولد بمرو، واتّصل بالمأمون أيام مقامه بها، فولاه قضاء البصرة (سنة202هـ)ثم قضاء القضاة ببغداد. وأضاف إليه تدبير مملكته، فكان وزراء الدولة لا يقدّمون ولا يؤخّرون في شيء إلاّ بعد عرضه عليه. وكان مع تقدّمه في الفقه وأدب القضاء، حسن العشرة، حلو الحديث.
- الزركلي، خيرالدين: الأعلام، 8/138.


(17) – السَبَد: القليل من الشعر.
- المنجد في اللغة، مادة: سبد، ص318. و تقصد المرأة بالسبد: الإبل.
(18) – أوغر لها ضيعتها: جعلها لها من غير خراج.
- المنجد في اللغة، مادة: وغر، ص 909.
(19) – العقد الفريد، 1/44 -45.
(20) – المسعودي،أبو الحسن علي بن الحسين بن علي: مروج الذهب و معادن الجوهر، تحقيق: عبد الأمير مهنا، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ، الطبعة الأولى 1411هـ/1991م، 4/8 –9 –10.
(21) – ابن طباطبا، محمد بن علي : الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلاميّة، دون محقق، دار صادر، بيروت، دون تاريخ ص216.
(22) – حتي، د.فيليب: الإسلام منهج حياة،تعريب د. عمر فروخ، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الثانية، آذار( مارس) 1983م، ص337-338.
(23) – الحسن بن سهل: ( الحسن بن سهل بن عبد الله السرخسي، أبو محمد، 166-236هـ/782-851م): وزير المأمون العباّسي، وأحد كبار القادة والولاة في عصره. اشتهر بالذكاء المفرط، والأدب والفصاحة، والكرم. وهو والد بوران (زوجة المأمون) التي يطلق عليها رواي الحكاية اسم خديجة . وكان المأمون يحبّه ويبالغ في إكرامه. وتوفي في سرخس (من بلاد خراسان). و هو أخو ذي الرياستين الفضل بن سهل.
- الزركلي، خيرالدين: الأعلام، 2/192.
(24) – ألف ليلة وليلة، 2/419.
(25) – م س، 2/419.
(26) – م س، 2/420.
(27) – مخارق: (مخارق، أبو المهنّأ بن يحي الجزّار، … ـ 231هـ/ … ـ 845م): إمام عصره في فنّ الغناء. ومن أطيب الناس صوتاً. كان الرّشيد العبّاسي يعجب به حتى أقعده مرّة على السرير معه، وأعطاه ثلاثين ألف درهم. واتصل بعد ذلك بالمأمون. وزار معه دمشق. وتوفي بسر من رأى. كان مملوكاً لعاتكة بنت شُهدة بالكوفة، وهي التي علّمته الغناء و الضرب على العود. وباعته، فصار إلى الرّشيد.
- الزركلي، خيرالدين: الأعلام، 7/191.
(28) – الوَهَم: الغلط أو السهو.
- المنجد في اللغة، مادة: وَهَمَ، ص921.
(29) – الأصفهاني، أبو الفرج علي بن الحسين: الأغاني، تحقيق عبد الكريم إبراهيم الغرباوي، الهيئة المصريّة العامة للتأليف والنشر، القاهرة، طبعة 1389هـ /1970م، 18/363.
(30) – لابيار، جان وليام: السلطة السياسيّة، ترجمة الياس حنا الياس، منشورات عويدات، بيروت/باريس، الطبعة الثالثة 1983م، ص153.
(31) – ألف ليلة و ليلة، 2/420.
(32) – شرابي، د.هشام: مقدمة لدراسة المجتمع العربي، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الرابعة 1991م،ص21.
(33) – مكيافللي، نيقولو: الأمير، تعريب خيري حمّاد، دار الآفاق الجديدة، بيروت، الطبعة الثامنة 1977م،ص144.
(43) – ألف ليلة وليلة، 1/195، 196، 235.
(35) – طرابيشي، جورج: شرق و غرب ـ رجولة و أنوثة (دراسة في أزمة الجنس والحضارة في الرواية العربية)، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الثانية، شباط/ فبراير 1982م، ص17.
(36) – الأغاني،تحقيق عبد الكريم إبراهيم الغرباوي ومحمود محمد غنيم، 21/67.
(37) – م س، 21/68.
(38) – لم أجدها في المعاجم، و ربّما لا أصل لها في اللغة العربية، و ربّما هي كلمة بذيئة من الدارجة تستخدم للشتيمة.
(39) – الأغاني، 21/81.
(40) – ألف ليلة و ليلة، 2/416.
(41) – الأصفهاني: الأغاني، 21/67.
(42) – عن/سرحان، جمال: المسامرة و المنادمة عند العرب حتّى القرن الرابع الهجري، دار الوحدة، بيروت، الطبعة الأولى 1981م. ص 102.=
= وأخذ سرحان عن/النويري، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب: نهاية الأرب في فنون الأدب، دار الكتب المصريّة، القاهرة، طبعة 1955م، الجزء السادس، ص 141، والجزء الرابع، ص 149
(43) – الحفني، د. محمود احمد: إسحاق الموصليّ الموسيقار و النديم، الهيئة المصرية العامّة للكتاب، القاهرة، الطبعة الثانية 1985م، ص 64.
(44) – ألف ليلة و ليلة، 3/71.
(45) – ألف ليلة وليلة، 3/72.
(46) – م س، 3/72.
(47) – لمزيد من الاطلاع على مقاييس الجمال المفضّلة عند الرجال الجنسيين و معرفة متى تكون المرأة مهمّة عندهم و متى لا تكون، ينظر: المجلد الثالث، من ص 73 إلى ص 77.
(48) - م س، 3/81.
(49) – م س، 3/81.
(50) – الأصفهاني: الأغاني، 21/75.
(51) – الحفني، د. محمود أحمد: إسحاق الموصليّ الموسيقار و النديم، ص 173.
(52) – ابن طباطبا: الفخري في الآداب السلطانيّة و الدول ال


محمد عبد الرحمن يونس
ملامح شخصية الخليفة العباسيّ عبد الله المأمون في حكايات ألف ليلة وليلة سياسيا واجتماعيا وثقافيا - الحوار المتمدن

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
كتاب الليالي.. الكتاب الذي لا ينتهي...
المشاهدات
1,876
آخر تحديث
أعلى