كان فضل فتى نحيل الجسم عظامه تكاد ترى من تحت جلده , اسمر البشرة ,
يخط لحيته وشاربه شعر خفيف كزغب الريش ,سكنت عائلته حيا فقيرا في عمان
منازله صغيرة , متراصة , وأزقته ضيقة , ترملت والدته بعد هجرة عام 1948
وعمره لا يتجاوز السنوات الست , امتهن من صغره صناعة الأحذية , يتقاضى منها
يوميا بضعة قروش .
عاش حياة صعبة ... حياة الفقر والحرمان , حياة تزيد من حرقته كلما رأى والدته تخيط الملابس لأهالي الحي ليلا ونهارا , لتحصل على قروش تصرفها على أولادها بعملها على ماكينة خياطة يدوية بسيطة . كلما عاد فضل من عمله يحدث والدته عن رغبته بالسفر والهجرة ليخلصها وأخوته من هذا العناء , وهذه الحياة المقرفة البائسة , ترد عليه والدته : هذا نصيبنا يا ولدي ... وكل إنسان يأخذ نصيبه في الحياة ,أنا يا أمي اخجل من نفسي ومن رجولتي حين أراك تعملين لساعات متأخرة من الليل على ضؤ السراج الخافت ... كدت تخسرين عينيك ...
والسناج المنبعث منه يلهب صدرك ويحطم قلبك ... هذه ليست حياة يا أمي ...
والله ليست حياة ... لا يرضى بها سوى الموتى ... ردت عليه والغصة في حلقها :
ماذا تريدني إن افعل يا بني ؟؟ لا ... أنا سأفعل ... سمعت قبل أيام إن وكالة الغوث يسافر بواسطتها من يرغب إلى البرازيل على ( بطاقة المؤن ) وتشطب من يقع عليه الاختيار من قوائم اللاجئين .
أنت تعرف يا ولدي إن بطاقة المؤن نعتاش منها, نحصل بها على الدقيق , والزيت , والحبوب , والسكر و( بقجة الملابس ) في الشتاء وإذا انقطعت البطاقة ستزيد من فقرنا وجوعنا وبؤسنا , أنا يا أمي , بسفري سأخلصكم من هذا الغول ,,, من طوابير الذل والخزي أثناء الاصطفاف لاستلام المؤن .
اقنع فضل والدته التي بدأت تكبر همومها وتتزايد وراء ماكينة الخياطة البدائية , كيف سيتركني فضل ويسافر بعيدا ؟؟؟ من سيزودني بالأخبار عنه ؟؟ أذعنت لطلبه وعيناها تنزف دمعا حارا , قالت له بصوت مبحوح ... : كما تريد يا ولدي ...
لكني أخشى أن لا نلتقي بعدها , أحسها قلبها أنها ستخسر ابنها.... وفضل يعتصر ألما لدموع والدته , سأقدم الطلب وبطاقة المؤن غدا , قابل الموظف المسؤول وسلمه البطاقة , جاءته الموافقة للهجرة بعد ثلاثة أسابيع إلى البرازيل, وابلغ بموعد رحلة السفينة من ميناء بيروت باتجاه المجهول ...
جهز حقيبته الصغيرة ليلة السفر , بملابس عتيقة , حذاء من صنع يديه , جرابات مثقوبة ,ملابس داخلية مهترئة, صورة لامه وإخوته الصغار , في الصباح وقف على الباب لوداع أمه وإخوته, الدموع بللت قميصه الباهتة ألوانه , ينظر في كل واحد منهم نظرة فراق وألم , وإحساس بعدم التلاقي بهم بعد يومه هذا , نهضت والدته لتقبيله ووداعه , احتضنته وهي تجهش بالبكاء خوفا عليه من الغربة والمجهول ... شوف يا ولدي أريدك أن تكون شاطر وتدبر أمرك ... ولا تنسانا... الغربة تأكل صاحبها يا " فضل"
لكنه بقي صامتا , شارد الذهن , نظراته شاخصة ملتصقة بعتبة الباب , لا يريد أن يفارق أحدا منهم , يصك على أسنانه كأنه يجتر الهم وعذاب الفراق وهي لا تزال تحضنه بلهفة المودع ,يشهق بالبكاء ... بكاء الوداع الأخير ... كلماته الأخيرة لها :
دعاءك لي بالتوفيق ...,. أنت مسافر لبلاد الغربة يا بني , وقلبي يرافقك أينما حللت.
خرج فضل كمن يساق إلى الموت قاصدا بيروت ليركب البحر لعالم لا يعرفه ..
أبحرت السفينة , صعد ظهرها , قبض سياجها الحديدي بيديه النحيلتين , سارح الذهن يبكي حينا , يتلهى برؤية أمواج البحر حينا أخر , لكن تعصف في رأسه أمواج
لبحر أخر, وأعاصير اكبر من التي يراها ... واجم لا يتحرك من مكانه ... يفكر بأيامه المقبلة , ماذا سيعمل ؟ عند من سيلجأ ؟؟ البحر أمامه واسع , لكن أحلامه ضيقة , لا خطة لديه عند الوصول إلى ساو باولو .
السفينة تمخر عباب البحر ليلا ونهارا , والمهاجرون معه يتصفحون وجوه بعضهم البعض كما فعل بحارة ( كولمبوس) وهم يتجهون إلى بلاد العالم الجديد , لكن البكاء والحنين لازم والدته, تخفي بكائها عن أطفالها بتسريع عجلة ماكينة الخياطة .
وصلت السفينة ميناء سانتوس القريب من ساو باولو , تمنى لو أن الرحلة استمرت لسنوات . حمل فضل حقيبته ونزل السلم إلى البر بتردد وخوف , هائما على وجهه... تائها ... حائرا ... عرف أن فصلا جديدا من حياته بدأ ألان في بلاد الغربة .
ابتعد عن الميناء بخطوات مرتجفة , جلس على مقعد خشبي , وضع حقيبته بين قدميه ويده على خده , هداه تفكيره أن يلجأ إلى مقهى عسى أن يجد عربيا يكلمه , ربما يرشده , لجأ لأقرب مقهى , مقهى صغير , زبائنه من الصيادين والمهربين , واللصوص ,وتجار العملات , سأله نادل المقهى ... ماذا تشرب ؟؟ بيرة , ويسكي ,
فدكا ,مشروب ساخن , مشروب بارد . لم يفهم عليه أية كلمة ,فضللا يعرف
البرتغالية , ولا الاسبانية , أو الانجليزية , أخذه إلى الكاونتر ليشير بإصبعه لمشروبه المفضل , رجع إلى طاولته وجد شابان يجلسان عليها , تبدو عليهما الشراسة والعدوانية , ويشيران إليه بلغة لا يفهمها , ولج الخوف إلى قلبه فترك المقهى من غير أن يشرب شيئا , ركب سيارة أجرة إلى ساو باولو , صاع في شوارعها , , ينظر إلى اللافتات , بهرته المباني والعمارات والمحلات التجارية... انه في عالم جديد لم يشهد مثله من قبل ... اقتربت الشمس من المغيب , عضه الجوع , وتلوت أمعائه في أحشائه , حل الظلام , وخلت الشوارع من المارة , لم يبق في الشوارع سوى الخارجين من الحانات , والأندية الليلة , وتجار الهوى , توسد حقيبته على ناصية الشارع وغط في نوم عميق ..
أيقظه في الصباح عامل النظافة حتى لا يكنسه مع نفايات وقمامة الشارع , أفاق من نومه مخبولا , تطحن الأفكار رأسه ... يا الهي ماذا عملت بنفسي ؟؟
كنت فقيرا ... تعيسا في بلدي لكني هنا , أكثر فقرا وتعاسة , نهض متثاقلا , حمل حقيبته , استرق السمع لصوت يقترب منه , يتحدث بلهجة عربية مع شخص آخر, ظل يتابع مصدر الصوت حتى اقترب منه رجلان يتحدثان بلهجة يفهمها , اقترب منهما , عرف على نفسه , انه وصل هذه البلاد منذ أيام قليلة , حالته تعيسة
ترك عائلته وإخوته الصغار , ولا يملك نقودا , يستطيع تقديم أية خدما ت , في البيت في المزرعة , في المشغل , في البقالة , جائع لم يأكل من أيام عديدة ... استعطفه احدهما وأشفق لحاله , ما مهنتك الأصلية ؟ أجابه : صانع أحذية , حسنا , انك تناسبني وستعمل معي في مشغل لتصليح الأحذية املكه ., اصطحبه إلى المشغل , وعرفه على طبيعة العمل ,وبدأ يومه في بلاد العالم الجديد . مرت الأيام...والأسابيع ... والشهور ... والسنوات .... ووالدته تنتظر منه خبرا.... إن كان حيا أو ميتا ,؟
تترصد أخبار العائدين من البرازيل إلى عمان , تذهب لبيوتهم عسى أن يعرفه أحدا منهم ؟, ألا تعرفون شخصا في ساو باولو اسمه فضل؟ تبحث عنه كمن يبحث عن إبرة في كومة قش , تحدث نفسها : ضاع فضل ضاع ابني ... مات ابني وهوحي
تقدم بها العمر , وغيابفضليحرق قلبها , أعياها السؤال عنه , تسمع صوته في قلبها ووجدانها وروحها ... لا تكف عن الدعاء له ... تقدم بها العمر , توقفت عجلة ماكينة الخياطة عن الدوران , رحل إخوته عن الحياة الدنيا الذين وعدهم أن يخرجهم من الدار البالية ... لكنهم خرجوا إلى القبر وبقيت الدار على حالها
ولحقت بهم والدته من قهر الزمان والانتظار الطويل , وعد الأيام والليالي , صدئت ماكينة الخياطة , وتعطلت وتوقفت عجلتها عن الدوران, لكن حتى اللحظة , لا خبر عنفضل, احترقفضل بنار ساو باولو وغربتها , وغابت صورته من ذاكرة من عرفوه ....؟؟؟
زهدي الزمر
اغسطس / آب 2009
يخط لحيته وشاربه شعر خفيف كزغب الريش ,سكنت عائلته حيا فقيرا في عمان
منازله صغيرة , متراصة , وأزقته ضيقة , ترملت والدته بعد هجرة عام 1948
وعمره لا يتجاوز السنوات الست , امتهن من صغره صناعة الأحذية , يتقاضى منها
يوميا بضعة قروش .
عاش حياة صعبة ... حياة الفقر والحرمان , حياة تزيد من حرقته كلما رأى والدته تخيط الملابس لأهالي الحي ليلا ونهارا , لتحصل على قروش تصرفها على أولادها بعملها على ماكينة خياطة يدوية بسيطة . كلما عاد فضل من عمله يحدث والدته عن رغبته بالسفر والهجرة ليخلصها وأخوته من هذا العناء , وهذه الحياة المقرفة البائسة , ترد عليه والدته : هذا نصيبنا يا ولدي ... وكل إنسان يأخذ نصيبه في الحياة ,أنا يا أمي اخجل من نفسي ومن رجولتي حين أراك تعملين لساعات متأخرة من الليل على ضؤ السراج الخافت ... كدت تخسرين عينيك ...
والسناج المنبعث منه يلهب صدرك ويحطم قلبك ... هذه ليست حياة يا أمي ...
والله ليست حياة ... لا يرضى بها سوى الموتى ... ردت عليه والغصة في حلقها :
ماذا تريدني إن افعل يا بني ؟؟ لا ... أنا سأفعل ... سمعت قبل أيام إن وكالة الغوث يسافر بواسطتها من يرغب إلى البرازيل على ( بطاقة المؤن ) وتشطب من يقع عليه الاختيار من قوائم اللاجئين .
أنت تعرف يا ولدي إن بطاقة المؤن نعتاش منها, نحصل بها على الدقيق , والزيت , والحبوب , والسكر و( بقجة الملابس ) في الشتاء وإذا انقطعت البطاقة ستزيد من فقرنا وجوعنا وبؤسنا , أنا يا أمي , بسفري سأخلصكم من هذا الغول ,,, من طوابير الذل والخزي أثناء الاصطفاف لاستلام المؤن .
اقنع فضل والدته التي بدأت تكبر همومها وتتزايد وراء ماكينة الخياطة البدائية , كيف سيتركني فضل ويسافر بعيدا ؟؟؟ من سيزودني بالأخبار عنه ؟؟ أذعنت لطلبه وعيناها تنزف دمعا حارا , قالت له بصوت مبحوح ... : كما تريد يا ولدي ...
لكني أخشى أن لا نلتقي بعدها , أحسها قلبها أنها ستخسر ابنها.... وفضل يعتصر ألما لدموع والدته , سأقدم الطلب وبطاقة المؤن غدا , قابل الموظف المسؤول وسلمه البطاقة , جاءته الموافقة للهجرة بعد ثلاثة أسابيع إلى البرازيل, وابلغ بموعد رحلة السفينة من ميناء بيروت باتجاه المجهول ...
جهز حقيبته الصغيرة ليلة السفر , بملابس عتيقة , حذاء من صنع يديه , جرابات مثقوبة ,ملابس داخلية مهترئة, صورة لامه وإخوته الصغار , في الصباح وقف على الباب لوداع أمه وإخوته, الدموع بللت قميصه الباهتة ألوانه , ينظر في كل واحد منهم نظرة فراق وألم , وإحساس بعدم التلاقي بهم بعد يومه هذا , نهضت والدته لتقبيله ووداعه , احتضنته وهي تجهش بالبكاء خوفا عليه من الغربة والمجهول ... شوف يا ولدي أريدك أن تكون شاطر وتدبر أمرك ... ولا تنسانا... الغربة تأكل صاحبها يا " فضل"
لكنه بقي صامتا , شارد الذهن , نظراته شاخصة ملتصقة بعتبة الباب , لا يريد أن يفارق أحدا منهم , يصك على أسنانه كأنه يجتر الهم وعذاب الفراق وهي لا تزال تحضنه بلهفة المودع ,يشهق بالبكاء ... بكاء الوداع الأخير ... كلماته الأخيرة لها :
دعاءك لي بالتوفيق ...,. أنت مسافر لبلاد الغربة يا بني , وقلبي يرافقك أينما حللت.
خرج فضل كمن يساق إلى الموت قاصدا بيروت ليركب البحر لعالم لا يعرفه ..
أبحرت السفينة , صعد ظهرها , قبض سياجها الحديدي بيديه النحيلتين , سارح الذهن يبكي حينا , يتلهى برؤية أمواج البحر حينا أخر , لكن تعصف في رأسه أمواج
لبحر أخر, وأعاصير اكبر من التي يراها ... واجم لا يتحرك من مكانه ... يفكر بأيامه المقبلة , ماذا سيعمل ؟ عند من سيلجأ ؟؟ البحر أمامه واسع , لكن أحلامه ضيقة , لا خطة لديه عند الوصول إلى ساو باولو .
السفينة تمخر عباب البحر ليلا ونهارا , والمهاجرون معه يتصفحون وجوه بعضهم البعض كما فعل بحارة ( كولمبوس) وهم يتجهون إلى بلاد العالم الجديد , لكن البكاء والحنين لازم والدته, تخفي بكائها عن أطفالها بتسريع عجلة ماكينة الخياطة .
وصلت السفينة ميناء سانتوس القريب من ساو باولو , تمنى لو أن الرحلة استمرت لسنوات . حمل فضل حقيبته ونزل السلم إلى البر بتردد وخوف , هائما على وجهه... تائها ... حائرا ... عرف أن فصلا جديدا من حياته بدأ ألان في بلاد الغربة .
ابتعد عن الميناء بخطوات مرتجفة , جلس على مقعد خشبي , وضع حقيبته بين قدميه ويده على خده , هداه تفكيره أن يلجأ إلى مقهى عسى أن يجد عربيا يكلمه , ربما يرشده , لجأ لأقرب مقهى , مقهى صغير , زبائنه من الصيادين والمهربين , واللصوص ,وتجار العملات , سأله نادل المقهى ... ماذا تشرب ؟؟ بيرة , ويسكي ,
فدكا ,مشروب ساخن , مشروب بارد . لم يفهم عليه أية كلمة ,فضللا يعرف
البرتغالية , ولا الاسبانية , أو الانجليزية , أخذه إلى الكاونتر ليشير بإصبعه لمشروبه المفضل , رجع إلى طاولته وجد شابان يجلسان عليها , تبدو عليهما الشراسة والعدوانية , ويشيران إليه بلغة لا يفهمها , ولج الخوف إلى قلبه فترك المقهى من غير أن يشرب شيئا , ركب سيارة أجرة إلى ساو باولو , صاع في شوارعها , , ينظر إلى اللافتات , بهرته المباني والعمارات والمحلات التجارية... انه في عالم جديد لم يشهد مثله من قبل ... اقتربت الشمس من المغيب , عضه الجوع , وتلوت أمعائه في أحشائه , حل الظلام , وخلت الشوارع من المارة , لم يبق في الشوارع سوى الخارجين من الحانات , والأندية الليلة , وتجار الهوى , توسد حقيبته على ناصية الشارع وغط في نوم عميق ..
أيقظه في الصباح عامل النظافة حتى لا يكنسه مع نفايات وقمامة الشارع , أفاق من نومه مخبولا , تطحن الأفكار رأسه ... يا الهي ماذا عملت بنفسي ؟؟
كنت فقيرا ... تعيسا في بلدي لكني هنا , أكثر فقرا وتعاسة , نهض متثاقلا , حمل حقيبته , استرق السمع لصوت يقترب منه , يتحدث بلهجة عربية مع شخص آخر, ظل يتابع مصدر الصوت حتى اقترب منه رجلان يتحدثان بلهجة يفهمها , اقترب منهما , عرف على نفسه , انه وصل هذه البلاد منذ أيام قليلة , حالته تعيسة
ترك عائلته وإخوته الصغار , ولا يملك نقودا , يستطيع تقديم أية خدما ت , في البيت في المزرعة , في المشغل , في البقالة , جائع لم يأكل من أيام عديدة ... استعطفه احدهما وأشفق لحاله , ما مهنتك الأصلية ؟ أجابه : صانع أحذية , حسنا , انك تناسبني وستعمل معي في مشغل لتصليح الأحذية املكه ., اصطحبه إلى المشغل , وعرفه على طبيعة العمل ,وبدأ يومه في بلاد العالم الجديد . مرت الأيام...والأسابيع ... والشهور ... والسنوات .... ووالدته تنتظر منه خبرا.... إن كان حيا أو ميتا ,؟
تترصد أخبار العائدين من البرازيل إلى عمان , تذهب لبيوتهم عسى أن يعرفه أحدا منهم ؟, ألا تعرفون شخصا في ساو باولو اسمه فضل؟ تبحث عنه كمن يبحث عن إبرة في كومة قش , تحدث نفسها : ضاع فضل ضاع ابني ... مات ابني وهوحي
تقدم بها العمر , وغيابفضليحرق قلبها , أعياها السؤال عنه , تسمع صوته في قلبها ووجدانها وروحها ... لا تكف عن الدعاء له ... تقدم بها العمر , توقفت عجلة ماكينة الخياطة عن الدوران , رحل إخوته عن الحياة الدنيا الذين وعدهم أن يخرجهم من الدار البالية ... لكنهم خرجوا إلى القبر وبقيت الدار على حالها
ولحقت بهم والدته من قهر الزمان والانتظار الطويل , وعد الأيام والليالي , صدئت ماكينة الخياطة , وتعطلت وتوقفت عجلتها عن الدوران, لكن حتى اللحظة , لا خبر عنفضل, احترقفضل بنار ساو باولو وغربتها , وغابت صورته من ذاكرة من عرفوه ....؟؟؟
زهدي الزمر
اغسطس / آب 2009