انطلقت بهما السيارة .. كانا يتبادلان الهمسات الحالمة بحب وانسجام .. عندما فاجأتهما شاحنة بالاتجاه المقابل من الطريق .. لم تعرف هل تضمه أم تطير به .. وفجأة .. قفزا من السيارة التي ابتلعتها الشاحنة وحولتها إلى كتلة غير متناسقة من الحديد .. تدحرجا على جانب الطريق .. تأملته بعد أن استفاقا والدماء تكسو وجهها .. قالت بنبرة متثاقلة كمن يهمس من خلف حجب الموت : الحمد لله انك بخير
كفت عن الكلام من شدة الألم .. بل ربما همست دون أن تشعر : أفديك بحياتي حبيبي ضمني إليك لاشعر بحبك . تحرك متثاقلاً يجاهد جروحه .. ضمها بكل ما بقي في جسده من قوة . . همست قرب أذنه : أرجوك ابق معي .
شعرت بثقل ذراعيه تلفها بحنان .. هزها يهمس : أمل .. أمل .. أجيبيني . هل فقدت الوعي ؟ أو فقده هو ؟ لم يجد اجابة عن سؤاله إلا بعد أن استيقظ ليجد نفسه في الطواريء حيث أجريت له الإسعافات الأولية .. لم يكف عن ترديد اسمها .. يتساءل كلما انتبه لمن حوله : أمل .. ماذا حدث لأمل أهي بخير ؟
والأطباء يهدئون من روعه : سنضطر لتجبيس ساقك فقد كسرت . لكنه كان مشغولاً بشيء آخر .. صرخ : دعكم مني أنقذوا أمل .. أريد ان أراها . هم بالقيام يزيح أيادي الأطباء والمسعفين : أنا بخير .. أريد رؤية أمل .. عبثا حاول الأطباء إيقافه لكنه عاود الصراخ : دعوني سأذهب إليها أين هي ؟ أشار الطبيب للممرض لكي يقله حيث أمل
أجلسه الممرض على الكرسي المتحرك واتجه به الى سريرها .. هب من الكرسي مسرعا إليها .. كانت الكدمات تغطي وجهها بينما ترقد دون حركة . الأطباء يلتفون حولها .. اقترب يحاول لمسها : أمل حبيبتي .. ثم يسأل الأطباء : ألا زالت على قيد الحياة ؟ أجابه الطبيب : نرجو ذلك .. هل أنت زوجها ؟ هز رأسه بالإيجاب .. قالوا : يجب إجراء عملية لها لإجهاض الجنين
وسرعان ما حملها الممرضون على محفة بعجل وقادوها نحو غرفة العمليات .. بينما تابعهم هو على الكرسي المتحرك يصرخ : ماذا تقولون ؟ هل ستجهضون زوجتي ؟ أجابه أحدهم : لابد من عملية إجهاض للجنين فقد حدث نزيف وتوفي بلحظتها .
اتصل بأهله ليحضروا .. قطع الممر عشرات المرات بين ذهاب وإياب يردد : يارب رحمتك ارجوا فدتني بحياتها ضحت بنفسها لتنقذني . وصل أهله .. سألوه : ماذا جرى وكيف تطورت الأمور . أجابهم بانشغال : أنا بخير ادعوا لأمل . تداركوا بهذه اللحظة انهم أمام غرفة العمليات .. وضع وجهه بين يديه بأسى وحزن .. وصوته يتردد في داخله " ضحت بنفسها لتنقذني زهدت بعمرها لاجلي
خرج الطبيب من غرفة العمليات .. نظر إليهم بحزن وهو يقول : عوضكم على الله .. سأله بلهفة وخوف : أماتت أمل ؟ قال الطبيب مطمئناً إياه : فقدنا الطفل لكن الام بحاجة لدعائكم . أجابه على الفور وقد رسمت على وجهه علامات الفرح والامتعاض : لا يهمني الطفل بل هي ما يهمني . لكن الطبيب واصل حديثه : بصراحة وضعها غير مطمئن . ثم اقترب منه وهمس باسماً في أذنه : يبدو أنها تحبك بجنون لكي تنقذك وتضحي بنفسها هكذا .. لقد أصيبت بإصابات بليغة .. لا تتركها أبدا .. ابق بجانبها وادعوا لها بالرحمة والشفاء
تركهم الطبيب واتجه لغرفة الأطباء .. وما هي إلا لحظات وقد خرجت من غرفة العمليات متجهة لغرفة العناية المركزة في حالة يرثى لها . أخفى وجهه باكياً بين كفيه يدعو ربه ان يشفيها . طلب من الطبيب المقيم ان يسمح له بالاقتراب منها .. لكنه رفض : لا نستطيع فهي في غيبوبة ولن يفيدك بشيء .. لكنه توسل : فقط دقائق . وسمح له الطبيب المشفق عليه بمضض بعد ان رأى دموعه .. حين اقترب منها امسك بكفها وهم بتقبيلها والبكاء .. شعر بدفء يديها بين يديه .. فهدأ قلبه قليلاً.
فاطمة عزت محمد البرماوي
كفت عن الكلام من شدة الألم .. بل ربما همست دون أن تشعر : أفديك بحياتي حبيبي ضمني إليك لاشعر بحبك . تحرك متثاقلاً يجاهد جروحه .. ضمها بكل ما بقي في جسده من قوة . . همست قرب أذنه : أرجوك ابق معي .
شعرت بثقل ذراعيه تلفها بحنان .. هزها يهمس : أمل .. أمل .. أجيبيني . هل فقدت الوعي ؟ أو فقده هو ؟ لم يجد اجابة عن سؤاله إلا بعد أن استيقظ ليجد نفسه في الطواريء حيث أجريت له الإسعافات الأولية .. لم يكف عن ترديد اسمها .. يتساءل كلما انتبه لمن حوله : أمل .. ماذا حدث لأمل أهي بخير ؟
والأطباء يهدئون من روعه : سنضطر لتجبيس ساقك فقد كسرت . لكنه كان مشغولاً بشيء آخر .. صرخ : دعكم مني أنقذوا أمل .. أريد ان أراها . هم بالقيام يزيح أيادي الأطباء والمسعفين : أنا بخير .. أريد رؤية أمل .. عبثا حاول الأطباء إيقافه لكنه عاود الصراخ : دعوني سأذهب إليها أين هي ؟ أشار الطبيب للممرض لكي يقله حيث أمل
أجلسه الممرض على الكرسي المتحرك واتجه به الى سريرها .. هب من الكرسي مسرعا إليها .. كانت الكدمات تغطي وجهها بينما ترقد دون حركة . الأطباء يلتفون حولها .. اقترب يحاول لمسها : أمل حبيبتي .. ثم يسأل الأطباء : ألا زالت على قيد الحياة ؟ أجابه الطبيب : نرجو ذلك .. هل أنت زوجها ؟ هز رأسه بالإيجاب .. قالوا : يجب إجراء عملية لها لإجهاض الجنين
وسرعان ما حملها الممرضون على محفة بعجل وقادوها نحو غرفة العمليات .. بينما تابعهم هو على الكرسي المتحرك يصرخ : ماذا تقولون ؟ هل ستجهضون زوجتي ؟ أجابه أحدهم : لابد من عملية إجهاض للجنين فقد حدث نزيف وتوفي بلحظتها .
اتصل بأهله ليحضروا .. قطع الممر عشرات المرات بين ذهاب وإياب يردد : يارب رحمتك ارجوا فدتني بحياتها ضحت بنفسها لتنقذني . وصل أهله .. سألوه : ماذا جرى وكيف تطورت الأمور . أجابهم بانشغال : أنا بخير ادعوا لأمل . تداركوا بهذه اللحظة انهم أمام غرفة العمليات .. وضع وجهه بين يديه بأسى وحزن .. وصوته يتردد في داخله " ضحت بنفسها لتنقذني زهدت بعمرها لاجلي
خرج الطبيب من غرفة العمليات .. نظر إليهم بحزن وهو يقول : عوضكم على الله .. سأله بلهفة وخوف : أماتت أمل ؟ قال الطبيب مطمئناً إياه : فقدنا الطفل لكن الام بحاجة لدعائكم . أجابه على الفور وقد رسمت على وجهه علامات الفرح والامتعاض : لا يهمني الطفل بل هي ما يهمني . لكن الطبيب واصل حديثه : بصراحة وضعها غير مطمئن . ثم اقترب منه وهمس باسماً في أذنه : يبدو أنها تحبك بجنون لكي تنقذك وتضحي بنفسها هكذا .. لقد أصيبت بإصابات بليغة .. لا تتركها أبدا .. ابق بجانبها وادعوا لها بالرحمة والشفاء
تركهم الطبيب واتجه لغرفة الأطباء .. وما هي إلا لحظات وقد خرجت من غرفة العمليات متجهة لغرفة العناية المركزة في حالة يرثى لها . أخفى وجهه باكياً بين كفيه يدعو ربه ان يشفيها . طلب من الطبيب المقيم ان يسمح له بالاقتراب منها .. لكنه رفض : لا نستطيع فهي في غيبوبة ولن يفيدك بشيء .. لكنه توسل : فقط دقائق . وسمح له الطبيب المشفق عليه بمضض بعد ان رأى دموعه .. حين اقترب منها امسك بكفها وهم بتقبيلها والبكاء .. شعر بدفء يديها بين يديه .. فهدأ قلبه قليلاً.
فاطمة عزت محمد البرماوي