كليلة و دمنة نقوس المهدي - حكايات كليلة ودُمنة

على سبيل التقديم :

تعتبر الحكايات الخرافية “ كليلة ودُمنة “ وهما اثنان من حيوان ابن آوى، ارثا حضاريا وثقافيا مُشتركاً بين الشعوب العربية والفارسية والهندية تستند مادتها السردية على تعاليم الاخلاق والوعظ والنصيحة والوفاء وثنائية الخير والشر، الذي يجسد نموذج الصراع بين ثنائية السلطة والفكر، وتعتبر فيه تيمة الامثال والحكم والعبر والمغامرات على السنة الحيوانات البرية والطيور والقوارض وحدة أساسية من الوحدات السردية البارزة في الأبواب الخمسة عشر للحكايات، والتي يصنفها تودوروف ضمن [الادب الاسنادي] الذي يستانفه السارد بـ "زعموا أن "، وتتناسل بعده الحكايات متوالدة بعضا عن بعض .

كانت حكايات كليلة ودمنة قبل نقلها خلال الحقبة العباسية على يد عبد الله بن المقفَّع من الفهلوية إلى اللغة العربية . تدعى (بنج تنترا) اي " الفصول او الابواب الخمسة "، صنَّفها في أواخر القرن الرابع الميلاديّ باللغة السنسكريتيّة البراهما (وشنو)، ورواها الفيلسوف بيدبا عن ملك هندي يدعى دبشليم طلب منه أن يؤلف له كتابا في الحكمة بأسلوب ادبي مشوق، ونقلها (بَرْزَوَيْه) طبيب كسرى انوشروان إلي اللغة الفهلويّة وهي اللغة الفارسية القديمة

وبالرغم من كونها منقولة الى اللغة العربية في حقبة زمنية نشطت فيها الترجمة والفنون والاداب السلطانية التي كانت موجهة اساسا لتربية الامراء وتقويم سلوكهم، للاستعانة بها في تدبير شؤون الرعيّته، فقد استطاعت بفضل عبد الله ابن المقفع الذي البسها حلة عربية ان تتبوا مركزا بارزا بين كتب التراث العربي، ويقول بن المُقفع “ ثُمَ أن العاقل إذا فهمَ هذا الكتاب وبلغَ نهاية علمه فيه، ينبغي لهُ أن يعمل بما علمَ منهُ ينتفعُ بهِ ويجعلهُ مثالاً لا يحيد عنهُ “

ويفصل ابن القفع هدفه من هذه الترجمة ايضا في فصل تحت عنوان (غرض الكتاب) بأنه قصد به استمالة قلوب الملوك وأهل الهزل من الشبان، ليكثر انتساخه، ولا يبطل على مرور الأيام. ويدعو طالب الحكمة إلى إدامة النظر فيه، والتماس جواهر معانيه (ولا يظن أن مغزاه هو الإخبار عن حيلة بهيمتين، أو محاورة سبع لثور، فينصرف بذلك عن الغرض المقصود).

وتوجد بالمقابل العديد من النصوص التي استلهمت او تاثرت بالمادة الحكائية في كتاب كليلة ودمنة، كترجمة عبد الله بن الأهواني، ومنظومة أبان بن عبد المجيد بن لاحق، الذي نظم كليلة ودمنة في 14 ألف بيت، وصلتنا قطعة منها في كتاب الأوراق للصولي، وحاكاه في ذلك شعراء آخرون، منهم: علي بن داوود وبشر بن المعتمر، وأبو المكارم أسعد بن خاطر. وقام بترجمتها إلى العبرية عليزار بن يعقوب (ت1232م) وهي غير ترجمة الحاخام يوئيل. وفي (بيروت 1964) أعاد إلياس خليل زاخر نشرة الكتاب معتمداً عدة نسخ هي: (نسخة أياصوفيا ونسخة مكتبة دير البشير بسوق الغرب، وقد كتبت عام 739هـ ومخطوطة نوري الكيلاني (حماة)المكتوبة عام 1200هـ ونسخة خليل اليازجي المعروفة بنسخة مكتبة صادر ببيروت، ونسخة المكتبة الأهلية ببيروت، المنقولة عن نسخة الشيخ جمال الدين القاسمي، وقد كتبت عام 1086هـ.). انظر مجلة العرب (س34 ص20). نضيف الى هذه النقولات " خرافات جون دو لافانتين " و" الأمير" لنيكولو ميكيافيل. وكتبت حولها الكثير من الدراسات النقدية والتحليلية اهمها دراسات الناقد المغربي عبد الفتاج كيليطو والتونسي توفيق بكار ..

ولأهمية هذا الكتاب المهم و الماتع سنحاول تقصي كل ما كتب حوله من دراسات راجيا ان ترضي فضول المهتمين والدارسين والباحثين


9.jpg

نقوس المهدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى