أخذ صاحبي اللبق الذي عرفت فيه ظرفه وخفة روحه يمهد للحديث كعادته، ويستعد لرواية قصصه المثيرة ووقائعه المسلية. إلا أنه لم يكن هذه المرة يبدو مرحا كما تعودته، ولم يكن يستخفه الحديث فيسرف في القول أو يرسل النكت تباعا، ساخرا من الناس ومن الزمن، وحتى من نفسه أحيانا، لا يدخرها إن استدعت الظروف أن تأخذ نصيبها في مجرى قوله.
لقد خالف هذه المرة ما ألفته منه إذ أخذ يستعيد ذكرياته وهو ساهم حزين عن هذا العامل الذي لم ير له مثيلا بين أقرانه، على كثرة ما تعاقب على معمله من الوافدين، وما توارد عليه من مختلف الوجوه والأجناس ومن متباين الأعمار.
قال صاحبي: تقدم إلي يطلب عملا، وبدا عليه أنه غريب وصل البلد حديثا. وكان سمته يشير إلى أنه من منبت كريم، كان لي معمل خياطة، ولم يكن له إلمام بهذه الصناعة إلا من بعيد. وقد دفعني حافز خفي للأخذ بيده، ومساعدته على إيجاد عمل شريف يعيش منه.
وبدأ العمل، وكان يلمع ذكاء، فلم تمض عليه مدة حتى أخذ بأطراف المهنة وأصبح في صفوف المبرزين من عمالي. وكان يعمل بدون حساب الزمن، إذا جلس أمام آلة الخياطة لا يحيد عنها إلا حينما تنهار قواه وتعجز أعصابه عن مواصلة الاحتمال. وتضايق العمال من نشاطه المثالي المتجاوز الحدود الذي كان يحرجهم ويظهرهم بمظهر الكسالى المقصرين. وتضايق هو الآخر، وطلب أن يوضع في مكان على انفراد، مهما كانت حقارة المكان، مطبخا أو مغسلا أو مستودعا للسيارة والبضائع، إنما يشترط فقط أن يكون في خلوة مع نفسه، وظننت أن مرد ذلك إلى عدم انسجامه مع زملائه العمال، فساعدته وأعددت له مكانا منفردا أخذ يقضي فيه اليوم بكامله، منكبا عل آلته كامل النهار وشطرا من الليل، يواصل العمل في إجهاد، وهو لائذ بالصمت لا يفوه بكلمة، ولا يتحدث حتى مع نفسه. وعجبت لحاله أو بالأحرى رثيت له وأخذ الشك يساورني في أنه منطو على مأساة مريرة ينفطر لها قلبه الفتي، وبدأت أتساءل «هل هي مأساة غرام» ومن تكون هذه التي استبدت بلبه وملكت عليه مشاعره حتى أصبح كالظبي النافر، لا يكاد يرى الناس حتى يفر منهم ويعتصم بغاره الذي يجد فيه متنفسا وملاذا. يا حبذا لو استطعت التعرف على دخيلة نفسه فأمد له يد المساعدة وأحقق له بعض مناه، إن كان ذلك مما يستطاع تحقيقه.
لم أجرؤ على مفاتحته لاكتشاف سره الذي كان به ضنينا، وبدأت أتطلع لعلي أنفذ إلى أغوار نفسه المعذبة، ولكنه لا يزداد إلا لياذا بالصمت وبعدا عن الناس. وكنت ألاحظ احمرار مستمرا في عينيه، فما أدري أهو من أثر بكاء ينفس به عن كربه في ساعات خلوته، أم هو من أثر الإجهاد في العمل، والتعب المتواصل؟ ولم يعد يساورني شك في أن قلبه أطاحت به ظبية نفرت عنه، ولم يهتد إلى مكانها، ولم يجد للحاق بها سبيلا، فاستسلم للحزن والخلوة والبكاء، وتسلح بالعمل، لعله يجد فيه متنفسا لهمومه، وشاغلا عن مأساته.
ومر ما يزيد عن السنة، منذ التحاقه بالعمل، ولم أتقدم خطوة واحدة في محاولاتي لكشف كربه. وكنت أشفق عليه، وأتعذب من بعيد لحالته التي أخذت تنذر بخطر شديد، إذ كان جسمه النحيل قد أخذ يذبل رويدا رويدا. وأضحى هيكله النحيف أشبه ما يكون بأشباح الموتى تمشي على وجه الأرض.
وزاد من غموض حالته أنه كان يقسو على نفسه ويأخذها بالشدة المتناهية، وجاء رمضان، فكان يتناول في السحور ما يسد الرمق، وهو الوجبة الوحيدة التي يتناولها طيلة الأربع والعشرين ساعة خلال كامل شهر رمضان. وزادت حالته سوءا وزاد خوفي عليه شدة. وعزمت على أن أفاتحه في ذلك وأحاول التعرف على مكنونه، مهما يكن الأمر، حتى أنقذه من الهاوية التي ينحدر إليها. وبدأت أحس بنصيبي من المسؤولية يتعاظم، كلما زاد جسمه ضعفا وإشرافا على مصيره المحتوم.
ودخلت عليه ذات يوم، ويا ما أغرب ما فوجئت به، ويا لهول الصورة التي شاهدته عليها. لقد وضع محياه بين يديه، واستسلم إلى بكاء عنيف كبكاء الأطفال، لم أستطع أن أخلصه منه، وأرده إلى رشده إلا بعد لأي وجهد. ولطفت من حدة ما به. وطلبت منه أن يطلعني على سره لعلي أقدم له بعض المساعدة، فانفجر مرة ثانية وعاد إلى البكاء بأشد مما كان عليه، وحاولت تهدئته، ووصلت بعد جهد إلى ما أردت. وانقشعت عن سحنته تلك الغمامة الكثيفة من الحزن التي لازمته طوال إقامته معي. وسألته في حنان وعطف أن يقص علي مأساته، فسري عنه، ولمع من عينيه بريق وكأنما اكتشفني لأول مرة صديقا يصلح لأن يودعه سره، ويفضي إليه بذات نفسه، وينفس بالإفضاء إليه عن هذا الكابوس الجاثم على صدره والذي أقلق راحته وملك عليه حواسه ومشاعره. وبدأ يروي مأساته، قال:
كنت طالبا في جامعة القرويين، وكنت أتدرج في الصفوف الثانوية بتفوق، وكانت حصة علم الكلام تستأثر باهتمامي، وكنت أجد لذة في مماحكة آراء الفلاسفة من المتكلمين، وبدأت أسئلة عديدة تنتصب أمام عيني: «ما حقيقة الإله ؟ وما شكله ؟ وأين يكون ؟ وما مقدار صلة هذه المخلوقات به؟» وحاولت أن أجد لهذه الأسئلة جوابا مقنعا، فلم أفلح.
ووقعت في أيدي كتب تعالج هذه المواضيع، وتجري مقارنات بين الحلول المعطاة لها عند المسلمين وعند المسيحيين، وبدأت أميل إلى نظرية هؤلاء الذين يجعلون للإله صورة بشرية تقرب من إدراكنا وتستسيغها عقولنا. وتمكنت هده العقيدة من نفسي على غير شعور مني.
ولشدة اقتناعي بهذه الفكرة بدأت أجاهر بالدفاع عنها، فأنكرني أصدقائي، وطردتني عائلتي. ولم أطق الحياة بعد بين أهلي وعشيرتي. وفارقت المغرب، وضربت في الأرض بضع سنوات، هائما على وجهي من بلد إلى بلد، بحثا وراء الحقيقة.
وفتح الله بصيرتي من جديد، وعاد إلى نفسي نور الإيمان، فأضاءها مرة أخرى. وانكشفت لي الهوة التي كنت انحدرت إليها، واستفظعت ما أقدمت عليه، وعجبت كيف انزلقت نفسي في هذه الحمأة المظلمة، وأيقنت بالحقيقة السماوية التي يجليها الله للمؤمنين من عباده، وأنه لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير. وعاد إلى نفسي صفاؤها وإشراقها. ولم أستطع أن أعود إلى أهلي ووطني بعد أن خلفت صورة قاتمة ورائي لا يستطيع الزمن أن يمحوها ولا تطاول الأيام.
وفكرت في أن أقصد بلدا عربيا أستأنف فيه حياة جديدة، فهدتني الأقدار إلى هذه المدينة الطيبة، وكنت أول من طرقت بابه عند قدومي، ففسحت لي صدرك، وحطتني برعايتك، وهيأت لي أسباب العيش الشريف وها أندا أقضي حياتي على نحو ما رأيت. لا تكاد تلك الصورة القاتمة تغادر مخيلتي إلا لتعود إليها من جديد، فيزداد عذابي وأحس بفظاعة ما أقدمت عليه، وأستسلم للحزن والبكاء ويتملكني حب العزلة الذي ارتكبته فآخذ نفسي بالشدة، وأقتر عليها في ملذات الدنيا حتى تؤدي ثمن مغامرتها، ولكن ذلك كله لا يطفئ أوار نفسي الملتاعة. وأنا كما ترى في عذاب متواصل.
قال صاحبي: وبذلت ما أستطيع لتسليته، وإقناعه بأن من تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه، وتوسطت له لدى إحدى العائلات الكريمة في بنغازي لخطبة إحدى بناتها لعله يبني عشا، ويرزق ذرية يشغلونه عن التفكير الدائم في محنته العنيفة، ورزق من فتاته ولدا، ولكن الهم الدخيل الذي استأثر بأغوار نفسه لم يمهله حتى أوصله إلى مقره الأخير، وأسلمه إلى عفو الله وإحسانه.
لقد خالف هذه المرة ما ألفته منه إذ أخذ يستعيد ذكرياته وهو ساهم حزين عن هذا العامل الذي لم ير له مثيلا بين أقرانه، على كثرة ما تعاقب على معمله من الوافدين، وما توارد عليه من مختلف الوجوه والأجناس ومن متباين الأعمار.
قال صاحبي: تقدم إلي يطلب عملا، وبدا عليه أنه غريب وصل البلد حديثا. وكان سمته يشير إلى أنه من منبت كريم، كان لي معمل خياطة، ولم يكن له إلمام بهذه الصناعة إلا من بعيد. وقد دفعني حافز خفي للأخذ بيده، ومساعدته على إيجاد عمل شريف يعيش منه.
وبدأ العمل، وكان يلمع ذكاء، فلم تمض عليه مدة حتى أخذ بأطراف المهنة وأصبح في صفوف المبرزين من عمالي. وكان يعمل بدون حساب الزمن، إذا جلس أمام آلة الخياطة لا يحيد عنها إلا حينما تنهار قواه وتعجز أعصابه عن مواصلة الاحتمال. وتضايق العمال من نشاطه المثالي المتجاوز الحدود الذي كان يحرجهم ويظهرهم بمظهر الكسالى المقصرين. وتضايق هو الآخر، وطلب أن يوضع في مكان على انفراد، مهما كانت حقارة المكان، مطبخا أو مغسلا أو مستودعا للسيارة والبضائع، إنما يشترط فقط أن يكون في خلوة مع نفسه، وظننت أن مرد ذلك إلى عدم انسجامه مع زملائه العمال، فساعدته وأعددت له مكانا منفردا أخذ يقضي فيه اليوم بكامله، منكبا عل آلته كامل النهار وشطرا من الليل، يواصل العمل في إجهاد، وهو لائذ بالصمت لا يفوه بكلمة، ولا يتحدث حتى مع نفسه. وعجبت لحاله أو بالأحرى رثيت له وأخذ الشك يساورني في أنه منطو على مأساة مريرة ينفطر لها قلبه الفتي، وبدأت أتساءل «هل هي مأساة غرام» ومن تكون هذه التي استبدت بلبه وملكت عليه مشاعره حتى أصبح كالظبي النافر، لا يكاد يرى الناس حتى يفر منهم ويعتصم بغاره الذي يجد فيه متنفسا وملاذا. يا حبذا لو استطعت التعرف على دخيلة نفسه فأمد له يد المساعدة وأحقق له بعض مناه، إن كان ذلك مما يستطاع تحقيقه.
لم أجرؤ على مفاتحته لاكتشاف سره الذي كان به ضنينا، وبدأت أتطلع لعلي أنفذ إلى أغوار نفسه المعذبة، ولكنه لا يزداد إلا لياذا بالصمت وبعدا عن الناس. وكنت ألاحظ احمرار مستمرا في عينيه، فما أدري أهو من أثر بكاء ينفس به عن كربه في ساعات خلوته، أم هو من أثر الإجهاد في العمل، والتعب المتواصل؟ ولم يعد يساورني شك في أن قلبه أطاحت به ظبية نفرت عنه، ولم يهتد إلى مكانها، ولم يجد للحاق بها سبيلا، فاستسلم للحزن والخلوة والبكاء، وتسلح بالعمل، لعله يجد فيه متنفسا لهمومه، وشاغلا عن مأساته.
ومر ما يزيد عن السنة، منذ التحاقه بالعمل، ولم أتقدم خطوة واحدة في محاولاتي لكشف كربه. وكنت أشفق عليه، وأتعذب من بعيد لحالته التي أخذت تنذر بخطر شديد، إذ كان جسمه النحيل قد أخذ يذبل رويدا رويدا. وأضحى هيكله النحيف أشبه ما يكون بأشباح الموتى تمشي على وجه الأرض.
وزاد من غموض حالته أنه كان يقسو على نفسه ويأخذها بالشدة المتناهية، وجاء رمضان، فكان يتناول في السحور ما يسد الرمق، وهو الوجبة الوحيدة التي يتناولها طيلة الأربع والعشرين ساعة خلال كامل شهر رمضان. وزادت حالته سوءا وزاد خوفي عليه شدة. وعزمت على أن أفاتحه في ذلك وأحاول التعرف على مكنونه، مهما يكن الأمر، حتى أنقذه من الهاوية التي ينحدر إليها. وبدأت أحس بنصيبي من المسؤولية يتعاظم، كلما زاد جسمه ضعفا وإشرافا على مصيره المحتوم.
ودخلت عليه ذات يوم، ويا ما أغرب ما فوجئت به، ويا لهول الصورة التي شاهدته عليها. لقد وضع محياه بين يديه، واستسلم إلى بكاء عنيف كبكاء الأطفال، لم أستطع أن أخلصه منه، وأرده إلى رشده إلا بعد لأي وجهد. ولطفت من حدة ما به. وطلبت منه أن يطلعني على سره لعلي أقدم له بعض المساعدة، فانفجر مرة ثانية وعاد إلى البكاء بأشد مما كان عليه، وحاولت تهدئته، ووصلت بعد جهد إلى ما أردت. وانقشعت عن سحنته تلك الغمامة الكثيفة من الحزن التي لازمته طوال إقامته معي. وسألته في حنان وعطف أن يقص علي مأساته، فسري عنه، ولمع من عينيه بريق وكأنما اكتشفني لأول مرة صديقا يصلح لأن يودعه سره، ويفضي إليه بذات نفسه، وينفس بالإفضاء إليه عن هذا الكابوس الجاثم على صدره والذي أقلق راحته وملك عليه حواسه ومشاعره. وبدأ يروي مأساته، قال:
كنت طالبا في جامعة القرويين، وكنت أتدرج في الصفوف الثانوية بتفوق، وكانت حصة علم الكلام تستأثر باهتمامي، وكنت أجد لذة في مماحكة آراء الفلاسفة من المتكلمين، وبدأت أسئلة عديدة تنتصب أمام عيني: «ما حقيقة الإله ؟ وما شكله ؟ وأين يكون ؟ وما مقدار صلة هذه المخلوقات به؟» وحاولت أن أجد لهذه الأسئلة جوابا مقنعا، فلم أفلح.
ووقعت في أيدي كتب تعالج هذه المواضيع، وتجري مقارنات بين الحلول المعطاة لها عند المسلمين وعند المسيحيين، وبدأت أميل إلى نظرية هؤلاء الذين يجعلون للإله صورة بشرية تقرب من إدراكنا وتستسيغها عقولنا. وتمكنت هده العقيدة من نفسي على غير شعور مني.
ولشدة اقتناعي بهذه الفكرة بدأت أجاهر بالدفاع عنها، فأنكرني أصدقائي، وطردتني عائلتي. ولم أطق الحياة بعد بين أهلي وعشيرتي. وفارقت المغرب، وضربت في الأرض بضع سنوات، هائما على وجهي من بلد إلى بلد، بحثا وراء الحقيقة.
وفتح الله بصيرتي من جديد، وعاد إلى نفسي نور الإيمان، فأضاءها مرة أخرى. وانكشفت لي الهوة التي كنت انحدرت إليها، واستفظعت ما أقدمت عليه، وعجبت كيف انزلقت نفسي في هذه الحمأة المظلمة، وأيقنت بالحقيقة السماوية التي يجليها الله للمؤمنين من عباده، وأنه لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير. وعاد إلى نفسي صفاؤها وإشراقها. ولم أستطع أن أعود إلى أهلي ووطني بعد أن خلفت صورة قاتمة ورائي لا يستطيع الزمن أن يمحوها ولا تطاول الأيام.
وفكرت في أن أقصد بلدا عربيا أستأنف فيه حياة جديدة، فهدتني الأقدار إلى هذه المدينة الطيبة، وكنت أول من طرقت بابه عند قدومي، ففسحت لي صدرك، وحطتني برعايتك، وهيأت لي أسباب العيش الشريف وها أندا أقضي حياتي على نحو ما رأيت. لا تكاد تلك الصورة القاتمة تغادر مخيلتي إلا لتعود إليها من جديد، فيزداد عذابي وأحس بفظاعة ما أقدمت عليه، وأستسلم للحزن والبكاء ويتملكني حب العزلة الذي ارتكبته فآخذ نفسي بالشدة، وأقتر عليها في ملذات الدنيا حتى تؤدي ثمن مغامرتها، ولكن ذلك كله لا يطفئ أوار نفسي الملتاعة. وأنا كما ترى في عذاب متواصل.
قال صاحبي: وبذلت ما أستطيع لتسليته، وإقناعه بأن من تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه، وتوسطت له لدى إحدى العائلات الكريمة في بنغازي لخطبة إحدى بناتها لعله يبني عشا، ويرزق ذرية يشغلونه عن التفكير الدائم في محنته العنيفة، ورزق من فتاته ولدا، ولكن الهم الدخيل الذي استأثر بأغوار نفسه لم يمهله حتى أوصله إلى مقره الأخير، وأسلمه إلى عفو الله وإحسانه.