ثقافة شعبية الكبير الداديسي - ألعاب استمتعنا بها وحرم منها أبناؤنا !!!!

تتميز الثقافة الشعبية في المغرب بغناها وتنوعها سواء في جوانبها المحكية (حكايات شعبية، خرافات أساطير ، نكت ...) أو الموسفية ( الراي، العيطة ، الهيت، الركادة ، الطقطوقة الجبلية، عبيدات الرما..) أو الاحتفالية ( الأعراس ـ المآتم، الأعياد ..) كما يبقى للمغاربة ما يميهم عن غيرهم من الشعوب ما يميزهم من حيث الأكل ، واللباس والعمران .... وقد تفرض سنن التطور تغيير بعض القيم والسلوكات لكن الأصل يظل تابثا .. وبالرجوع إلى ألعاب الأطفال والمقاربن بين ما كنا نلعبه أيام الصبا والأعاب التي يلعبها أبناء هذا العصر قد يفاجأ القارئ إلى الطفرة الكبيرة ، والتغير الجدري الذي طرأ على العاب الأطفال خلال نصف القرن الأخير ...

ونحن في هذه المقال سنحاول تعريف القارئ الكريم ببعض الألعاب التي لعبناها ونحن أطفال ولا زال الحنين يشدنا إليها، لأنها ساهمت في تربيتنا وفي اندماجنا ضمن الجماعة التي عايشناها وفق قوانين وضوابط تقوم الذكاء والقوة و احترام الآخر ، التي قتلها الألعاب الإليكترونية ، ومحتها من الذاكرة الجمعية لدرجة قد لا يعرف الكثير من أبناء هذا الجيل أسماء تلك الألعاب ، وبالأحرى قوانينها وضوابطها، ذلك أن أطفال هذا الجيل قد استعاضوا عنها بألعاب إليكترونية تكرس العزلة ، الانطواء والانفعال وضعف البنية الجسدية ... وكل المنى أن تساهم هكذا مقالات في توثيق ثراني الشفوي والعملي وتقريب الشباب منه لأنه شكلت يوما ما جزءا من الهوية الغنية للمغرب نقلها إلينا الأجداد وفشلنا نحن في نقلها لأبنائنا ، هي العاب كثيرة قد تختلف أسماؤها من مكان لآخر في المغرب ، كما قد يكون لكل منطقة ألعابها خاصة فمنها الموسمية ومنها الفردية والجماعية ، ومنا ما يلعب بالليل وما يلعب بالنهار ، ومنها ما كان الخاص بالذكور والخاص بالإناث، ومنا ما كان عاما في المغرب كله ومنها ما كان متعلقا بمنطقة دون أخرى لذلك نعلن في البداية انه يستعصي علينا الإحاطة بكل الألعاب التي لعبناها ونحن أطفال ، لأن عددا منها فشلت ذاكرتنا في الاحتفاظ به، وحتى أن تذكرته نسيت قواعده ... نقدم للقارئ العربي اليوم عشرة ألعاب جماعية شكلت مسرح طفولتنا وملأت أوقات فراغنا وساهمت في بناء أجسامنا وبثت فينا روح المنافسة والرغبة في التحدى والقدرة على الصبر مستعملين الأسماء التي تداولناها فيدم حبال الأطلس الشامخة إحدى القرى على ق منطقة ابزو وهي منطقة صغيرة نواحي بني ملال آملين أن يثير المقال فضول آخرين و يذكروننا بألعاب لعبوها في صغرهم يرونها اليوم صارت من الماضي أو غدت مهددة بالانقراض. من تلك الألعاب الجماعية نذكر:

1. لعبة هورش: للاستمتاع بهذه اللعبة لا بد من وجود شجرة وارفة كبيرة إذ ينقسم الأطفال فريقين : فريق يتسلق الشجرة ويأخذ مكانه في أغصانها ويبقى الفريق الآخر على الأرض وتكون مهمته صعود الشجرة وإسقاط أفراد الفريق الأول بكل الوسائل الممكنة ، وهي لعبة تعتمد القوة والصبر وتحمل ألم الاصطدام مع الأرض وألم الركل والضرب،

2. ستيوا : ينقسم الأطفال فريقين: فريق يرسم دائرة كبيرة ( الجامع ) والفريق الآخر خارج الجامع . يخرج أفراد الفريق الأول حجلا ( يقفز على رجل واحدة ويشترط ألا تلمس رجله المرفوعة الأرض وإلا انهالت عليه اللكمات والركلات من كل حدب وصوب ولن يعتقه منهم إلا صديق له يأتيه بالسلام من الجامع ملتزما بالمشي على رجل واحدة ) ويحاول لمس الآخرين بالرجل المرفوعة ،وإذا لمسه اجتمع عليه فريق الجامع بالضرب حتى يذهب أصدقاؤه للجامع ويأتونه بالسلام حجلا ..ليتم تبادل الأدوار ... وبما أن للجامع حرمته فإذا ما تم إدخال أي عنصر من الفريق الخصم إلى الجامع فلا أحد يستطيع إخراجه وإنقاذه من الضرب إلا إذا خلص نفسه

3. عريرمات السراق (كثبان اللصوص ): العريرمات جمع عرام وهم هنا كثبان صغير جدا من التراب . هذه لعبة للأطفال الصغار دون العاشرة وقد يشترك فيها الأولاد والبنات وكثيرا ما تفوقت البنات على الذكور في تشييد أكبر عدد من الكتبان : يتم تشكيل فريقين بعد اعطاء انطلاقة اللعبة يحاول كل فريق تشكيل أكبر عدد من الكثبان في أماكن يصعب على العدو إيجادها كما يسمح تغطية تلك الكثبان الصغيرة ( العريرمات ) وبعد انتهاء الوقت المتفق عليه يحاول كل فريق العثور على كثبان الخصم وتبديدها . وبعد انتهاء وقت تبديد الكثبان يتم احتساب عدد الكثبان التي لم يم العثور عليها لمعرفة الفريق الرابح ( وقد تكون بالعشرات أو المائات )

4. سالوم ( الفرد في خدمة الجماعة والجماعة في خدمة الفرد ) ينقسم الأطفال فريقين ويتباعدان ( أكثر من 100 متر ) ويرسم كل فريق دائرة . يصيح الفريق الأول : سالوم ( قد تكون للكلمة علاقة باليهودية : شالوم = السلام ) يرد الفريق الثاني: لا سلام عليكم . يقول الفريق الأول راها في فلان ( ويتم تحيد شخص من الفريق الخصم) وينطلق الفريقان جريا ومهم الفريق الثاني إنقاذ الشخص المحدد وإيصاله إلى دائرة الفريق الأول وإذا ما تم إلقاء القبض عليه ينهال عليه الضرب والركل ويعتبر الفريق خاسرا ويتم الحكم عليه ببعض الأحكام المتفق عليه ، وإذا ما تم إيصال الشخص إلى دائرة العدو يتم تبادل الأدوار

5. لعبة الحائط لعبة جماعية تعتمد التركيز والقوة والقفز. ينقسم الأطفال فريقين وبالقرعة يتجه فريق نحو الحائط يركع أوله واضعا يديه على الحائط ويركع رفقاؤه خلفه بالتتابع وقد أمسك كل واحد بمن أمامه جيد مشكلين ظهر حصان طويل . يبتعد الفريق الثاني يحاول أفراده القفز بالتتابع على ظهور الفريق الأول بدءا بمن يجيد القفز حتى يترك الأمكنة فارغة لأصدقائه على ألا يغير أي منهم مكانه أو يعدل وضعيته وإذا ما سقط أحدهم يتم تبادل الأدوار ،

6. طز نوض معاه ( هيا قم إليه ) يتم تشكيل حلقة كبيرة من الأطفال كل يجلس على حجرة يبقى طفلان واقفان واحد يطارد الآخر الذي عليه إنقاذ نفسه بالدوران حول الحلقة وإذا أمسكه أشبعه ضربا وإذا ما شعر المُطارَد بالخطر يقترب إليه يمكنه لمس أحد الجالسين ويأخذ مكانه وهو يردد عبارة ( طز نوض معه = هيا قم إليه ) لينقلب الدور ويصبح الطريد هو المطارد

7. لعبة الصندالة : لعبة جماعية ينقسم فيها الأطفال فريقين وبعد القرعة يركب فريقٌ الفريق الآخر ويبدءون في رمي صندال فيما بينهم وإذا ما سقط الصندال التقطه الفريق المطية ليضرب به أي فرد ممن كان راكبا وإذا لمسه انقلب الدور وإذا لم يلمسه أعيد الدور

8. لعبة الصندالات ( لعبة الأحذية ) : يتم رسم دائرة وتوضع فيها صندالات وأحذية كل الأطفال ويكلف طفل بحراسة هذه الأحذية ومنع كل من يحاول استرجاع حذائه أو صنداله وإذا ما لمس أي واحد يصبح هو الحارس لكن إذا ما تم أخذ كل الأحذية دون لمس أي أحد ينهال عليه الأطفال بتلك الأحذية ويستسلم لهم متحمل فشل قيامه بواجب الحراسة ..

9. قاقا غراب آش دبحتو ( ماذا ذبحتم ) يجتمع الأطفال بعدما تم إبعاد طفل حتى لا يعرف أسرارهم : ويتفقون على ذبح ذبيحة قد تكون ماشية أو آلة أو بشرا ... ويختار كل فرد جزءا من الذبيحة .. لتنطلق اللعبة بسؤال الطفل للجماعة :قاقا غراب آش دبحتوا ؟؟ تجيبه الجماعة ذبحنا كذا ( بقرة مثلا ) يقول الطفل اعطوني قلبها !! تجيبه الجماعة : زده في قلبك . ويطلب أعطوني ذيلها . تجيبه الجماعة زده لك ذيلا ... وإذا ما حدث وطلب عضوا تم اختياره من طرف أي طفل ، يصبح ذلك الطفل هو الطالب السائل ...

10. طـايبة: هي لعبة شبيهة بلعبة ( كاش كاش) العالمية لكن لعبة طايبة كانت تلعب في فضاءات أوسع وتتم المطاردات في البساتين أو الجبال أو الأطلال : ينقسم الأطفال فريقين ، فريق( وقد يكون فردا واحدا ) يغمض عينه في المحلالة التي قد تكون عمودا كهربائيا أو جزءا من حائط أو جذع شجرة ... فيما يتفرق أفراد الفريق الثاني مختبئين وبعد انتهاء الوقت المتفق عليه ينطلق الفريق الأول في البحث عن الآخرين محاول الأمساك بهم قبل لمسهم للمحلالة وفي حالة الأمساك بأي واحد يتم تبادل الأدوار ، وإذا ما تمكن جميع أفراد الفريق الثاني من لمس المحلالة ينطلق دور جديد من اللعبة دون تبادل الأدوار ...

هذه عشر ألعاب لا زال تأثيرها يذغذع الذاكرة والعاطفة قد يجد فيها بعض من جيلنا من أبناء البوادي حنينا لطفولتهم ، وقد تكون نبراسا يشجع بعضهم على الكتابة أو التعليق عليها لكن الأكيد هو كون أبناءنا والأجيال المعاصرة لهم وما بعدهم لم يعرفوا عنها شيئا ونحن إذ نوثقها إنما نساهم في توثيق تراث شفوي هام مهدد بالانقراض

[email protected]

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى