عبد المتعال الصعيدي - سبب مجهول من أسباب اختلاف القراءات

المعروف أن أقوى سبب لاختلاف القراءات يرجع إلى اختلاف اللهجات العربية، فجاء الأذن بقراءة القرآن على الفصيح من تلك اللهجات، ولم تتعين قراءته باللغة التي نزل بها وهي لغة قريش، تيسراَ على غيرها من القبائل العربية

ولكن هناك سبباَ آخر لم يذكروه في أسباب اختلاف القراءات، مع أن من هذه القراءات ما يظهر غاية الظهور أنه راجع إليه، ولا يظهر أنه راجع إلى اختلاف اللهجات، وذلك نحو قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) ففي بعض القراءات (فتثبتوا) بدل (فتبينوا) ولاشك أن مثل هذا في القراءات وهو كثير لا يظهر إرجاعه إلى اختلاف اللهجات، وأنما يظهر إرجاعه إلى ما كانت عليه الكتابة العربية قبل اختراع النقط والشكل فيها، لأن مثل هذا يقف القارئ فيه متحيراَ، فلا بد أن يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قراءته، وقد يكون بعيداَ عنه فيتعذر رجوعه إليه، فقضت رأفة الله أن يقرأ القرآن بما يحتمله من ذلك تيسراَ على المسلمين في عصر الوحي، وثقة بملكة العربي في ذلك الوقت. ولعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يعين أمثال تلك المواضع، أو كانت ترد إليه فيقر ما يراه منها. ومما يظهر حمله على ذلك أيضاَ قوله تعالى: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها أباه) فقد قرأ الحسن وحماد الرواية (وعدها أباه) بالباء، وأمثلة ذلك كثيرة في القرآن الكريم، فإذا كنت أصبت في حملها على ذلك السبب فهو من فضل الله، وقد يكون الصواب في غير ما رأيت من ذلك، والعصمة لله وحده

عبد المتعال الصعيدي


بتاريخ: 09 - 11 - 1942
مجلة الرسالة - العدد 488

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى