جيلالي بن عبيدة - ألواح حافية.. شعر

01- لوحة الهرمزان :

قال الملأ :
اخلع نعليك
أيها الشيء كي يمر الصمت و التوابيت و الهرمزان
كي تشرب الشاي
و الدمع على أحداقك أعناب
حيث صار الكلام عشبة و بوار
و الريح تبكي بكل شهوتها
فتأتي من أقصى الجرح خيول الوقت
توزع قمح الأمسيات على شباك تفاحتي المشتهاة
في كفوف الغيمات
فباتت في متاه من فتنة الأفق
لماذا أيها الهرمزان
تلتفت و تبصق في وجه الشمس ...؟
لم يترك لنا الهرمزان غير الغبار و التوابيت
يلفها بالورد
كي تعبر الأمنيات
فتقضي على الوحش المقيم فينا
أيها الهرمزان :
اشرب جرعة الماء قبل فوات الاوان
سوف نبتر أطرافك في الاناء
و ندق عنقك في الكأس
قل لنا : لماذا في الحروب تخون ...؟
سيفك ذو الرأسين مجون
ها ...
فانعم بنبيذ االرمل
اذ ا سقط بين شفتيك السحاب

02- لوحة الانزياح :

تمرين ضد الكتابة

قهوتي ...
قهوتي ...
قهوتي ...
تحترق على نار التشهي
شوقا لشفتي
أنا و قهوتي نحتاج لعكاز المجاز
كي نعبر وادي قرطبة
فأغمض عيني حتى أراك
و الجرح في عراء الماء ما التأما
الممر يدنو من شهوتي ...
فأعبر ..
شارع قرطبة الضيق ...
أعبر
وأمامي تتوالد حكايات حب نسجت خيوطها ولادة ..
نتبادل رضاب الشعر ..
: من تكون ؟..
: أنا ابن زيدون!..:
: أنا ولادة اللصوص
قد سرقوا رطب خدي
وأعطي قبلتي لمن لا يشتهيها..!
.....
أنا التائه بين المد و الجزر ...
أستحضر قبري
فأرتق نبضات التشهي وخيوط الصبوة الكافرة ..
أعبر شارع قرطبة ،
وأنشد ::
من يصنع التابوت
كي ألقي وردتي داخله
و صار التابوت يمامة
و لم تترك في جبتي حبة قمح لأهديها للرياح
لماذا عندما تعبر الرصاصة بدني لا تعتذر .؟
أسامح النجار الذي اتهمني بالفجور
و أسامح الحفار الذي اتهمني بحرق المقبرة
فهل أسامح الحمامة التي التقطت من يدي حبة القمح لتهديها لقاتلي ...؟

03- لوحة النبي :

النبي الذي رأى ...محاكمة النوايا ...؟

أنا النبي الذي يصير في الصبح حطبا
و في المساء يزني بامرأة خلف أشجار الصبار
حتى لا يوبخ سارق أحلامي
و يحاكمني الراقدون على بئر الكراهية
أيها الناس ...
الذئب بريء
وزعوا الماء على الفقراء

للريح ان تتمدد في صخر العبارة
و تطل على الأبواب و النوافذ و الشرفات
لتشرب كائن الهشاشة
لا المعلقات...
لا النايات...
لا الهرمزان ...
لا شيء يستطيع ان يعشق ناري
و الطاهرات
....ينحنين كحبة موز
تقشرها امرأة تحت ظل نخلة عربية
لا ينبغي لي ان اكون نبيا
في الدائرة أرجوحة العبودية
في الممر الأخير
الملائكة و النسور
انا من ارض لا يعشقها السافلون
و أراهم ينحن على صدر نخلة في الصحراء
لا البيعة لي
فكل ما حولي سفهاء
ينحن خوفا من ظلي
أحب الصفصافة و الخيزران
أرى ...
لا أرى ...
امسح دموع الناي
و التوابيت
لأبيع ظلي للأموات
من حقي ان أكون خبزا
او سيجارة في يد موسيقار
لماذا ... الأنبياء تحولوا الى جلادين...؟
أنا لم اقتل الذئب ...
انا لم اكتب عنك ايها النبي...
هل تذكرت أنك عاشقا ...؟
و مررت يوما و لم أراك
لماذا خيالاتك قتلتني ...؟؟؟
لماذا اتفق الجميع على قتلي ...؟
أنا لن أموت مرتين
قتلتني و ذنبي الخيالات
و صرت هدفا للرماة
هاهي مكنستي تنظف طرق الجلادين و الزناة و القتلى
سنموت دفعة واحدة و يدفننا المارون على الطرقات
اخلع ثدييك
أعماقك
كي تتعرى
واستحم بالماء و الخيول
كي تبصر ظلي منشورا على أرواح القتلى
خلعت روحي كسحابة شتوية

في الممر
خانتني نملة أطعمتها من دمي
أيها الهرمزان
قطعت أطرافي و الرقاب
وزع دمي على الفقراء

04- لوحة الحائط :

ها ...
الحائط و القاتل و المقتول
في يديك الشمس لا تهدأ
و النور السماوي
يغدو ..
يروح ..
في الأرض يشتعل
هذا الطين لنا
السماوات لنا
الماء
النار السابعة
اشرب شجن الزقوم
هذا الطين لنا
السماوات لنا
الهرمزان ليس لنا
و هو المعنى
يسرق من فم العصفور الماء
كي يغسل سوءته و ينام
يغريني الضباب
و الصنوبرة
تأمرني أن أخلع أثوابي لتجرحني
و أفتح نافذة للكلام
أطرق بابا في الفضاء
و أرتدي يقيني
أرقص مع الغمام
و ما تفعل النغمات
سوف أغمض جثتي
كي لا أنام

05- لوحة المعنى :

اقتربت من اللامعنى و المعنى
حاملا فوضاي
و الخرائب
و الماء تتهجى نبوءة العطشى
و الدروايش يتراقصون على عكاز الرب
يفتحون نهرا من العابرين الى السجدة الاولى
و يقرؤون وجوه المارة على الرصيف
و هم يكتبون على حائط المبكى
نارنا الخجلى
اذ تستريح الفتيات على قرفصاء اللغة
و لا تريح عزلتي الراجفة

06- لوحة اليوغا :

في غموض السديم
أتأمل جسدي
و أحشر في اناء الوقت امرأة التشكل
فتحاورني الأمكنة
و النساء العاريات
وأغزل من أثدائهن موعدي
كي تستبيح دمي الغيمات
و تستبيح عطر الاجراس في اليم
والأرض تمضغ الريح و الأعشاب

07- لوحة الشاعر :

على هامش الشعر
أكتب شعري
أفتح باب الندى
للعذارى
لجسر التعب
أنتعل الأشياء
و فراغي
و أهلي عادوا الى الرب
في أيديهم الذبائح و الخيول
هذه الأرض ...تتبعني مثل ظلي
فأعود الى الرب
حاملا قصيدتي
و رؤياي القشيبة
أمسد على الربابة
و أكتب على الطرقات الحكايات
القديمة و دمي
و أدفن في هيكلي تراتيل الصلاة


بقلم الشاعر جيلالي بن عبيدة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى