ب/ دندنة
الجو ثقيل بارد، البحر كذلك و الهواء، و الإنسان كأنه بعث قبل قليل من مقابر ظلت منسية طوال الأزمنة السحيقة والموغلة في القدم. كل شيء له نكهة الفناء... وكأن شبح الموت الذي يطل على الخرفان والنعاج من هذا المساء يلامس وترا من أرواح هذه الأكباش البشرية...
نحن نترصدها، أنا وصديقي، نتطفل على وحدتها، ندخن ونتأمل بحرا عكرا من النافذة. لم نتبين حروف الأنوثة فيها إلا بعد طول تدقيق نظر... هي لاترفع عينيها عن طاولتها، أصابعها تعبث بمسجلة يدوية أسلاكها موصولة بأذنيها.. تجلس وسط القاعة محاطة بطاولات وكراس فارغة، تدخن، تشعل سيجارة من عقب أخرى وتدندن بلحن حزين.
NO WOMAN NO KRYد/
جريدة اليوم بين يدي. صوت بوب مارلي يصدح في الإذاعة. توقفت عن القراءة ورفعت رأسي لأستمع جيدا للأغنية، اصطدمت عيناي بعينيها .. كانت تراقبني، مطت شفتيها وأغمضت عينا كمن يستعد للضغط على الزناد... كدت أسألها "هل تعرفين بوب مارلي" (...)* شعرت بتقزز من هذا الوجه المطلي بجميع الألوانن و برغبة في مغادرة المقهى فحولت بصري إلى الشارع ليقع مباشرة عليها.. صغيرة كانت تضطجع على عتبة دكان متوسدة يديها ووجهها إلى الأسفل. تأملتها هنيهة ورفعت عيني فوق بوابة المتجر لأتذكر يوما أخر...
و/ كأي عيد
قبالتي فوق، في ركن المقهى سعادة الوزير يضحك في التلفزة.
في الشارع على نفس العتبة، كانت ما تزال، صبية لم تتجاوز الثامنة من عمرها تحاول النوم، إلى جوارها طفلين أحدهما في مثل سنها يقضم قطعة خبز ذابلة ويدعك عينيه غير عابئ بمن حوله. الآخر، ويكبرهما قليلا، لا يكف عن النظر إلى الطفلة و مداعبة ما بين فخذيه..
و فوق الرؤوس الصغيرة عين حمراء من عيار ثلاث نجمات...
ن/ لمن تنصب الشباك
ظلام جميل يحفنا... حاولت تقبيلها، نفرت من تحت ذراعي.. كسمكة في الماء تنزلق دائما من بين يدي ولا أستطيع الإمساك بها.
رنوت إلى النجوم، كعاشق من عهد جميل وبثينة. طهرت شفتي باسمها وقلت:
ـ أنت لا تمنحينني حقي!
ـ وأي حق لك علي؟
ـ حق كثير
ـ أحمق..! لم أر في حياتي مجنونا مثلك
ـ نعم أنا مجنون، قلت بشاعرية مصطنعة، لأنني أحبك.. أحب طفلة لم تنضج بعد... وغبت.. قلت كلاما كثيرا وكأنما كنت أقرأه على سبورة السماء. وحين عدت إلي وجدتها تلوذ بالنحيب. حاولت معها حتى ضحكت من قلبها.. من أعماق أعماقها. قبلتني في فمي، وذهبت.. إلى الأبد.
ق/ أشياء لا نؤمن بها
أمسكت بتلابيبي.. كانت تقتعد وسادة، وأمامها على الأرض منديل عليه أوراق اللعب. قلت: إنني لا أومن بهذه الأشياء. قالت "ونحن أيضا، لكننا حين نرجو خيرا في وجه حسن ننادي عليه..." كن ثلاثا جوار بعضهن. أعطيت كل واحدة منهن سكينا وانصرفت.
لم ابتعد كثيرا، وسألت عنها في حلقة ..قلت للأول: أنا "فلان" أسأل عن واحدة إسمها سعيدة. ناداني الثاني، قال:
ـ أنت تسأل عن سعاد.. إنها بنت ناس... توكل على الله وستلقى كل الخير.
ـ ولكنني أريد أن أعرف إذا كانت ما تزال بنتا؟
ـ ماذا؟!
ـ أود معرفة إن كانت "مثقوبة" أم لا؟
ـ لا إنها ما تزال بنتا ... إتفقنا؟
شكرته. وضحكت في الأعماق.
ص/ سعيدة دائما
وصلني خبرها. لوحظت تتمشى مع شخص آخر...
قلت لنفسي فلتذهب لذلك الآخر.. لا أحب أن يشاركني أحد في ما أملك، أو أشارك أحدا في ما ملك.
... ...
... ...
أسابيع بعد ذلك ناديتها، وخرجنا في نزهة. لفنا ليل وأحراش.قالت: أنا امرأة... وتباكت على صدري ...
د/ بدون قصد
مررتْ يدا على بطنها أمام أمها وأخواتها وقالت:
هذا الذي هنا يكون ولدك.
... ...
... ...
بعد العشاء نهضن الواحدة تلو الأخرى .. انسحبن وتركنني في جلسة الرجل مع الرجل. لم أقل له أنني لم أعرفها إلا هذا الصباح، وتزوجتها... مــا شـــي بالعــــــــــــــــــــــــــانـــــــي**.
عبد اللطيف الخياطي
*نكتة: أحب أحدهم جارة له. وكانت هي بدورها تحبه لوسامته. غير أنه لم يكن يعرف كيف يغازلها، وكلما رآها يسألها: متى أضاجعك؟ و ذات مرة ـ بعدما نصحه صديق له بأن يطيل الحديث و يحسن الكلام معها، سألها: حنان، هل تعرفين بوب مارلي؟.
ـ نعم. أجابت
ـ إذن، دعيني أضاجعك.
**بدون قصد (بالدارجة المغربية)
الجو ثقيل بارد، البحر كذلك و الهواء، و الإنسان كأنه بعث قبل قليل من مقابر ظلت منسية طوال الأزمنة السحيقة والموغلة في القدم. كل شيء له نكهة الفناء... وكأن شبح الموت الذي يطل على الخرفان والنعاج من هذا المساء يلامس وترا من أرواح هذه الأكباش البشرية...
نحن نترصدها، أنا وصديقي، نتطفل على وحدتها، ندخن ونتأمل بحرا عكرا من النافذة. لم نتبين حروف الأنوثة فيها إلا بعد طول تدقيق نظر... هي لاترفع عينيها عن طاولتها، أصابعها تعبث بمسجلة يدوية أسلاكها موصولة بأذنيها.. تجلس وسط القاعة محاطة بطاولات وكراس فارغة، تدخن، تشعل سيجارة من عقب أخرى وتدندن بلحن حزين.
NO WOMAN NO KRYد/
جريدة اليوم بين يدي. صوت بوب مارلي يصدح في الإذاعة. توقفت عن القراءة ورفعت رأسي لأستمع جيدا للأغنية، اصطدمت عيناي بعينيها .. كانت تراقبني، مطت شفتيها وأغمضت عينا كمن يستعد للضغط على الزناد... كدت أسألها "هل تعرفين بوب مارلي" (...)* شعرت بتقزز من هذا الوجه المطلي بجميع الألوانن و برغبة في مغادرة المقهى فحولت بصري إلى الشارع ليقع مباشرة عليها.. صغيرة كانت تضطجع على عتبة دكان متوسدة يديها ووجهها إلى الأسفل. تأملتها هنيهة ورفعت عيني فوق بوابة المتجر لأتذكر يوما أخر...
و/ كأي عيد
قبالتي فوق، في ركن المقهى سعادة الوزير يضحك في التلفزة.
في الشارع على نفس العتبة، كانت ما تزال، صبية لم تتجاوز الثامنة من عمرها تحاول النوم، إلى جوارها طفلين أحدهما في مثل سنها يقضم قطعة خبز ذابلة ويدعك عينيه غير عابئ بمن حوله. الآخر، ويكبرهما قليلا، لا يكف عن النظر إلى الطفلة و مداعبة ما بين فخذيه..
و فوق الرؤوس الصغيرة عين حمراء من عيار ثلاث نجمات...
ن/ لمن تنصب الشباك
ظلام جميل يحفنا... حاولت تقبيلها، نفرت من تحت ذراعي.. كسمكة في الماء تنزلق دائما من بين يدي ولا أستطيع الإمساك بها.
رنوت إلى النجوم، كعاشق من عهد جميل وبثينة. طهرت شفتي باسمها وقلت:
ـ أنت لا تمنحينني حقي!
ـ وأي حق لك علي؟
ـ حق كثير
ـ أحمق..! لم أر في حياتي مجنونا مثلك
ـ نعم أنا مجنون، قلت بشاعرية مصطنعة، لأنني أحبك.. أحب طفلة لم تنضج بعد... وغبت.. قلت كلاما كثيرا وكأنما كنت أقرأه على سبورة السماء. وحين عدت إلي وجدتها تلوذ بالنحيب. حاولت معها حتى ضحكت من قلبها.. من أعماق أعماقها. قبلتني في فمي، وذهبت.. إلى الأبد.
ق/ أشياء لا نؤمن بها
أمسكت بتلابيبي.. كانت تقتعد وسادة، وأمامها على الأرض منديل عليه أوراق اللعب. قلت: إنني لا أومن بهذه الأشياء. قالت "ونحن أيضا، لكننا حين نرجو خيرا في وجه حسن ننادي عليه..." كن ثلاثا جوار بعضهن. أعطيت كل واحدة منهن سكينا وانصرفت.
لم ابتعد كثيرا، وسألت عنها في حلقة ..قلت للأول: أنا "فلان" أسأل عن واحدة إسمها سعيدة. ناداني الثاني، قال:
ـ أنت تسأل عن سعاد.. إنها بنت ناس... توكل على الله وستلقى كل الخير.
ـ ولكنني أريد أن أعرف إذا كانت ما تزال بنتا؟
ـ ماذا؟!
ـ أود معرفة إن كانت "مثقوبة" أم لا؟
ـ لا إنها ما تزال بنتا ... إتفقنا؟
شكرته. وضحكت في الأعماق.
ص/ سعيدة دائما
وصلني خبرها. لوحظت تتمشى مع شخص آخر...
قلت لنفسي فلتذهب لذلك الآخر.. لا أحب أن يشاركني أحد في ما أملك، أو أشارك أحدا في ما ملك.
... ...
... ...
أسابيع بعد ذلك ناديتها، وخرجنا في نزهة. لفنا ليل وأحراش.قالت: أنا امرأة... وتباكت على صدري ...
د/ بدون قصد
مررتْ يدا على بطنها أمام أمها وأخواتها وقالت:
هذا الذي هنا يكون ولدك.
... ...
... ...
بعد العشاء نهضن الواحدة تلو الأخرى .. انسحبن وتركنني في جلسة الرجل مع الرجل. لم أقل له أنني لم أعرفها إلا هذا الصباح، وتزوجتها... مــا شـــي بالعــــــــــــــــــــــــــانـــــــي**.
عبد اللطيف الخياطي
*نكتة: أحب أحدهم جارة له. وكانت هي بدورها تحبه لوسامته. غير أنه لم يكن يعرف كيف يغازلها، وكلما رآها يسألها: متى أضاجعك؟ و ذات مرة ـ بعدما نصحه صديق له بأن يطيل الحديث و يحسن الكلام معها، سألها: حنان، هل تعرفين بوب مارلي؟.
ـ نعم. أجابت
ـ إذن، دعيني أضاجعك.
**بدون قصد (بالدارجة المغربية)