كانَ الشارعُ مدْهوناً
بمياه الفرحِ، وبالدهْشَةِ والحبْ.
والشارعُ، كان عجيباًَ، بالدمْعِ السّاقطِ
من حبّاتِ القلبْ.
ورأيْنا الشارعَ كالعذراءِ، رأيناهُ بريئا
ولأنَّ دُخانَ السّنةِ الأخرى يتَسرّبُ من شُبّاكِ
الحُلمِ بطيئا،
كُنّا نتأهّبُ للسّحرِ المخبوءِ وراءَ السّاعَة،
وصَريرِ عقَارِبِها، كنّا
كالطيرِ المُثْقلِ بالأفْراحْ،
كالطيرِ المخبولِ، يَشطُّ، يشقُّ مَضيقاً
بينَ جَناحٍ وجَنَاحْ.
…لكنّي وحدي
كنتُ أري وجهَ الثعبانْ،
يتلصّصُ بين وريْقاتِ الكتبِ المُلْقاةِ بخوفٍ؛
…وحدي
يتكشّفُ وجهَ المحظورِ،
ووَجهَ العاثِرِ في طُرقُاتِ النورْ.
لا يجهلُ أن المُقبلَ والعابرَ غصنٌ،
والجسدَ النائمَ في دفء لذاذتِهِِ غصنٌ،
والأرضَ وصبوتَها غصنٌ
منْ أغصانِ الموت.
)في الطريقِ إلى الفِراشِ المُفلس،
لحظَ المهاجرُ قطّتينْ؛
هرّا وقطةً، إلي الفراشِ المفلس
يُداعبانِ ظِلّهما المُلغى،
ويَتنفسان بكآبة.
…
كم هو شقيُّ هذا العالم
كم هو شقي...)
ومشينا الساعةَ، نترقّبُ فرحَ السّاعة،
نترقبُ طفلَتنا المحظورةَ،
كيفَ يمسُّ العاشِقُ فرحتَه!
ويُلملِمُ طوفانَ نوارسِِهِ المسفوحَة!
كيفَ يُلامسُ نهراً من زيتونٍ، نهرا من شُرفاتِ
الروحِ، ومن أبوابٍ مفْتوحَة!
ومشيْنا وطنَ الأسرارِ، وفوقَ قِبابِ الإشراقْ؛
وتحدْثنا في الريحِ عن الريح
وتحدثنا في النوم عن النوم،
ولهوْنا بأصابع غَفْلتِنا عن سَورةِ ماءٍ تنمو حول الأعناقْ.
ما كنّا شيئاً:
نُسبلُ أيدينا للمدنِ المهزومةِ،
نتَتبعُ أثرَ العاثرِ في ظِلِّه،
ما كنا شيئاً، لكنّا
كنا كالشيء العائمِ في طرقاتِ الأعماقْ.
وسَرينا، وسَرينا في أحراشِ الظُّلمةِ
في شهوتِها الحجريّة،
وبلونْا كل أزقّتِها الملغومةِ بالأكْفانْ
وسَرينا كالمهْزومينَ من الفُرسانِ، سرينا
نتعثّرُ في وهم براءتنا المنسيّة.
…ما بينَ صلاةِ الواحدِ ونواحِ الآخرِ ثُعبانْ
يتلصص بينَ وريْقاتِ الكُتبِ الملقاةِ بخوفٍ.
…لكنّي وحدي
كنتُ الضاحكَ، أغسلُ أسناني بمياهِ الأشواقْ
وأشمُّ ندىً بجناحي
فأدورُ، أدورُ، أحلّقُ، أتوجّعُ، أُصغي
وأحطُّ على قمرِ الليمونِ،
على ورَقٍ مغسولٍ بالأمطار.
بينَ الأطفالِ أُغادرُ نفسي، أمشي
في الطرفِ الحائرِ، أتوزَّع في الحبِّ
أشفُّ من الدمعِ، أصفِّقُ…
(في الطريقِ إلي الفِراش
تتسرّبُ الظلالُ كدعابةٍ بيْضاء.
في الطريقِ إلي الفراشِ المفلس
هرٌ وقطةٌ ينامانِ معاًَ في الكآبة
حيثُ تنْدثرُ آخرُ خُطواتي.)
فوزي كريم
بغداد 1970/1/1
بمياه الفرحِ، وبالدهْشَةِ والحبْ.
والشارعُ، كان عجيباًَ، بالدمْعِ السّاقطِ
من حبّاتِ القلبْ.
ورأيْنا الشارعَ كالعذراءِ، رأيناهُ بريئا
ولأنَّ دُخانَ السّنةِ الأخرى يتَسرّبُ من شُبّاكِ
الحُلمِ بطيئا،
كُنّا نتأهّبُ للسّحرِ المخبوءِ وراءَ السّاعَة،
وصَريرِ عقَارِبِها، كنّا
كالطيرِ المُثْقلِ بالأفْراحْ،
كالطيرِ المخبولِ، يَشطُّ، يشقُّ مَضيقاً
بينَ جَناحٍ وجَنَاحْ.
…لكنّي وحدي
كنتُ أري وجهَ الثعبانْ،
يتلصّصُ بين وريْقاتِ الكتبِ المُلْقاةِ بخوفٍ؛
…وحدي
يتكشّفُ وجهَ المحظورِ،
ووَجهَ العاثِرِ في طُرقُاتِ النورْ.
لا يجهلُ أن المُقبلَ والعابرَ غصنٌ،
والجسدَ النائمَ في دفء لذاذتِهِِ غصنٌ،
والأرضَ وصبوتَها غصنٌ
منْ أغصانِ الموت.
)في الطريقِ إلى الفِراشِ المُفلس،
لحظَ المهاجرُ قطّتينْ؛
هرّا وقطةً، إلي الفراشِ المفلس
يُداعبانِ ظِلّهما المُلغى،
ويَتنفسان بكآبة.
…
كم هو شقيُّ هذا العالم
كم هو شقي...)
ومشينا الساعةَ، نترقّبُ فرحَ السّاعة،
نترقبُ طفلَتنا المحظورةَ،
كيفَ يمسُّ العاشِقُ فرحتَه!
ويُلملِمُ طوفانَ نوارسِِهِ المسفوحَة!
كيفَ يُلامسُ نهراً من زيتونٍ، نهرا من شُرفاتِ
الروحِ، ومن أبوابٍ مفْتوحَة!
ومشيْنا وطنَ الأسرارِ، وفوقَ قِبابِ الإشراقْ؛
وتحدْثنا في الريحِ عن الريح
وتحدثنا في النوم عن النوم،
ولهوْنا بأصابع غَفْلتِنا عن سَورةِ ماءٍ تنمو حول الأعناقْ.
ما كنّا شيئاً:
نُسبلُ أيدينا للمدنِ المهزومةِ،
نتَتبعُ أثرَ العاثرِ في ظِلِّه،
ما كنا شيئاً، لكنّا
كنا كالشيء العائمِ في طرقاتِ الأعماقْ.
وسَرينا، وسَرينا في أحراشِ الظُّلمةِ
في شهوتِها الحجريّة،
وبلونْا كل أزقّتِها الملغومةِ بالأكْفانْ
وسَرينا كالمهْزومينَ من الفُرسانِ، سرينا
نتعثّرُ في وهم براءتنا المنسيّة.
…ما بينَ صلاةِ الواحدِ ونواحِ الآخرِ ثُعبانْ
يتلصص بينَ وريْقاتِ الكُتبِ الملقاةِ بخوفٍ.
…لكنّي وحدي
كنتُ الضاحكَ، أغسلُ أسناني بمياهِ الأشواقْ
وأشمُّ ندىً بجناحي
فأدورُ، أدورُ، أحلّقُ، أتوجّعُ، أُصغي
وأحطُّ على قمرِ الليمونِ،
على ورَقٍ مغسولٍ بالأمطار.
بينَ الأطفالِ أُغادرُ نفسي، أمشي
في الطرفِ الحائرِ، أتوزَّع في الحبِّ
أشفُّ من الدمعِ، أصفِّقُ…
(في الطريقِ إلي الفِراش
تتسرّبُ الظلالُ كدعابةٍ بيْضاء.
في الطريقِ إلي الفراشِ المفلس
هرٌ وقطةٌ ينامانِ معاًَ في الكآبة
حيثُ تنْدثرُ آخرُ خُطواتي.)
فوزي كريم
بغداد 1970/1/1