ثقافة شعبية ندى العمراني - الجنس في الأغاني الشعبية المغربية

تعد الموسيقى شكلا من الأشكال المحددة لثقافة أمة وخلفياتها، بل إن الموسيقى الشعبية منها تعدّ أحدى الأدوات الركيزة في تحديد التفكير الشعبي لهذه الأمة.. ففي المغرب مثالا لعبت الموسيقى الشعبية أدوارا أساسية في عدة مراحل سواء على المستوى النضالي بين القبائل والدفاع عن القبيلة ضد (حَرْكَةْ/غزو) قبيلة أخرى (خربوشة نموذجا) أو كسلاح دفاعي وإبلاغي في أيام الاستعمار (بوشعيب البيضاوي والحمداوية نموذجا)… غير أن الأغنية الشعبية في غالبيتها كان لها دور آخر وهو الأصل الذي تلعبه، ألا وهو الترفيه والتعبير عن خوالج ومعتقدات الميثولوجية للأفراد (عيساوة، حمادشة، غناوة… نموذجا) أو المكبوتات الشعبية، كما هو الحال في مجموعة عديدة منها القديم والحديث الذي يحوي على إيحاءات جنسية واضحة وصريحة.
فمن “قفطانك محلول” و”الكاس حلو” مرورا ب” على قبلك بايتة عساسة” وصولا إلى “ساير كبر ولا فيه شبر” و”الحلوى فين كاينة”…إلخ تتعدد وتتنوع الأغاني الشعبية المغربية، من منطقة إلى أخرى ومن لهجة إلى أخرى، محتوية على إيحاءات وتعاير جنسية فاضحة ومباشرة.
ففي أغنية “بنت العبدي” حيث تقول هذه “الشيخة” في مقاطعها :
“يابا بنت لعبدي كلها كواتو
حتى العزري مع الهجال داتو،
يا با حتى الطالب باطلة صلاتو
راه لهاتو ما تلا يقلب وريقاتو،
لغزال الطفلة عشيقها كواتو
طلعت فوق لريام والزين الداتو،
البها داتو وتحت التحتية خفاتو،
زينو وبهاه كوا لي داه”..

تشير كلمات هذه الأغنية إلى تلك الحسناء التي سلبت عقل كل “العزارا” (العزاب) ومن بينهم “الطالب” (حافظ القرآن) الذي ألهته عن صلاته.. وتذهب كلمات الأغنية إلى أن تشير إلى صورة جنسية حيث تعمد “الفاتنة” إلى إخفاء “العزري” تحث لباسها التحتاني وهي تدخل به إلى المنزل.
هذا ونجد “الشيخة” الحاجة الحمداوية (قيدومة المغنيين الشعبيين) تصدح بحنجرتها الذهبية وهي تردد:
“با لحسن بشوية..
يمشي ويجي بشوية…
رانا عزبة لوالديا…
رانا عزبة من الركابي…”
مشيرة بشكل مباشر إلى تلك العملية الجنسية التي تقع فيها الفتاة العذراء وهي أثناء الممارسة الجنسية توصي خليلها ألا يفتض عذريتها وهو يلجها.
مستأنفة كلماتها:
“عفا خويا بشوية…
رانا عزبة من القصة
والقاع مشا في المدرسة
عفا شيري بشوية…
رانا عزبة من الودنين
والقاع مشا في التمرضين
عفا خويا بشوية….
رانا عزبا من الورا
والقاع مشا في الكورا
عفا شيري بشوية….
آآآآح بشوية”

حيث تؤكد عذريتها ووجوب المحافظة عليها رغم الممارسة مع خليلها، وتنهي الغناء بشكل متكرر دائما عبر التعبير اللفظي “آآآآح بشوية” معبرة عن النشوة أثناء الممارسة.
وها هو المغني الشعبي الحديث “حجيب” الذي اشتهر بأغنيته التي يقول في إحدى مقاطعها
“راه ساير يكبر
ولا فيه شبر…
غادي ويضبر”
محيلا إلى عملية انتصاب الذكر قبيل ممارسة العملية الجنسية أو كما يبدو في الغالب الأعم حينما تقوم “الشيخة” المكتنزة للرقص.
وتأتي تلك الأغنية الشهير “الحلوى فين كاينة” التي أعادة غناءها واشتهرت بها الشيخة الملقبة ب”تسونامي”، إذ تقول في مقاطعها:
“لحلاوة فين كاينة ..
الحلاوة ماشي هنا،
لحلاوة فين كاينة ..
الحلاوة تحت الحزام،
لحلاوة فين كاينة ..
الحلاوة تحت القدام”

مشيرة أثناء الرقص على “القعدة” (أداة تستعمل للرقص) بأصابع يدها إلى أسفل بطنها في محاولة إلى تبيان الموضع (الجنسي) الذي تتحدث عنه كلمات الأغنية التي تستأنف فيها
“لحلاوة فين كاينة..
الحلاوة كاينة لهيه،
لحلاوة فين كاينة ..
الحلاوة ماشي لهيه،
لحلاوة فين كاينة …
الحلاوة كاينة هنا،
يالله وكان أبو عيون،
زيد القدام ..أبو عيون،
نعطي مليون .. أبو عيون،
على سمر اللون أبو عيون، هانا غادي ..
أبو عيون، منوليشي ..أبو عيون..”.

في هذا المقطع يظهر “أبو عيون” الذي في غالب الظن هو “القضيب” الذي كما هي صفته عربيا “أبو عين”، وكما يظهر “سمر اللون” الذي تستعد الشيخة أن تقدم من أجله “مليون” (تعبيرا عن ضخامة ما يمكن أن تقدم إليه من أجل ما هي تصبو إليه، وهذا الشخص الأسمر ما هو إلا إشارة إلى الإنسان الأسود البشرة وما ارتبط به في المخيال الشعبي من فحولة وقوة جنسية.
ويعتبر بشعيب الزياني من المغنين الشعبيين الذين ألفوا أغاني ذات إيحاءات جنسية تتماشى ومجتمع اليوم في المغرب إذ يقول معبّرا عن ظاهرت ما سُمي ب”دردك” (دواء لتسمين المؤخرة والأفخاذ)
“على غدايدو باغا تغلاظ على غدايدو..
على غدايدو باغا تسمن على غدايدو
ودردك قالوا مزيان ميمتي كيفرتك السيقان”..

هذا مجرد قطرة من فيض من الأغاني الشعبية التي تجعل من الخلفية الجنسية مرجعا لها وأداة من أدواتها ووسيلة لانتشارها داخل مجتمع يدعي أغلبيته أنهم محافظون.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى