حدثنا الأديب النجيب المحب بن حبيب قال:
أخنى علي الدهر مرة بصروفه ولفني البؤس في كثيف سجوفه حتى ألجأني الإفلاس إلى التماس الناس.. فعولت على ركوب الطريق القصير تخلصا من مضايقات الضمير واستشرت بذلك الناصح الصدوق فقال لي: عليك بمعهد الحقوق فدخلت فيه قاعة واسعة الأرجاء فسيحة الأنحاء ما فيها من الأحياء إلا طالب نام أو كاد وشيخ قد تجلبب بالسواد وما إن رآني ذلك الشيخ حتى صاح:
ألا حي على الفلاح.. حمي الوطيس, وفتحت الجلسة بأمر الرئيس ثم أخرج قرطاسا من جيبه ويراعه من عبه وأخذ يقرأ أسماء لاحت له في الخيال فقلت تالله إن هذا الشيخ لفي خبال ولكني رأيت الطالب ثغا مرة وبغم وأجاب عن كل اسم بنعم فقلت له ما أعجب حالك وأشد أيها التلميذ ضلالك أفأنت أحمد وسعيد وخالد ووحيد وبهاء وعلاء وكل ما ذكر الاستاذ من الأسماء? فقال دعني إنه جاءني البند بعد الأخير من نظام الجر والتنوير أن طوبى لمن زاد في دوام إخوانه ميما إذن لقد فاز فوزا عظيما..
وما زال الشيخ يخبط في عشوائه ويخلط في أسمائه حتى بلغ إلي الترتيب فصاح : يا محب بن حبيب . قلت : لبيك إني قريب قال: ممن أنت في العباد وأين دارك من البلاد? قلت إني امرؤ من سكان الدهناء والربع الخالي قد شددت إلى جنابكم رحالي قال أخبرني كم ميما لديك? قلت في بالي: ويلي منك وويل عليك جئنا من موماة فوقعنا في ميم, فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!..
ثم سألته رافعا صوتي, وقد أيقنت بفوتي: وما الميم, أيها الكريم? فقال :إني أراك من الجهل في ليل بهيم.. أخبره يا جاره, وأنر له أفكاره, فالتفت إلي الطالب وقال: روينا في الكود بينال, في المادة السابعة, وفقرته القطنية الرابعة, عن بارتول وكوجاس, وغيرهما من الناس, إن صولون الحكيم, قال في الميم:
حبذا الميم يزدهي في دوامي ضامر الخصر سمهري القوام
ذو دلال وهبته نور عيني والثلاث اللطاف من أعوامي
يا محط الجمال في كل درس وربيب الجهابذ الأعلام
لامني العلم في هواك وأغرى بي غيناً من غائب نمام
ما حضوري الدروس في كل يوم واحتمالي لترهات الكلام
غير ستر سدلته دون حبي لك خوف الوشاة بين الأنام
فصفق الاستاذ بيديه, وقال بخ له وبخ عليه ما أبدع الكلام وما أحلى النظام! قلت يا أصلحك الله إني لا أفهم ما يقول, فمن كوجاس ومن بارتول? فصاح يالك من جهول.. كأنك لم تقرأ كتاب ( العقوق, في الحقوق) قلت كلا, قال ولا (الأكاذيب في الأساليب) ? فأجبت بأن لا. قال فمن تعرف إذن من أعلام الفقه والتشريع والتهميش والتفريع? قلت أعرف كل من جاء ذكره في الأغاني كأبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني والداهية المعروف بإياس وسوار وابن عباس قال دعني من إياسك وابن عباسك قلت هم خير من أنجاسك فثار الشيخ لكلامي وارتعد وقام وقعد وقال أقسم بصولون اليوناني وجوستنيان الأول والثاني وبدالوز وكابيتان وكل قناصل الرومان أن لولا ما جاء في قانون الجزاء وقرارات مؤتمر السفراء وما ورد في مقدمة النظام الإداري وملحق القانون العقاري لحطمت بيد العدالة أيدك ورقنت من سجل الأحياء قيدك فصحت به مهلا مهلا رويدك! من تحسبني ياهناه?وأي الناس تظنني إياه? أقسم بكل ما في القانون من أوتار, وبقاض في الجنة وقاضيين في النار, وبالهامش وهامش الهامش, وشرح ابن يحيى على ابن عائش أنه لولا ما ورد في كتاب الخراج, وديوان ابن حجاج وما نقله الجاحظ في البيان والتبيين وما أثبتته حاشية ابن عابدين لأذللت شيبتك ونزعت هيبتك وجعلت أكبر جزء من رأسك الملتاث كنصيب ابن عم العم من الميراث!.. ثم لا أبالي بما في قانونك من بنود, وبروتوكولات وقيود, وخرجت أجر فضل درائي والشيخ ينتفض ذعرا من ورائي وأنا أقول:
أخنى الزمان على أهلي وأرهاطي ولفهم دهري القاسي بأقماط
واستبدل الناس منهم كل طاغية وكل علج لهم أسماء قرباط
لابارك الله ما جشمت من سفر كلت له قدمي وانشق صباطي
حتى حللت بدار لا أنيس بها وشيخ سوء كثير اللغو خلاط
إن قلت صل على أعلام أمتنا يقول صل على روم وأنباط
يا طالب العلم منه أنت في ذا العلم كذب وأغلاط بأغلاط..
أخنى علي الدهر مرة بصروفه ولفني البؤس في كثيف سجوفه حتى ألجأني الإفلاس إلى التماس الناس.. فعولت على ركوب الطريق القصير تخلصا من مضايقات الضمير واستشرت بذلك الناصح الصدوق فقال لي: عليك بمعهد الحقوق فدخلت فيه قاعة واسعة الأرجاء فسيحة الأنحاء ما فيها من الأحياء إلا طالب نام أو كاد وشيخ قد تجلبب بالسواد وما إن رآني ذلك الشيخ حتى صاح:
ألا حي على الفلاح.. حمي الوطيس, وفتحت الجلسة بأمر الرئيس ثم أخرج قرطاسا من جيبه ويراعه من عبه وأخذ يقرأ أسماء لاحت له في الخيال فقلت تالله إن هذا الشيخ لفي خبال ولكني رأيت الطالب ثغا مرة وبغم وأجاب عن كل اسم بنعم فقلت له ما أعجب حالك وأشد أيها التلميذ ضلالك أفأنت أحمد وسعيد وخالد ووحيد وبهاء وعلاء وكل ما ذكر الاستاذ من الأسماء? فقال دعني إنه جاءني البند بعد الأخير من نظام الجر والتنوير أن طوبى لمن زاد في دوام إخوانه ميما إذن لقد فاز فوزا عظيما..
وما زال الشيخ يخبط في عشوائه ويخلط في أسمائه حتى بلغ إلي الترتيب فصاح : يا محب بن حبيب . قلت : لبيك إني قريب قال: ممن أنت في العباد وأين دارك من البلاد? قلت إني امرؤ من سكان الدهناء والربع الخالي قد شددت إلى جنابكم رحالي قال أخبرني كم ميما لديك? قلت في بالي: ويلي منك وويل عليك جئنا من موماة فوقعنا في ميم, فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!..
ثم سألته رافعا صوتي, وقد أيقنت بفوتي: وما الميم, أيها الكريم? فقال :إني أراك من الجهل في ليل بهيم.. أخبره يا جاره, وأنر له أفكاره, فالتفت إلي الطالب وقال: روينا في الكود بينال, في المادة السابعة, وفقرته القطنية الرابعة, عن بارتول وكوجاس, وغيرهما من الناس, إن صولون الحكيم, قال في الميم:
حبذا الميم يزدهي في دوامي ضامر الخصر سمهري القوام
ذو دلال وهبته نور عيني والثلاث اللطاف من أعوامي
يا محط الجمال في كل درس وربيب الجهابذ الأعلام
لامني العلم في هواك وأغرى بي غيناً من غائب نمام
ما حضوري الدروس في كل يوم واحتمالي لترهات الكلام
غير ستر سدلته دون حبي لك خوف الوشاة بين الأنام
فصفق الاستاذ بيديه, وقال بخ له وبخ عليه ما أبدع الكلام وما أحلى النظام! قلت يا أصلحك الله إني لا أفهم ما يقول, فمن كوجاس ومن بارتول? فصاح يالك من جهول.. كأنك لم تقرأ كتاب ( العقوق, في الحقوق) قلت كلا, قال ولا (الأكاذيب في الأساليب) ? فأجبت بأن لا. قال فمن تعرف إذن من أعلام الفقه والتشريع والتهميش والتفريع? قلت أعرف كل من جاء ذكره في الأغاني كأبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني والداهية المعروف بإياس وسوار وابن عباس قال دعني من إياسك وابن عباسك قلت هم خير من أنجاسك فثار الشيخ لكلامي وارتعد وقام وقعد وقال أقسم بصولون اليوناني وجوستنيان الأول والثاني وبدالوز وكابيتان وكل قناصل الرومان أن لولا ما جاء في قانون الجزاء وقرارات مؤتمر السفراء وما ورد في مقدمة النظام الإداري وملحق القانون العقاري لحطمت بيد العدالة أيدك ورقنت من سجل الأحياء قيدك فصحت به مهلا مهلا رويدك! من تحسبني ياهناه?وأي الناس تظنني إياه? أقسم بكل ما في القانون من أوتار, وبقاض في الجنة وقاضيين في النار, وبالهامش وهامش الهامش, وشرح ابن يحيى على ابن عائش أنه لولا ما ورد في كتاب الخراج, وديوان ابن حجاج وما نقله الجاحظ في البيان والتبيين وما أثبتته حاشية ابن عابدين لأذللت شيبتك ونزعت هيبتك وجعلت أكبر جزء من رأسك الملتاث كنصيب ابن عم العم من الميراث!.. ثم لا أبالي بما في قانونك من بنود, وبروتوكولات وقيود, وخرجت أجر فضل درائي والشيخ ينتفض ذعرا من ورائي وأنا أقول:
أخنى الزمان على أهلي وأرهاطي ولفهم دهري القاسي بأقماط
واستبدل الناس منهم كل طاغية وكل علج لهم أسماء قرباط
لابارك الله ما جشمت من سفر كلت له قدمي وانشق صباطي
حتى حللت بدار لا أنيس بها وشيخ سوء كثير اللغو خلاط
إن قلت صل على أعلام أمتنا يقول صل على روم وأنباط
يا طالب العلم منه أنت في ذا العلم كذب وأغلاط بأغلاط..