دراسات في التراث لامية الهنود - عبد المقتدر الكِندي الدهلوي

يا سائق الظعن في الأسحار والأصُلِ = سلِّم على دار سلمى فابْكِ، ثم سَلِ
عن الظباء التي من دأبها أبداً = صيدُ الأسود بحُسن الدل والنَّجل
وعن ملوكٍ كرام قد مضوا قِدَدا = حتى يجيبك عنهم شاهد الطلل
أضحتْ إذا بَعُدت عنها كواعبُها = أطلالها مثل أجفان بلا مُقَلِ
فإنّ مَن ملكتْ قلبي لها شرفٌ = على المها العِين والآرام بالإطِل
فِدى فؤادي أعرابيةً سكنت = بيتاً من القلب معموراً بلا حِِوَل
من نور وجنتها، من حُسن غُرتها = من طيب طُرتها، من طرفها الثمل
الشمس في أسفٍ، والبدر في كلفٍ = والمسك في شغف، والريم في خجل
كأنها ظبية، لكن بينهما = فرقاً جلياً بعظم الساق والكفَل
خيالها عند من يهوى زيارتها = أحلى من الأمن عند الخائف الوَجِل
كيف السبيل إليها بعد أن حُفظت = بالبيض والسمر في أعلى ذرى الجبل
طرقتها فجأة، والليل في جَذلٍ = والذئب في كسلٍ، والقوم في شغلِ
قالت: لك الويل، هلا خفت من أسدٍ = له براثن كالعسالةِ الذُبُلِ
فقلت: إني مليك صيده أسد = وصيد غيري من ظبيٍ ومن وعلِ
قالت: فما تبتغي؟ لا مَنْعَ. قلتُ لها: = كلا، فإني عفيف القول والعملِ
وإنني رجلٌ من معشرٍ سحبوا = ذيل التبتل والتقوى على زُحل
لا يطمعون، ولكنْ كان ديدنُهم = إعطاءَ ما ملكوا كالعارض الهطل
أسد إذا سخطوا أفنوا عدوهم = قوم إذا فرحوا أعطوا بلا مَلل
ما قال قائلهم يوماً لواحدهم: = "لو كنتُ من مازن لم نستبح إبلي"
يا طالب الجاه في الدنيا تكون غداً = على شفا حفرة النيران والشُّعل
يا طالب العز في العقبى بلا عمل = هل تنفعنك فيها كثرة الأمل
يا أيها الطَّفل أنت الطِّفل في أملٍ = وشمس عمرك قد مالت إلى الطَّفل
يا من تطاول في البنيان معتمداً = على القصور وخفض العيش والطّوَل
لأنت في غفلة والموت في أثر = يعدو، وفي يده مستحكم الطّيَل
ولم يكن فخره إلا بعزة مَن = أغنى الأعاجم والأعراب بالدول
محمد خير خلق الله قاطبة = هو الذي جل عن مِثْل وعن مَثَلِ
له المزايا بلا نقصٍ ولا شبَهٍ = له العطايا بلا من ولا بدَل
أردت مدح نبي الله مجتهداً = حتى عجَزتُ، فقال العقل لي: "فَقُلِ
يا عبدَ مقتدر، أوصاف سيدنا = تعلو علواً عن التفصيل والجمل"








.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى