ظل الاشياء قصير، الساعة تشير الى العاشرة صباحا، البيوت، الجدران، عواميد الإنارة، الشجر المختبئ في البيوت لاتمنحك الظل الكافي لكي تسير بسلام، لكنها ما تزال العاشرة صباحا الشمس عمودية تميلا قليلا الى جهة اليمين لكي تمنح ضلك شكلا كوميدي. تتيه الان في شارع ضيق وصغير متعرج وغير منتظم لكنه جميل رصفت ارضه بحجارة صغيرة، كنت تعتقد ان هذا الشارع سيوصلك مباشرة الى الحدائق الممتدة على طول النهر، تكتشفت انه يتوجب عليك ان تقطع مسافة طويلة حتى تصل الى الحدائق، تسير على طول الشارع الى جانب السيارات الصامتة، على الجهة الاخرى من الشارع بضع جنود صامتين يتحدون مع الشجرة التي يقفون بجانبها، بيوت كثرة بجانبك فنادق قديمة،بعض البيوت متروكة الا من بعض الذكريات المرمية في باحة المنزل، وقفل كبير لا يسمح بالعودة. تصل الان الى تمثالي شهريار و شهرزاد، تسمع تمثال شهرزاد يتكلم بصمت وقد وضع على كاحلها ختم ( محمد غني 1972)، شهريار يبقى صامتا، تلتقط لهما صورة تذكارية، وتنسى ان تقول لهما ان يبتسما قليلا. تغادر الان على جانبك الايسر محلات ونوادي ليلة متروكة، تصل الان الى الحدائق، النهر يلمع كقطعة معدنية تحت شعاع الشمس الاصفر الذهبي. تستلقي على العشب الرطب قليلا، الشجر المتطاول فوقك ترى الأغصان الخضراء تسمع اصواتهن، يتكلمن، يهمسن، يصرخن، يضحكن، يلقن عليك الضل. انت الان وحيدا لا تهتم بالعشاق وهمساتهم المسروقة وبعض القبل الخاطفة والسريعة حتى تكاد لا تستمع بالقاء النظر،انت الان طفل مستلقي على عشب رطب، تنظر الى مرشة الماء وهي تنثر خط دائري مرئي وملموس من الموسيقى البلورية المتناثرة المتطايرة المتحدة مع الهواء، تهم بالنهوض تجد رجل غلماني يسألك ان كنت تملك سيجارة، او وقت له، لا تعيره اهتماما وتمضي، قدماك تضغط على العشب فتراه كالبحر ينشق من تحتك، انت الان سعيد لأنك بلا هدف.