بعد أن طاف شوارع المدينة يوما بحاله يستجدي لقمة العيش دون جدوى، عاد عند المساء يتأمل صور الزعيم وقد ضجت بها الجدران، تاه معها بعض الوقت، حتى رآها تتآكل أمام حرارة الشمس ولفح الرياح وتحت رذاذ المطر، حاول تقدير ثمنها الذي راح هباء، أراد أن يرى تلك الأموال تنفق في ما ينفع البلاد والعباد، إلا أن الجوع استبد به وشل تفكيره ولم يجد سوى التساؤلات تداهمه: هل تراها تطرد الجوع عني إن أنا مزقت بعضها خلسة والتهمته؟ هل تراها تحميني من البرد إن أنا تدثرت بها ليلا أو من الحر إن أنا تظللت بها نهارا؟ أم أنها التمائم علقت لتحمي المدينة من عين الحسود؟ أو ربما تكون عين الرقيب التي تجعلك تسير جنب الجدار دون أن تلامسه؟.