مزمل الباقر - مجزرة الخرطوم ( 3)

في الحلقة السابقة من سلسلة هذه المقالات التي تستعرض كتاب ( مجزرة الشجرة ) لمؤلفه الاستاذ حسن الطاهر زروق استعرضت محاكمة الشخصية الثالثة في الكتاب وهو ضابط الجيش: المقدم/ عثمان حاج حسين، الملقب بأبي شيبة لكثرة الشيب في شعر رأسه. ثم انتقلنا مع المؤلف الذي حدثنا – نحن القراء – عن اعتقال ضابط الجيش وهو أيضاً برتبة مقدم: عبد المنعم محمد أحمد الشهير بالهاموش.
أواصل في الجزء الثالث من هذه المقالات استعراض ما جاء بكتاب ( مجزرة الشجرة ) حيث ينقلنا الاستاذ حسن الطاهر زروق للشخصية الخامسة حسب صفحات كتابه.
بابكر النور:
هكذا يبدأ المؤلف سرده للقصة (( تمت محاكمته في البداية برئاسة العميد تاج السر المقبول. واصدرت المحكمة عليه بأثني عشر عاماً سجناً. رفض السفاح نتيجة الحكم وأعاد الأوراق مرة أخرى. ثم أعيدت المحاكمة وصدر الحكم 20 عاماً. وعندما أعاد السفاح الحكم للمرة الثالثة رفض العميد تاج السر أن يترأس المحكمة )). ( مجزرة الشجرة: ص 21 – 22 ).
ولكن الرئيس المخلوع جعفر محمد نميري يصر ويمضي لأبعد من ذلك على حسب ما اورده صاحب كتاب (( مجزرة الشجرة ) حيث أن النميري (( رفض كل الضباط الذين كلفوا برئاسة المحكمة على اعتبار أن السفاح يريد فرض حكم الإعدام لأنه كل مرة يعيد الأوراق قائلاً: " دا رئيس مجلس الثورة تحاكموه كده" ثم اتصل السفاح بالمقدم صلاح عبد العال تلفونيا ، فحضر وتسلم أوراق المحاكمة وحكم على الشهيد بالآعدام. ( اصبح وزيراً بعد ذلك). )) ( مجزرة الشجرة: ص 22 ).
وكان للنميري ما أراد ولنقرأ ما سجله الاستاذ حسن الطاهر زروق للتاريخ حول اللحظات الأخيرة في حياة المقدم/ بابكر النور (( وعندما اقتيد الشهيد لتنفيذ حكم الإعدام كادت كلماته وخطبته في الجنود أن تعطل تنفيذ حكم الإعدام حتى تدخل السفاح وزمرته. وفي ساحة الإعدام تراجع بخطواته إلى الوراء لكي لا يطلق الرصاص على ظهره وكان الشهيد قد أرسل خطاباً قبل يوم من إعدامه في علبة سجاير لأسرته يؤكد فيه أن نميري سيعدمه.)). ( مجزرة الشجرة: ص 22 ).
محمد أحمد الريح:
بنهاية قريبة جداً لدرجة التطابق من نهاية البطل القومي الشهيد/ عبد الفضيل الماظ، انتهت حياة المقدم/ محمد أحمد الريح (( كان يقود المقاومة داخل القيادة العامة. ثم احتمى بأحد مكاتب سلاح الطيران وظل يقاتل من خلف استحكام اقامته داخل المكتب. ثم حاصرته قوات الردة بقيادة المقدم عبد القادر محمد أحمد الذي طلب منه تسليم نفسه فرفض وظل يقاتل، حتى أطلقوا عليه المكتب دانه ثقيلة نسفت المكتب بما فيه وصوبوا نحوه الرشاشات. فاستشهد وهو ممسك بسلاحه وقد اخترقت الشطايا صدره )). ( مجزرة الشجرة: ص 23 ).
فاروق عثمان حمد الله:
لأن الرائد/ فاروق عثمان حمد الله كان وزير الداخلية في أول حكومة الرئيس المخلوع جعفر محمد نميري فإن الأخير حاول أن يساوم الرائد كي يتنصل عن حركة 19 يوليو 1971. لكن لنعد لبداية المشهد مع صاحب كتاب ( مجزرة الشجرة ) وقد اصطحبنا مع بقلمه – نحن القراء – لمطار الخرطوم الدولي ربما لنكون شهود عيان على حوارات الرائد/ فاروق حمد الله مع الضباط والجنود السودانيين وكذلك مع النميري ((عندما نزل من الطائرة في مطار الخرطوم، وحوله الحرس الليبي، قال للضباط والجنود السودانيين الذين حضروا لاستلامه: ( ازيكم يا شباب. الغريبة انوا الليبيين حاقدين علينا أكثر منكم) ثم ضحك ونقلوه لمعسكره الشجرة. وخلال حديث نميري معه قال للنميري: "يا نميري انت في 25 مايو دورك كان صفر، ما كان عندك دور. نحن النظمنا 25مايو وجبناك عشان رتبتك وكان ممكن نجيب غيرك. كنا حنجيب أحمد الشريف الحبيب أو مزمل غندور. ولكن وزير دفاعك خالد حسن عباس الجالس جنبك ده، قال يا جماعة مزمل غندور طموح وحيسطر علينا احسن نجيب نميري لأنه (...) ونقدر نمشيه زي ما عايزين" )). (مجزرة الشجرة: ص 23 – 24).
ثم إن الاستاذ/ حسن الطاهر زروق يورد ما يتعلق بمساوة النميري لفاروق عثمان حمد الله قبل أن يحكي لنا المشاهد الأخيرة في حياة وزير الداخلية في أول حكومة للرئيس المخلوع جعفر محمد نميري (( وحاول نميري أن يساومه ليتبرأ من صلته بجماعة 19 يوليو فرفض. وطلب منه أن يدلي بما لديه من معلومات فرفض. وعندما اقتادوه إلى منطقة الحزام الأخضر لإعدامه استفزه النقيب محمد إبراهيم وقال له (يا جبان). فرد عليه الشهيد بقوله: " أنت كمان تقول لي يا جبان شوف الرجال يموتوا كيف الليلة، ولما يجيبوك على الموت أثبت زيهم" ثم التفت للجنود وقال لهم: " الراجل ما يضربوه في ضهرو وأنا ما بديكم ضهري ". وظل يتراجع في خطوات ثابته للخلف فاتحاً أزرار القميص كاشفاً صدره للرصاص وهو يهتف بحياة الشعب السوداني وسلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية )) . (مجزرة الشجرة: ص 23 – 24).
في الحلقة الرابعة من سلسلة هذه المقالات بإذن الله سوف افتتح استعراضي وبحسب ترتيب صفحات كتاب ( مجزرة الشجرة ) بالحديث عن ذلك الذي أراد النميري أن يجعله شاهد ملك فرفض بل وكان ثباته – بحسب تعبير الاستاذ حسن الطاهر زروق – مضرب الامثال وحديث الجنود لفترة طويلة.
- أواصل بإذن الله -

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى