علا أحمد - الترجمة كناقل للتأثيرات بين الأجناس الأدبية

ترافق معرض الكتاب مجموعة ندوات تحمل في طياتها الكثير من الفائدة، وفي الأمس أقامت الهيئة العامة للكتاب ندوتها تحت عنوان (الترجمة بوصفها ناقلاً للتأثيرات بين الأجناس الأدبية) أدارها د. ثائر زين الدين مدير الهيئة إذ رأى أن الترجمة استطاعت خلق أجناس أدبية جديدة فما كان للرواية والقصة العربية أن يكون لها شكلها الحالي لولا الترجمة، لافتاً إلى أنه يجب أن لا ننسب كل شيء لنا بل نعترف بفضل غيرنا علينا، وتلك الأجناس لم نعرفها كجنس أدبي ناضج إلا من خلال الثقافة الأوربية ولكن للأسف من النادر أن يتذكر غير المختصين من قام بترجمة العمل، فالمترجمون جنود مجهولون يعملون في الظل.

نشأة قصيدة النثر

في البداية تحدث الأديب نذير جعفر حول (اثر الترجمة في نشأة قصيدة النثر العربية) فقال: مئة عام هي الفارق الزمني بين ولادة قصيدة النثر الفرنسية التي تؤرخ بداياتها في منتصف القرن التاسع عشر على يد روادها بودلير ورامبو وغيرهم، وولادة قصيدة النثر العربية في منتصف القرن العشرين على يد روادها في مجلة (شعر) الذين وقع معظمهم تحت تأثير تيار قصيدة النثر الفرنسية، ومنهم أدونيس ويوسف الخال وأنسي الحاج، مبيناً أنه وبسبب الجدل الذي لم يتوقف حول هذا الجنس الأدبي الجديد نشأت معارك أدبية أبرزها معركة مجلة شعر ومجلة الآداب وكان لابد لكل فريق أن يتسلح بمرجعيات نقدية ومعرفية ليدافع بها عن وجهة نظره، فاطلع فريق مجلة شعر على عدد من الكتب والدواوين ومن أبرزها كتاب سارة برنار (قصيدة النثر من بودلير إلى أيامنا) والذي مهد لولادة مصطلح “الشعرية” الذي لايتوقف على جودة الاستثمار اللغوي بل على التحولات النوعية للدلالة التي تمثل نواتها الجوهرية وهي لا تتحدد بقوانين معينة بل تنتج قوانينها باستمرار عبر كل نص جديد، ويمكن القول أن مصطلح الشعرية ومفهومها أصبحا دارجين في الخطاب النقدي العربي بعد ترجمة كتاب سارة برنار. ولفت جعفر إلى أن الشعرية تنحو إلى استبعاد الوزن والمعنى لتحل مكانهما الرؤيا والإيقاع، لافتاً إلى أن الترجمة لا تكتفي بنقل الأفكار والمعاني بل تنقل أشكالاً جديدة للفن، ولقد أسهمت الترجمة الفرنسية إلى العربية على نحو خاص بتوسيع دائرة شعراء قصيدة النثر العربية ودائرة نقدها أيضاً، فهي ناقل للتأثيرات في مختلف الأجناس.

أدب الطفل

وتناول د.جمال أبو سمرة موضوع “أثر الترجمة في أدب الطفل العربي” على أنه لا يزال يعاني تهميشاً وعدم قدرة على الانتظام ضمن أسس فلسفية وتربوية ورؤى واضحة، تظهر من خلالها معالم وأسس يمكن الركون إليها في محاكاة الواقع العربي والنهوض به، وجملة الاشتغالات التي تمت على عقود طويلة هي فردية تؤدي فيها وجهات نظر المشتغلين وأهواءهم دوراً أساسياً في الاختيار والانتقائية لهذا الأدب دون ذاك، ولهذه الأمة دون تلك، فضلاً عن الجنس الأدبي وما يناسب الفئة العمرية دون تلك من غير الإفادة غالباً من معطيات علم نفس الطفل والنظريات التربوية المتنوعة، لاسيما التربية الإبداعية منها، مبيناً أنه هنا تبرز الأهمية في الاشتغال على وضع الأسس والقواعد الناظمة لهذا العمل الإبداعي وتوصيفه وتحديد مداراته من حيث المحتوى القيمي والفكري والمبنى الفني، انطلاقاً من تحديد الأسس التربوية ومنظومة القيم التي يتوجب تحقيقها في أدب الطفل العربي بالركون إلى إرثه الحضاري الضارب في عمق التاريخ من جهة، وعدم عزله عن العالم من جهة أخرى، ولاسيما أمام هذا التطور التكنولوجي وتنوع الوسائط التي تحاكي الطفل، ولم نعد بمعزل عنها ولاسيما ونحن نعاني ضعفا في التوجه للطفل ونعاني تبعية للآخر الغربي فنستورد ما يأتينا من غير (تبييء) هذا المنتج لصالح واقعنا العربي، مشيراً إلى افتقاد اللغة المشتركة بين المترجم والطفل العربي في ظل غياب مؤسسات تربوية وثقافية على مستوى الوطن العربي في وضع المعاجم اللغوية واللفظية بحسب العمر، منوهاً إلى أنه غالباً ما يربط المتتبعون نشوء أدب الطفل بظهور كتب قصصية أو تربوية في مراحل زمنية مختلفة ويشيرون دوماً إلى أن نشأته في العالم الغربي ونقله عن طريق المثاقفة والترجمة إلى الوطن العربي.

الترجمة جنس أدبي

واعتبر حسام الدين خضور أن الترجمة بحد ذاتها جنس أدبي وفقاً لقانون الحماية ووفقاً لحياتنا العملية، والقارئ أصبح يطلب ترجمة معينة لكتاب معين، وبالتالي هناك تفضيل للقارئ لمترجم دون سواه، وركز خضور على تأثير الترجمة على اللغة حرفاً وصوتاً مشيراً إلى أن أحرفنا الأبجدية زادت أربعة حروف مع الترجمة وأصبحت 32 حرفاً، وكذلك فيما يخص الصوت فقد كان للترجمة دور كبير في تكوين صيغ جديدة لاشتقاق كلمات وتوظيف بعضها وخلق بعض المفردات التي تمت ترجمتها من الغرب وصارت جزءاً من لغتنا، كما تطرق إلى أن الترجمة أسهمت وخاصة الحرفية في صياغة وتوطين كلمات ذات معان جديدة، وفيما يخص الترجمة في سورية فإن دور النشر الخاصة جاءت متأخرة على الترجمة، والهيئة العامة للكتاب كانت السباقة، واليوم نلاحظ في رفوف مكتباتنا تزايد حصة المترجم على حساب التأليف، مؤكداً أن الترجمة أغنت المعنى، أما فيما يخص الشكل فقد فعلت فعلها في مختلف الأجناس.

علا أحمد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى