في الحارة الثالثة من متاهات السيدة نهاد يوجد مقهى يحكى أنها تزوره أحيانا لتدعو من تشاء إلى خلوة.
قادتني قدماي إلى هناك فعثرت على شبحها وحيدا يسامر الشيشة، فبادرتني بتحية المساء في خجل وسألتني عن اسمي، ثم أشارت إلى سلم يؤدي إلى غرفة مهجورة.. قالت أنه لصاحب المقهى.
صعدنا إلى هناك، فرمت معطفها على السرير، ونزعت حليها الفضية، ثم أشعلت الراديو قائلة بان صوت مذيعي الأخبار يخفف من وحشة الصمت خلال ممارسة الحب، وأن بعض الموسيقى قد تخفي حضورنا عن مسامع أخيها الصغير المشاكس. وسألتني إن كنت سأشعر بالحرج حين ألتقي أفراد عائلتها. فهما زنجيان لم يدخلا المدرسة طيلة حياتهما.
- لا يهم، ما داما لن يتفرجا علينا و نحن " ندرس"
- لا أعرف.. لو أعجبهما حضور الدرس فهل سترفض؟
- ألا تخجلين..
- لا أخجل....
- لا أستطيع فعل ذلك أمام غرباء
- أنا غريبة بالنسبة لك
- بلى، إلا أن الأمر لا يهمني
- لا تهتم بشيء..الأمر بسيط للغاية
جاءت امرأة زنجية، فسلمت علينا بعربية تشوبها لكنة افريقية واضحة، ثم ذهبت لتضع منديلا على رأسها، ورجعت بعدة الشاي، فجلست عند قدمي وقد وضعت فردة حذاء بجانبها.
قامت نهاد بنزع سروالي وطوته بعناية ثم وضعته على الكرسي، وأخذت تداعب عضوي، واقتربت مني وهي تهمس:
- لا تقلق.. هي لا تنظر إلينا..
- - ماذا تفعل هنا ؟
- تعد الشاي.. كأي أم مغربية
- لماذا لا تذهب للمطبخ
- اخرس.. إنها تشعر بالوحدة .
قبلتني وعانقتني، كنا نسمع الأم على بعد خطوات، تردد أغنية تذاع على الأثير، تتحدث عن لقاء لم يتم بين عاشقين كسولين. فُتِحت النافذة من الخارج، فظهر صبي أصلع شبه نائم صوب نحونا فردة حذائه وهو يشتم
- يا أولاد القحبة ..
ثم دخل ليبحث عن حذائه الضائع، فألقت الزنجية القبض عليه وصفعته على قفاه، وقالت له:
- ألم أوصك بأن تنام..
أخذ الطفل يبكي وادعى أنه جاء للبحث عن فردة حذائه، ثم مسحت دموعه ووضعت كفها على عينيه وحملته على ظهرها وقامت لتتمشى محاولة تنويمه..
قالت نهاد:
- هذا أخي.. ستنومه أمي سريعا
- يخجلني حضور أمك
- لا تخف.. إنها لا تنظر إلينا..
- كيف تكون أمك زنجية ؟
- إنها مغربية.. لكن ولدت في مكان ما جنوب الصحراء
- لا تشبهينها
- بلى.. هل تحب الزنجيات؟
- كلا..يشعرنني بالغثيان
- لا تكن عنصريا..
- لست كذلك.. أحب الزنجيات.. لكني لا أحب الفرج الزنجي
- هذه عنصرية
- لا أظن
- بلى.. إنها كذلك.
لما أغلق المقهى، دخل الحارس وهو زنجي مسن عبر نفس النافذة، سلم علينا وقال أنه لا يدخل من الباب كي لا يوقظ الطفل المشاكس، سألني عن حالي، فأخبرته بأني كنت أمر صدفة بالحارة، قبل أن التقي السيدة نهاد، اخبرني أن لا أتأخر كثيرا في إيلاج عضوي وإلا فإنني سأصاب بنزلة من البرد الخبيث وأغلق النافذة، ثم أخذ يكح وهو يختار كرسيا بجوارنا قبل أن يشعل سبسيه ويضع قدميه بمقربة من النار التي وضِع عليها براد الشاي .
كانت ليلة احتلال القصر الرئاسي على ما أذكر، كانت تمطر بغزارة ربما.. لأني لم أكن أرى أحدا في الشارع، نزعت نهاد تبانها فتراءت مؤخرتها مكورة كدلاحة بيضاء نقية، وأردت أن أجر الإزار نحوي لأستر بعض جسدي فخفت أن يلتفت إلي أحد فيتهمني بعدم الجدية، في هذا الوقت الذي يكافح فيه البعض دفاعا عن مدينة الرشيد.. ظلت الأنغام الأندلسية تنساب متوالية بنفس الترتيب المعهود، زفرت نهاد غاضبة و هي تضع وسادة تحت صدرها و تقترب مني :
- أين أنت يا الحاج؟ هذه الموسيقى ستجعل ذكرك ينام، لماذا جعلوها موسيقى وطنية ؟
كان المذيع الذي يقرأ الأخبار بفرنسية بارعة، يطل قبل مواعيد النشرات الإخبارية بدقائق، ليعلن ضمن إخباريات عاجلة، عن استسلام جنود، أو اعتقال ضباط كبار و وزراء، قلت أن هذا الحدث سيكون علامة فارقة في تاريخنا العربي، نفث الزنجي سبسيه، وهز رأسه مؤكدا كلامي، قبل أن يسألني عن معنى "التاريخ العربي"، ويشير إلى ما بين فخذي نهاد :
- " ذق لك " قطعة من هناك الله يرضي عليك
مرة أخرى حضر نفس الصبي، ليقذفنا هذه المرة بفردتي حذائه، وليختفي تحت السرير، قال الزنجي :
- اخرج لعنة الله عليك أيها المسخوط.. أين أنت يا لمرة هات العصا
عادت المرأة بعصا طويلة، فأدخلها تحت السرير وأخذ يلوح بها في الفراغ.
نزعت صدريتي و بقية ملابسي، كانت لا تزال منكفئة على بطنها، وخاصرتها معلقة في الهواء كقبة ضريح، قلت:
- كيف أثق في الأمريكان، لا يمكنهم اختراق بغداد بهذه السرعة.
قال الأب و هو يدفع رأسه أكثر تحت السرير محاولا القبض على ابنه:
- الأمريكان اولاد حرام ..
اقتربت مني نهاد و قالت:
- يا معقد... و مالنا نحن؟ لعنة الله على بغداد والعرب أجمعين، هات...
ثم دنت نحو عضوي و تكلمت وكأنها تقلد صدام في الميكرفون، فسمعت الزنجية تضحك، وسمعت الزنجي يراضي الطفل وكأنه يتفاوض معه على قضية نومه.
كنت أتصبب عرقا، وكان راسي يدور من شدة الخجل، وسمعت صوت الشاي المغلي وهو يندفع في مساره نحو الكؤوس، فأحسست وكأنه ينسكب حاميا على صدري، وكنت أخاف أن أقذف مائي على وجه الصبية فتثبت إدانتي أمام عيون أهلها.
تكسرت العصا، ولم يتزحزح الطفل من مكانه، وقضيت وطري فلم يعد ثمة حاجة لتنويم الصبي بالمرة، ناولني الزنجي سبسيا وكأسا من الشاي وقال:
- لا تنزع ملابسك مرة أخرى في حضور هذا المسخوط فإنه لا يحشم، ثم طلب مني أن أشرح له في حروف مختصرة قصة العالم العربي.
كان الفجر يزحف نحونا متثاقلا، لم يعد بيننا مبرر للخجل، سلمتني الزنجية فوطة بيضاء، ودعت لي بالصحة و طول العمر، قالت لي:
- لا تصدق أحدا.. لا الأمريكان ولا أبا نهاد و لا غيرهم، لقد قلنا للناس أن نهاد مسكونة، فتركونا لحالنا، العرب يتكلمون كثيرا، لا هم ينكحون ولا يتركون أحدا ينكح في سلام..
أفقت من غفوة قصيرة، كان الوالدان قد خرجا، وبجانبي وجدت نهاد تلاعب أخاها الصغير و تقبله، خرجت للبهو، سحبت ورقة نقدية من جيبي لأمنحها للزنجي، راجيا أن يسلمها بعد ذلك لنهاد فقال:
- عيب يا رجل.. لم نفعل ما يستحق هذا.. ألسنا مغاربة؟
قادتني قدماي إلى هناك فعثرت على شبحها وحيدا يسامر الشيشة، فبادرتني بتحية المساء في خجل وسألتني عن اسمي، ثم أشارت إلى سلم يؤدي إلى غرفة مهجورة.. قالت أنه لصاحب المقهى.
صعدنا إلى هناك، فرمت معطفها على السرير، ونزعت حليها الفضية، ثم أشعلت الراديو قائلة بان صوت مذيعي الأخبار يخفف من وحشة الصمت خلال ممارسة الحب، وأن بعض الموسيقى قد تخفي حضورنا عن مسامع أخيها الصغير المشاكس. وسألتني إن كنت سأشعر بالحرج حين ألتقي أفراد عائلتها. فهما زنجيان لم يدخلا المدرسة طيلة حياتهما.
- لا يهم، ما داما لن يتفرجا علينا و نحن " ندرس"
- لا أعرف.. لو أعجبهما حضور الدرس فهل سترفض؟
- ألا تخجلين..
- لا أخجل....
- لا أستطيع فعل ذلك أمام غرباء
- أنا غريبة بالنسبة لك
- بلى، إلا أن الأمر لا يهمني
- لا تهتم بشيء..الأمر بسيط للغاية
جاءت امرأة زنجية، فسلمت علينا بعربية تشوبها لكنة افريقية واضحة، ثم ذهبت لتضع منديلا على رأسها، ورجعت بعدة الشاي، فجلست عند قدمي وقد وضعت فردة حذاء بجانبها.
قامت نهاد بنزع سروالي وطوته بعناية ثم وضعته على الكرسي، وأخذت تداعب عضوي، واقتربت مني وهي تهمس:
- لا تقلق.. هي لا تنظر إلينا..
- - ماذا تفعل هنا ؟
- تعد الشاي.. كأي أم مغربية
- لماذا لا تذهب للمطبخ
- اخرس.. إنها تشعر بالوحدة .
قبلتني وعانقتني، كنا نسمع الأم على بعد خطوات، تردد أغنية تذاع على الأثير، تتحدث عن لقاء لم يتم بين عاشقين كسولين. فُتِحت النافذة من الخارج، فظهر صبي أصلع شبه نائم صوب نحونا فردة حذائه وهو يشتم
- يا أولاد القحبة ..
ثم دخل ليبحث عن حذائه الضائع، فألقت الزنجية القبض عليه وصفعته على قفاه، وقالت له:
- ألم أوصك بأن تنام..
أخذ الطفل يبكي وادعى أنه جاء للبحث عن فردة حذائه، ثم مسحت دموعه ووضعت كفها على عينيه وحملته على ظهرها وقامت لتتمشى محاولة تنويمه..
قالت نهاد:
- هذا أخي.. ستنومه أمي سريعا
- يخجلني حضور أمك
- لا تخف.. إنها لا تنظر إلينا..
- كيف تكون أمك زنجية ؟
- إنها مغربية.. لكن ولدت في مكان ما جنوب الصحراء
- لا تشبهينها
- بلى.. هل تحب الزنجيات؟
- كلا..يشعرنني بالغثيان
- لا تكن عنصريا..
- لست كذلك.. أحب الزنجيات.. لكني لا أحب الفرج الزنجي
- هذه عنصرية
- لا أظن
- بلى.. إنها كذلك.
لما أغلق المقهى، دخل الحارس وهو زنجي مسن عبر نفس النافذة، سلم علينا وقال أنه لا يدخل من الباب كي لا يوقظ الطفل المشاكس، سألني عن حالي، فأخبرته بأني كنت أمر صدفة بالحارة، قبل أن التقي السيدة نهاد، اخبرني أن لا أتأخر كثيرا في إيلاج عضوي وإلا فإنني سأصاب بنزلة من البرد الخبيث وأغلق النافذة، ثم أخذ يكح وهو يختار كرسيا بجوارنا قبل أن يشعل سبسيه ويضع قدميه بمقربة من النار التي وضِع عليها براد الشاي .
كانت ليلة احتلال القصر الرئاسي على ما أذكر، كانت تمطر بغزارة ربما.. لأني لم أكن أرى أحدا في الشارع، نزعت نهاد تبانها فتراءت مؤخرتها مكورة كدلاحة بيضاء نقية، وأردت أن أجر الإزار نحوي لأستر بعض جسدي فخفت أن يلتفت إلي أحد فيتهمني بعدم الجدية، في هذا الوقت الذي يكافح فيه البعض دفاعا عن مدينة الرشيد.. ظلت الأنغام الأندلسية تنساب متوالية بنفس الترتيب المعهود، زفرت نهاد غاضبة و هي تضع وسادة تحت صدرها و تقترب مني :
- أين أنت يا الحاج؟ هذه الموسيقى ستجعل ذكرك ينام، لماذا جعلوها موسيقى وطنية ؟
كان المذيع الذي يقرأ الأخبار بفرنسية بارعة، يطل قبل مواعيد النشرات الإخبارية بدقائق، ليعلن ضمن إخباريات عاجلة، عن استسلام جنود، أو اعتقال ضباط كبار و وزراء، قلت أن هذا الحدث سيكون علامة فارقة في تاريخنا العربي، نفث الزنجي سبسيه، وهز رأسه مؤكدا كلامي، قبل أن يسألني عن معنى "التاريخ العربي"، ويشير إلى ما بين فخذي نهاد :
- " ذق لك " قطعة من هناك الله يرضي عليك
مرة أخرى حضر نفس الصبي، ليقذفنا هذه المرة بفردتي حذائه، وليختفي تحت السرير، قال الزنجي :
- اخرج لعنة الله عليك أيها المسخوط.. أين أنت يا لمرة هات العصا
عادت المرأة بعصا طويلة، فأدخلها تحت السرير وأخذ يلوح بها في الفراغ.
نزعت صدريتي و بقية ملابسي، كانت لا تزال منكفئة على بطنها، وخاصرتها معلقة في الهواء كقبة ضريح، قلت:
- كيف أثق في الأمريكان، لا يمكنهم اختراق بغداد بهذه السرعة.
قال الأب و هو يدفع رأسه أكثر تحت السرير محاولا القبض على ابنه:
- الأمريكان اولاد حرام ..
اقتربت مني نهاد و قالت:
- يا معقد... و مالنا نحن؟ لعنة الله على بغداد والعرب أجمعين، هات...
ثم دنت نحو عضوي و تكلمت وكأنها تقلد صدام في الميكرفون، فسمعت الزنجية تضحك، وسمعت الزنجي يراضي الطفل وكأنه يتفاوض معه على قضية نومه.
كنت أتصبب عرقا، وكان راسي يدور من شدة الخجل، وسمعت صوت الشاي المغلي وهو يندفع في مساره نحو الكؤوس، فأحسست وكأنه ينسكب حاميا على صدري، وكنت أخاف أن أقذف مائي على وجه الصبية فتثبت إدانتي أمام عيون أهلها.
تكسرت العصا، ولم يتزحزح الطفل من مكانه، وقضيت وطري فلم يعد ثمة حاجة لتنويم الصبي بالمرة، ناولني الزنجي سبسيا وكأسا من الشاي وقال:
- لا تنزع ملابسك مرة أخرى في حضور هذا المسخوط فإنه لا يحشم، ثم طلب مني أن أشرح له في حروف مختصرة قصة العالم العربي.
كان الفجر يزحف نحونا متثاقلا، لم يعد بيننا مبرر للخجل، سلمتني الزنجية فوطة بيضاء، ودعت لي بالصحة و طول العمر، قالت لي:
- لا تصدق أحدا.. لا الأمريكان ولا أبا نهاد و لا غيرهم، لقد قلنا للناس أن نهاد مسكونة، فتركونا لحالنا، العرب يتكلمون كثيرا، لا هم ينكحون ولا يتركون أحدا ينكح في سلام..
أفقت من غفوة قصيرة، كان الوالدان قد خرجا، وبجانبي وجدت نهاد تلاعب أخاها الصغير و تقبله، خرجت للبهو، سحبت ورقة نقدية من جيبي لأمنحها للزنجي، راجيا أن يسلمها بعد ذلك لنهاد فقال:
- عيب يا رجل.. لم نفعل ما يستحق هذا.. ألسنا مغاربة؟