أ. د. محمد حسن عبدالله - الصيد السمين.. من معجم البابطين - عارف صادق الحر

المعجم من هذا النوع (الشعر) والمستوى (الموسوعي) لا يصح أن يأخذ مكانه زينة (ثقافية) فوق الأرفف .. إنه حياة شاملة، وخبرة متجددة، تنادي من يتفاعل معها .

* * *

مشهد غزلي: بين قلت وقالت ..
قالت أخاف ..
ويـوم كنـا وكـان الروض يسترنا .. عن العيـون فـلا واشٍ ولا عـذلُ
تفيض شمس الهوى نورا بأنفسنـا .. والشمس يحجب حيناً نورها الطَفَلُ
ترضى وأغضب في جد وفي هـزل .. وأعـذب الحبِ حيث الجِدُ و الهزلُ
قالت: خلونا من الواشين؟ قلت: بلى .. قالت: أخـاف وقلبـي ملؤه وجلُ
أخـاف غصنـا أراه اهتـز معتدلاً .. فقلت: حيـاه غصـن منك معتدلُ
قالت: أخـاف مـن الغريد يفضحني .. فقلت: مـن صـوتك الغريدُ يمتثل
قالت: أخـاف نسيماً هب، قلت لها: .. يـريد منـك شـذىً تبرا به العلل
قالت: أخـاف مـن الأزهار ناشرةً .. أنفاسها، قلت: فاح الحب والأمـلُ
قالت: أرى البدر يرعانا، فقلت لها : .. يرعى جمالك حيث الحسنُ مكتملُ
قالت: وهذي عيون النجـم سـاهرةٌ .. فقلت : تحـرسنا والناس قد غفلوا
قالت: وخفق دراريها ؟ فقلـت لها: .. تهـم تـرصع نحـراً زانـه العَطلُ
قالت: تعال بنا عنها. فقلـت: أجـل .. بالروح نسمو إلى ما دوننا " زُحلُ"
قالت: هو الحب؟ قلت: الطهر غايته .. يقـول عـن قلب سلمى إنه حَمَلُ

* * *

شاعر القصيدة : عارف صادق الحر (لبنان 1910 – 1971 ) .

• هذه القصيدة الغزلية القصيرة ، سجلناها في صورتها الكاملة، كما وثقها " معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين" ، وهي من "بحر البسيط".
• القصيدة تصف حواراً غزلياً بين حبيبين التقيا في مشهد طبيعي، والقصيدة – على إيجازها- جمعت أهم عناصر معاني الغزل في التراث العربي. ففيها إشارة إلى الواشين والعاذلين، وفيها تنظير مستمر بين صفات المحبوبة، وعناصر الطبيعة التي تبدو – رغم جمالها – أقل حسناً من هذه المحبوبة . ومع هذا ففيها إشادة بالصفات النفسية التي تتمتع بها المرآة.
• التشكيل الفني للقصيدة اعتمد على المبدأ الحواري: قالت.. فقلت . وهذا النمط من الحوار بين العاشقين، الذي يستمر بينهما طوال القصيدة وينتهي بنهايتها له سوابق في التراث العربي، وأقدم ما لدينا من هذا الشكل الفني للقصيدة، نجده في قطعة حوارية من شعر (وضاح اليمن) قالها في محبوبته (روض) التي كتب فيها جملة شعره الغزلي . ولعمر بن أبي ربيعة قصيدة تتصدر فيها صيغة (قولا لها) وتنتهي بـ (قالت) أيضا.
• الطابع الحواري يعطي النص درجة من الحضور والدرامية، كما يسفر عن المشاركة الفطرية في علاقة الحب .

* * *

 التوثيق : المعجم – المجلد التاسع – ص700 .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى