أبو يوسف طه - صورة الشعب في ذهن المثقف .

لا يمكن الجزم بوضوح الرؤية في هذا المجال ، فكثيرا ما يدعي المثقف دفاعه عن الشعب ، وقيادته لمعاركه ، والحقيقة أن الشعب ليس إلاتمثلا متوهما ، أو بالأحرى صورة ذهنية في مخيلة المثقف ، أو كلمة عائمة في نص شعري أو نثري ، إذ لو امتلك هذا المثقف سعة التجربة وتنوعها ، واحتك في يومييه بأصناف الناس لانكشف له الفارق البين بين واقع الحال وما يتهيأ له في وعيه ، والسياسي هو القادر على إدراك هذا الفارق لأنه يفيده في اللعب في نطاق الإلتباس . لهذا فالرسائل التي يزعم المثقف إيصالها للشعب لن تصل أبدا ، لأن ما يسمى شعبا هو شتات ولا تجانس وأفراد ، وهذا الخليط لايتم لحم أجزائه اصطناعيا ، وبجبرية ناعمة أو قاسية ، إلا بخطاب يمحو الفوارق ويذيب المتباعد في المتعالي ، إن أي هزة تبدد التماسك الهش . لقد عصفت التحولات الحالية بكل ذلك الصرح من اليوتوبيا التي كانت محركا للفعاليات التي تجاوزت النضال في صورته البسيطة إلى التضحية بالحياة من أجل ازدهار حياة الآخرين الذين تنكبوا الطريق، والقليل منهم من يضع إكليلا في مقبرة الشهداء ، بينما نجد نخبة ركبت العربة المذهبة التي تجرها الأحصنة الأربعة المجنحة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى