بدأت حكايتي معها ذات مساء رمضاني حار، وغير متوقع، بلغت درجة الحرارة نهارا نحو الخمسين درجة، في سابقة لا مثيل لها. حينما توقفت سيارتها بعجلاتها الضخمة أمام بيتنا ونزلت منها أختي المتزوجة، أميما، 47 سنه، متوسطة الطول، شعر أشقر وبشرة حليبية صافية، بأثداء صغيره تكاد لا تبين في بعض الملابس.
صفقت باب السيارة بقوة وهي تهم بالخروج، دون أن تفتح الباب للطفلين بالمقعد الخلفي! سارعت لإخراجهما وأنا أضحك – مشاكل جديدة؟ سألت.
- أجل. الكلب. لم أعد أحتمل. أين أمي؟
- ليست بالداخل. ذهبت قبل قليل إلى البلد.
- هل ستغيب طويلاً.
ساعة. ثلاث ساعات لا أدري؟ بكل الأحوال أستطيع أن أضمن لك بأنها ستعود قبل موعد الإفطار.
- وأخي؟
- ربما هو نائم. لا أدري. لم أغادر البيت.
سأتصل بأمي كي تعود سريعا..
لا. اعترضت. دعيها وشأنها. ماذا ستفعل سوى أنها ستتعاطف معي كما في السابق، هذه المرة لن تفعل شيئاً لأنني قررت وفعلت ما توجّب عليّ فعله منذ سنوات طويلة.
دخلنا البيت. سارعت وجلست على الصوفة “مكاني المفضل” وبدأت بخلع الملابس وإلقائها في الصالة ككرات صغيرة ملونة.
اهدئي. قلت محاوله تجنب إثارة غضبها أكثر، إنها شقيقتي وصديقتي التي تكبرني بسنوات قليلة.
رمت ربطة شعرها الأشقر الطويل، انسحب ليغطي منتصف ظهرها، انتبهت لتقصف أطرافه، أطلبت من الشغالة أن تأخذ الطفلين للداخل.
بعد قليل انتبهت بأنها تنشج بصمت ثم تطور لنشيج أعلى ثم صار بكاء.
والآن. هل ستخبرينني بما حدث؟
صرت امرأة مطلقة. قالت وهي تضحك من بين دموعها
لم أعلق بشيء. كدت أن أعانقها، شيء ما أوقفني في اللحظة الأخيرة. شقيقتي صديقتي من بين إخوتي عادت لتعيش بيننا من جديد! ياالهي…!
ضبطت نفسي: كنت فرحة بطريقة غامضة، وبالوقت نفسه كنت منزعجة.
وكيف جرى الأمر؟
بعد مشاجرة عنيفة طلبت منه أن نفترق، رافضة أن أكون معه يوم إضافيا آخر؟
حينما عاد في المساء قال إنه طلقني بالثلاث وأضاف: الآن تستطيعين أن تخرجي، سينفعك شقيقك أيتها الكلبة!
كان لأخي رأي مغاير لرأينا جميعا: طلب منها ألاّ تخرج من بيتها عند حدوث شجار بينهما قائلا: ليخرج هو “إما أن تشتغلي على الخط جاية رايحة مرة زعلانة ومرة رضيانة فهذا مرفوض من أساسه، وأضاف: نحنا مش على مزاجك، هي كلمة واحدة لا أكثر: بدك الطلاق غدا صباحا نلتقي ثلاثتنا بالمحكمة وبنخلص منو”. هذا ما طلبه أخي منها في آخر معركة معه.
تذكرت: حينما كنا صغارا، تعودت وشقيقتي أن ننام في سرير واحد. كنت أجدّل لها شعرها الطويل وأطلب منها مكافأة أن تقص من جدائلها لي كي يصبح شعري القصير في الصباح التالي جدائل طويلة..
رويت لها القصة، تذكرتها وأخذت تضحك.. من حسن الحظ أن في غرفتي سريرا إضافياً، بدأت تشاركني غرفتي الواسعة بنافذتين عريضتين، كنت فرحة بوجودها معنا.
هنا بدأت الحكاية، حكايتي، حكايتها، حكايتنا، حكايتهما معاً، بفصولها الدرامية غير المتوقعة.
ذات ليله حارة، وكنا جميعاً نسهر في “الترس″ نهضت أختي فجأة قالت وهي تنظر ناحيتي: تصبحون على خير.
بالنسبة إليّ كان النوم آخر شيء أطلبه.
لكنني ولدهشتي وجدتني بعد خمس دقائق أفعل مثلها وأتبعها.
دخلت الغرفة وقلت بتأفف: عجيب! ستنامين الآن؟
أحسست لوهلة وكأنني في غرفة أخرى، وليست غرفتي، كانت قد أنزلت الستائر للمنتصف في حين أخذت الأباجورات ذات اللون الأصفر شكلاً جميلاً، تركت لضوء القمر أن ينسحب على سريرها الذي وضعته مكان سريري. قلت في مكان ما هنا إنها وبعد وصولها بقليل استولت على الصوفة خاصتي “عينك عينك”.
لا. قالت. شعرت بأنني أريد أن أكون في سريري “هادي كل القصة. خلصنا عاد”.
انتبهت بأنها متوترة، أو هي منزعجة، لست متيقنة، جملتها باترة، حادة، وقاطعه لا تدع لك مجالاً للمناقشة أو الاعتراض.
كانت ممدّدة على السرير شبه عارية.
ألقيت بملابسي على طريقتها، مستمتعة بكل قطعة أرمي بها في أرض الغرفة.
أشعلت لمبة ذات إضاءة خاقتة حمراء كانت قد أحضرتها هي، وتركت لموسيقى صاخبة أن تنساب بعنف محبب.
رن هاتفي.
وصلتك رسالة. قالت.
كانت رسالة منه. من رجلي. يتساءل إن كنت سهرانة، كتبت له، وبدأت سهرتي معه، يكتب هو وأرد أنا، وأحياناً أكتب أنا ويرد هو.
كتبت له في واحدة من رسائلي: “اشتقتلك “. هل سنلتقي غدا؟
- وأنا اشتقتلك، ربما في نهاية الأسبوع، وإذا تعذر سنلتقي الأسبوع المقبل.
يؤجلني، يؤجلني كعادته، ويؤجل قبلتي وأحيانا ينساها على الطاولة ويخرج.
كتبت له متسائلة إن كنت أنا المرأة التي يزعم عشقها قد صرت من ضمن آخر الأشياء التي يوليها عناية أو رعاية في يومه الطويل والشاق؟
أريدك أن………. كيف سأكتبها؟ أخذت أتساءل بصوت مرتفع، هنا تدخلت أختي وهي تسحب الهاتف من يدي: ماذا ستكتبين؟ آه أيتها الكاتبة المؤدبة تدعين الخجل كذبا! اكتبي بجرأة، لا شيء أجمل على قلب الكاتب المبدع من تسمية الأشياء بأسمائها، كما هي. أريدك أن تضاجعني هكذا، وأرسلتها على الفور.اكتبي.
فوجئت بمهارتها بالكتابة وسرعة عثورها على الأحرف، في الوقت الذي أتهجأ فيه الأحرف حرفا حرفا.
وأنا أيضا أريد أن أضاجعك. جاء رده، وهاتفي بين يديها.
- كيف؟ كتبت هي تسأل.
- كما تشتهين.
……!!!! – أريد أن تبدأ في… “وأن”….”.
أخذت دقات قلبي تتسارع وأحسست لزوجة رطبة ساخنة تتخلل أسفلي بعرية الدافئ.
الآن تولت المهمة أختي، تكتب هي حينا وتردّ حينا آخر، وتسأل بصوت مرتفع، وأنا ألهث عارية فوق سريري، إلى أن بدأ صوت أختي ينخفض ببطء حتى تلاشى من سمعي تماما، ولم أعرف كيف ومتى غرقت بالنوم.
استمر الحال ليالي طويلة، بعد منتصف الليل بقليل تبدأ اللعبة بيننا، تبدأ بي، وتنتهي بهما: هو وأختي..
مضى زمن أجهل تتبعه، إلى أن وجدتني خارج اللعبة تماما! توقفت رسائلي له فجأة، وبالمقابل توقفت رسائله وانتهى الأمر بيننا بصورة غير متوقعة.
أنا الآن امرأة ترعى طفلين لأختها المطلقة، دون أن أملك القدرة على سؤالها ذلك السؤال الذي اعتادت هي أن تسألني إياه مرارا في كل مرة نلتقي بها،- بالرغم من أنها ما زالت تقيم بيننا-: هل أنت سعيدة معه؟
جميلة عمايرة
قاصة وكاتبة من الأردن
صفقت باب السيارة بقوة وهي تهم بالخروج، دون أن تفتح الباب للطفلين بالمقعد الخلفي! سارعت لإخراجهما وأنا أضحك – مشاكل جديدة؟ سألت.
- أجل. الكلب. لم أعد أحتمل. أين أمي؟
- ليست بالداخل. ذهبت قبل قليل إلى البلد.
- هل ستغيب طويلاً.
ساعة. ثلاث ساعات لا أدري؟ بكل الأحوال أستطيع أن أضمن لك بأنها ستعود قبل موعد الإفطار.
- وأخي؟
- ربما هو نائم. لا أدري. لم أغادر البيت.
سأتصل بأمي كي تعود سريعا..
لا. اعترضت. دعيها وشأنها. ماذا ستفعل سوى أنها ستتعاطف معي كما في السابق، هذه المرة لن تفعل شيئاً لأنني قررت وفعلت ما توجّب عليّ فعله منذ سنوات طويلة.
دخلنا البيت. سارعت وجلست على الصوفة “مكاني المفضل” وبدأت بخلع الملابس وإلقائها في الصالة ككرات صغيرة ملونة.
اهدئي. قلت محاوله تجنب إثارة غضبها أكثر، إنها شقيقتي وصديقتي التي تكبرني بسنوات قليلة.
رمت ربطة شعرها الأشقر الطويل، انسحب ليغطي منتصف ظهرها، انتبهت لتقصف أطرافه، أطلبت من الشغالة أن تأخذ الطفلين للداخل.
بعد قليل انتبهت بأنها تنشج بصمت ثم تطور لنشيج أعلى ثم صار بكاء.
والآن. هل ستخبرينني بما حدث؟
صرت امرأة مطلقة. قالت وهي تضحك من بين دموعها
لم أعلق بشيء. كدت أن أعانقها، شيء ما أوقفني في اللحظة الأخيرة. شقيقتي صديقتي من بين إخوتي عادت لتعيش بيننا من جديد! ياالهي…!
ضبطت نفسي: كنت فرحة بطريقة غامضة، وبالوقت نفسه كنت منزعجة.
وكيف جرى الأمر؟
بعد مشاجرة عنيفة طلبت منه أن نفترق، رافضة أن أكون معه يوم إضافيا آخر؟
حينما عاد في المساء قال إنه طلقني بالثلاث وأضاف: الآن تستطيعين أن تخرجي، سينفعك شقيقك أيتها الكلبة!
كان لأخي رأي مغاير لرأينا جميعا: طلب منها ألاّ تخرج من بيتها عند حدوث شجار بينهما قائلا: ليخرج هو “إما أن تشتغلي على الخط جاية رايحة مرة زعلانة ومرة رضيانة فهذا مرفوض من أساسه، وأضاف: نحنا مش على مزاجك، هي كلمة واحدة لا أكثر: بدك الطلاق غدا صباحا نلتقي ثلاثتنا بالمحكمة وبنخلص منو”. هذا ما طلبه أخي منها في آخر معركة معه.
تذكرت: حينما كنا صغارا، تعودت وشقيقتي أن ننام في سرير واحد. كنت أجدّل لها شعرها الطويل وأطلب منها مكافأة أن تقص من جدائلها لي كي يصبح شعري القصير في الصباح التالي جدائل طويلة..
رويت لها القصة، تذكرتها وأخذت تضحك.. من حسن الحظ أن في غرفتي سريرا إضافياً، بدأت تشاركني غرفتي الواسعة بنافذتين عريضتين، كنت فرحة بوجودها معنا.
هنا بدأت الحكاية، حكايتي، حكايتها، حكايتنا، حكايتهما معاً، بفصولها الدرامية غير المتوقعة.
ذات ليله حارة، وكنا جميعاً نسهر في “الترس″ نهضت أختي فجأة قالت وهي تنظر ناحيتي: تصبحون على خير.
بالنسبة إليّ كان النوم آخر شيء أطلبه.
لكنني ولدهشتي وجدتني بعد خمس دقائق أفعل مثلها وأتبعها.
دخلت الغرفة وقلت بتأفف: عجيب! ستنامين الآن؟
أحسست لوهلة وكأنني في غرفة أخرى، وليست غرفتي، كانت قد أنزلت الستائر للمنتصف في حين أخذت الأباجورات ذات اللون الأصفر شكلاً جميلاً، تركت لضوء القمر أن ينسحب على سريرها الذي وضعته مكان سريري. قلت في مكان ما هنا إنها وبعد وصولها بقليل استولت على الصوفة خاصتي “عينك عينك”.
لا. قالت. شعرت بأنني أريد أن أكون في سريري “هادي كل القصة. خلصنا عاد”.
انتبهت بأنها متوترة، أو هي منزعجة، لست متيقنة، جملتها باترة، حادة، وقاطعه لا تدع لك مجالاً للمناقشة أو الاعتراض.
كانت ممدّدة على السرير شبه عارية.
ألقيت بملابسي على طريقتها، مستمتعة بكل قطعة أرمي بها في أرض الغرفة.
أشعلت لمبة ذات إضاءة خاقتة حمراء كانت قد أحضرتها هي، وتركت لموسيقى صاخبة أن تنساب بعنف محبب.
رن هاتفي.
وصلتك رسالة. قالت.
كانت رسالة منه. من رجلي. يتساءل إن كنت سهرانة، كتبت له، وبدأت سهرتي معه، يكتب هو وأرد أنا، وأحياناً أكتب أنا ويرد هو.
كتبت له في واحدة من رسائلي: “اشتقتلك “. هل سنلتقي غدا؟
- وأنا اشتقتلك، ربما في نهاية الأسبوع، وإذا تعذر سنلتقي الأسبوع المقبل.
يؤجلني، يؤجلني كعادته، ويؤجل قبلتي وأحيانا ينساها على الطاولة ويخرج.
كتبت له متسائلة إن كنت أنا المرأة التي يزعم عشقها قد صرت من ضمن آخر الأشياء التي يوليها عناية أو رعاية في يومه الطويل والشاق؟
أريدك أن………. كيف سأكتبها؟ أخذت أتساءل بصوت مرتفع، هنا تدخلت أختي وهي تسحب الهاتف من يدي: ماذا ستكتبين؟ آه أيتها الكاتبة المؤدبة تدعين الخجل كذبا! اكتبي بجرأة، لا شيء أجمل على قلب الكاتب المبدع من تسمية الأشياء بأسمائها، كما هي. أريدك أن تضاجعني هكذا، وأرسلتها على الفور.اكتبي.
فوجئت بمهارتها بالكتابة وسرعة عثورها على الأحرف، في الوقت الذي أتهجأ فيه الأحرف حرفا حرفا.
وأنا أيضا أريد أن أضاجعك. جاء رده، وهاتفي بين يديها.
- كيف؟ كتبت هي تسأل.
- كما تشتهين.
……!!!! – أريد أن تبدأ في… “وأن”….”.
أخذت دقات قلبي تتسارع وأحسست لزوجة رطبة ساخنة تتخلل أسفلي بعرية الدافئ.
الآن تولت المهمة أختي، تكتب هي حينا وتردّ حينا آخر، وتسأل بصوت مرتفع، وأنا ألهث عارية فوق سريري، إلى أن بدأ صوت أختي ينخفض ببطء حتى تلاشى من سمعي تماما، ولم أعرف كيف ومتى غرقت بالنوم.
استمر الحال ليالي طويلة، بعد منتصف الليل بقليل تبدأ اللعبة بيننا، تبدأ بي، وتنتهي بهما: هو وأختي..
مضى زمن أجهل تتبعه، إلى أن وجدتني خارج اللعبة تماما! توقفت رسائلي له فجأة، وبالمقابل توقفت رسائله وانتهى الأمر بيننا بصورة غير متوقعة.
أنا الآن امرأة ترعى طفلين لأختها المطلقة، دون أن أملك القدرة على سؤالها ذلك السؤال الذي اعتادت هي أن تسألني إياه مرارا في كل مرة نلتقي بها،- بالرغم من أنها ما زالت تقيم بيننا-: هل أنت سعيدة معه؟
جميلة عمايرة
قاصة وكاتبة من الأردن