دنا قرص الشمس الذهبى من الغروب خلف الكثبان الرملية اللامتناهية، إنه اليوم الثانى والأخير للسباق، الفارسان يناوران، لم يستويا على خط عادل، كلما تقدم أحدهما جفل الآخر بفرسه؛ هي وثبة، قد تحسم التبارى مسبقًا، فكلاهما يحتاط ويحتال لقنصها، ضاقت صدور الجموع الآتية من كل حدب وصوب؛ عام كامل والخلائق تنتظر هذين الفرسين، كأن خيل الجنوب لم تنجب مثلهما البتة، تسمع الأحاديث المتناثرة هنا وهناك لتكسر الملل بالجانبين المتوازيين للمضمار، وتحت الخيام المعدة للطعام والشراب، وهؤلاء المتظللون بأشجار الدوم والبلح والسنط، والملتفون حول براميل الماء يروون عطشهم، يتحدثون لهجات جنوبية عدة رغم تقاربها الشديد؛ تختلف في حرف ربما حرفين بالإمالة أو التشديد أو المد، لا تسلبهم الحكايات أمر الفرسين الجامحين عند الرباط، فتشرئب أعناقهم وقاماتهم تجاه الغبار المتصاعد وعصىّ الخيزران المرفوعة بأيدى هؤلاء المتأهبين للهرولة خلف الفرسين.
- سهل الله لهما، أكثر من ساعة...
- مؤكد هذه المرة تكون الغلبة لفرس أولاد...
يردف آخر بنبرة ساخرة:
- يشهد عليك التراب الذي تفترشه الآن، بأنك العام الفائت قلت ذلك وهُزمَت.
لا يزال الفارسان يتقدمان ويتأخران، جسدا الفرسين اللامعان من أثر النعمة والرعاية غرقا في العرق، كانا يصهلان صهيلا له وقع في القلوب، تسمعهم يتصايحون:
- حرام عليكم هلكتم البهائم.
- يا ناس، هذه روح.
- حان أذان المغرب.
عند الغسق اختلط جانبا نهاية المضمار الفسيح.. لم يعد بأوله سوى شق بين الناس بالكاد يسمح بعبور عادية تعدو لنهايته.. بعض الشيوخ نفد صبرهم.. التفوا بهما ومسكوا لجاميهما.. سحبوهما.. حاذوا بينهما.. وصات أحدهما بصوت أجش مبحوح
- هااااااااااااااااااا
فجأة اتسع وانتظم طريق الفرسين، والخلائق خلفهما تخب وتزأر، فيما حوافرهما تنهش الأرض وتنثرها عليهم ورود الياسمين.
- رووح يا سْكَىْ رووح.. رووح يا موسى رووح.
امتزجت أصوات البشر الهادرة للفارسين سْكَىْ وموسى، واتسعت الأحداق ترنو للظلام البعيد.
- سهل الله لهما، أكثر من ساعة...
- مؤكد هذه المرة تكون الغلبة لفرس أولاد...
يردف آخر بنبرة ساخرة:
- يشهد عليك التراب الذي تفترشه الآن، بأنك العام الفائت قلت ذلك وهُزمَت.
لا يزال الفارسان يتقدمان ويتأخران، جسدا الفرسين اللامعان من أثر النعمة والرعاية غرقا في العرق، كانا يصهلان صهيلا له وقع في القلوب، تسمعهم يتصايحون:
- حرام عليكم هلكتم البهائم.
- يا ناس، هذه روح.
- حان أذان المغرب.
عند الغسق اختلط جانبا نهاية المضمار الفسيح.. لم يعد بأوله سوى شق بين الناس بالكاد يسمح بعبور عادية تعدو لنهايته.. بعض الشيوخ نفد صبرهم.. التفوا بهما ومسكوا لجاميهما.. سحبوهما.. حاذوا بينهما.. وصات أحدهما بصوت أجش مبحوح
- هااااااااااااااااااا
فجأة اتسع وانتظم طريق الفرسين، والخلائق خلفهما تخب وتزأر، فيما حوافرهما تنهش الأرض وتنثرها عليهم ورود الياسمين.
- رووح يا سْكَىْ رووح.. رووح يا موسى رووح.
امتزجت أصوات البشر الهادرة للفارسين سْكَىْ وموسى، واتسعت الأحداق ترنو للظلام البعيد.