كمال أبو النور - مصطفى فودة المثقف الدؤوب.. قراءة في نص استراحة قليلة للعالم

يبدأ النص بأصداء من حياتنا الآسنة فى هذه الايام، فجيعة وانكسارفى العالم، وحداد فى المقاهى والأسواق، ولكنه الشعر حين يمس هذه الأصداء الآسنة؛ تتحول إلى الاستشراف، إلى الجمال، والعودة إلى الحب، والذكريات، والتطلع إلى جمال الحبيبة الربانى، والذى هو حقا من هدايا الإله، أحببت تشبيه الحبيبة، وجمال جسدها بالنخلة، تشبيه موفق جدا ومستمد من تراثنا، كما أحببت جدا، وصف جمال المرأة وجسدها بهدايا الإله، ولا أظن أنى قرأت وصفا للمرأة بجمال تلك العبارة، والتى تمس أعماقنا وتراثنا، الذى يتحدث عن حب آدم وفرحته بحواء، انظر إلى إشارتك إلى الآية الكريمة، ( وهُزى إليك بجذع النخلة ) استخدمها الشاعر بطريقة مختلفة، ولم يأخذها كما هى؛ ولكنه قال هذى جسدك وتأكدى أنها هدايا الإله، والتشبيه الرائع كأن صوتك ... كجراح يضبط عقارب القلب، صورة جديدة للصوت لم أقرأها من قبل، بها من تداخل الحواس مابها، لا يصل إليها إلا شاعر موهوب حقا، بالتوفيق والإبداع
نص رائع يمس حياتنا ومشاعرنا وآلامنا ومحبتنا وآمالنا.
-----------------------
( انطباع قارئ ) .

**************

[ استراحةٌ قليلةٌ للعالم ]
------------------------------
لاشيءَ يُلَوِّحُ في الأفقِ بحدوثِ أمطار
الكوبُ فارغ
وانتظارُ الموتِ جريمةٌ
وقلبي يقتربُ من سقوطِ أسنانِه
في الثواني الأخيرةِ من انكسار العالمِ
في هذه الفجيعة
في هذا الألم الصامتِ
أمام دموع الشوارعِ
وحدادِ المقاهي،
أمام النوافذ العمياءِ
وأشباحِ المدنِ
لست متأكدا من نهاية الموسيقى والغناء
لكنه العالَمُ يرغبُ في استراحةٍ قليلةٍ
من الضجيج والتلوث
يحن إلى العودة إلى الكهوف
يرغبُ بشدةٍ أن يعودَ الإنسانُ عاريا أمام الوردةِ
كلُّ المحطاتِ لم تعد متاحةً
إلا محطةَ الحنين
نقلِّبُ في صورِنا القديمةِ
وقفزاتِنا المجنونةِ
وحبيباتِنا اللاتي تألمْنَ كثيرا من طعناتِنا الغادرة
ربما أفلتت بعضُهُنَّ بتطهيرِ الذكريات
وربما أصبحنا كوابيسَ
تأتي فقط في اللحظات الحميميةِ
وربما أتلفنا أرواحَهُنَّ
وأضحت غيرَ صالحةٍ للحياةِ
الأنانيةُ، تلك جريمتُنا
نتحاشى النظرَ إلى أرواحنِا الآسنةِ
حتى لا نموتَ في منتصفِ الطريقِ
في هذا الهجومِ الكاسحِ للغروب
أمام هذه التشوهاتِ المتلاحقةِ في اليقين
يأتي صوتُكِ محفوفا بأيدي الملائكة،
كجَرَّاحٍ يضبُطُ عقاربَ القلب
كأملٍ منفلتٍ من كمينِ الخيبات
كشجرة موزٍ يتعلَّقُ بها طفلٌ غريق
اعلمي أنكِ مازلتِ نخلةً عذراءَ
وهذه الشجيراتُ نبتَت خارجَ الرحم
فهزِّي جسدَكِ
وتأكدي أنها هدايا الإله
وافتحي الأبوابَ
حتى ولو كان الموت يتربَّصُ فوق شفاهِنا
وافردي ذراعيكِ
لتعرفي أن الأمانَ الساحرَ
أن نفنى على هذه الصورة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى