العريس في المدينة وفي أرقى المحلات يختار بذلته ويشرك أترابه في ذوقه، دلائل الفرح بادية على وجهه وككل عريس. تتناغم أصوات أترابه كل يغني ما يحلو له، وأنظار الجالسين في المقاهي تخترق هذا الجو السروري الرائع الممتزج بالزغاريد المندفعة من حناجر من أرادو الفرح بصديقهم معلنة بذلك إنتقاما غير مباشر لمن لا يحبون السعادة للغير. أما العروس فهي الآن جالسة على كرسي عرشها تتنعم بأروع أنواع التزيين والتجميل كملكة تنتظر ملاقاة إمبراطورها بعد غياب حرب مع الحياة ليعلن إنتصاره بالفوز بها وقد أحاط بها كل من هن في القاعة لخدمتها كالجواري..
هو حال العريس”عقبة”الذي طالما إنتظر هذه الليلة التي تحمل أحلامه الوردية على بساط من ورد ليأخذ قسطا من الحب والراحة مع التي طالما إنتظر لقاءها بشغف.، وقد أقر في مابينه وبين نفسه بأن دواعي سروره بعروسه قد باتت ظاهرة للعيان…، إقتنى “عقبة” بذلته ومايلزمه كعريس، وعاد للبيت… لقد حان وقت الغداء بعدما تزاحمت حشود المدعويين على حافة الرصيف الذ جانب البيت ،البيت الذي، تنبعث منه رائحة أشهى المأكولات مع قليل من زغاريد من لم يحالفهم الحظ في الزواج….، هنا يقف عقبة مبتسما يرسم سعادته في وجوه المدعويين وهو يقول”قربوا،… قربوا”…وتتهافت عليه التهاني من طرف الحاضرين، وفي الزاوية المقابلة وجوه معروفين بتتبع مآدب الأعراس يحملون “ملاعقهم” في رواق مزدحم ذكرني بطابور المطعم الجامعي في سنوات مضت من دراستي … “عقبة ” شاب يتوسم الخير في الناس لأن قلبه طيب ويتسم بتواضعه الذي يرفعه دائما،… إلا أنه “موركانتي” ويكسب المال، ماجعل معظم أصدقاءه يتفادونه لحاجة في نفس يعقوب، إلا أن شخصيته تركت انطباعا حسنا عند الكثير……. إنتهت مأدبة الغداء وانصرف أصحاب”الملاعق ” ولم يبقى سوى “عقبة”ومن قررو الوقوف معه من أصدقاءه وأقرباءه……، وهاهي ذي سيارة “الليموزين” محفوفة بورود حمراء وصفراء وبيضاء إلا أن اللون الغالب هو الأصفر، وكأنها تعلن غيرتها من هذا الشاب الوسيم”عقبة”…،ينزل منها سائق ببدلة كلاسيكية على أنغام”جون قابريال ” متأبطا “دعوة الفرح…. يحملق أحد الواقفين في فناء البيت وقد إخترق كلامه مسامعي وهو يقول: ستكون عروس الليلة “قوادا لوبي”….أكيد ولا شك في ذلك.، فالسيارة والبدلة والأنغام كلها توحي بأننا في عرس مكسيكي…. ثم يصرخ بأعلى صوته: “أين إدوارد؟… أين إدوارد”؟….فيلتفت “عقبة” وهو يبتسم قائلا :هو من المدعويين في عرس ” كسندرا”…أتعرفها؟…. وأظنه سمع مايقول هذا الشاب عندما تكلم عن “قوادا لوبي”….لكنني حقيقة أخذني هذا الشاب، في حديثه لسنوات التسعينات… وتذكرت “رهينة الماضي” ووقت بثها فانفجرت بداخلي معركة تخاصمت فيها أناملي ودموعي وكل منهما يريد أن ينال شرف ذلك الزمن الجميل……….. ينطلق الموكب لجلب العروس وعند الوصول يقف عقبة واضعا يده على الباب ،…يفتحه بهدوء وهناك داخل سيارة “الليموزين” مايبعث السعادة من عطر ومكيف وزينة وورود وإتساع مكان،… ستدخل يا “عقبة “قصر أحلامك المتنقل بعد قليل،… بعد قليل فقط ستركب من الجهة المقابلة،… لا تتسرع- يقول عقبة وهو يحدث نفسه-،….ركب وقد خيم الصمت على العروسين حتى أنهما ليسمعان خفق قلبيهما المشحونتين بلذة اللقاء والتي لم يَخبَرَاهَا من قبل، يحاول “عقبة” دائما كسر حاجز الصمت لتتجاوب معه عروسه “راكي مليحة” ،”عجباتك الحطة “ولأنها بداية رحلة جديدة وجب عليه إقتناء أروع وأرقى الألفاظ والتي يمسح بها دموع وداع عروسه لأمها….فيسترسل قائلا:وأخيرا فزت بك يا أروع إنسانة…… وصلنا لبيت “عقبة” وقد بدأت الشمس تجمع خيوطها معلنة دخول قمر الليلة إحتفالا بزواج عقبة…..، وقد وقف على بُعد خطوات مني رجل رثّ الثياب تظهر عليه آثار العوز وهو يردد : “ربي يصلح…. ربي يصلح…. وربي، يقدرنا على شكيرة لحليب”….لقد أخلط هذا الرجل كل أوراقي وأفقدني لذّة الفرح بكلامه هذا، …لقد زحفت بيدي خفية لجيب سروالي الضيق علّني أمنحه دراهم معدودة… لكنه رفض قائلا: “كاشي لقمة عشا برك”…أمسكته من يده وسحبته وهو يقول”لعلهم لا يبغون ذلك…. سأفسد مجلسكم… انا لا أليق بهذا المقام….. وكنت أجيبه “سأزكيك كما زكّى “درويش” البرغوثي في زمن محنته الدراماتيكي من خلال مقدمته الرائعة”….دخلنا وقد لا حظنا أحدهم ونحن نتناقش فوصل الينا ووقف هنيهة ثم قال لي “يبدو أنك شاب لطيف وابن ناس طيبين”فأجبته: لم أفهمك !… فأجابني : لدي فتاة جميلة
سأزوجها لك…… كنت أروي هذه الحكاية لزوجتي وعند وصولي للحوار الأخير إنتفضت من مكانها وهي تقول :”من قبيل قُلِّي نحوس نعاود الزواج…..غادَرت -بالسكون على التاء- مسرح بيتي وقد ضرب الليل أطنابه وفتح السهر العميق أبوابه إحتفالا بهاته الورطة التي ورطت نفسي فيها………
* نقلا عن المجلة الثقافية الجزائرية
هو حال العريس”عقبة”الذي طالما إنتظر هذه الليلة التي تحمل أحلامه الوردية على بساط من ورد ليأخذ قسطا من الحب والراحة مع التي طالما إنتظر لقاءها بشغف.، وقد أقر في مابينه وبين نفسه بأن دواعي سروره بعروسه قد باتت ظاهرة للعيان…، إقتنى “عقبة” بذلته ومايلزمه كعريس، وعاد للبيت… لقد حان وقت الغداء بعدما تزاحمت حشود المدعويين على حافة الرصيف الذ جانب البيت ،البيت الذي، تنبعث منه رائحة أشهى المأكولات مع قليل من زغاريد من لم يحالفهم الحظ في الزواج….، هنا يقف عقبة مبتسما يرسم سعادته في وجوه المدعويين وهو يقول”قربوا،… قربوا”…وتتهافت عليه التهاني من طرف الحاضرين، وفي الزاوية المقابلة وجوه معروفين بتتبع مآدب الأعراس يحملون “ملاعقهم” في رواق مزدحم ذكرني بطابور المطعم الجامعي في سنوات مضت من دراستي … “عقبة ” شاب يتوسم الخير في الناس لأن قلبه طيب ويتسم بتواضعه الذي يرفعه دائما،… إلا أنه “موركانتي” ويكسب المال، ماجعل معظم أصدقاءه يتفادونه لحاجة في نفس يعقوب، إلا أن شخصيته تركت انطباعا حسنا عند الكثير……. إنتهت مأدبة الغداء وانصرف أصحاب”الملاعق ” ولم يبقى سوى “عقبة”ومن قررو الوقوف معه من أصدقاءه وأقرباءه……، وهاهي ذي سيارة “الليموزين” محفوفة بورود حمراء وصفراء وبيضاء إلا أن اللون الغالب هو الأصفر، وكأنها تعلن غيرتها من هذا الشاب الوسيم”عقبة”…،ينزل منها سائق ببدلة كلاسيكية على أنغام”جون قابريال ” متأبطا “دعوة الفرح…. يحملق أحد الواقفين في فناء البيت وقد إخترق كلامه مسامعي وهو يقول: ستكون عروس الليلة “قوادا لوبي”….أكيد ولا شك في ذلك.، فالسيارة والبدلة والأنغام كلها توحي بأننا في عرس مكسيكي…. ثم يصرخ بأعلى صوته: “أين إدوارد؟… أين إدوارد”؟….فيلتفت “عقبة” وهو يبتسم قائلا :هو من المدعويين في عرس ” كسندرا”…أتعرفها؟…. وأظنه سمع مايقول هذا الشاب عندما تكلم عن “قوادا لوبي”….لكنني حقيقة أخذني هذا الشاب، في حديثه لسنوات التسعينات… وتذكرت “رهينة الماضي” ووقت بثها فانفجرت بداخلي معركة تخاصمت فيها أناملي ودموعي وكل منهما يريد أن ينال شرف ذلك الزمن الجميل……….. ينطلق الموكب لجلب العروس وعند الوصول يقف عقبة واضعا يده على الباب ،…يفتحه بهدوء وهناك داخل سيارة “الليموزين” مايبعث السعادة من عطر ومكيف وزينة وورود وإتساع مكان،… ستدخل يا “عقبة “قصر أحلامك المتنقل بعد قليل،… بعد قليل فقط ستركب من الجهة المقابلة،… لا تتسرع- يقول عقبة وهو يحدث نفسه-،….ركب وقد خيم الصمت على العروسين حتى أنهما ليسمعان خفق قلبيهما المشحونتين بلذة اللقاء والتي لم يَخبَرَاهَا من قبل، يحاول “عقبة” دائما كسر حاجز الصمت لتتجاوب معه عروسه “راكي مليحة” ،”عجباتك الحطة “ولأنها بداية رحلة جديدة وجب عليه إقتناء أروع وأرقى الألفاظ والتي يمسح بها دموع وداع عروسه لأمها….فيسترسل قائلا:وأخيرا فزت بك يا أروع إنسانة…… وصلنا لبيت “عقبة” وقد بدأت الشمس تجمع خيوطها معلنة دخول قمر الليلة إحتفالا بزواج عقبة…..، وقد وقف على بُعد خطوات مني رجل رثّ الثياب تظهر عليه آثار العوز وهو يردد : “ربي يصلح…. ربي يصلح…. وربي، يقدرنا على شكيرة لحليب”….لقد أخلط هذا الرجل كل أوراقي وأفقدني لذّة الفرح بكلامه هذا، …لقد زحفت بيدي خفية لجيب سروالي الضيق علّني أمنحه دراهم معدودة… لكنه رفض قائلا: “كاشي لقمة عشا برك”…أمسكته من يده وسحبته وهو يقول”لعلهم لا يبغون ذلك…. سأفسد مجلسكم… انا لا أليق بهذا المقام….. وكنت أجيبه “سأزكيك كما زكّى “درويش” البرغوثي في زمن محنته الدراماتيكي من خلال مقدمته الرائعة”….دخلنا وقد لا حظنا أحدهم ونحن نتناقش فوصل الينا ووقف هنيهة ثم قال لي “يبدو أنك شاب لطيف وابن ناس طيبين”فأجبته: لم أفهمك !… فأجابني : لدي فتاة جميلة
سأزوجها لك…… كنت أروي هذه الحكاية لزوجتي وعند وصولي للحوار الأخير إنتفضت من مكانها وهي تقول :”من قبيل قُلِّي نحوس نعاود الزواج…..غادَرت -بالسكون على التاء- مسرح بيتي وقد ضرب الليل أطنابه وفتح السهر العميق أبوابه إحتفالا بهاته الورطة التي ورطت نفسي فيها………
* نقلا عن المجلة الثقافية الجزائرية