نادل المقهى يُجدّف نحو حياة أخرى

ستحمل همّك وترحل. تشقّ عُباب العمر بلا التفاتة. تأخذ معك ما تيسّر من القهوة، لتسهر مع الموج المتلاطم، تحسب ضحايا المياه. سترتك وثيابك هي عراؤك من الكذب، وامتلاء بالفراغ. مناديلك تُلوّح بها للتائهين تحت الماء. وتكتب فيها رسائلك البرمائية. قُبّعة الفنان تظلّلك من سطوة الشمس والسماء. لن تحتاج إلى تقليم أظافرك، ولن تحتاج لهاتف ملعون، أسرارك تدفن معك، تشربها حيتان النهر الراكد. عندما ستصل للضفّة الأخرى، نحو جزيرة بلا عنوان، ستوزّع قهوتك على سكانها،رشفة رشفة، ليعمّ الحنين للرحيل. كنت ترحل من قهوة لأخرى، ومن مدينة لأخرى كنت تضع مناديلك إعلانا للاستقرار. لكنّك كنت حبيس الزمن الضائع، تبحث في كومة التبن عن قشّة للخلاص من زمن جامد. ركبت قشة الخلاص، وطفت بها تُجدّف بحثا عن مكان يتجدّد فيه الليل، وتتجدّد فيه نكهة الكتب والألوان. لكنك نسيت كتابك الأخير فوق خزانة العمر المغلقة منذ سنين. صرخت، انتفضت، ثم جادت قريحتك بما حفظت من كتابك، من مواويل. شدوت وأنت تُبحر بلا قرار. تُوزع القهوة بين اغانيك، وتمسح دموع الحالمين. كانت قهوتك مُشتعلة بلا جمر وكانت مناديلك ذكيّة بلا عطر وكانت أحلامك جميلة ولذيذة بلا رقيب.
فوزية ضيف الله تونس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى