يونس عتيق الله - عش لنفسك.. و اصنع سعادتك

كثيرا ما يمر الإنسان بلحظات ضعف تجعله يسترخص حياته لدرجه تهوي به في غياهب التيه، قد يتساءل عن دوره في الحياه، قد يتساءل عن جدوى وجوده، وقد يتساءل في أحلك الحظات عن قيمته بين الناس، وتلك أصعب الأمور و أخطرها لما يدخل في مجال المقارنة، إنها أولى الخطوات المؤسِّسة لتحقيره لذاته، بل إنها بدايه التعاسة، وأظن أن " دان جريينبرج " كان محقا في كتابه how to make yourself miserable (كيف تتعس نفسك) وهو يقترح "أنه لو كان لدى الناس رغبه صادقة في جعل حياتهم تعيسة فما عليهم إلا أن يتعلموا مقارنة أنفسهم بالآخرين".
إنك بفعلك ذلك تصير عدوا لنفسك، تعذبها، تؤرقها، وتحزنها بل تحكم عليها بالضياع، أستطيع أن أقول بكل جرأة، بعض الأنانيه خير، إننا محتاجون مهما تقدم بنا العمر أن نعيش كل يوم طفولة جديدة، باعتبار أن الطفل لا يخجل، لا يتنازل ولا يقبل أن تَنزع منه ما يملكه، وكلها طباع تُسهم في بناء شخصية قادرة على المواجهة والصمود، حتى إن المشتغلين بما يُعرف بالتنمية الذاتية يرون أن الطفل الخانع لا مستقبل له، على عكس المتمرد الذي يستطيع أن يقول " لا " فهو ذاك الذي سيكتسب شخصية قوية رصينة.
يا عزيزي... لما تبكي فإن عيونك وحدها تدمع وليس عيون الناس، يا عزيزي... عش لنفسك وثق بنفسك وتذكر دائما أن ظروفك أنت صانعها، يمكن أن نخطئ ويمكن أن نسقط، لكن أخطاؤنا وسقطاتنا ينبغي أن تكون نتاج قراراتنا لا نتاج ثقة مغلوطٌ محل وضعها.
جميل جدا أن نتعامل بأريحيه مع الناس، جميل جدا أن نهدي ابتساماتنا دون حساب، جميل جدا أن ننثر الحب حيثما حللنا، لكن الأجمل والأروع أن نستشعر ذلك بدواخلنا، فغاية الظلم ظلم النفس وعدم المبالاة بها، وعوضا عن ذلك نبالي بأتفه الأشياء لعيون الآخرين. كم كان "مارك مانسن" موفقا في اختيار عنوان كتابه (فن اللا مبالاة لتعيش حياة تخالف المألوف )، فمطلق الجدية جنون، ومطلق السخاء تهور، ليس في ذلك نرجسية بغيضة، وإنما أظنه تعامل على المقاس، مقاس التوازنات، بل مقاس العدل وإنصاف الذات.
هناك أفكار خاطئه نتربى عليها منذ الصغر، قد علمونا أن الإنسان ابن بيئته، لكنهم لم يعلموننا أن الإنسان يمكنه صناعة بيئته بطريقته هو، أن تكون مسؤولا ليس معناه أن تكون عبدا، وقبول بعض التعبيرات الشائعه التي توحي بلزوم القيام بأمور وإن كانت تخالف رؤاك سواء أعجبك ذلك أو لم يعجبك أمر غايه في البؤس، إن تغيير واقعنا يبدأ من الداخل بتغيير أنفسنا وفهم ما لنا وما علينا. يكفي ألا تكون ظالما، عدا ذلك عش حياتك بطولها وعرضها، فقد خُلقت لتعيش حيا لا لتعيش ميتا، وكم من الموتى يعيشون بيننا.
يا عزيزي... افعل الشيء الذي يمتعك ودع الهموم وجفف الدموع وتذكر دائما أنك رائع كما أنت، تذكر أنك لست لوحة زيتية تنتظر إعجاب الناس، لا تضع نفسك على الجدار بل كن أنت المحور، وكن على يقين أنك لن تعجب الجميع وحتى من أعجبتهم سيجتهدون في إبراز نقائصك، أغلب من يلجون المصحات النفسيه اضطراباتهم خارجية، لكن وجدت ذاتا مفتوحة فعمَّرتها حتى ما عاد لها من من متنفس إلا عين تدمع أو قلب يتأوَّه .
إن المشاكل قدر محتوم فنحن لا نعيش في الجنة، لكن رغم القساوة أحيانا، يمكننا أن نستنير ببريق الأمل لنحلم بالجنة، على الأقل سيكون حلما جميلا يمكن أن نُمثِّل له في واقعنا، فغرفتك الصغيرة رتبها جيدا، نظفها جيدا، رُش فيها عطرك، ربما ستكون مصدر راحتك وربما ستكون جنتك الصغيرة، ملابسك نظفها وارتديها بثقة وارفع رأسك ربما ستشعر أنك سيد زمانك، لا تحقر أي شيء تملكه مهما قل أو كثر، فقط كن مالكا جيدا و ستُخرِج منه ما يسعدك...تذكر دائما أن الحياة جميلة و أنك أجمل ما فيها ... اَخرِج الناس من حساباتك وكن صاحب قرارك، إن الأمر بيد الله، أما أنا وأنت و الآخرون فسواء، لذلك إذا ضاق بك الأمر فابحث عن الحل في السماء، وتذكر أن من تحت من تحت السماء لن ينفعوك بشيء و لن يضروك بشيء إلا بإذن رب الأرض و السماء...اغلق أذنيك و عش حياتك فليس في العمر ما يكفي لإضاعته في البحث عن رضا الخلق... يكفيك بل يغنيك رضا الخالق .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى