كثيرا ماكان يشعر في أعماقه المجروحة بأنها سئمت الطريق وإنها ما عادت تطيق الاستمرار في رحلة هي إلى الغرابة أقرب.. رحلة كلها أشواق وعذاب رغم تألق الدموع فيها..ولما كتبت له ذات يوم(لم أعد أطيق كل هذا) وتساءلت بكل دهشة إن كان فعلا يريدها..؟ وقالت له لا أعلم كيف تريدني..؟، حينها قال في نفسه ومع ذاته المجروحة بسهامها،سأكتب اليوم كل ما يدور في ذهني لكن ليس بلساني ولا بقلبي أنا إنما سأضع نفسي مكانها وسأكتب ما فهمته من كلماتها وكأني بها تقول:كإشراقة ربيعية مبتسمة تهادى على غصن وردة غض.. كنسيم هادئ جميل على صحراء قاحلة..كقطرات مطر هلت على أرض جافة..هكذا كنت دائما أتصورك فجرا تنبلج في لحظات اللقاء ألف مرة وأمنية تنبلج مع كل إشراقة كلما فكرت بك...وكما تتساقط زخات المطر مهددة الثلوج المتناثرة هنا وهناك بالذوبان انغرس اسمك في أعماقي لتنغرس معها قصة حبي لك ولتكون بعد ذلك اية حياتي..وكأن نفسي بك تدوم وتعيش وكأنني في حبي معك أخرق جدران الغموض فيك واصل إلى دمعاتك لأكتشف فيك كل يوم رجلا جديدا غير الذي كنت أتصوره..!.
فألوم نفسي وأداري حمرة وجهي ورجفتي وأواسي نفسي بظلمي لك..فأنت كنت ومازلت توقن بأنني دائما كنت أتمنى أن أراك يوما هناك حيث الغربة تقض علي مضجعي وأنك تعلم الآن أكثر من ذي قبل بأنني يمزقني الحنين لروؤيتك رغم الشكوكِ التي تزداد يوما بعد آخر من تغيرك نحوي وقلة اهتمامك بي وعدم سؤالك عني وكذلك ظنوني التي تقتلني وتجبرني أن أعترف بأني مازلت أخاف من هاجسها هي التي أحببتها قبلي بسنوات..!.وأتذكر أني عندما جئت إلى عالمك ودخلت باب حصنك شاهدت في طريقي إليك أشلاء الكثيرات لكن رغم ذلك جئت وجعلت مصيري وإلى الأبد رهن إشارتك..وبخبرة المنتصر كنت تعرف كيف تدنيني وتحرقني وتذيبني..؟وكيف تجعلني لا أعيش إلا بذكرك..؟ وكيف تبعدني كلما قادتك غريزتك اللامبالية لرؤية امرأة ..أقول امرأة واحدة بل العشرات ممن كن يتطلعن إليك…كنت زلزالا ولم أكن أنا حينها سوى وردة صغيرة جذورها لم تزل رقيقة على أرض واقع مر…وأنوثتي المحملة بكل براءة الطفولة كانت تناديني وتحذرني بأن الزلزال أكبر من أن تتحمليه فكنت أحاول القسوة لكنني كنت لا ألبث أن أتمرد على أعماقي وأعلن لك من ثم ولائي..!.
أحببتك وأعلم بأنني لا أعيش إلا لأحبك أكثر..تمنيتك ولأجلك احتملت كل هذه السنين من العذاب والألم رغم علمي ويقيني بأني أبحر معك في سفينة ذات شراع ممزق ومع ربان لا مبال..فظ القلب لم يذرف في حياته معي سوى دمعة واحدة أقنعت وأوهمت نفسي بأنها أغلى وسام وأعظم تقييم لسنيي معه..والآن وبعد كل هذه السنوات عدت لأتساءل بنفس البراءة التي دخلت بها أول مرة حصنك..أحقا كانت تلك الدمعة من أجل حبي ..؟ أحقا هي بمثابة اعتراف منك بما وهبتك من نفائس رو حي..؟ أم كانت إنذار لي بحياة لا تفارقها الد معة..؟ أم إنها كانت رقة الأناني اللامبالي الذي تعود أن يحب الغرابة في كل شيء حد الجنون..؟
وأجدني أول ضحايا جنونك بل إحدى ضحاياه..قد جننت بك..أتشعر..؟ أترى..؟ أتسمع..؟ مجنونة بك يا وحيدي،يامن في غيابه كنت دائما أقول متى تعود...! الآن وبعد كل ما حصل ويحصل تأتي الغرابة والقسوة معا لتقول لي بصمت هادئ كنسيم أيلول أنا بحاجة إليك وأنا أريدك أنت.. وككل مرة سابقة أعود وأتناسى كل الجراح والهموم واللامبالاة وعدم السؤال والأنانية والقسوة والظلم..لأقول لك: وحيدي على الرغم من أنني لا اعرف كيف تريدني..؟ وبالرغم من غرابتك وبالرغم من أنني لم أعد أعرف شيئا ..إلا أنني كنت وسأظل أحبك..فهلا استفقت من غفلتك وأعدت لي الأمل بالحياة..؟ فأنت وحدك تعرف كيف أستطيع الحياة….!
13-5-1998
جوتيار تمر/ كوردستان