علجية عيش - و يسألون سلطاني عن الوسطية؟..

التغيرات التي تشهدها الساحة أسقطت كل الإيديولوجيات فلم يعد من يقول أنا ماوي أو لينيني أو ماركسي
الشيخ ابو جرة سلطاني مراقب الإخوان في الجزائر


أراد الشيخ أبو جرة سلطاني المعروف باسم مراقب الإخوان في الجزائر أن يفك النزاع بين اليمين و اليسار، و يطفئ النار المشتعلة بينهما، و ينشر بين الموالاة و المعارضة فكرة التسامح و التعايش، و أن يصلح ذات البين بين المثقف و السلطة، بين الحاكم و المحكوم، بدلا من الإنقسام و الإنفصال، ليس داخل حزبه ( حمس HMS) فحسب بل داخل الأحزاب السياسية كلها في الجزائر، ولأن الأمر أفلت من يده في قيادة الحركة و ما شهدته من انقاسامات بين قيادييها ، فكان مشروع "المنتدى العالمي للوسطية" الذي أعلن عن تاسيسه منذ سنة و نصف تقريبا، و هو يهدف إلى ترسيخ مفهوم "الوسطية" بين أبناء الأمة، وتعزيز قدرتها على القيام بدورها الحضاري من خلال إعتدالها في كافة المجالات وعلى كل المستويات


49d40f7c8eec8c4c967d26a28a7d3c8249ab4f38.jpg
و قد حدد الشيخ أبو جرة سلطاني الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم HMS في الجزائر الأهداف و المنطلقات، لكن المشروع الذي تشوق الكثير للإنضمام إليه و الإنخراط فيه غطّاه الغبار و لا شيئ جديد يذكر عنه ، لأن السلطات الجزائرية لم تعتمده، بالرغم من أنه - كما قال هو- منتدى فكري ثقافي لا هو جمعية و لا هو حزب سياسي، منتدى يدعو إلى الصلح و الإيخاء و إلى التسامح ونبذ العنف ، عن طريق توسيع دائرة التواصل والحوار مع الآخر، بعيد كل البعد عن الممارسات السياسية أو تصفية الحسابات ، و في هذا المنتدى ينعم الإنسان بالحرية سواء في حركة الكل أو في حركة الفرد كما سعى إلى ذلك كل الفلاسفة و المفكرين، في ظل التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، الأسباب مجهولة طبعا و إن كان السرُّ عند صاحب المشروع، يمكن القول أن مشروع سلطاني قوبل بالرفض من قبل السلطة، و أقبر في مهده، لأن الفكرة جاءت من التيار الإسلامي و لم تخرج من أحزاب الموالاة، و هناك تخوف كبير من الإلتفاف حول المنتدى من داخل و خارج الجزائر، لا سيما و المشروع أعطيت له صفة "العالمية"، يُذْكَرأن في ملتقاه الجهوي الأول عقده في جانفي 2019 بمدينة العلامة ابن باديس تحدث رئيس المنتدى العالمي للوسطية عن قضايا تدور في مجملها حول النخبة ، الحريات الفردية ، المواطنة، و تطرق إلى مفاهيم أخرى تتعلق بمسألة تصفية تركة الإستعمار التي ما زال البعض يتغنى بها على أساس أنها غنيمة حرب خاصة في الجانب الثقافي و مشروع التغريب الذي يسعى البعض إلى نشره في الجزائر و طمس الهوية، انقسم فيها المجتمع الجزائري إلى رواقات تغلبت فيها فكرة هذا يساري و ذلك يميني و آخر غير منتمي، لاسيما و هذه المفاهيم دخيلة على المجتمع الجزائري.
السبب حسبه يكمن في أن الشعب الجزائري شعب لا يتحاور و لا يملك ثقافة الحوار، في ظل التغيرات التي تشهدها الساحة التي أسقطت كل الإيديولوجيات فلم يعد من يقول أنا ماوي أو لينيني أو ماركسي، كما لم يعد للدولة القطرية أي وجود بعد فشلها في الصمود أمام ما يحدث في الجوار، فالعالم من وجهة نظره هو عالم الأفكار، و العولمة لم تعد عبارة عن تغليب منتوجات استهلاكية ( من غذاء و أدوية) بل منتوجات فكرية، فيما اصطلح عليه بالفوضى الخلاقة التي قال عنها أنها مصطلح صهيوني ابتدعه علماء صهيون و أعيد تصديره إلى العالم العربي في سوريا، و ليبيا و العراق و مصر، و مارسوها تحت غطاء الربيع العربي ، و الملاحظ أن الظروف لم تكن مهيأة لتجسيد المشروع ، لأن هناك تخطيط مسبق أرادت أطراف أن ترسم طريقها لتنظيم مسيرات شعبية سلمية و مطالب بالتغيير، و محاكمة العصابة ، فاصطدم المشروع بظهور الحراك الشعبي، الذي انطلق بشهر واحد بعد هذا اللقاء، و لم تمض سنة واحدة حتى ظهر الوباء (فيروس كورونا)، رغم ذلك نرى الناس تسأل سلطاني عن مشروع "الوسطية" اين اختفى، و لماذا أقبر، و هل بإمكان المشروع أن يستنهض الهمم في مواجهة الأزمات، و كيف يقرب المسلمين، و يعزز المعاني المشتركة مع الشعوب الإسلامية في الدول العربية و غيرها من الدول، فقد سبق و أن أشار الشيخ أبو جرة سلطاني إلى ضرورة تحقيق الوحدة الإسلامية و النظر إلى الأمة الإسلامية ككيان واحد بغض النظر عن الدولة الجغرافية أو المذهب الفقهي والفكري، يا ترى ماهي الملفات التي سيتناولها منتدى سلطاني؟ في حالة ما تم اعتماد هذا المنتدى، و ماهي القضايا التي سيثيرها، و هل تلقى تأييد الرأي العام المحلي بالدرجة الأولى، لأن الذهنية الجزائرية معروف عنها بالتشدد و الإنغلاق ، عكس ما نراه عند الآخر المعروف عنه بالإنفتاح، كما أن عقله مكبل بطلاسم التبعية و الجبرية، فعاش عاجزا عن فهم العالم من حوله، فكانت الصدمة الحقيقية أن استيقظ على "عصابة " سلبت فكره و ماله و ضحكت عليه حتى النواجد، و حدث ما حدث، يبقى السؤال هل يحقق سلطاني مشروعه باعتباره الخط المنير، و منه تنبثق نخبة لا تحتكر التفكير، بل ترفع الشعوب إلى مرتبة المثالية و تجعلهم يتحصنون خلف زخرف من القيم؟ ذلك سؤال، الأيام وحدها كفيلة بالرد عليه؟

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى