احتضنت قاعة سينما "إيدن كلوب" بالبيضاء، مساء الخميس الماضي، العرض ما قبل الأول للشريط السينمائي المطول "بولنوار" لمخرجه حميد الزوغي. ويسلط الشريط، الذي سينزل إلى القاعات السينمائية ابتداء من ثامن أكتوبر المقبل، الضوء على جوانب مهمة من تاريخ المغرب، ومظاهر الاستغلال الاستعماري للخيرات وللمواطن المغربي، من خلال التركيز على قرية "بولنوار" التابعة لإقليم خريبكة والتي تحولت خلال فترة الحماية إلى قرية عمالية بفضل وجودها بمنطقة منجمية لاستخراج الفوسفاط.
وقائع الفيلم وأحداثه مأخوذة من رواية "بولنوار" للدكتور عثمان أشقرا، وأعد لها السيناريو والحوار بلعيد اكريديس بمشاركة المؤلف والمخرج، وتكشف معاناة سكان المنطقة، خاصة العمال المنجميين من الاستغلال والتهميش، وبداية تشكل الوعي لديهم بأهمية مقاومة المستعمر، والدفاع عن حقوقهم من خلال انخراطهم في العمل النقابي، وخوضهم لإضرابات داخل المناجم، من أجل صون حقوقهم.
واتخذ الشريط من "ولد العزوزية" نموذجا لشاب بدأ فلاحا أميا ثم تحول إلى عامل بمناجم الفوسفاط، وبمساعدة العمال الفرنسيين الشيوعيين صار زعيما نقابيا قض مضجع سلطات الحماية ورؤسائه في العمل.
واتخذ المخرج من "محماد" طالب علوم الفقه والشريعة المتحدر من جنوب المغرب، راويا للأحداث وهو الذي استقر به المقام في قرية "بلنوار" بداية ثلاثينات القرن الماضي، حيث كان يدرس بها القرآن الكريم بالمسجد، ويؤم المصلين به، إلى أن ألقت عليه السلطات الاستعمارية الفرنسية القبض سنة 1947 بتهمة التحريض على الشغب.
وتداخلت محاور عديدة أغنت الخط الدرامي للأحداث برزت فيها إلى الواجهة شخصيات كثيرة ومتناقضة ومتنافرة حسب الظروف والمصالح، لعبت فيها الطبقة العاملة المسحوقة دورا محوريا في إثبات وجودها عبر النضال والصراع ضد "مسيو بيران" ممثل الإقامة العامة وجنوده، مؤازرا بممثلي المخزن وهم القايد والشيخ الجيلالي ومساعدوهما الذين كان لهم دور في إخضاع القبائل لواقع الذل والمهانة والاضطهاد.
سيدخل على الخط نقابيون فرنسيون، على رأسهم "ميشال كولونا"، سيذكون الحماس النقابي في نفوس العمال، ومن خلال شخصية هذا النقابي سينكشف وجه آخر لفرنسيين آمنوا بعدالة القضية المغربية وساندوا الأهالي المضطهدين، فكلفهم ذلك مواجهات حادة مع الفرنسيين الاستعماريين، ووصل الأمر إلى نفي بعضهم خارج المغرب.
واعتمد المخرج حميد الزوغي في هذا الفيلم الذي تبلغ مدته ساعة و45 دقيقة، على العديد من الوجوه من أبناء المنطقة، ومن ضمنهم بعض الممثلين الذين لديهم خبرة مسرحية، كفاطمة أكلاز في دور العزوزية وهي مخرجة سينمائية أيضاً، وعبد اللطيف نجيب في دور شخصية صالح الأعمى، وغيرهما من الأسماء.
ويأتي شريط "بولنوار" لحميد الزوغي، بعد الشريط الأول "خربوشة الذي تناول فيه قصة فنانة شعبية تعايش مراحل صعبة من التاريخ الاستعماري، وسبق للمخرج المغربي أن كشف، في تصريحات سابقة، سر انجذابه الى التيمة التاريخية، على غرار فيلمه الأول مؤكدا اقتناعه بأهمية السينما في تقديم التاريخ بصيغة مبسطة وبيداغوجية لأجيال الحاضر، مذكرا بأن "معرفة الماضي واستيعاب التطورات التي أفضت إلى الواقع أمران أساسيان لبناء المستقبل". ورأى السينمائي المغربي المخضرم أن تناول الفيلم للمادة التاريخية ليس مرتبطا دائما بالإمكانيات المادية، مسجلا أن "طموحنا محدود ولم نصل إلى ما كنا نبتغيه لأن السينما صناعة تكلف استثمارات ضخمة خصوصا في الأعمال ذات الطبيعة التاريخية، لكن الإرادة والشغف كفيلان بصنع بدائل وأساليب للالتفاف على هذا العائق المادي".
عزيز المجدوب
الصباح
وقائع الفيلم وأحداثه مأخوذة من رواية "بولنوار" للدكتور عثمان أشقرا، وأعد لها السيناريو والحوار بلعيد اكريديس بمشاركة المؤلف والمخرج، وتكشف معاناة سكان المنطقة، خاصة العمال المنجميين من الاستغلال والتهميش، وبداية تشكل الوعي لديهم بأهمية مقاومة المستعمر، والدفاع عن حقوقهم من خلال انخراطهم في العمل النقابي، وخوضهم لإضرابات داخل المناجم، من أجل صون حقوقهم.
واتخذ الشريط من "ولد العزوزية" نموذجا لشاب بدأ فلاحا أميا ثم تحول إلى عامل بمناجم الفوسفاط، وبمساعدة العمال الفرنسيين الشيوعيين صار زعيما نقابيا قض مضجع سلطات الحماية ورؤسائه في العمل.
واتخذ المخرج من "محماد" طالب علوم الفقه والشريعة المتحدر من جنوب المغرب، راويا للأحداث وهو الذي استقر به المقام في قرية "بلنوار" بداية ثلاثينات القرن الماضي، حيث كان يدرس بها القرآن الكريم بالمسجد، ويؤم المصلين به، إلى أن ألقت عليه السلطات الاستعمارية الفرنسية القبض سنة 1947 بتهمة التحريض على الشغب.
وتداخلت محاور عديدة أغنت الخط الدرامي للأحداث برزت فيها إلى الواجهة شخصيات كثيرة ومتناقضة ومتنافرة حسب الظروف والمصالح، لعبت فيها الطبقة العاملة المسحوقة دورا محوريا في إثبات وجودها عبر النضال والصراع ضد "مسيو بيران" ممثل الإقامة العامة وجنوده، مؤازرا بممثلي المخزن وهم القايد والشيخ الجيلالي ومساعدوهما الذين كان لهم دور في إخضاع القبائل لواقع الذل والمهانة والاضطهاد.
سيدخل على الخط نقابيون فرنسيون، على رأسهم "ميشال كولونا"، سيذكون الحماس النقابي في نفوس العمال، ومن خلال شخصية هذا النقابي سينكشف وجه آخر لفرنسيين آمنوا بعدالة القضية المغربية وساندوا الأهالي المضطهدين، فكلفهم ذلك مواجهات حادة مع الفرنسيين الاستعماريين، ووصل الأمر إلى نفي بعضهم خارج المغرب.
واعتمد المخرج حميد الزوغي في هذا الفيلم الذي تبلغ مدته ساعة و45 دقيقة، على العديد من الوجوه من أبناء المنطقة، ومن ضمنهم بعض الممثلين الذين لديهم خبرة مسرحية، كفاطمة أكلاز في دور العزوزية وهي مخرجة سينمائية أيضاً، وعبد اللطيف نجيب في دور شخصية صالح الأعمى، وغيرهما من الأسماء.
ويأتي شريط "بولنوار" لحميد الزوغي، بعد الشريط الأول "خربوشة الذي تناول فيه قصة فنانة شعبية تعايش مراحل صعبة من التاريخ الاستعماري، وسبق للمخرج المغربي أن كشف، في تصريحات سابقة، سر انجذابه الى التيمة التاريخية، على غرار فيلمه الأول مؤكدا اقتناعه بأهمية السينما في تقديم التاريخ بصيغة مبسطة وبيداغوجية لأجيال الحاضر، مذكرا بأن "معرفة الماضي واستيعاب التطورات التي أفضت إلى الواقع أمران أساسيان لبناء المستقبل". ورأى السينمائي المغربي المخضرم أن تناول الفيلم للمادة التاريخية ليس مرتبطا دائما بالإمكانيات المادية، مسجلا أن "طموحنا محدود ولم نصل إلى ما كنا نبتغيه لأن السينما صناعة تكلف استثمارات ضخمة خصوصا في الأعمال ذات الطبيعة التاريخية، لكن الإرادة والشغف كفيلان بصنع بدائل وأساليب للالتفاف على هذا العائق المادي".
عزيز المجدوب
الصباح