قصيرة حكاية القربان . حفظناها كلنا . الأقارب ، والجيران ، وكل من بات عندنا ، حتى أولئك الأغراب الذين مروا ببيتنا يوماً ليشربوا طاسة ماءٍ من الحبوب الراشحة تحت فيء ذكر النخل النابت أمام باب الدار ، سمعوها عن أمي ، وأعادوها على مسامع أناس آخرين . لكن أحداً لم يجرؤ على العمل بما جاء فيها ، ربما ، لأن قلوب الأخوات الحبيبات تبدلت ، أو لأن القرابين البشرية صارت رخيصة .
هكذا ترويها أمي :
كنت أنجبتك منذ شهرٍ عند أخوالك ، لم يسعك طبق الخوص ، ولم تحتوك الحضائن ، ولا أحاطتك الأقمطة . كنت سميناً وأبيض مثل الحليب ، وكنت أغطيك بعباءتي كي يخفت الضوء المنبعث من وجهك فأنام . ثم تتمتم كمن تحدث نفسها :
ــ مذ تركت الصلاة ، وصرت تقرأ الكتب ، ووجهك يسود كل يوم . وتضيف :
أصابت خالك الحمى . كان عمره ست سنين ، ولم يكن في الدنيا أعز على قلبي منه . عبروا به الهور نحو أطباء المدن . ربطوه إلى أضرحة الأولياء . نحروا عند قدميه بقرة بكر ، إلا إن سخونته كانت تزيد . كنا نسكب عليه ماء العروس البارد ، فيصدر عنه صوت مقلاة مستعرة . قطع الزاد والماء . أغمض عيونه ، وأسبل يديه على السوباط ، وأدرنا وجهه نحو القبلة .
كنت عند رأسه تلك الليلة ، أتابع على النور المبعوث منك نبضه الضعيف في نقرة ترقوته ، فلما أيقنت إنه سيموت ، حملتك وتوجهت بك إلى الله وقلت :
ــ يارب .. هذا بكري ، خذه بدل أخوي
ووضعتك جواره ونمت ، فرأيت سفينة تشق فروة الهور الخضراء ، توقفت عند صرائفنا ، ونزل منها ثلاثة شباب ، حملوك بصمتٍ من حضني وغادروا . صحت وراءهم :
ــ إبني
فالتفت آخرهم نحوي وقال :
للتو فديتِ أخاكِ به .. هل تضحكين علينا فقلت
ــ خذوه خذوه خذوه
فلما أفقت في الصباح ، كان خالك يؤرجح قدميه خارج السوباط ، وقد ابتسم بوجهي ، قبل أن يطلب مني خبزاً وحليب .
رغم العرق الذي أشربه كل ليلة ، رغم الكتب التي أخذتني عن الصلاة ، لكنني كلما حلمت ، رأيت نفسي مع خروف إسماعيل الذبيح .. نلعب بعيداً عن الناس في الجنة .
هكذا ترويها أمي :
كنت أنجبتك منذ شهرٍ عند أخوالك ، لم يسعك طبق الخوص ، ولم تحتوك الحضائن ، ولا أحاطتك الأقمطة . كنت سميناً وأبيض مثل الحليب ، وكنت أغطيك بعباءتي كي يخفت الضوء المنبعث من وجهك فأنام . ثم تتمتم كمن تحدث نفسها :
ــ مذ تركت الصلاة ، وصرت تقرأ الكتب ، ووجهك يسود كل يوم . وتضيف :
أصابت خالك الحمى . كان عمره ست سنين ، ولم يكن في الدنيا أعز على قلبي منه . عبروا به الهور نحو أطباء المدن . ربطوه إلى أضرحة الأولياء . نحروا عند قدميه بقرة بكر ، إلا إن سخونته كانت تزيد . كنا نسكب عليه ماء العروس البارد ، فيصدر عنه صوت مقلاة مستعرة . قطع الزاد والماء . أغمض عيونه ، وأسبل يديه على السوباط ، وأدرنا وجهه نحو القبلة .
كنت عند رأسه تلك الليلة ، أتابع على النور المبعوث منك نبضه الضعيف في نقرة ترقوته ، فلما أيقنت إنه سيموت ، حملتك وتوجهت بك إلى الله وقلت :
ــ يارب .. هذا بكري ، خذه بدل أخوي
ووضعتك جواره ونمت ، فرأيت سفينة تشق فروة الهور الخضراء ، توقفت عند صرائفنا ، ونزل منها ثلاثة شباب ، حملوك بصمتٍ من حضني وغادروا . صحت وراءهم :
ــ إبني
فالتفت آخرهم نحوي وقال :
للتو فديتِ أخاكِ به .. هل تضحكين علينا فقلت
ــ خذوه خذوه خذوه
فلما أفقت في الصباح ، كان خالك يؤرجح قدميه خارج السوباط ، وقد ابتسم بوجهي ، قبل أن يطلب مني خبزاً وحليب .
رغم العرق الذي أشربه كل ليلة ، رغم الكتب التي أخذتني عن الصلاة ، لكنني كلما حلمت ، رأيت نفسي مع خروف إسماعيل الذبيح .. نلعب بعيداً عن الناس في الجنة .