أ. د. محمد حسن عبدالله - لؤلؤ منثور : حظ الكتاب!

- لؤلؤ منثور
1- اللؤلؤة : حظ الكتاب !!
" قال القلقشندي في خاتمة كتابة الموسوعي :"صبح الأعشى" : "واعلم أن المصنفات تتفاوت في الحظوظ إقبالا وإدباراً، فمن مرغوب فيه، ومرغوب عنه، ومتوسط بين ذلك . على أنه قل أن ينفق تأليف في حياة مؤلف، أو يروج تصنيف على القرب من زمان مصنفه".
وينقل القلقشندي عن المسعودي في كتابه :" التنبيه والإشراف" قوله : "وقد تشترك الخواطر، وتتفق الضمائر، وربما كان الآخر أحسن تأليفاً، وأمتن تأليفا، لحكمة التجارب، وخشية التتبع، والاحتراس من موانع المضار، ومن هاهنا صارت العلوم نامية، غير متناهية، لوجود الآخر مالا يجده الأول ... على أن من شيم كثير من الناس إطراء المتقدمين، وتعظيم كتب السالفين، ومدح الماضي، وذم الباقي، وإن كان في كتب المحدثين ما هو أعظم فائدة، وأكثر عائدة!!".

2- المحــارة :
- هنا تصح العبارة المأثورة : " ما ترك الأول للآخر شيئا" فها هو ذا القلقشندي يختم كتابه المؤسس بملاحظة ذكية، لا تزال شاخصة إلى اليوم .
- اذكر أنني التقيت بناشر مصري مشهور جدا، إبان عملي بجامعة الكويت، وكنت قد سبق لي نشر عشرة كتب من تأليفي، ومع هذا كنت – وربما لا أزال – أعاني في العثور على ناشر ، فسألت الناشر الشهير عن علة ذلك ، فلم يذهب بعيداً عما ذكر القلقشندي في (اللؤلؤة)، وربما أضاف بضرورة التفرقة بين : الطبع والنشر!! بما يعني أنني حين (طبعت) عشرة كتب، فإن هذا الطبع لا يعني أنها نُشرت : بعبارة أخرى : انتشرت ، ونالت حظها من القارئين والناقدين ، والمتفكرين ، فهذا هو الذي يحفظ للكتاب كرامته ، ويؤكد حضوره في زمانه .
- في عبارة القلقشندي يشير إلى الحسد ، والميول الخاصة ، وهذا العنصران يشملان المؤلفين في ذات الفن ممن يمكن أن يملكهم الحسد ، وقطاعا من القراء له ميل خاص إلى فن بعينه أو يؤثر عصراً بعينه، أو يفضل القديم على إطلاقه.
- ومن طريف ما نقل صاحب "صبح الأعشى" عن المسعودي الذي نقل عن الجاحظ : أن هذا الأخير الجاحظ – على جلالة قدرة – قال : كنت أؤلف الكتاب الكثير المعاني، والحسن النظم، وأنسبه إلى نفسي، فلا أرى الأسماع تصغي إليه، ولا الإرادات تتيمم نحوه، ثم أؤلف ما هو أنقص منه رتبة، وأقل فائدة، وأنحله عبدالله بن المقفع، أو سهل بن هارون، أو غيرهما من المتقدمين ، مما صارت أسماؤهم في المصنفين، فيقبلون على كتْبها، ويسارعون إلى نسخها، لا لشيء إلا لنسبتها للمتقدمين، ولما يداخل أهل هذا العصر من حسد من هو في عصره، ومنافسته على المناقب التي عني بتشييدها .
- تستطيع أن تتأمل، أن تسترجع مضمون هذه اللؤلؤة مرات، وستجدها تضيف لك الكثير أو المفيد من تصورات وأحكام على حركة التأليف وأشخاص المؤلفين في كل الأزمنة العربية . ولله الأمر من قبل ومن بعد..

3- الهيــر :
- اللؤلؤة من كتاب : "صبح الأعشى" للقلقشندي – وزارة الثقافة والارشاد القومي – المؤسسة المصرية العامة– سلسلة تراثنا- الجزء الرابع عشر – ص 402 ، 403 .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى