سعد عبد الرحمن - المناظرة القاتلة.. ( الجزء الثالث و الأخير )

ما قبل المناظرة
تجمع أغلب المصادر على أن الساعي إلى المناظرة كان سيبويه ، شد الرحال إلى بغداد و قد عزم - اعتدادا بنفسه و ثقة بمحصوله الوفير من العلم - على منازلة الكسائي في مناظرة يثبت فيها أنه الأفضل و حين استقر بمدينة السلام قصد الأمير يحيى بن خالد يسأله أن يجمع بينه و بين الكسائي في مناظرة و ترك له تحديد موعدها ، و لكن سيبويه لما شد الرحال إلى بغداد كان منفردا فلم يصحبه من تلاميذه أحد و هذا أمر غريب يدعو إلى الشك فلو صح أنه البادئ بالسعي إلى منازلة الكسائي فمن غير المعقول أن يكون الأمر قد نجم فجأة لديه فإن فكرة مغامرة كهذه لابد أنها قد أخذت وقتا حتى اختمرت في ذهنه و اقتنع بها ، و من غير المعقول أن يكون سيبويه عندما اقتنع بالفكرة قد كتمها في نفسه فلم يفض بها إلى تلاميذه أو بعضهم على الأقل ، و من غير المعقول أيضا أن يكون قد فعل ذلك و لم يجد من يناقشه في وجاهتها من عدمه ، و من غير المعقول أكثر ألا يتحمس بعض تلاميذه للذهاب معه كي يعضدوه ويشدوا من أزره فمصير مناظرة كهذه لا يتعلق بسيبويه فقط بل بمدرسة الكوفة كلها ، لذلك فإن المعقول من وجهة نظرنا أن سيبويه لم يذهب إلى بغداد لتحدي الكسائي و إنما للبحث - شأنه شأن كثيرين أمثاله من العلماء و الأدباء و الشعراء - عن نصيب أوفر من الرزق ، فبغداد في ذلك العصر كانت في أوج تألقها و ازدهارها كعاصمة للإمبرطورية الإسلامية مترامية الأطراف ، فقد كانت تبسط نفوذها و تأثيرها على مساحات شاسعة و شعوبا شتى من العالم القديم ، و في بغداد كانت تصب كل خيرات الدنيا ؛ و في بغداد كان يقيم الرشيد الذي نظر يوما إلى غمامة عابرة وفق ما جاء في إحدى الحكايات فقال لها : " أمطري حيث شئت فسيأتيني خراجك غدا " ؛ و إن لم تكن الحكاية صحيحة فدلالتها على اتساع رقعة الدولة و على ما كانت تنعم به من رغد و رخاء صحيحة ، و عندما عرف الكسائي و صحبه و هم كثيرون لقرب بلدتهم الكوفة من بغداد أن سيبويه جاء إلى بغداد خشوا أن يزاحمهم هذا الفتى العبقري الطامح على ما هم فيه من الجاه النعيم ، و إذا افترضنا أن قدوم سيبويه وحده أمر لا يزعج كثيرا إلا أن قدومه بلاشك سيشجع كثيرين غيره من البصريين على القدوم و في النهاية قد يغلبونهم على أمرهم الذي استتب لهم في بغداد و هذا هو ما يزعج حقا و لا يمكن السماح به ، لذلك فليس بمستبعد أن يدس الكوفيون و أنصارهم على سيبويه من أغراه بفكرة المناظرة و في نفس الوقت راحوا يعدون عدتهم و يتقاسموا الأدوار فيما بينهم مبيتين االنية و العزم على هزيمة المغامر الجريء بالحق أو بالباطل في إطار مبدأ بل بتعبير أدق لا مبدأ " الغاية تبرر الوسيلة " السائد لدى أغلب الأفراد و الجماعات التي لا تهمها سوى مصلحتها الخاصة حتى يكون عبرة لغيره فلا يزعجهم مزعج عما هم فيه من نعمة و جاه و تخلو لهم وجوه أربابهم من الخلفاء و الأمراء و كبار القادة ذوي العطايا الجزلة و الجوائز السنية ، و ربما لذلك نصح الأمير يحيى سيبويه - بحسب رواية الأخفش - أن يعدل عن عزمه على مناظرة الكسائي معللا ذلك بأن الكسائي له مكانته في بغداد و عند الرشيد و ذلك معناه أن الأمير لم يكن يتوقع انتصار الكسائي في مواجهة سيبويه إذا وقعت المناظرة بل كان يتوقع العكس و هو لذلك يحاول الحيلولة دون حدوث ذلك فالكسائي مربي ابن الرشيد و شديد القرب من أكبر رأس في الإمبراطورية ، و ليس من المستبعد أنه يؤدي له و لأسرته خدمات من خلال موقعه لا يمكنهم التفريط فيها ، و إذا أحسنا الظن بالأمير يحيى قلنا إنه فعل ذلك لأنه خبير بنفسية الكسائي و شيعته و استعدادهم لفعل أي شيء يحول دون ضياع ما بأيديهم و ربما نمت إلى علمه أطراف من المؤامرة فأراد أن يخلص ذمته و يرضي ضميره بهذا النصح ، و لكن ما يعزز من قوة أنها مؤامرة تم تدبيرها بليل ما رواه الزبيدي في طبقاته عن المبرد من أن الكسائي : لما علم بمقدم سيبويه شق الأمر عليه فجاء إلى جعفر بن يحيى و أخاه الفضل فقال لهما : أنا وليكما و صاحبكما و هذا الرجل إنما قدم ليأخذ محلي ، قالا : فاحتل لنفسك فإنا سنجمع بينكما ، و في هذا الكلام ما يدل على أن الساعي إلى المناظرة لم يكن سيبويه كما يبدو الأمر من الظاهر أو كما أريد تلبيسه على الناس و إنما هي فرصة أتاحها الفضل و جعفر البرمكيان - سواء بعلم الأمير يحيى أو بغير علمه - لصاحبهم الكسائي كي يتخلص من خطر مزاحمة سيبويه له على مكانته و عليه أن يدبر أمره مع نفسه و مع أصحابه لإنجاز ذلك و هذا ما يفهم من قولهما له ( فاحتل لنفسك ) .

خطة المؤامرة

الخطة كانت تعتمد على استدراج سيبويه إلى فخ منصوب بإحكام و تبدأ أولا بإغرائه أن يطلب هو منازلة الكسائي فيكون البادئ و البادئ في العرف العام هو الأظلم لا سيما إذا كان شابا كسيبويه و الشباب في العرف العام أيضا مطية الغرور و مستودع الغرارة ، يضاف إلى ذلك أن الطرف الآخر شيخ تستدعي شيخوخته مشاعر التعاطف ، ثانيا أن يستغل الكسائي فرصة دخول سيبويه المناظرة وحيدا دون أنصار من تلاميذه بينما هو قد استعد لها بحشد مجموعة من تلاميذه و جماعة من الأعراب الذين عاش بينهم مدة طلبه اتقان اللغة و ينتفعون منه لما له من حظوة و مكانة لدى السلطان و علية القوم كما سبق أن ذكرنا ، و كان الدور الأول لتلاميذ الكسائي أن يفلوا غرب سيبويه و يخضدوا شوكته و يرهقوه من أمره عسرا و ينهكوه قبل أن يأتي الكسائي الذي تأخر في الوصول إلى مكان المناظرة كجزء من المؤامرة و تعاوره تلاميذه - و في مقدمتهم علي الأحمر و الفراء - بالأسئلة عن قضايا نحوية و لغوية كثيرة كما تتعاور الذئاب فريسة انفردت عن قطيعها ؛ و كلما أجاب عن سؤال صاحوا في وجهه : أخطأت ؛ حتى أعنتوه و أضجروه و ضاق بهم ذرعا فصمت ، و لم يكن الغرض من الأسئلة التي انهال بها الأحمر و الفراء على سيبويه في الواقع معرفة الصواب من الخطأ و لم تكن تخطئتهم له في كل ما أجاب به لأنه أخطأ و لم يعرف وجه الصواب في كل المسائل التي أمطروه بها و هذا أمر من غير المعقول ، بل كان الغرض الاستراتيجي الأساسي ه إرهاق الفريسة و إنهاكها حتى يأتي الذئب الأكبر فيجهز عليها كما سبق أن أشرنا ، و قد استفز ما حدث مع سيبويه تلميذه أبا محمد اليزيدي و هو أحد نحاة البصرة المعدودين فقال يهجو الكسائي و أصحابه و الأعراب الذين نصروه بالباطل :
كنا نقيس النحو فيما مضى .. على لسان العرب الأول
فجاء أقوام يقيسونه .. على لغى أشياخ قطربل
فكلهم يعمل في نقض ما .. به نصاب الحق لا يأتلي
إن الكسائي و أصحابه .. يرقون بالنحو إلى أسفل
و قال أيضا في الكسائي و تلميذيه :
أفسد النحو الكسائي و ثنى ابن غزالة
و أرى الأحمر تيسا .. فاعلفوا التيس النخالة

واقعات المناظرة

صمت سيبويه بعد أن أنهك تماما و استولى على نفسه الضجر و حينئذ دخل الكسائي - و بحسب ما ورد في المصادر و هي بلاشك قد استقت معلوماتها عن المناظرة من خلال الحضور و كلهم بدون استثناء من تلاميذ الكسائي و أصحابه أتباع المدرسة الكوفية أو صنائعه من الأعراب و الأمير يحيى و ابنيه الفضل و جعفر و علاقتهم الوثيقة بالكسائي لا تحتاج إلى تأكيد - ، سأل الكسائي سيبويه سؤالا مبدئيا للتخيير : تسألني أم أسألك ؟ فقال سيبويه : بل تسألني ، فقال الكسائي كيف تقول : قد كنت أحسب أن العقرب أشد لسعة من الزنبور ، فإذا هو هي أو فإذا هو إياها ؟ فأجاب سيبويه : فإذا هو هي ، فقال له الكسائي : لقد أخطأت ، بل الصحيح النصب فتقول : فإذا هو إياها ، و يواصل الكسائي سؤال سيبويه في قضايا نحوية كثيرة من هذا الصنف فيسأله مثلا : خرجت فإذا عبد الله القائم ( بالرفع ) أو عبد الله القائم ( بالنصب ) ؟ فيجيب سيبويه في ذلك كله بالرفع و يرد عليه الكسائي : إن العرب ترفع ذلك و تنصبه فدفع سيبويه قوله و طال الجدل بينهما حول الصواب و الخطأ في تلك المسائل ، و هنا جاء دور الأمير يحيى الذي قال : قد اختلفتما و أنتما رئيسا بلديكما ، فمن يحكم بينكما ؟ و ربما كان الأمير يسأل و هو يعلم إجابة سؤاله فليس ثمة مرجع يثوب إليه الطرفان المتنازعان و يحتكمان إليه لحسم نتيجة المناظرة إلا أولئك الأعراب الحطمية الذين أحضرهم معه الكسائي و جلسوا بالخارج ينتظرون لحظة استدعائهم ليؤدوا الدور المنوط بهم في المؤامرة و من هؤلاء الأعراب كما ورد في إحدى الروايات : أبو دثار الفقعسي و أبو الجراح العقيلي و أبو ثروان العكلي ، فقال الكسائي : هؤلاء العرب ببابك وفدت عليك من كل صقع و قد قنع بهم أهل المصرين ( الكوفة و البصرة ) يحضرون و يسألون فقال الأمير يحيى لقد أنصفت و استدعاهم فدخل جماعة منهم ، و يروى أنهم حين سئلوا عمن يكون معه الصواب في المسألة أجابوا بأن الصواب مع الكسائي فنظر الأمير يحيى إلى سيبويه قائلا : قد تسمع أيها الرجل ؛ فاستكان سيبويه عند ذلك و انقبض خاطره لأن الجملة تنضح بانحياز الأمير و ميله إلى جانب الكسائي ، و في رواية أخرى جاء أن سيبويه طلب منهم أن يؤكدوا رأيهم بأن ينطقوا الجملة على الوجه الذي قال به الكسائي ( فإذا هو إياها ) فلم تطاوعهم ألسنتهم على النطق بالخطأ و تهربوا .
و دون إعلان عن النتيجة كسب الكسائي و صحبه المناظرة و خسرها سيبويه و لم تكن النتيجة سوى " محصلة قوى " الأطراف التي شاركت فيها بلغة علم الميكانيكا ، و ماذا يفعل صواب معه صوت واحد أمام باطل جمع في جعبته كل الأصوات إلا صوتا ؟ و قد أجمع علماء النحو و اللغة في زمن سيبويه و بعد زمنه كما يقول كامل كيلاني على أن الصواب ما قال به سيبويه و لم يشذ عن هذا الإجماع إلا شيعة الكسائي و الطامعون في ماله و جاهه و المحسوبون عليه و ذوو الحاجات و المآرب الذاتية ، فعلق مثلا الزجاج على حيلة تحكيم الأعراب فقال : أي أنصاف في الرجوع إلى أعراب وفدوا لحاجتهم ، و سيبويه رجل غريب و أخصامه أهل البلد و الدولة و إنما الحكم للعارف بالفصيح و غيره ، و قد لا يعرف الأعرابي إلا لغته الشاذة ؟ ، و إلى بعض عناصر المؤامرة أشار السخاوي حين قال : لا خفاء على ذي البصيرة أنهم تعصبوا على سيبويه لأنه غريب و الكسائي قح بلده و مؤدب أولاد الأمير و له وجاهته بذلك عند الوزير و أرباب الدولة ، و يروى أن الأمير يحيى البرمكي أجاز سيبويه قبل أن يغادر مكان المناظرة بعشرة آلاف درهم و كأنه أراد أن يغسل ضميره بتلك الدراهم من درن المشاركة في المؤامرة و جاء في رواية أخرى أن إجازة الأمير سيبويه كانت بناء على توصية من الكسائي المنتشي بنصره المزيف ، و هذا يعني أن الكسائي أراد فيما يبدو غسل ضميره قبل الأمير و لكن مجانا بتلك التوصية .

الموت حزنا و كمدا

غادر سيبويه بغداد حزينا منكسر النفس ، ففي مناظرة واحدة خاض مثلها عشرات المرات انهارت أحلامه التي جاء من أجلها سواء أكانت أحلامه أن يجد موطئ قدم له في عاصمة الرشيد يمكنه من توسعة رزقه الذي ضاق به في البصرة ؛ أو أن يحرز جاها و مكانة بعلمه أحرزهما كثيرون ممن هم دونه ، أو كانت أحلامه أن يهزم الكسائي بين شيعته و تلاميذه فحسب انتصارا لمنهجه و منهج مدرسة البصرة التي يتزعمها ؟ ، و لقد حز في نفسه أن تتم هزيمته بهذه الطريقة اللأخلاقية و أن تكون نهاية أحلامه في مسألة نحوية واحدة حتى على افتراض أن إجابته بشأنها لم تكن موفقة و هذا ما لم يقل به أحد من علماء النحو و اللغة قدامى و محدثين ، و قد أشار إلى ذلك حازم القرطاجني في منظومته النحوية فقال :
لذاك أعيت على الأفهام مسألة .. أهدت إلى سيبويه الحتف و الغمما
و الغبن في العلم أشجى محنة علمت .. و أبرح الناس شجوا عالم هضما
لا غرو إذن ألا يعود سيبويه إلى البصرة بعد مغادرته لبغداد ، و كأنه خجل أن يعود إليها على هذه الحالة النفسية الزرية و إنما قصد خراسان و لكنه لم يصل إليها ، أعله الكمد و أمرضه الحزن فمات بداء الذرب ( داء عضال يصيب المعدة ) في الأهواز أو قريبا منها .
يروى أنه حين ألح عليه المرض و اشتد عليه الداء دخل عليه أحد عائديه فسأله : كيف تجدك أبا بشر ؟ ، فقال : أجدني ترحل عني العافية بانتقال و أجدني يخامرني الداء بحلول ؛ غير أني وجدت الراحة منذ البارحة ، قال عائده : فما تشتهي ؟ ، قال : أشتهي أن أشتهى ، كما يروى أن أحد عائديه دخل عليه و كان يضع رأسه في حجر أخيه فسأل العائد سيبويه : كيف تجدك ؟ فقال :
يسر الفتى ما كان قدم من تقى .. إذا عرف الداء الذي هو قاتله
و قيل إن أخاه و هو يضع رأسه في حجره بكى حزنا عليه و سقطت دمعة من عينيه على خد سيبويه فرفع رأسه إلى وجه أخيه ولما وجده يبكي تمثل بقول الشاعر :
أخيين كنا ، فرق الدهر بيننا .. إلى الأمد الأقصى ، فمن يأمن الدهرا
و يروى أيضا أنه عندما أحس بدنو أجله تمثل بقول الشاعر :
يؤمل دنيا لتبقى له .. فوافى المنية دون الأجل
حثيثا يروي أصول الفسيــــــل ، فعاش الفسيل و مات الرجل
و من وجهة نظري أنه ليس بمستبعد أن يكون الكمد الشديد هو السبب في مرض سيبويه و وفاته و لكن ما عدا ذلك من روايات كتلك التي ذكرناها منذ قليل غير مقنعة فهي تشي أنها - في الأغلب الأعم - موضوعة صنعها القصاص الذين أغرموا بمثل تلك النهايات الحزينة المبكية ، كذلك الرواية التي تقول إنهم كتبو ا على قبره قول سليمان بن يزيد العدوي :
ذهب الأحبة بعد طول تزاور .. و نأى المزار فأسلموك و أقشعوا
تركوك أوحش ما تكون بقفرة .. لم يؤنسوك ، و كربة لم يرفعوا
و قضى القضاء فصرت صاحب حفرة .. عنك الأحبة أعرضوا و تصدعوا
و قد رثى الزمخشري سيبويه مشيدا بكتابه الذي لا يغني عنه كتاب و لا خطباء فقال :
ألا صلى الإله صلاة صدق .. على عمرو بن عثمان بن قنبر
فإن كتابه لم يغن عنه .. بنو قلم و لا أبناء منبر
رحم الله سيبويه درة علماء علم النحو و واسطة عقدهم و غفر له بقدر ما خدم بكتابه لغة القرآن و دين الإسلام ، لقد ملأ هذا الرجل العبقري الدنيا و شغل الناس بعد موته أكثر مما شغلهم في حياته .
-------------------------------
هوامش :
______
(1) الحطمية : نسبة إلى الحطمة و هي قرية قريبة من بغداد قال ياقوت في معجمه إنها على بعد فرسخ ( أي ثلاثة أميال ) من بغداد .
(2) هارون الرشيد : هو الخليفة الخامس من خلفاء الدولة العباسية تولى بعد الخليفة الهادي و هو أشهرهم على الإطلاق ، بلغت الدولة في عهده ( 170 - 194 هـ ) ذروة قوتها و ازدهارها .
(3) مدرسة البصرة النحوية أقدم من مدرسة الكوفة و كلاهما يعتمد القياس في استنباط القواعد بيد أن الفرق بين المدرستين هو أن القياس لدى البصريين يجب أن يكون مبنيا على الأعم و الأكثر تداولا و دورانا من الشواهد ، بينما مدرسة الكوفة لا تشترط ذلك بل تعتمد الشاهد الواحد الشاذ و تعمم قاعدته و تجعله أصلا تقيس عليه ثم إنها لا تتثبت من رواة شواهدها . و لذلك يرى علماء النحو قديما و حديثا أن البصريين أكثر دقة من الكوفيين و أشد حيطة لأمرهم .


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى