أتجنب النوم منذ أيامٍ بسبب كابوس فظيع، تكرر لعدد من المرات. كل شيء في ذلك الحلم يبدو حقيقيا: أنا هزيل جدا، أحمر العينين، وشاحب منهك القوى. معلق بأنشوطة وقدماي تتدليان مشيرتان إلى حذاء جلدي أسود لامع. ومن ثمة صوت انكسار مفزع يقودني إلى اليقظة فزعا متعرقا.
تزداد التفاصيل بتكرار الكابوس، يأخذني الرعب حتى أتذكر أني لم أمتلك يوما حذاء جلد أسود.
****
في محاولات البقاء يقظا أسمح للضوضاء أن تعلو: في الخارج؛ الأضواء والتلفاز ولداخلي: الرسم.
الغفوات يغالبنني حينا بعد حين: فالفتاة التي أرسمها لا تكف عن الحركة، ما اضطرني أن أجثم فوقها بركبتي لأواصل العمل. وصحوت على صوت انكسار.
****
صديقتي يقلقها هذا الكابوس والأرق وغياب شعوري. تضمني وتطبع قبلة على جبيني فأسمع صخب النبض ونفور الشريان فأوقفه براحتي، وحين يهدأ أسمح للكرز أن يتدفق حرا. كانت المرة الأولى التي أتذوق فيها طعم الكرز. الفتاة التي رسمتها سابقا ملقاة على اللوح، أيقظتها الرائحة فعادت. لم يكن ثمة شهود كما أحرص لأكشف الكابوس، ولكن السكون وضبابية الأشياء يفعلان ذلك. ولأني كنت واثقا أنها ملقاة على لوح الرسم مغطاة بملاءتي الوحيدة فإنني قررت تجربة شيء أكثر جموحا. فماذا لو كانت الفتاة تمثالا وأنا أحاول إتقان هذا الفن منذ أمد. ولذا حملت الإزميل وتشبع المكان بعصير الكرز.
****
قدماي تسوقانني حيث شاءتا ولا أقاوم. لا تسمحان لي بالقيادة إذ أبدو مخمورا وهنا. الملاءة في غرفتي والألحفة ملطخة بالأحمر ورائحة المكان تنفي كونه حلما. لكن لغياب ذكرى بداية المشهد وغياب الشعور فإن نفي النفي أوجب. ولذا قررت قدماي التحدي فحملتاني إلى السطح وقررنا الطيران. السماء زرقاء والشوارع خالية ولا وجود للزمن. ليس الجو حارا ولا باردا، إنه هادئ جدا كصمم مفاجئ. وفكرت أنني لن أتمكن من الطيران ولا هواء يحركني.
حين لمحت الأرجوحة كررت حلما قديما، فتمرجحت ودرت وطرت.
أدور وأدور وأقفز لتلتقطني السماء كما التقطت القمر والنجوم قبلا.
****
القضاة في مجالسهم وأنا في قفصي لا أشعر بشيء. لا خوف ولا قوة لا شيء. أُساق حين تنتهي مداولاتهم، كديك الزار؛ بيدين مكبلتين ورأس مطأطأ لثقله وصعوبة حمله وبما تبقى من الجسد الهزيل. عيناي المحمرتان ترفرفان ببطء لتتوالى المشاهد، نحو غرفة ساكنة هادئة. سلم بدرجتين، أنشوطة، وترقب. صخب يحجبه زجاج يغلف الغرفة.
يسلمني الحاجب ثيابا جديدة وحذاء أسود لامعا.
تزداد التفاصيل بتكرار الكابوس، يأخذني الرعب حتى أتذكر أني لم أمتلك يوما حذاء جلد أسود.
****
في محاولات البقاء يقظا أسمح للضوضاء أن تعلو: في الخارج؛ الأضواء والتلفاز ولداخلي: الرسم.
الغفوات يغالبنني حينا بعد حين: فالفتاة التي أرسمها لا تكف عن الحركة، ما اضطرني أن أجثم فوقها بركبتي لأواصل العمل. وصحوت على صوت انكسار.
****
صديقتي يقلقها هذا الكابوس والأرق وغياب شعوري. تضمني وتطبع قبلة على جبيني فأسمع صخب النبض ونفور الشريان فأوقفه براحتي، وحين يهدأ أسمح للكرز أن يتدفق حرا. كانت المرة الأولى التي أتذوق فيها طعم الكرز. الفتاة التي رسمتها سابقا ملقاة على اللوح، أيقظتها الرائحة فعادت. لم يكن ثمة شهود كما أحرص لأكشف الكابوس، ولكن السكون وضبابية الأشياء يفعلان ذلك. ولأني كنت واثقا أنها ملقاة على لوح الرسم مغطاة بملاءتي الوحيدة فإنني قررت تجربة شيء أكثر جموحا. فماذا لو كانت الفتاة تمثالا وأنا أحاول إتقان هذا الفن منذ أمد. ولذا حملت الإزميل وتشبع المكان بعصير الكرز.
****
قدماي تسوقانني حيث شاءتا ولا أقاوم. لا تسمحان لي بالقيادة إذ أبدو مخمورا وهنا. الملاءة في غرفتي والألحفة ملطخة بالأحمر ورائحة المكان تنفي كونه حلما. لكن لغياب ذكرى بداية المشهد وغياب الشعور فإن نفي النفي أوجب. ولذا قررت قدماي التحدي فحملتاني إلى السطح وقررنا الطيران. السماء زرقاء والشوارع خالية ولا وجود للزمن. ليس الجو حارا ولا باردا، إنه هادئ جدا كصمم مفاجئ. وفكرت أنني لن أتمكن من الطيران ولا هواء يحركني.
حين لمحت الأرجوحة كررت حلما قديما، فتمرجحت ودرت وطرت.
أدور وأدور وأقفز لتلتقطني السماء كما التقطت القمر والنجوم قبلا.
****
القضاة في مجالسهم وأنا في قفصي لا أشعر بشيء. لا خوف ولا قوة لا شيء. أُساق حين تنتهي مداولاتهم، كديك الزار؛ بيدين مكبلتين ورأس مطأطأ لثقله وصعوبة حمله وبما تبقى من الجسد الهزيل. عيناي المحمرتان ترفرفان ببطء لتتوالى المشاهد، نحو غرفة ساكنة هادئة. سلم بدرجتين، أنشوطة، وترقب. صخب يحجبه زجاج يغلف الغرفة.
يسلمني الحاجب ثيابا جديدة وحذاء أسود لامعا.