هَرِمَتْ الأيام وها هو الخريف يعاني خريفه، تلطمه الرياح الباردة الثقيلة فيمنحها خدَّيه صاغرًا لتتسابق أوراقه نحو الانتحار سقوطًا، تتسلَّل البرودة القارسة إلى أعماقه بلا رحمة فيستكين لها راضيًا، تهطل سيول الأمطار المتوحشة غزيرة لتجرف ما تبقى من أحاسيسه فلا يئن، هاجمه الجليد مغتصبًا وجه أرضه فلم يعترض، وهنت عيناه من سيطرة اللون الرمادي الكريه على أعماقه وتوغله في روحه وحياته، تقاتل الوحدة المقيتة نهاره وليله فيتعجل مصيره المحتوم وينشد خلاصًا عاجلًا للهروب من واقع أليم. استكان منتظرًا في سلام وأمان عميقين مهيئًا نفسه لنهاية يجهلها.
دُهِشَ حين حَطَّتْ فوق جامد ثلجه فراشة قرمزية فتية بعد أن ولّت مواسم الفراشات! صهرت حرارتها الفتيَّة الجليد تحتها، بثَّتْ احمرارها الجميل فصبغ وجدانه وأوقاته وكل ما يحيط به، راح يُمَلِّي ناظرتيه بسحرها ويأنس لها وبها، بعثت في قلبه أكسير الحياة من جديد فتعلق بها، مالت إليه بحذر فاقترب منها دون حذر، رَبَتَ عليها باشتياق الخريف وظمأ الأيام وحنان العمر فلسعته بدلال الإناث، أحس لذَّة الألم فجفف دماءه واقترب أكثر آملًا المزيد من هذا الألم. وقفت بثقة وتحدٍ على قلبه جديد النبض فأنتشى أيّما انتشاء! دفعه جنون خريفه إلى فتح جميع مصاريع قلبه ليحتويها فلسعته بقوة ووَلَّت هاربة قاصدة ربيعًا بعينه.
مجدي حشمت سعيد
مصر
دُهِشَ حين حَطَّتْ فوق جامد ثلجه فراشة قرمزية فتية بعد أن ولّت مواسم الفراشات! صهرت حرارتها الفتيَّة الجليد تحتها، بثَّتْ احمرارها الجميل فصبغ وجدانه وأوقاته وكل ما يحيط به، راح يُمَلِّي ناظرتيه بسحرها ويأنس لها وبها، بعثت في قلبه أكسير الحياة من جديد فتعلق بها، مالت إليه بحذر فاقترب منها دون حذر، رَبَتَ عليها باشتياق الخريف وظمأ الأيام وحنان العمر فلسعته بدلال الإناث، أحس لذَّة الألم فجفف دماءه واقترب أكثر آملًا المزيد من هذا الألم. وقفت بثقة وتحدٍ على قلبه جديد النبض فأنتشى أيّما انتشاء! دفعه جنون خريفه إلى فتح جميع مصاريع قلبه ليحتويها فلسعته بقوة ووَلَّت هاربة قاصدة ربيعًا بعينه.
مجدي حشمت سعيد
مصر