مزمل الباقر - قبل أن يثور القاش ( 1 – 3 )

فجر الأحد 8 يوليو 2018م:

• كان يتوجب علينا بعد أن صلينا الصبح بجامع السيد علي الميرغني بالخرطوم بحري، أن نكمل رحلةَ بدأناها من أمدرمان للخرطوم مروراً بالخرطوم بحري. قاصدين صالة الحج والعمرة حيث السفريات الداخلية، حضرنا قبل عشرة دقائق من ميعاد الحضور المحدد لنا وبعد أن ودعني محمد صلاح إبن الجيران. هاتفت أحد رفيقيّ سفري وهو الناقد والكاتب خالد محمد طه فعلمت انه في الطريق.

• احتسيت الإنتظار مع كوب الشاي باللبن وأنا أجلس في إحدى الكراسي العتيقة لكافتريا صالة الحج والعمرة.

• حضر مرافقي وفي معيته ابنه عمار وبعد أن غادرنا الأخير بدقائق معدودات جاءنا رفيق الرحلة الثاني التشكيلي والمصور الفوتوغرافي العالمي: عاطف سعد.

• في الصالة الصغيرة أكملنا إجراءات سفرنا قبل أن توصلنا الطائرة في حوالي خمس وأربعين دقيقة لمطار كسلا (مع العلم أن السفر البري الذي يصل الخرطوم بكسلا يكلف سبع ساعات من عمر مستخدميه حتى يلج إلى السوق الشعبي لكسلا حيث المحطة الأخيرة للبصات السياحية) .


دبايوا .. إتينينا :

• قبل أن نغادر الطائرة أخبرنا الصوت النسائي الصادر من كابينة الطائرة - بعد أن هنأنا بسلامة الوصول إلى مطار كسلا – أن درجة الحرارة بالخارج هي 26 درجة مئوية. كان في استقبالنا بمطار كسلا ( الأصغر حجما من صالة الحج والعمرة) صديقنا الفوتوغرافي حسين صالح اري ، صاحب الدعوة وصاحب معرض التصوير الذي عنونه ب :( نور: مشروع الحلم الفسيح) ووصفه بأنه أكثر من معرض وفي معيته أحد أصدقائه الذي استقبلنا بعدد من عبوات المياة المعدنية ( مياه الصحة كما نسميها في السودان).

• توجهنا من المطار لحي الكارا حيث قاعة وسط المدينة التي تقبع بداخل منتزة التاكا السياحي تسبقنا إليه الرواية التي سمعتها كثيرآ طوال أيام زيارتي الثانية لكسلا وهو أن والي كسلا قام بتكسير مباني تاريخية ( أنئشت قبل مئة عام ) ليقيم مكانها منتزة التاكا العائلي وقد نصحه الكثيرين بأن يترك المباني جزءاً لا يتجزأ من المنتزة كمعالم سياحية غير أن الوالي رفض ذلك.

• إختار لنا حسين شقة جميلة - مهيئة للأقامة لأطول فترة ممكنة بالرغم من أن إقامتنا فيها لن تزيد عن الليلتين – وقرب الشقة جغرافياً من منتزه التاكا كان اختياراً موفقاً من حسين لجعل حركتنا من وإلى قاعة وسط البلد من السهولة بمكان.

• بعد أن أوضح صاحب الدعوة لثلاثتنا توزيع غرفنا في تلك الشقة وتخلصنا من أحمالنا التي اصحبناها معنا من الخرطوم وبعد أن نشرت النسخ ( عشرة نسخ من مجوعتي القصصية الأولى: تضاريس النزوح الأخير ومثلها من مجموعتي القصصية الثانية: شاشاية هدية لأهلي الكسلاويين - والكسلاويين نسبة لمدينتهم الجميلة: كسلا - أضافة لثلاث نسخ أخرى من كل كتاب لتذهب لصاحب الدعوة حسين صالح آرى ولمكتبة منظمته تلاويت). بعد أن تأكد صاحب الدعوة أننا قد جعلنا لحقائبنا حيزاً في الغرف المخصصة لنا.

• كان الطريق من حي الكارا إلى حي الدرجة حيث بيت حسين نفسه، مكتنزاً بالحكايا التي رصفت الطريق بين اسمرا وكسلا والخرطوم . فرفقائي داخل العربة ( خالد محمد طه وعاطف سعد وحسين صالح اري ) كثيراً ما عبروا الحدود إلى الجارة الجميلة إرتريا وقضوا فيها اياماً بلياليها أمتدت لبعض لسنوات.

• أخبرني حسين أكد في وجبة الإفطار عن الأماكن التي يتوجب عليّ زيارتها في كسلا – خصوصاً أن زيارتي الأولى قبل أكثر من خمسة عشر عاماً لم تجعلني أرى من كسلا سوى سلسلة جبال التاكا والسوق المجاور لحي الميرغنية حيث لبث حوالي اسبوع في بيت الشباب التابع لقاعة عثمان دقنة.

• عدنا بعد تناول وجبة الإفطار الشهي لشقتنا لأخذ قسط من الراحة قبل أن تبدأ فعالية: نور مشروع الحلم الفسيح، وهو عنوان معرض الصور الفوتوغرافية التي إلتقطتها عدسة الفنان حسين صالح أري من كسلا، بورتسودان، جزر الكاسنجر بشمال السودان وغيرها من المناطق داخلالسودان. بالإضافة لصور إلتقطها صاحب المعرض أثناء تواجده لفترة في العاصمة الهندية : نيو دلهي.

• لم يجد النوم طريقه إلي إلا قبل افتتاح المعرض بساعة، نمت خلالها نصف ساعة فقط .. قبل أن يهاتفني صوت نسائي شاب عرفتني بإسمها فتذكرت أنني لمحت إسمها في المجموعة التي أنشائها حسين عبر تطبيق واتساب للتفاكر بشأن المعرض. أخبرتني أنها في الطريق لإصطحاب إحدى المشاركات من شقتها وتود أن توافينا ( خالد محمد طه وعاطف سعد وشخصي) لإصطحابنا كذلك. شكرتها واخبرتها أننا سوف نأتي لاحقاً لأن أحدنا بالخارج في زيارة لبعض أصدقائه ولم يعد لشقتنا بعد. لذلك سوف ننتظره.

بمنتزه التاكا العائلي .. حيث لقاؤنا محتشداً:

• وصلنا قبل الإفتتاح بدقائق معدودات .. كان مشهد الكسلاويين ( نسبة لمدينة كسلا ) وهم يتحلقون حول قاعة وسط المدينة حيث النافورة توزعت حول جنباتها وأمامها وشرقها وغربها وشمالها الشرقي بالونات بأحجام وألوان مختلفة .. شئ اشبه بالملحمة والتي أحسها في قلبي وأنا اشاهد الفنان العظيم: محمد الأمين وهو يتغنى برائعته: ( الحب والظروف ) والتي صاغها الشاعر الجميل: فضل الله محمد ولعلها مازجت مشاهدتي لحفلة الدوحة التي صدح بملحمته : ( طيبة ) صدح بها أمام جمهورها الفنان متعدد المواهب الاستاذ مصطفى سيد أحمد.

• حالفنا الحظ بأن شهدنا البداية غير التقليدية فبعد قص الشريط لم يتوجه الحضور لداخل صالة وسط المدينة لمشاهدات التحف الفنية لأن أولى فقرات هذه الفعالية هو عرض مسرحي لفرقة رتاج والذي عكس الحب عبر العصور المختلفة منذ عهد عنترة وعبلة مروراً بفترة إزدهار الخطابات التي تأتي عبر ساعي البريد (البوستجي أو البوسطجي ) والذي تتردد اسمه كثيراً في كثير من الأغاني السودانية في تلك الفترة.

• بعد أن جال الزوار في أرجاء معرض الصور الفوتوغرافية التي إلتقطتها عدسة الفنان حسين صالح اري ، إفتتح المنتدى الثقافي بفقرة: منتدى القصة والصورة والتي تحدث فيها الناقد والكاتب الأستاذ خالد محمد طه الذي تحدث في كلمات أنيقة عن علاقة الصورة بالقصة في معرض الفنان حسين اري وكيف أنها عبارة عن صور سردية أو حكايا الصور على حد تعبيره . ليعقب على ورقته الإعلامي الشاعر أستاذنا : الحسن موسى دفع الله ( صاحب البرنامج الإذاعي الأشهر بإذاعة كسلا: من هنا تشرق الشمس ) والذي ظل يعده لسنوات وسنوات طوال مسيرته الإعلامية .. كان تعقيب أستاذ الحسن بمثل جمال ورقة الاستاذ خالد محمد طه ولكنها بطريقة أستاذ الحسن محمد دفع الله عند مشاركته في المنتديات الكسلاوية.

• لعلي اتوقف هنا بالحديث عن كرنفال حسين وهو يتجول بين زوار ومعجبي فنه في معرضه للصور الفوتوغرافية والتي عنونه بنور وهو اللقب الذي اطلقته أخته خديجة - التي انتقلت قبل عام إلى جوار ربها - على نفسها عبر مواقع التواصل الإجتماعي.

• وسوف أكمل الحكاية في المذكرة القادمة من حيث بدأت مشاركتي بالحديث عن تجربتي في الكتابة والنشر منذ عرفت أنني أكتب وحتى صدور مجموعتي القصصية الثانية عن دار المصورات والتي عنونتها ب: شاشاية ..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى