احمد رجب محمد شلتوت - قدر الموهوب في بلد معطوب

يمر المجتمع المصري منذ عقود بأزمات عديدة متلاحقة أصابته باضطرابات تحير المهتم بالشخصية المصرية، ففي الوقت الذي تكشف فيه هذه الشخصية عن قوتها وتمسكها بثوابتها بإعلان موقف شعبي جمعي صريح رافض للتطبيع ومن يحاولونه، نجدها تلجأ للمراوغة في مواقف أخرى (العزوف عن المشاركة في انتخابات نتائجها معلومة سلفا) لكن ثمة أعراض مرضية كثيرة تتزامن مع أعراض الصحة، نتيجة لانقلاب منظومة القيم بعد الانفتاح الاقتصادي وما صاحبه من تغيرات اجتماعية، ومن أبرز أعراض تشوه الشخصية المصرية تفشي ظاهرتي النفاق والعنصرية، وقد اجتمعتا معا في بعض الأمور منها التنمر شبه الجمعي
بشيكابالا، وأكثر مظاهر ذلك التنمر خسة نجده في فيديو الكلب، وقد تم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة في الأيام الماضية مما يؤكد تعبيره عن رغبة عارمة في الإساءة لللاعب، وحتى البعض ممن أعلنوا عدم رضاهم عن الفيديو وجدوا له مبررا مما حدث من اللاعب في مباراة سابقة بين الأهلى والزمالك، ورغم أن ما فعله اللاعب يومها غير مقبول إلا أنه كان مجرد رد فعل تجاه حملات سباب مستمرة تستهدفه منذ سنوات وبلغت ذروتها في ذلك اليوم، وتجاهلها الإعلام الرياضي (أصبح عمل من لا عمل له) وسكت عنها اتحاد الكرة ( المضروب في عمقه كأغلب مؤسساتنا)، وتناساها الجميع كما تناسوا أن جماهير نفس الفريق سبق أن مارست التنمر ضد لاعبين كثر، ولعل كبار السن يتذكرون هتاف أواخر السبعينات وبداية الثمانينات ( شي حا على خليل أهه)، وهكذا من حمار على خليل إلى كلب شيكابالا تواصل الأغلبية الكروية عنصريتها ( راجع شعارها الأهلى فوق الجميع) وتنمرها واستقوائها لكونها أغلبية ولأنها تأمن المحاسبة والعقاب، ولأن المجتمع المنافق يرفض العنصرية علنا ويمارسها في السر، أما شيكابالا فهو نموذج مثالي لمن يمكن استهدافهم بالعنصرية إذ يمثل ثلاث أقليات معا: فهو أسمر البشرة من أصول نوبية، وثانيا هو زملكاوي، والأهم أنه صاحب موهبة باذخة وعظيمة، والويل كل الويل للموهوب إن عاش في بلد معطوب.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى