ما أقسي أن نمشي في جنازة من نحب، فلا نعرف ماذا نفعل بالضبط، وهل البكاء كاف للحزن أم لا ؟ وهل يعرف الآخرون مقدار حزننا وهم يرمقوننا من آن لآخر، كأنهم في كل مرة يبحثون عن شيء ما في كل دمعة وشهقة وحرقة قلب.
كنت أتسند علي حائط البيت المجاور حين طلعت أمي من البيت محمولة في النعش، فانخلع قلبي وارتفع صوت النساء بالصراخ والعويل، ولم أعرف ماذا أفعل ولا كيف ؟.
وأمشي في جنازة أمي، طفلا أمشي.. فكم من الحزن يكفي ليقول الناس إني حزين؟ وهم ينظرون إليّ بعيون تلمؤها الشفقة.
وكم من البكاء يكفي والدموع تجف أحيانا، وألوم نفسي.. كيف لمن ماتت أمه أن يكف عن البكاء؟ وأن يمشي هكذا وراء النعش الذي يحمله الرجال وهم يبدلون من كتف لكتف أذرع خشبة الموت ؟.
بجوار نعش أمي أمشي ..هل رأيتم أقسي من ذلك؟ وطريق المقابر يبدو طويلا أو قصيرا لا أعرف. بيوت البلدة أصبحت خلفنا وصوت النواح صار بعيدا، ودبدبة أحذية الرجال علي أرض الجسر غدا لها جلال في ذلك الصمت الذي يغلف الكون. مياه الترعة والأشجار والنخيل والمواشي في لحظة سكون وتأمل للموت الذي يسد الطريق . ورجل عجوز ينزل عن حماره ويتنحي جانبا ليمر الموت في هدوء.
أمشي تتخبط قدمي في الطوب والأحجار، وأنا أحاول تجنب التراب الذي تطيره أقدام المشيعين العجلى، فيعشي عيني ويسد أنفي. وكلما اقتربت من الخشبة ذات الأذرع الممدودة بالموت، تدفعني الأيدي برفق إلي جانب الطريق يمينا ويسارا، والعيون لا تتركني فأي حزن يكفي ؟
في الطريق كان رجل يقف على حافة الجسر حتى تعبره الجنازة، فجأة أمسك بيدي، ظننت أنه يعرفني ولكنه همس في أذني : هو مين اللي مات !.
لم أعرف بماذا أجيب..كانت الإجابة الحقيقية : أنا.
هذا الجسد الملفوف بإحكام في قماش أبيض - أنا- تتسلمني يد من داخل القبر المظلم فيما أياد أخرى تمهد المرقد وتلقي جانبا بالطوب الصغيرة وبقايا عظام من سبقوني.
يريحون جسدي -أنا- الذي لن يستريح أبدا، ويغلقون علىّ بالطوب هذه الدنيا الواسعة، فتضيق. كيف لعشرين طوبة أن تغلق الدنيا هكذا، وأصبح مسجونا مدفونا في هذا الفراغ كأنني حي.
يتضايق مني البعض أو يحبني ، ويكون صراعا لا أعرف له سببا في الحب أو الكره..أنا غير الموجود أصلا ..كيف يرونني ؟ ويتحدثون معي وأضحك ويضحكون !
كيف؟ من قال إنني حي؟
هل العمر الذي تسلل للطفل فجعل له شاربا ولحية ؟ أم الأولاد الذين يقولون أبي .
أنا لا أعرف الشى ء الذي يجعل الجميع يتكلمون معي بثقة هكذا كأنني حي ! حقيقة لا أعرف رغم أنني مت منذ ثلاثين عاما تقريبا.
كنت أتسند علي حائط البيت المجاور حين طلعت أمي من البيت محمولة في النعش، فانخلع قلبي وارتفع صوت النساء بالصراخ والعويل، ولم أعرف ماذا أفعل ولا كيف ؟.
وأمشي في جنازة أمي، طفلا أمشي.. فكم من الحزن يكفي ليقول الناس إني حزين؟ وهم ينظرون إليّ بعيون تلمؤها الشفقة.
وكم من البكاء يكفي والدموع تجف أحيانا، وألوم نفسي.. كيف لمن ماتت أمه أن يكف عن البكاء؟ وأن يمشي هكذا وراء النعش الذي يحمله الرجال وهم يبدلون من كتف لكتف أذرع خشبة الموت ؟.
بجوار نعش أمي أمشي ..هل رأيتم أقسي من ذلك؟ وطريق المقابر يبدو طويلا أو قصيرا لا أعرف. بيوت البلدة أصبحت خلفنا وصوت النواح صار بعيدا، ودبدبة أحذية الرجال علي أرض الجسر غدا لها جلال في ذلك الصمت الذي يغلف الكون. مياه الترعة والأشجار والنخيل والمواشي في لحظة سكون وتأمل للموت الذي يسد الطريق . ورجل عجوز ينزل عن حماره ويتنحي جانبا ليمر الموت في هدوء.
أمشي تتخبط قدمي في الطوب والأحجار، وأنا أحاول تجنب التراب الذي تطيره أقدام المشيعين العجلى، فيعشي عيني ويسد أنفي. وكلما اقتربت من الخشبة ذات الأذرع الممدودة بالموت، تدفعني الأيدي برفق إلي جانب الطريق يمينا ويسارا، والعيون لا تتركني فأي حزن يكفي ؟
في الطريق كان رجل يقف على حافة الجسر حتى تعبره الجنازة، فجأة أمسك بيدي، ظننت أنه يعرفني ولكنه همس في أذني : هو مين اللي مات !.
لم أعرف بماذا أجيب..كانت الإجابة الحقيقية : أنا.
هذا الجسد الملفوف بإحكام في قماش أبيض - أنا- تتسلمني يد من داخل القبر المظلم فيما أياد أخرى تمهد المرقد وتلقي جانبا بالطوب الصغيرة وبقايا عظام من سبقوني.
يريحون جسدي -أنا- الذي لن يستريح أبدا، ويغلقون علىّ بالطوب هذه الدنيا الواسعة، فتضيق. كيف لعشرين طوبة أن تغلق الدنيا هكذا، وأصبح مسجونا مدفونا في هذا الفراغ كأنني حي.
يتضايق مني البعض أو يحبني ، ويكون صراعا لا أعرف له سببا في الحب أو الكره..أنا غير الموجود أصلا ..كيف يرونني ؟ ويتحدثون معي وأضحك ويضحكون !
كيف؟ من قال إنني حي؟
هل العمر الذي تسلل للطفل فجعل له شاربا ولحية ؟ أم الأولاد الذين يقولون أبي .
أنا لا أعرف الشى ء الذي يجعل الجميع يتكلمون معي بثقة هكذا كأنني حي ! حقيقة لا أعرف رغم أنني مت منذ ثلاثين عاما تقريبا.
محسن عبد العزيز
محسن عبد العزيز ist bei Facebook. Tritt Facebook bei, um dich mit محسن عبد العزيز und anderen Nutzern, die du kennst, zu vernetzen. Facebook gibt Menschen die Möglichkeit, Inhalte zu teilen und...
www.facebook.com