خير جليس محمد الدفراوي - نداء الكتب

قد تستغرقي صفحات كتاب ، تلتهم وقتا لا أندم عليه ، نظير ما تخلفه من أثر و متعة و تساؤل ، ربما دفعني للبحث عن كتاب طفا على رأسي ، ينادني بإلحاح عجيب ، و الانصراف عما بين يدي .
و الحق أن نداء الكتب من القوة بحيث يمكنك دفعه ، فتتلبسك الحيرة في اختيار الكتب قبل تقطع الطريق على الكتاب الأول ، بانحراف الجادة إلى الكتاب الآخير .
للعجبة سببان : ان الكتاب الأول هو من أوحى إلي بشكل ما لقراءة الكتاب المنادى عليه ( بفتح الدال) أو حتى بما ورد فيه من إشارة باقتباس او تلميح أو عرض ، ليجرفني الفضول لقراءة الثاني
والسبب الثاني : أنه ربما ألحت على راسي فكرة او خاطرة أو رأي يستوجب الاطلاع على الكتاب الثاني لاستكمالها ، ولا فكاك من تلبية النداء.
فأعزف عن هذا و ارغب في ذاك .
و الحق أن أمرا كهذا لا يحتاج الي جهد لتفسيره ، فلا نهاية لتدفق الأفكار على رؤوسنا ، ولايمكن صدها أو تجاهلها ، لكن ألقليل منها ينفذ إلينا ؛ ويختمر حتى تنضج .
وسعيد الطالع من يلهم مراقبة افكاره، فالأفكار الأصيلة لا ترتبط بزمان ، و لا مكان ، إذ المسألة تتعلق باستعداد فطري .
فهناك عقل مهييء لتلقي الأفكار و التعبير عنها بقوة المنطق ، و عقول غير مهيئة لتلقي الأفكار ،وتستشعر غرابتها .
وما الأفكار الإ نور ، يجوب الأرض بحثا عن المستعد .
فتأتي في شكل إلهام تختبيء بين سطور كتاب ، و في البكور كما العشي ، المهم ان تحسن التلقي .
فشكرا ايتها الكتب ، تبثين أفكارا ، أو توحين بأفكار ، أو تصوبين أفكارا !
البشرية مدينة للكتب .
و مسارات الأفكار تحددها الكتب ، كما انه لن تأتيك فكرة و انت فارغ اليدين تحدق في السماء _ من دون _ كتاب!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى