عبد الحافظ الحوارات - يوميات محجور…(1).. إدمان الحدود

- (1).. إدمان الحدود

مضى يوميَ الأوّل في الحجر الصحي بفندق مينا تايكي بالعاصمة عمّان… الملل هو ذاته. لمْ أعتد بعد الخروج من حالة الاغتراب التي تتملّكني ولا أستغربُ أنّي ما زلتُ ميّالاً للانجذاب نحو الحدود، حتى أنّي قررتُ الجلوس هذه الليلة على الحدّ الفاصل لشرفة حجرتي الأنيقة في الطابق الرابع، نصف رأسي للداخل يصفع خدّه الأيسر الهواء الصناعي للمكيف فيما تداعب خدي الأيمن نسمات عمّان الطبيعية. قبل أيام أرسلتْ لي صغيرتي فيديو لعصفورين جميلين محبوسين في قفص أنيق اشترتهما من مدينة السلط، كلما أصابني الملل أشاهد نفسي فيهما.
لا نرى من البشر أحداً إلّا في أوقات الطعام حينما يُطرَقُ باب الحجرة فأفتحه على الفور لعلّي أُشاهد إنسيّاً، بيد أنّي لا أجد إلا طعاماً ساخناً مغلّفاً بإحكامٍ وموضوعاً على الحدّ. أُخْرِجُ نصف رأسي من إطار الباب فألمحُ خيال فضائيٍ يبتعد عنّي بخطوات نشيطة، يوزّع الموائد على الغرف الأخرى، يَطرُقُ أبوابها ثمّ يجري بخفّة وراء عربته الفضّيّة ليذكّرني بالطائرات اللامعة التي كانت تسابق الصوت وهي تشقّ سماء طفولتنا في الأغوار… الصوت فوق رأسي والصورة بعيدة جداً تتجه إلى الغرب، لا أدري! لعلّها كانت تجتاز الحدود…

***



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى