كان يحب فتى الصلصال الذي نفخ فيه روحه فاستيقظت شهقات الروح في انفاسه ، شعر بعزلته عندما راه يتجول حزينا تحت طلال اشجار السنديان الضخمة ، فكر ان يفاجئه ، فخلق حواء ، ولكن المرأة لم تكن تطيق ان يشاركها احد سواها في عشيقها الصلصالي !
لم يدم الامر طويلا حين هبطت به الى الارض لتبدأ محنة الحب التي لا نهاية لهـــــــــــا
مابعد البداية :
لم يعد يجد اي متعة في العودة الى قراءة دميان ، التي تشبه الى حد كبير فصل مستل من العهد القديم يرثي فيها هيرمان هيسة الآم الابن العاق قايين الذي فتك بشقيقه بسبب اله يرغب بالقرابين السمينة وسفك دم الاضاحي في جرن المذبح ، كما لم تعد تستهويه فكرة العودة الى رواية ذئب البراري، الجرمانيون لا يشبهون غيرهم ابدا ، تمتم لنفسه وهو يحشر في علبة كارتون سميك اسطوانات بيتهوفن وشوبان وجايكوفسكي ، دثر كتبه التي تراكمت الواحد فوق الاخر على الرفوف ، سيتركها للنسيان تحت غطاء بلاستيكي سميك ، في العلية التي اعدت كمخزن لكل شيء لم يعد يجدي نفعا ، ما جدوى بلطة حطاب في منزل بلا مدفئة حجرية ، و شمعدانات نحاسية فقدت بريقها تحت قشرة سميكة بلون اخضر ، هناك سرير حديدي فتك به المطر فتحول الى كومة اضلاع منخورة يعلوها الصدأ، طاولة تشد الواحها المتصدعة مسامير ضخمة كما لو انها ستنهار ما ان يلمسها احدهم بأصبعه ، بدت كأنها تئن تحت وطأة سجاد عتيق لم يعد يتذكره احد ، لفة حبال القنب الهندي التي يستخدمها البحارة في شد اشرعة مراكب صيد الاسماك في اعالي الخليج الذي ينوء تحت رطوبته الخانقة اكثر صيادي الهامور تجلدا ، او في صيد الحيتان كما في رواية موبي ديك العريقة ، عندما تستيقظ امواج البحر غاضبة ومتمردة تحت سماء مكفهرة ، بينما هو يقيم في مدينة فاقعة شيدت بالآجر والخرسانة والكلس ـ بطرقاتها الضيقة المعبدة بالأسفلت ، التي تختنق بدخان السيارات وزعيقها الذي لا ينقطع طوال ساعات ما بعد الظهيرة ، هناك دلو بلاستيكي و اشياء كثيرة لامعنى لها ، قناني زجاجية كانت في يوم غابر مملوءة بالعرق ، المقتنيات التي امست تذكارات قديمة لانفاق لم يعد مجدي ، وهو يحشر روايات هيرمان هيسه في الزاوية البعيدة التي لا يطالها ضوء الشمس الذي ينفذ عبر زجاج الشباك ، قال لنفسه ، ليرقد هيرمان في قبره بسلام ، كما فقد الرغبة في قراءة جاتسبي العظيم التي تسرد قصة حياته المرتبكة التي انتهت كما لو كانت مأساة اغريقية ، تذكر قصة حياة الروائي سكوت فتز جيرالد الذي نحت اسمه على غلاف روايته المثيرة ، مات بسبب ادمانه الكحول وهو يحاول الفرار من شريكته التي احالت حياته الى جحيم ، ما الجدوى من قراءة الروايات او مذكرات الاخرين وهم يسردون قصص حياتهم ، كما لو انهم انبياء او رسل لانقاذ الفضيلة ، قصصهم التي لا تختلف في الكثير من التفاصيل والمفترقات التي اعترضت طريقهم عن حياته التي شهدت الكثير ، حياته لم تعد كما كانت في سنواته الغابرة ، يطمر عينيه في المجلدات وهو يرى ايامه تنساب ببطء فوق اوراق الكتب ، لم تعد هناك جدوى ، انفق العديد من سنواته يعيش حياة الاخرين ويتقمص مشاعرهم ، لم يكن الامر كما لو يقظة وعي انتابته فجأة ، كيما يتدارك خساراته وهو يعيش وهما لذيذا بين الكلمات والاحداث والازمنة ، اعلن عن عمد وسبق اصرار قطيعته مع ماضي انفقه في حلم كسيح وهو ينتظر مخلصه ،
البداية:
حين لمحها عبر الرجال والنساء الرشيقات والايشاربات الملونة التي تدلت على اكتافهن المستديرة ، لمحها تدور حول آنية من الخزف استقرت على مكعب ابيض في وسط القاعة، كما لو انها كانت المرأة الوحيدة في المكان الذي يتنفس اضواء النيون و الالوان في اللوحات الزيتية التي غطت جدران القاعة الكبيرة ، شيئا فشيئا تسللت الى عقله وهو يتابعها بنظراته ، شدته اليها بإيماءتها وهي تشير بأصبعها الى لوحة بينما خطواتها المتمهلة تقودها عبر الاخرين والثرثرة الخافتة ، انتابته مشاعر واحاسيس تشبه الى حد بعيد تلك الاحاسيس التي تنتاب شخصيات الروايات التي استنفدت ازمنته ، وهو يقترب بخطواته يحاول الاقتراب منها شعر بخفقاته تزداد عنفا ، كما لو كان سيغرق ان لم يجد طريقه اليها ليخبرها عن نفسه عن مشاعره التي استيقظت فجأة ليكتشف اليباب الذي انفق فيه سنوات عديدة وهو يحلم بعاشقة تشبه لوليتا او احدى شخصيات رواية لم يعد يتذكرها ، برغم احساسه بان فمه يجف ، وخوفه الشديد ان يتلقى ردا يجهز على حلمه ، كانت تخفي قوامها الرشيق ببنطالون جينز تدلت فوقه كنزة صوف بلون قرمزي بينما خصلات شعرها الكستنائي تدلت على كتفيها ، شعر بخفقاته تتصاعد كلما اقترب بخطواته اكثر ، السلسلة الناعمة التي تنتهي بحجر لازورد التي تطوق عنقها، انفها وشفتيها ، وجنتيها وجبينها ، عينيها البنيتين ، تيار متدفق من الصور والمشاعر والاحاسيس اقتحم اضطرابه الذي اخذ يتفاقم بخطواته حين وجد نفسه وجها لوجه امامها وهو ينظر في عينيها للحظات مرت عليه كما لو انها ابدية ، في تلك اللحظة وجد كل سنوات حياته ممددة امامه بلا معنى ، وجد نفسه امامها محاصرا ووحيدا، اعزل تماما بينما شعور الخوف يصعد من اختلاجات وجهه وفاقم من جفاف فمه ، ما الذي عليه ان يقوله لها وهي التي تطلعت في وجهه متسائلة والحيرة تعقد حاجبيها الرشيقين ، لم يعد امامه سوى ان يجد نفسه من اجلها ، ان يرمم تماسكه ويستعيد وعيه ، وهو يلوح بيده كانه يحيي صديقا لم يره لسنوات طويلة بصوت كسته نبرات تشي باضطرابه .
قال لها :مرحبا!
قالت : مرحبا!
لاحظت اعجابك بالآنية المزججة
اعجبتني جدا انت خزاف سيراميك ؟
لا لست خزافا ولكني احب الفن
كذلك انا.
النهاية:
تلك اللحظات التي استلتني من التيارات التي تتدفق صوب النسيان واللاجدوى ، تلك اللحظة التي انتشلتني مما كنت اغرق فيه فيما لايجدي ، اللحظة التي وجدت فيها نفسي اتطلع الى خساراتي بينما اعوامي المهدورة ممددة امامي كأضاحي لم تستطع انقاذي من المتاهة ، استرددت تماسكي ويقظتي ، كانت قبالتي عبر الطاولة وهي تمسك بيديها القدح الورقي تحتسي القهوة ، بينما كنت ارمم غيابي بتقاطيع وجهها .
لم يدم الامر طويلا حين هبطت به الى الارض لتبدأ محنة الحب التي لا نهاية لهـــــــــــا
مابعد البداية :
لم يعد يجد اي متعة في العودة الى قراءة دميان ، التي تشبه الى حد كبير فصل مستل من العهد القديم يرثي فيها هيرمان هيسة الآم الابن العاق قايين الذي فتك بشقيقه بسبب اله يرغب بالقرابين السمينة وسفك دم الاضاحي في جرن المذبح ، كما لم تعد تستهويه فكرة العودة الى رواية ذئب البراري، الجرمانيون لا يشبهون غيرهم ابدا ، تمتم لنفسه وهو يحشر في علبة كارتون سميك اسطوانات بيتهوفن وشوبان وجايكوفسكي ، دثر كتبه التي تراكمت الواحد فوق الاخر على الرفوف ، سيتركها للنسيان تحت غطاء بلاستيكي سميك ، في العلية التي اعدت كمخزن لكل شيء لم يعد يجدي نفعا ، ما جدوى بلطة حطاب في منزل بلا مدفئة حجرية ، و شمعدانات نحاسية فقدت بريقها تحت قشرة سميكة بلون اخضر ، هناك سرير حديدي فتك به المطر فتحول الى كومة اضلاع منخورة يعلوها الصدأ، طاولة تشد الواحها المتصدعة مسامير ضخمة كما لو انها ستنهار ما ان يلمسها احدهم بأصبعه ، بدت كأنها تئن تحت وطأة سجاد عتيق لم يعد يتذكره احد ، لفة حبال القنب الهندي التي يستخدمها البحارة في شد اشرعة مراكب صيد الاسماك في اعالي الخليج الذي ينوء تحت رطوبته الخانقة اكثر صيادي الهامور تجلدا ، او في صيد الحيتان كما في رواية موبي ديك العريقة ، عندما تستيقظ امواج البحر غاضبة ومتمردة تحت سماء مكفهرة ، بينما هو يقيم في مدينة فاقعة شيدت بالآجر والخرسانة والكلس ـ بطرقاتها الضيقة المعبدة بالأسفلت ، التي تختنق بدخان السيارات وزعيقها الذي لا ينقطع طوال ساعات ما بعد الظهيرة ، هناك دلو بلاستيكي و اشياء كثيرة لامعنى لها ، قناني زجاجية كانت في يوم غابر مملوءة بالعرق ، المقتنيات التي امست تذكارات قديمة لانفاق لم يعد مجدي ، وهو يحشر روايات هيرمان هيسه في الزاوية البعيدة التي لا يطالها ضوء الشمس الذي ينفذ عبر زجاج الشباك ، قال لنفسه ، ليرقد هيرمان في قبره بسلام ، كما فقد الرغبة في قراءة جاتسبي العظيم التي تسرد قصة حياته المرتبكة التي انتهت كما لو كانت مأساة اغريقية ، تذكر قصة حياة الروائي سكوت فتز جيرالد الذي نحت اسمه على غلاف روايته المثيرة ، مات بسبب ادمانه الكحول وهو يحاول الفرار من شريكته التي احالت حياته الى جحيم ، ما الجدوى من قراءة الروايات او مذكرات الاخرين وهم يسردون قصص حياتهم ، كما لو انهم انبياء او رسل لانقاذ الفضيلة ، قصصهم التي لا تختلف في الكثير من التفاصيل والمفترقات التي اعترضت طريقهم عن حياته التي شهدت الكثير ، حياته لم تعد كما كانت في سنواته الغابرة ، يطمر عينيه في المجلدات وهو يرى ايامه تنساب ببطء فوق اوراق الكتب ، لم تعد هناك جدوى ، انفق العديد من سنواته يعيش حياة الاخرين ويتقمص مشاعرهم ، لم يكن الامر كما لو يقظة وعي انتابته فجأة ، كيما يتدارك خساراته وهو يعيش وهما لذيذا بين الكلمات والاحداث والازمنة ، اعلن عن عمد وسبق اصرار قطيعته مع ماضي انفقه في حلم كسيح وهو ينتظر مخلصه ،
البداية:
حين لمحها عبر الرجال والنساء الرشيقات والايشاربات الملونة التي تدلت على اكتافهن المستديرة ، لمحها تدور حول آنية من الخزف استقرت على مكعب ابيض في وسط القاعة، كما لو انها كانت المرأة الوحيدة في المكان الذي يتنفس اضواء النيون و الالوان في اللوحات الزيتية التي غطت جدران القاعة الكبيرة ، شيئا فشيئا تسللت الى عقله وهو يتابعها بنظراته ، شدته اليها بإيماءتها وهي تشير بأصبعها الى لوحة بينما خطواتها المتمهلة تقودها عبر الاخرين والثرثرة الخافتة ، انتابته مشاعر واحاسيس تشبه الى حد بعيد تلك الاحاسيس التي تنتاب شخصيات الروايات التي استنفدت ازمنته ، وهو يقترب بخطواته يحاول الاقتراب منها شعر بخفقاته تزداد عنفا ، كما لو كان سيغرق ان لم يجد طريقه اليها ليخبرها عن نفسه عن مشاعره التي استيقظت فجأة ليكتشف اليباب الذي انفق فيه سنوات عديدة وهو يحلم بعاشقة تشبه لوليتا او احدى شخصيات رواية لم يعد يتذكرها ، برغم احساسه بان فمه يجف ، وخوفه الشديد ان يتلقى ردا يجهز على حلمه ، كانت تخفي قوامها الرشيق ببنطالون جينز تدلت فوقه كنزة صوف بلون قرمزي بينما خصلات شعرها الكستنائي تدلت على كتفيها ، شعر بخفقاته تتصاعد كلما اقترب بخطواته اكثر ، السلسلة الناعمة التي تنتهي بحجر لازورد التي تطوق عنقها، انفها وشفتيها ، وجنتيها وجبينها ، عينيها البنيتين ، تيار متدفق من الصور والمشاعر والاحاسيس اقتحم اضطرابه الذي اخذ يتفاقم بخطواته حين وجد نفسه وجها لوجه امامها وهو ينظر في عينيها للحظات مرت عليه كما لو انها ابدية ، في تلك اللحظة وجد كل سنوات حياته ممددة امامه بلا معنى ، وجد نفسه امامها محاصرا ووحيدا، اعزل تماما بينما شعور الخوف يصعد من اختلاجات وجهه وفاقم من جفاف فمه ، ما الذي عليه ان يقوله لها وهي التي تطلعت في وجهه متسائلة والحيرة تعقد حاجبيها الرشيقين ، لم يعد امامه سوى ان يجد نفسه من اجلها ، ان يرمم تماسكه ويستعيد وعيه ، وهو يلوح بيده كانه يحيي صديقا لم يره لسنوات طويلة بصوت كسته نبرات تشي باضطرابه .
قال لها :مرحبا!
قالت : مرحبا!
لاحظت اعجابك بالآنية المزججة
اعجبتني جدا انت خزاف سيراميك ؟
لا لست خزافا ولكني احب الفن
كذلك انا.
النهاية:
تلك اللحظات التي استلتني من التيارات التي تتدفق صوب النسيان واللاجدوى ، تلك اللحظة التي انتشلتني مما كنت اغرق فيه فيما لايجدي ، اللحظة التي وجدت فيها نفسي اتطلع الى خساراتي بينما اعوامي المهدورة ممددة امامي كأضاحي لم تستطع انقاذي من المتاهة ، استرددت تماسكي ويقظتي ، كانت قبالتي عبر الطاولة وهي تمسك بيديها القدح الورقي تحتسي القهوة ، بينما كنت ارمم غيابي بتقاطيع وجهها .