خرج في صباح هذا اليوم البارد ، وضع في جيبه ضحكته المحايدة ، وقاد سيارته بهدوء. يتأمل ناس الصباح ، يتأمل شمساً لذيذة على عينه المخدّرتين ، ليظل اقل انتباها، وأقل حذرا ، واقل رغبة أن يصل إلى ما يريد ، لا يعرف ماذا يريد ، له ما يريد ولهم ما يريدون ، والمسافة بينه وبينهم صباح وضحكة محايدة ونور ساطع لشمس قديمة وعينين مخدرتين ووله عظيم . يتأمل عيونا مجاورة مليئة بالنعاس، يتأمل الشوارع يتأمل إشارات المرور وعمال النظافة وتلاميذ وتلميذات المدارس ، يقول سوف أمر على تلك الحديقة المهملة وسوف أمر بجوار مدرسة البنات و سوف أرى البواب الجالس أمام باب المدرسة بعصاه الطويلة وبنصف رقدة يراقب احتشام البنات الداخلات، ثم أمر بعد ذلك في طريقي على سيارات كثيرة تصطف أمام ذلك المطعم الصغير المشهور كل صباح.
خرج في صباح هذا اليوم البارد يضع في جيبه ضحكته المحايدة ، خرج من بيته تعبا أو فرحا أو حزينا أو طائرا مثل عصفور، خرج وهو يخبئ في جيوب ثوبه أشياء كثيرة، وخلفه ترك أشياء كثيرة ، أبواب الغرف المفتوحة ورائحة الرتابة والملل، ومقاطع من أغان متقطعة ومبعثرة في الفضاءات الصغيرة المسقوفة ، ونوافذ نصف مغلقة تحدّق فيها عدة أبواب صامتة أو مفتوحة أو مواربة .
الباب الكبير الذي أمامه يفضي إلى باب آخر ، والباب الثاني من بعده سوف يقوده إلى أبواب مفتوحة وممرات كثيرة مغلقة ، وهو يقف هناك بعيدا يرقب أناسا يدخلون الباب الكبير أو يخرجون منه ، يقف بعيدا ينتظر الوقت الذي يمضي، والناس يركضون هناك بلا هدف واضح ، يدخلون ويخرجون من أبواب كثيرة وبابه الكبير ينتظره ، لكنه يقف بعيدا هناك ، يخاف الدخول ، يخاف الخروج . يقف مترددا وخائفا ومتلصصا ، يبحث عن رائحة درب يقوده الى طريق جديد ، يقف هناك والناس تدخل وتخرج من أبواب كثيرة لكي تفضي بها الى طرقات مغلقة ، يقف بعيدا ويتذكر أشياء كثيرة ويحلم بأشياء كثيرة.
كل الأبواب تفضي إلى أبواب أخرى . كل الأبواب تفضي الى طرقات مغلقة . ليس هناك باب يأتي من فراغ ويذهب بك إلى فراغ . ليس هناك باب يذهب بك الى هناك حيث حياة أخرى مفتوحة الرحاب . يقف متوتراً يقرأ ماضيه ، يقرأ وقوفه الأول أما م العالم والناس والأصوات وتجاربه الجديدة في الحياة ، والدروب المغلقة التي أحبطت روحه منذ الصغر، يقف أمام كل باب مسحورا ومبهورا، خائفا مترددا ومتلصصا ، يتأمل قدميه الصغيرتين اللتين هدهما تعب قديم . يحاول تحريكهما فلا يستطيع أن يتقدم خطوة واحدة، يحاول أن يتكلم فلا يقوى على الكلام ، يراقب خطوات البشر في الطرقات المغلقة بصوت معبأ بالمرارة وذاكرة مليئة بالمواقف وحكايات تلد حكايات أخرى ، يراقب حياة تتحرك حوله ويستمع لأصوات متداخلة تأتي من هوة سحيقة في داخله ، يظل هناك حذرا وبعيدا ومرتاعا لا يقوى على الدخول ، في انتظار باب يأتي من الفراغ ويدخله ثم يفضي به إلى فراغات.
يدخل المطعم الصغير المجاور لبيته ، يجلس في مكانه المفضل جوار الباب الزجاجي المطل على رصيف الشارع ، لكي يتمكن من رؤية المطر الخفيف الذي ينزل الآن من السماء الملبدة بالغيوم . المطر يغطي زجاج باب المطعم فيبدو مثل لوحة مائية رائعة ، عامل المطعم يضع الشاي بالحليب الذي طلبه أمامه وهو يتأمل العالم الهادئ من حوله ، العالم الذي سوف ينطلق بعد قليل ، وفي رأسه أسئلة كثيرة عن الصباح وعن الأبواب المخاتلة الكثيرة ، يسأل وقد ترك خلفه أشياء كثيرة ، أبواب الغرف المفتوحة في بيته الصغير ورائحة الرتابة والملل ومقاطع حزينة من أغان متقطعة ومبعثرة في الفضاءات الصغيرة المسقوفة ونوافذ نصف مغلقة . وبعد قليل سوف يعود لشوارع الصباح من جديد وأبوابها الكثيرة التي تقود أيضا إلى فراغ مكشوف ظل يضلل حياته المعتمة الروح ، وفي ذهنه باب قديم ظل يطارده ولازال يشعر الان أنه يقف فوق رأسه مثل رجل يراقبه ويراقب اسئلته و أحلامه الصغيرة.
خرج في صباح هذا اليوم البارد يضع في جيبه ضحكته المحايدة ، خرج من بيته تعبا أو فرحا أو حزينا أو طائرا مثل عصفور، خرج وهو يخبئ في جيوب ثوبه أشياء كثيرة، وخلفه ترك أشياء كثيرة ، أبواب الغرف المفتوحة ورائحة الرتابة والملل، ومقاطع من أغان متقطعة ومبعثرة في الفضاءات الصغيرة المسقوفة ، ونوافذ نصف مغلقة تحدّق فيها عدة أبواب صامتة أو مفتوحة أو مواربة .
الباب الكبير الذي أمامه يفضي إلى باب آخر ، والباب الثاني من بعده سوف يقوده إلى أبواب مفتوحة وممرات كثيرة مغلقة ، وهو يقف هناك بعيدا يرقب أناسا يدخلون الباب الكبير أو يخرجون منه ، يقف بعيدا ينتظر الوقت الذي يمضي، والناس يركضون هناك بلا هدف واضح ، يدخلون ويخرجون من أبواب كثيرة وبابه الكبير ينتظره ، لكنه يقف بعيدا هناك ، يخاف الدخول ، يخاف الخروج . يقف مترددا وخائفا ومتلصصا ، يبحث عن رائحة درب يقوده الى طريق جديد ، يقف هناك والناس تدخل وتخرج من أبواب كثيرة لكي تفضي بها الى طرقات مغلقة ، يقف بعيدا ويتذكر أشياء كثيرة ويحلم بأشياء كثيرة.
كل الأبواب تفضي إلى أبواب أخرى . كل الأبواب تفضي الى طرقات مغلقة . ليس هناك باب يأتي من فراغ ويذهب بك إلى فراغ . ليس هناك باب يذهب بك الى هناك حيث حياة أخرى مفتوحة الرحاب . يقف متوتراً يقرأ ماضيه ، يقرأ وقوفه الأول أما م العالم والناس والأصوات وتجاربه الجديدة في الحياة ، والدروب المغلقة التي أحبطت روحه منذ الصغر، يقف أمام كل باب مسحورا ومبهورا، خائفا مترددا ومتلصصا ، يتأمل قدميه الصغيرتين اللتين هدهما تعب قديم . يحاول تحريكهما فلا يستطيع أن يتقدم خطوة واحدة، يحاول أن يتكلم فلا يقوى على الكلام ، يراقب خطوات البشر في الطرقات المغلقة بصوت معبأ بالمرارة وذاكرة مليئة بالمواقف وحكايات تلد حكايات أخرى ، يراقب حياة تتحرك حوله ويستمع لأصوات متداخلة تأتي من هوة سحيقة في داخله ، يظل هناك حذرا وبعيدا ومرتاعا لا يقوى على الدخول ، في انتظار باب يأتي من الفراغ ويدخله ثم يفضي به إلى فراغات.
يدخل المطعم الصغير المجاور لبيته ، يجلس في مكانه المفضل جوار الباب الزجاجي المطل على رصيف الشارع ، لكي يتمكن من رؤية المطر الخفيف الذي ينزل الآن من السماء الملبدة بالغيوم . المطر يغطي زجاج باب المطعم فيبدو مثل لوحة مائية رائعة ، عامل المطعم يضع الشاي بالحليب الذي طلبه أمامه وهو يتأمل العالم الهادئ من حوله ، العالم الذي سوف ينطلق بعد قليل ، وفي رأسه أسئلة كثيرة عن الصباح وعن الأبواب المخاتلة الكثيرة ، يسأل وقد ترك خلفه أشياء كثيرة ، أبواب الغرف المفتوحة في بيته الصغير ورائحة الرتابة والملل ومقاطع حزينة من أغان متقطعة ومبعثرة في الفضاءات الصغيرة المسقوفة ونوافذ نصف مغلقة . وبعد قليل سوف يعود لشوارع الصباح من جديد وأبوابها الكثيرة التي تقود أيضا إلى فراغ مكشوف ظل يضلل حياته المعتمة الروح ، وفي ذهنه باب قديم ظل يطارده ولازال يشعر الان أنه يقف فوق رأسه مثل رجل يراقبه ويراقب اسئلته و أحلامه الصغيرة.