د. عادل الأسطة - الست كورونا.. الجزء الثاني - تابع من 151 إلى 200

- الست كورونا : "رهين المحبسين" (151)

اليوم ذهبت إلى الجامعة لأجدد الاشتراك في التأمين الصحي ولكي لا أبقى أكثر وقتي "رهين الشقتين" لا أزور ولا أزار ولا أخرج إلا في جولة هي أشبه بما اصطلح عليه السجناء ب "فورة" والحمد لله أنها ليست "فأرة" ولا أعرف سبب التسمية ومن أين جاءت ومتى أطلقت؟
كان مبنى الإدارة لي لا يوحي بالاطمئنان ، إذ لم يمض على وفاة زميلنا غسان داوود بالكورونا ثلاثة أيام . بدا لي المبنى الذي أنفق فيه غسان عقودا ، بدا موحشا . أهي الحالة التي اعترتني ، فالمبنى هو المبنى؟!
مباني الجامعة أشبه بمباني مدينة النحاس في "الف ليلة وليلة" : شبه خاوية فلا أنيس ولا ونيس ، علما بأن لا ريح تصفر.
في البنك حيث أودعت مبلغ التأمين الصحي لم يكن ثمة زبائن - عملاء وتيسرت الأمور على الرغم من نرفزة شاب ادعى أنني لم ألتزم بالدور ، وكان السبب توقف آلة منح الأرقام وخلو المصرف من العملاء.
مشيتها بشرح الأمر للشاب ووقف الموظفون إلى جانبي مبررين أنني لم أرتكب خطأ . كان الشاب يجلس أمام موظفة وأنا أمام أخرى وكان ثالث يجلس مقابل موظفة ثالثة ولم يكن سوانا في المصرف ، ولولا ابتسامتي وتوضيح الأمر لحدث ما حدث في "كفر عقب" وفي طمرة وغيرها من القرى العربية في فلسطين المحتلة في ١٩٤٨.
هل الكورونا هي المسؤولة عن هذا العدد من القتلى بالرصاص الحي في الوسط العربي؟
كنت في الصباح أصغي إلى ميسون مناصرة والخبير الاجتماعي الدكتور ماهر أبو زنط يتحاوران في الموضوع ولم يرق كلامهما لي ؛ لا كلام المذيعة ولا كلام الخبير ، وربما لا تروق لهما هذه الكتابة ، وأتمنى ألا تهاجمني عشائر الخليل وألا يشتبه بي أقارب الدكتور ماهر من الجزارين والا يلتبس الأمر عليهم ، فيجزرونني كما يذبحون الأغنام والأبقار.
اليوم خرجت عن الروتين وإن بقيت أيضا معريا ؛ كان أبو العلاء المعري أسير عماه وبيته ولقب برهين المحبسين ، وأنا ، منذ بداية الكورونا ، أبدو غالبا أسير الشقتين ، ولا جديد إلا متابعة أعداد الإصابات والوفيات في الكورونا والاشتباكات العائلية وغير العائلية وقطع أشجار الزيتون ومصادرة الأراضي.
كما لو أنني سأنجو ، فقد كنت متفائلا ودفعت رسوم التأمين الصحي عن العام الحالي كله ولم أقسط ، وربما هو عمر الشقي!!
صباح الخير
خربشات
٧ / ١ / ٢٠٢١

***

- الست كورونا : بطالة فوق البطالة (152)

درجات الحرارة في ارتفاع وفرص العمل في انخفاض والتنكيت والسخرية مثل درجات الحرارة . إنها في ازدياد.
الأجواء صافية وتشجع على الخروج فالأمطار والحمد لله منحبسة كما لو أن هناك حجرا صحيا عليها خوفا من فايروس كوفيد وسلالته المتطورة؟
هل خطر ببال أحد أن انحباس الأمطار قد يكون سببه الحجر الصحي والإغلاق الشامل والتزامها بقرارات السلطة الفلسطينية والدولة العبرية؟
ثمة شابة عراقية جميلة تظهر في شريط توجه حديثها إلى من يرتدون الكمامة ممن لا يعملون وليسوا متزوجين وليس لديهم مال ومستقبلهم غير واضح تسألهم فيه السؤال الآتي:
- لابس كمامة ليش؟
كما لو أنها ترى أن موت هؤلاء أفضل .
وثمة أشرطة تري الآثار الجانبية المتوقعة للتطعيم ، وقد غيرت في شكل الإنسان وجعلته أقرب إلى القرد. هل عكس أصحابها نظرية داروين في تطور الكائنات لنقول في الزمن القادم "أصل القرد إنسان"؟
آخر ما قرأت مساء هو ما نشره الصديق Emad Alasfar
عن إنهاء عمل المذيعين في راديو "أجيال" : فراس الطويل ورامي سمارة . لم يفصح الكاتب كثيرا وإن ربط انتهاء العمل بجائحة الكورونا ، وعرفت من الصديق Alla Juma ، بعد استفسار ، أن السبب يعود إلى أزمة مالية وتوفير مخصصات . هذا يعني أننا مقبلون على مرحلة "تزدهر" فيها البطالة و "تنتعش"، وأن الجريمة ستزداد والفقر سينتشر ويزداد و...
ماذا ألم بعمال المطاعم والمقاهي والصالات وسواقي العمومي و... و...؟
وسائل التواصل الاجتماعي اليوم انشغلت بالأزعر (دونالد ترامب) فوهرر القرن على ما جرب أن يكون ، وأنا واصلت قراءاتي لرواية عباد يحيى "رام الله" ويبدو الفدائي الفلسطيني فيها "أزعر" مثل ترامب؟
صباح الخير
خربشات
٨ / ١ / ٢٠٢١

****

- الست كورونا : كساد فوق الكساد (153)

غالبا ما أمر بمحل الحلويات لشراء المعمول والحلبة والقزحة.
كنت أشتري الحلبة من فرن يريدني "أن أمشي على هواه" - أي أن أتبنى تصوراته وتصورات قسم من أهل المدينة لحياتي ومشاكلي ، ثم قررت الانقطاع عنه وصرت أشتري من مكان آخر . ولأنني مصاب بالسكري فغالبا ما أطلب من "الحلونجي" أن يقلل كمية القطر التي يصبها على الحلبة أو القزحة ، وغالبا ما أعلمه بالأمر قبل يوم أو يومين ، ثم أمر بعد ذلك لاستلامها .
منذ عشرة أيام أوصيت "الحلونجي" بصينية ووعدني بأن يتصل بي في حال جهزها ، ولما مرت أيام ولم يتصل عرجت عليه أسأله.
كان الحلونجي وعماله جالسين وكانت البضاعة القديمة على حالها ، وقال لي:
- والله يا أستاذ ، كما ترى ، ما في سوق.
في الشتاء في بلادنا غالبا ما يقبل الناس على تناول الحلبة والقزحة ، فهي تمدهم بالطاقة ، وفي هذه الأيام تبدو بقايا السدور منها جافة جفاف أيامنا هذه التي طال انحباس الأمطار فيها.
الأيام أيام كورونا والأسواق أسواق كورونا وأسواق الكورونا كساد في كساد ، وعلى الرغم من أن الأجواء اليوم كانت لطيفة إلا أن ظلال الكورونا على ما يبدو ألقت بظلالها عليها وعلينا.
رحم الله الفتفوت الذي كان يبيع الكنافة في السوق الشرقي لأهل الريف وكان إذا لم تنفق بضاعته بسرعة وطال بقاؤها يكرر عبارته:
- هن الكن. اليوم بكرة هن الكن . الكن الكن - أي مهما طال بقاء الكنافة فهي لكم أولا وأخيرا.
هل يكرر الحلونجي في السوق الغربي ، وزبائنه ليسوا من سكان الريف ، ما كان الفتفوت يكرره؟
ثمة كساد لافت والناس في زمن الكورونا تبحث عن الحمضيات لا عن الحلويات.
صباح الخير
خربشات
٩ كانون الثاني ٢٠٢١

***

- الست كورونا : لا جديد (154)

كما لو أن أمس السبت كان يوم جمعة في فترة ما قبل الكورونا.
خف إرسال أشرطة الفيديو التي تخص الكورونا وكثرت الأشرطة التي تتمحور حول (فوهرر) الولايات المتحدة الأمريكية (دونالد ترامب) ، وواحد من الأشرطة تم فيه إخراجه من البيت الأبيض بواسطة أربعة من أفراد الشرطة ، حيث وضع على عربة زج بها في مصعد ، لينتهي عهد رئيس أهوج خارج من أفلام الكاوبوي.
في وسط المدينة لم يكن سوى عربات ببع الترمس والفول والبليلة والذرة المسلوقة . كان أصحاب العربات جالسين معا ينتظرون زبائن يجلسون في بيوتهم.
في الصباح كانت المذيعة تحاور صاحب مصنع عن صناعة الأحذية وأثر الجائحة عليها . لقد تراجعت الدباغة في الخليل بنسبه ٤٠ بالمائة ، وغدا آلاف العمال بلا عمل.
لا جديد ، وإذا لم تأت إليك الكتابة فلا تذهب إليها ، وأنا حتى الآن أتساءل كيف ينجز بعض الروائيين ، كل عام ، رواية؟!!
لا جديد بخصوص الكورونا في هذا اليوم ، ولقد كان يوما منزليا بامتياز.
هل أيامنا هذه أسوأ من أيام السفربرلك وأعوام المجاعات والطاعون والكوليرا والحروب؟
كل شيء هاديء تقريبا ، فهل ستولي الكورونا مع ( ترامب)؟
إن كان ثمة ما يجب أن يقترن به (ترامب) فهو الكورونا ؟ إنه (دونالد ترامب الكورونا) .
لا جديد.
صباح الخير
خربشات
١٠ / ١ / ٢٠٢١

**

- الست كورونا : مخيم بلاطة (155)

كان خبر الصباح اللافت أكثر من الأحبار التي تخص موتى الكورونا والمصابين بها هو الخبر القادم من مخيم بلاطة ، فقد قتل أول أمس رجل في نهاية الخمسينيات من عمره على خلفية اقتتال سابق ، وحين يحين الحين لا بد من ثأر يعيد القتيل إلى طفلته الناظرة ، كما لو أن أمل دنقل في قصيدته "لا تصالح" كان يخاطب الفلسطينيين في قتالهم العائلي لا الوطني القومي.
هل الكورونا هي الخطر الأساس على اللاجئين هنا وهناك ، في مخيمات الوطن وفي مخيمات الشتات ؟ أم أن الخطر الأساس هو هذا الاكتظاظ السكاني فيها أولا وحصار قسم منها في غزة والمنافي؟
وأنا في الحافلة أصغي إلى الخبر واسأل السائق الذي أقلني إلى جامعة النجاح يحدثني حديث الملم الواسع الاطلاع ، تذكرت زيارتي لمعسكر الإبادة في ( داخاو ) قرب (ميونيخ) .
هل تختلف مخيمات اللاجئين في وضعها الحالي حيث الاكتظاظ وضيق المساحات عن معسكرات الإبادة؟
كانت الأسواق في المدينة اليوم عامرة ومزدهرة لأسباب عديدة ، فالرواتب صرفت والجو مشمس وبعد يومين ستبدأ الأمطار والعواصف ، وهي فرصة للتجول واكتساب فيتامين D من مصدره مباشرة.
أخبار اللقاحات ووصولها إلى مناطق السلطة الفلسطينية غير مطمئنة على ما قرأت ، فلن تصل قبل شهرين.
وماذا علينا أن نفعل حتى ذلك التاريخ سوى أن نتباعد ونتكمم ونفتمن بفيتامين C ونتناول البصل والثوم؟
اليوم زرت الجامعة ثانية ومنذ انتهى عملي فيها صارت خاوية على عروشها ، وفي كل مؤسسة عربية يوجد ( ترامب) عربي يمكن أن يرسل جماعته ليحتلوا البيت الأبيض الخاص به . أي والله . اللهم احمنا.
صباح الخير
خربشات
١١ / ١ / ٢٠٢١

**

- الست كورونا : الأجواء المشمسة تقضي على الكورونا في نابلس (156)

حالة من الضجر انتابتني صباح أمس ، فقررت أن أمشي وأمشي حتى أستعيد عافية روحي.
تناولت صحن فول مع تصليحته كلها ؛ المخلل والبصل والبندورة ، ودلق الفوال كمية أخرى من الزيت على صحن الفول ، والفول كما نعرف يتشرب الزيت مثل الملابس القطنية لا الصوفية.
في الحافلة ، إلى وسط المدينة ، نصحنا السائق بوضع الكمامات ، لا تحسبا من الشرطة ، وإنما خوفا علينا من عدوى الفايروس ، وكرر قصة زوج ابنته الذي ذهب ليعود قريبه المصاب ففتك به الفايروس وطرحه في فراشه.
كانت السماء أمس صافية وشمسها تسطع ، كما سطعت شمس العرب على الغرب قبل قرون طويلة نام بعدها العرب وصحا الأوروبيون ، وما زلنا نحلم بأن نصحو ( هل تذكرون كتاب "شمس العرب تسطع على الغرب" للباحثة الألمانية (زيغريد هونكة)؟.
في وسط المدينة حيث الاكتظاظ أغوت الأجواء كثيرين فنسوا الكورونا وملحقاتها ؛ الكمامة والتباعد الجسدي ، ولم نتعظ مما جرى في احتفالات ذكرى المولد النبوي قبل شهر وأكثر ، ما دفع الصديق خليل حمد
لأن يكتب على جداره الفيسبوكي قارعا طبول الحرب ومحذرا من خطر جسيم ساحق ماحق قادم لا ينجح معه العلاج ف "فالج لا تعالج".
في باب الساحة جلست في مطعم "أبو عماد" حلاوة وتجاذبنا أطراف الحديث عن المكان الذي شهد زوال العثمانيين والانجليز والحكم الأردني واختفاء جنود الاحتلال الإسرائيلي وحلول شرطة السلطة الفلسطينية ، وكان أبو عماد ، ذات يوم ، أعلن منه استقلال جمهورية نابلس عن المملكة الأردنية الهاشمية وانضمامها إلى الجمهورية العربية المتحدة بقيادة جمال عبد الناصر.
أبو عماد قال لي إن الحركة التجارية في باب الساحة ضعيفة جدا ، وفي المساء أعلمني الصديق بسام الكعبي
عن قرار إدارة جامعة النجاح الوطنية بإقالة 17 موظفا من فضائية النجاح، وما زال هناك 40 تقريبا ينتظرون مصيرا مشابها ، وقبل ثلاثة أيام قدم مذيعان من إذاعة "أجيال" في رام الله استقالة أقرب إلى الإقالة ، والصحفيون الآن في حالة حيص بيص ، والسبب قلة الأموال بسبب الجائحة.
عندما لاحظت التجديدات في مطعم "أبو عماد" وأبديت ملاحظاتي أخبرني أن ابنه ما عاد يعمل في شركة اسبيتاني ، فقد قلصت عدد موظفيها ، ولهذا رمم المطعم على أمل أن يجعل منه مصدر رزق.
وأنا أتابع الصور في صفحة الفيس بوك والتعقيبات عليها لاحظت صورة عادل إمام يرفع رأسه وأسفل الصورة التعليق:
"عمري ما شفت حاجة صيني طولت إلا الكورونا" ، والكورونا صينية المنشأ ضعفت في الصين وتراجعت ولكنها في بقية العالم قويت واشتدت.
سبحان الله ، وهو على كل شيء قدير ، واطلبوا اللقاح من الصين!!
صباح الخير
خربشات
١٢ / ١ / ٢٠٢١

***

- الست كورونا : "قد أذن ليلك بالبلج" (157)

في أوج الأزمات وذروتها غالبا ما نكرر بيت الشعر:
"اشتدي أزمة تنفرجي
قد أذن ليلك بالبلج"
والبلج هو الوضوح وانبثاق البياض من السواد ، ولعله تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر .
ومنذ صحوت على هذه الدنيا وأنا أصغي إلى عبارات تبعث على التفاؤل على الرغم من الواقع الأسود .
كان أبي غالبا ما يكرر:
"دع المقادير تجري في أعنتها
ولا تبيتن إلا خالي البال
ما بين غمضة عين والتفاتتها
يغير الله من حال إلى حال"
وكم كررنا شطر بيت الشعر "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل" ، ورحم الله الكاتب المسرحي السوري سعدالله ونوس الذي قال ، مع أن السرطان كان يفتك بجسمه ، "نحن محكومون بالأمل".
أمس خرجت من نابلس للمرة الأولى بعد أحد عشر شهرا ، وسافرت إلى العاصمة الفلسطينية المؤقته رام الله . (المخيمات الفلسطينية أسست في العام ١٩٤٨ لتكون مؤقتة ، وما زالت قائمة ، ما دفع محمود درويش ليتساءل في قصيدته" نزل على بحر "من ديوان" هي أغنية.. هي أغنية" (١٩٨٦)":
" أفلا يدوم سوى المؤقت يا زمان البحر فينا؟").
هل هذه السفرة التي اضطررت إليها لإثبات أنني ما زلت على قيد الحياة ، فصندوق هيئة المتقاعدين يطلب من المتقاعدين كل عام أن يثبتوا أنهم على قيد الحياة ، هل هذه السفرة هي بداية الانفراج والخروج من محيط المدينة؟
رام الله على عهدها وكأنني لم أنقطع عنها أحد عشر شهرا ، فآخر زيارة لها تمت في شباط من العام الماض ، عام الكورونا ، حيث ألقيت محاضرة في متحف محمود درويش عن الشاعر معين بسيسو الذي تمر ذكرى وفاته في هذا الشهر دون أن نلتفت إليها لالتفاتنا إلى الست كورونا.
نعم رام الله على عهدها لولا..
وأنا أهبط من الحافلة بحثت عن دورة مياه فاضطررت إلى دخول مبولة في موقع كراج سيارات في شارع الإرسال ، ويا لها من مبولة!
إن أصبت في هذه الأيام بالفايروس فمعنى ذلك أنه انتقل إلي منها.
وأنا خارج منها قلت إن منشأ الفايروس ليس مدينة ووهان الصينية . إنه تلك المبولة في ذلك الكاراج . هل ثمة تفتيش تقوم به بلدية رام الله على مواقع كهذه؟!!
الحياة في رام الله كما لاحظت لا تشير إلى وجود وباء فيها ولولا أن السائق ذكرنا بضرورة وضع الكمامة لنسينا الفايروس ولولا المبولة لما فكرت هناك بالكورونا.
صباح الخير أيتها العاصمة!
صباح الخير
خربشات
١٣ / ١ / ٢٠٢١

***

- الست كورونا : لعبة الأمم (158)

كانت الحياة في نابلس تسير سيرا عاديا ، كما لو أن الكورونا ولت أو تكاد.
أمام البنك العربي في وسط المدينة على الدوار كان ثمة مظاهرة تضم حوالي أربعين امرأة ورجلا يطالبون السلطة الفلسطينية العمل على نزع السلاح غير الشرعي الذي بدأ يتفشى ويزداد حاملوه ويكثر خطره في المجتمع الفلسطيني ، ما أدى إلى ضحايا في كفر عقب ومخيم بلاطة . كانت كلمة "كفى كفى كفى" تتكرر على ألسنة المتحدثات من أخوات ورفيقات دعون إلى السلم الاجتماعي وسيادة القانون . هل يمكن أن ندعو الست كورونا إلى سلم بيئي وسيادة قانون؟
ربما للست كورونا أيضا رأيها ، وأن الطبيعة بحاجة إلى بعض توازن ، فأسعار الأراضي في ارتفاع مستمر والدولار في انخفاض.
شريط الفيديو المتداول منذ يومين - وقد أرسله يأتي إلي غير صديق - على اللقاح وتصنيعه والعبوات التي سيعبأ فيها ، فثمة من يقول إن شركة (فايزر) المنتجة للقاح طلبت ، بتاريخ ٢ تشرين الثاني من العام ٢٠١٩ قبل بداية كوفيد ، من الشركة الألمانية (Scott) المتواجدة في (mayence) إنتاج ١٦٠٠ مليون قارورة زجاجية بزجاج خاص يمكنه تحمل درجة حرارة ناقص ١٠٠ درجة مئوية ، ما يعني أن الفايروس مصنع أساسا.
هل هي لعبة أمم جديدة؟
قبل عقود ترجم إلى العربية كتاب "لعبة الأمم" ل (مايلز كوبلاند) وثمة من رأى في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لعبة أمم.
الكل يلعب ، وهذه فكرة صرت أكررها شخصيا بكثرة ، فالكل يلعب معي منذ ثلاثة عقود.
ومحمود درويش كتب "لاعب النرد" وقال "إن القصيدة رمية نرد" وإنه مثل لاعب نرد يربح حينا ويخسر حينا ، فهل الست كورونا أيضا لعبة أمم حيث تربح أمم وتخسر أخرى؟
فكرة أن الفايروس لعبة أمم لازمت كثيرين منذ آذار ٢٠٢٠ ، وما زال قسم من الناس يؤمن بها على الرغم من الوفيات والإصابات كل يوم.
هل سيأتي يوم يشعر الفايروس فيه بالضجر فيولي؟
الشيء بالشيء يذكر.
في العام ٢٠٠٢ عشنا أشهرا محاصرين ، ما أوحى لمحمود درويش أن يكتب:
"سيمتد هذا الحصار إلى أن
يحس المحاصر ، مثل المحاصر ،
أن الضجر
صفة من صفات البشر".
بدأ الضجر يتسلل الينا حقا ، وأنا أيضا بدأت أشعر بالضجر من كتابة يوميات الكورونا ، فهل يمكن أن يكون الضجر صفة من صفات الفايروسات أيضا؟
الإصابات في الدولة العبرية في ازدياد مع أنه تم اليوم تلقيح مليوني مواطن اسرائيلي.
بدأنا نخربط ونهذي أو أنا على الأقل.
اللهم يا مثبت العقل وال... .
Ziad Ameireh
صباح الخير
خربشات
١٤/ ١ / ٢٠٢١

***

- الست كورونا : انتصار اللقاح على الوصفات الشعبية (159)

لا وصفات شعبية جديدة للتغلب على الفايروس ؛ فلا "الشلولو" جعله يولي ، ولا اليانسون أفلح في تركه ينسى البشر ، بل إن الفايروس طور نفسه واتخذ أشكالا جديدة.
هل انتصر العلم على الطب الشعبي ، فالحديث صار كله عن اللقاحات ذات المصادر المختلفة؟.
عوضا عن تحويط (دونالد ترامب) بتعويذات ساخرة أدت إلى إخراجه من البيت الأبيض شاهدنا أولا (بنيامين نتنياهو) يأخذ اللقاح ، وأمس عممت وكالة أخبار أردنية صورة للملك الأردني عبدالله بن الحسين وابنه والأمير حسن بن طلال وهم يتلقحون ، وعقبال ما نرى الرئيس الفلسطيني ورئيس وزرائه يتلقحان حتى نطمئن أن اللقاح وصل.
وتأبى روح الدعابة أن تفارق قسما من البشر ، حتى لو ربطوا بين الحمامة والكمامة ثانية وثالثة ورابعة.
غير صديق ومنهم الصديق
Ziad Ameireh
أرسل إلي صورة قبر مواطن قضى بالكورونا وقد كتب عليه الآتي:
" إنا لله وإنا إليه راجعون
المرحوم سعيد الهبري
٢ / ٩ / ١٩٥٦
٨ / ١ / ٢٠٢١
ولد بسبب عدم استعمال الواقي
توفي بسبب عدم استعمال الكمامة".
صباح الخير
خربشات
١٥ / ١ / ٢٠٢١

***

الست كورونا : أمراض اجتماعية وأمراض نفسية (160)

أعتقد أن جائحة الكورونا ألقت بظلالها السلبية علينا ؛ الاجتماعية والنفسية . طبعا لا أستثني الأخطار الاقتصادية.
صار الواحد منا يشعر بالضيق كلما التقى بأقاربه أو معارفه في مكان ضيق وأخذ يحصي الحضور كما لو أنه تأثر بالشروط التي تفرضها الدولة أو المحافظة في صالات الأفراح أو في الجنازات.
تصور أن يموت لك قريب ولا تشارك في جنازته ، أو أن تزور بيت قريب ولا تمكث فيه أكثر من ساعة لأنك تلحظ ضيق المكان وكثرة من فيه!
أمس توفيت ابنة عمي ولم أذهب إلى جنازتها ، واليوم زرت أختي في بيتها الجديد وسرعان ما وجدتني أغادر ، لأنني صرت أحصي الأنفاس وعدد الأفراد وأمعن النظر في المساحة.
ربما صار الواحد منا مصابا ببرانويا من نوع خاص يصح أن تنعت ب "برانويا" الكورونا.
أول ما تصل إلى بيتك تغسل يديك وتفركهما بالصابون ثم تغلي الشومر واليانسون وقبل ذلك تشرب الماء الفاتر بالليمون و .. وحين يصلي المصلون بساحة شقتك تغلق شبابيك البرندة خوفا من تسلل الفايروس اللعين.
كم كررت:
"ومن كتبت عليه خطا مشاها"
ثم وجدتني أتردد في مشي الخطا.
شئنا أم أبينا الكورونا ألقت بظلالها علينا وعملت بطريقة أو أخرى على تخريب أنفسنا الخربة أصلا . كأن لا يكفي أهل فلسطين انتدابات واحتلالات ووصايات وفساد وتنمر وتناحرات وسلاح غير شرعي و ... .
ومع ذلك سوف أتذكر قول محمود درويش:
" ولكني سوف أواصل مجرى النشيد ولو أن وردي أقل".
كم كان وردنا قليلا!! كم!!
مساء الخير
خربشات
١٥ / ١ / ٢٠٢١

***

- الست كورونا : "قنديل أم هاشم" و"مريم الحكايا" (161)

هل ستتطعم أم...؟
مع ازدياد الحديث عن اللقاح وعرض صور المسؤولين وهم يتطعمون وتشجيع بعض الكتاب على قبوله مثل Sohaill Kiwan
و اياد شماسنه
أتذكر قصة طويلة للكاتب المصري يحيى حقي هي "قنديل أم هاشم" ورواية للكاتبة اللبنانية علوية صبح هي "مريم الحكايا" وموقف كثير من الناس من الطب والعلم وتفضيل العلاج ب "الشلولو" و"البصل والثوم" و"بول البعير".
هل تتذكرون ما جرى مع اسماعيل الذي ذهب لدراسة طب العيون في لندن؟
عندما أراد أن يعالج رمد قريبته بوسائل علمية تعلمها هناك ، فثار على عادات أهله ومعتقداتهم ، أهله الذين فضلوا علاجها ببركات الست زينب وزيتها ، احتج أهله واتهموه بعقله ، ما جعله في النهاية يرضخ لهم ، إلى حد ما ، ويقتنع بالمصالحة بين العلم والدين.
هل يختلف الأمر في رواية "مريم الحكايا"؟
الطبيب اللبناني الذي ذهب إلى باريس ليدرس الطب وعاد إلى بيروت ليعالج أهلها ، فلم يكن همه المال إطلاقا ، ولم يرضخ لرأي زوجته بجمع القليل منه ، الطبيب واصل معالجة الفقراء ولكنه اصطدم بوعيهم الفقير ، فالعلاج الذي يكتبه لهم والدواء الذي يعطيه إياهم لا يتناولونه ، فهم يفضلون عليه الشعودة و الطب الشعبي مما يشبه "الشلولو" و"المرأة طبخت عدس والرجل أكل عدس ، أخرجي يا نفس من "فلان" كما خرجت المهرة من بطن الفرس".
هل تصح المقارنة أم أن الأمر هنا مختلف لارتباطه في نظر كثيرين بنظرية المؤامرة؟
والله "احترنا يا قرعة من وين نبوسك" واحترنا بسبب تناقض المعلومات واختلاطها ، فرئيس أكبر دولة في العالم حاول أن "يتزعرن" ويخرب نظاما كاملا له دستوره ، ومن قبله لجأ الرئيس جورج بوش الابن ، قبل شنه الحرب على العراق ، إلى العرافين ومثله فعل بعض رؤساء فرنسا و...
أحيانا ، بوعي منا أو دون وعي ، تجدنا علمانيين وقدريين في الوقت نفسه ، مثل إحدى شخصيات قصص (تشيخوف) - إن لم تخني الذاكرة-:
تبدو في النهار علمانية وفي الليل ، قبل النوم ، تقرأ التعويذات . هل هي نتاج تربيتين؟
أعتقد ذلك.
صباح الخير
خربشات
١٦ كانون الثاني ٢٠٢١

***

- الست كورونا : المطوعون في السعودية بلا عمل والمختبرات في مصر جاهزة لبيع شهادات تطعيم حسب الطلب (162)

ماذا فعل المطوعون في السعودية في العام ٢٠٢٠ وحتى يومنا هذا؟
الصديق Safi Ismael Safi
أرسل إلي شريط فيديو من ثلاثين ثانية يغني فيه شاب لا تبدو عليه ملامح التدين ، يغني أغنية "عالعين موليتين واتناش مو ليا جسر الحبيب انقطع من دوس رجليا" وإلى جانبه رجل ملتح كان مطوعا يردد معه الأغنية فرحا.
على الشريط كتب:
" الوضع ما بطمن ! افتحوا المساجد".
في اليوميات السابقة كتبت عن المهن القديمة التي انقرضت ، والمهن الجديدة التي عرفت ومنها بيع الكمامات ، ومع انتشار اللقاح أبت خفة دم إخواننا المصريين ألا يكون لها حضور ، ف "قد تدخل المأساة في الملهاة يوما وقد تدخل الملهاة في المأساة يوما" على ما كتب محمود درويش في "مأساة النرجس ، ملهاة الفضة".
الصديق Ghassan Saffarini
أرسل إلي شريط فيديو لمواطن مصري ينتحل اسم نور الشريف يعمل في مختبرات اللقاح ، يرد فيه على استفسار مواطن عن أسعار اللقاح وإصدار النتيجة التي يرغب المواطن فيها لتصريف أعماله في السفر والعمل والإجازات ، وكل طلب له سعره وكذلك كل لقاح ، وإذا ما أردت أكثر من شهادة تقدم المطلوب منها للجهة الطالبة حسب طلبها فما عليك إلا دفع خمسة آلاف جنيه.
ينهي المواطن المصري حديثه مع المتصل بعبارة "إلى اللقاح .. إلى اللقاح يا فندم" محورا في الجملة المعتاد "إلى اللقاء". هل خطرت الفكرة للمواطن المصري لسماعه عن شهادات جامعية أو رخص سياقة تباع؟
الحديث الطاغي على وسائل الإعلام الفلسطينية في هذه الأيام يتمحور حول دعوة الرئيس الفلسطيني "أبو مازن" إلى إجراء انتخابات ، وهذا حدا بقاريء من قراء "الست كورونا" إلى الطلب مني أن أكتب في الأمر ، وأنا أخربش ولا أحلل و ... ولكن ما خطر ببالي هو الآتي:
- هل ترتبط الانتخابات بشهادة لقاح ؟ وهل يشترط في اللقاح أن يكون من بلد محدد ؟ وهل تقبل أصوات "المكورنين" ؟ وإن فاز أعضاء مكورنين فهل توافق أميركا وإسرائيل على اعتمادهم ؟ ...الخ.
الأجواء في هذه الليلة شديدة البرودة وأمس كانت نابلس مغلقة ، وعسى ولعل يتجمد الفايروس من البرد فلا نحتاج إلى لقاح أو إلى لقاء به !! عسى ولعل و "نحن في التفكير والله بالتدبير" كما كانت أمي تكرر باستمرار ، إذا ما طرأ عليها طاريء واحتارت في الأمر.
صباح الخير
خربشات
١٧ / ١ / ٢٠٢١.

***

- الكورونا والأدب ثانية : (163)

قبل أقل من شهر شاركت بندوة أدبية عقدها معهد القاسمي بباقة الغربية ، عبر برنامج ( Zoom ) ، حول الأدب والكورونا ، وهذا هو ثالث نشاط أدبي ، منذ بدء الجائحة ، أشارك فيه عبر التكنولوجيا .
كنت قبل شهرين شاركت بندوة عقدتها وزارة الثقافة الفلسطينية ، عن القصة القصيرة ، وشاركت قبل أسبوع ، بحوار إذاعي أجراه معي الكاتب الإعلامي أحمد زكارنة لصوت فلسطين ، عن الحركة النقدية والنقد الأدبي كجنس أدبي .
منذ بداية الجائحة في آذار ٢٠٢٠ لم أشارك في أي نشاط أدبي وجاهي إلا في مناقشة رسالة ماجستير كنت مشرفاعليها . كانت المناقشة أشبه بأعراس هذه الأيام وجنازاتها الحضور فيها قليل .
في آذار الماضي ، تم إلغاء عقد ندوة في نابلس عن الشاعر عبد الرزاق رشيد " أبو رشيد " أعد لها نادي حيفا الثقافي ، وفي آذار نفسه ألغت جامعة الزيتونة الأردنية عقد مؤتمرها ، وهكذا لم أسافر إلى الأردن ، وكنت أعددت الورقتين خلال عدة أسابيع .
عدم عقد الندوات والمؤتمرات وجاهيا زاد في عزلتي التي بلغت ذروتها مع تقاعدي في أيلول ٢٠١٩ ، وهذه العزلة ضاعفت من عادة القراءة ودفعتني إلى كتابة اليوميات وجعلتني أفكر فيها كجنس أدبي ما عاد يلتفت إليه في الأدب الفلسطيني ، علما بأنه ازدهر في بداية القرن العشرين مع خليل السكاكيني وأكرم زعيتر ، وأنا الآن أفكر في الكتابة عن اليوميات كجنس أدبي ؛ انحساره وازدهاره ، وليس هذا هو مرمى كتابتي هنا .
في ندوة " الأدب والكورونا " أتيت على تأثير الجائحة في الأدب من خلال قراءة النقاد والقراء أعمالا أدبية قديمة عن الكوليرا والطاعون والانفلونزا الإسبانية ، وتركيز بعض الفضائيات ، مثل " الجزيرة " ، على أدب الجوائح بعامة ، واهتمام بعض دور النشر ، مثل دار " خطوط وظلال " في الأردن ، بنشر ما كتب في هذه الأيام ، وغالبا ما كان المنشور كتب " يوميات " كتبها أصحابها مع بداية انتشار الوباء .
في الندوة سألني مستمع عن الكورونا والشعر ، إذ لاحظ تركيزي على أعمال روائية عالمية وعربية وفلسطينية تناولت الأوبئة في عصور سابقة وعدم إتياني على ما نشر من أشعار معاصرة قرأ بعضها ومنها القصيدة التي حاكى فيها شاعر سوري محاكاة هزلية ، مات - رحمه الله - بالكورونا ، معلقة عمرو بن كلثوم " ألا هبي بصحنك ، فاصبحينا " .
والحقيقة أنني لم أركز على أعمال روائية وقصصية صدرت في العام ٢٠٢٠ تناولت الكورونا ، إذ لم اقرأها ، وهي بالمناسبة قليلة جدا ، وإنما ركزت على أعمال قديمة مثل " يوميات عام الطاعون " ل ( دانيال ديفو ) و مقدمة قصص " الديكاميرون " ل ( بوكاشيو ) وفي الأدب الفلسطيني ذكرت الروايات التي أتى كتابها فيها على طاعون يافا وعكا إبان غزو ( نابليون ) ، مثل رواية علاء حليحل " اورفوار عكا " ورواية يحيى يخلف "راكب الريح " ، ولم يفتني الإشارة إلى بعض كتب مذكرات الغربيين الذين زاروا فلسطين في القرن التاسع عشر مثل ( اليزا ماري روجر ) " البيوت في فلسطين 1855 -1859 " التي نقلها إلى العربية الروائي جمال أبو غيدا .
هل كتبت أصلا روايات أو قصص قصيرة تناولت الكورونا ؟ وإذا كانت كتبت في زمن الكورونا - أي خلال العام الماضي ، فمن تمكن من قراءتها والكتابة عنها مجتمعة ؟
بعض مواقع السرد مثل موقع " الانطولوجيا " الذي يشرف عليه الكاتب المغربي مهدي ناقوس ( Mehdi Naqos
) خصص مساحة عنوانها " أدب الكوارث والاوبئة " واهتم بيومياتي وبمقالات نشرها أدباء عرب مثل الياس خوري ( Khoury Elias
) حول نصوص أدبية عالمية مثل رواية ( ساراماغو) "العمى" ورواية (البير كامي/ كامو) "الطاعون".
مر الآن عشرة أشهر على الوباء فهل صدرت فيها روايات ومجموعات قصصية تتناول الموضوع؟ الكاتب الجزائري واسيني الأعرج (Waciny Laredj)
أنجز رواية في الموضوع عنوانها "ليليات رمادة تراتيل ملائكة كوفيلاند" كان نشرها على حلقات ، ولأنني حتى اليوم لا أقرأ إلا الكتاب الورقي - نادرا ما أقرأ كتابا إلكترونيا كاملا - فلم أقرأ من الرواية إلا أقلها .
مؤخرا أصدر الروائي الأردني / الفلسطيني الأصل إبراهيم نصر الله ( Ibrahim Nasrallah
) رواية عنوانها "مأساة كاتب القصة القصيرة" وفيها يكتب كاتب قصة قصيرة عن الحياة في الأردن زمن الكورونا ، ويرصد بأسلوب فيه قدر من السخرية والفكاهة السوداء يذكر بأسلوب رواية نصرالله "حارس المدينة الضائعة" ، يرصد معاناته ومعاناة الناس بسبب الحجر والإغلاقات شبه اليومية.
الرواية التي تتكون من أربع قصص قصيرة ، سردها السارد بضمير الأنا ، نموذج لتفاعل الأدب مع الجائحة المعاصرة ، ولمن يبحث عن موضوع الجوائح في الأدب غير اليوميات فإنه يجد فيها ضالته.
ما لفت نظري في الرواية هو تنظير السارد لفن الرواية وتحول بعض كتاب القصة القصيرة إلى كتابته ، وهو رأي سيثير جدلا بالتأكيد . يقول سارد القصة:
" سأعترف ثانية أن ما يشبه "النوفيلا" هنا ، لا أتمنى أن يصبح رواية ، فلو أصبح سأكون مضطرا إلى إعادة توزيعه من جديد على شكل مجموعة من القصص القصيرة ، كما فعل عدد من الكتاب المعروفين ، الذين لن أغفر لهم انحناءهم للرواية ! مثل محمود شقير في مجموعته القصصية "مدينة الخسارات والرغبة" ، وفاروق وادي في مجموعته "ديك بيروت يؤذن في الظهيرة" ، والياس خوري في "الجبل الصغير" وايتالو كالفينو في "ماركو فالدو" أو كما فعلها ابراهيم نصرالله في ... ، ولكنني سأحرص على علاقتي بالأخير لأنه المسؤول عن هذه النوفيلا ، على الأقل ، إلى أن تنتهي ! كما حرص بشدة علي ، حين نشر في صدر صفحته مع بدايات تفشي كورونا "نظرا للوضع الصحي القائم فإنني سأحرص على عدم الاختلاط بأي من شخصياتي الروائية" (ص ٧٩ من طبعة طباق الفلسطينية / رام الله والدار العربية للعلوم ناشرون ٢٠٢١".
الكاتب الروائي الذي ينجز في كل عام رواية يبدي سارد روايته - كاتب القصة القصيرة - رأيا في الفيضان الروائي الذي تشهده الساحة الأدبية العربية ، وهو هنا مثل نقاد كثيرين يرددون هذا الرأي.
الجمعة والسبت
١٥ و ١٦ كانون الثاني ٢٠٢١

***

- الست كورونا : جلد الذات (164)
في الحديث عن اللقاح يتحدث كثيرون عن لقاح أميركي وروسي وانجليزي وصيني ولا يتحدث العرب إلا عن الوصفات الشعبية وتلقي اللقاح أو عدم تلقيه ، أما الحديث عن اكتشاف علماء عرب في دولة عربية للقاح ناجع فاعل فهو ما لم يسمع به المرء أو لم يقرأ عنه ، وعوضا عن ذلك تعلو نزعة جلد الذات لدى كثيرين منا.
النزعة المازوخية برزت في الشعر العربي أولا ، بعد هزيمة حزيران في ١٩٦٧ ، فقد سمعناها في قصائد نزار قباني ثم في وتريات مظفر النواب الليلية ، وظهرت في الرواية ثانيا في رواية عبد الرحمن منيف "حين تركنا الجسر" ١٩٧٧ التي عدها الناقد السوري جورج طرابيشي لافتة في هذا الجانب.
في العقود الأربعة الأخيرة لم يخفف من هذه النزعة سوى انتفاضات الفلسطينيين التي فجرت نوعا من احترام الذات وأعادت إلى حد ما بعض الثقة بالإنسان العربي ، ولكن هذا لم يتواصل إذ سرعان ما غدا الفلسطينيون عبئا على بعض العرب وعالة عليهم.
أول أمس حول إلي الصديق
Ghassan Saffarini
شريطا مصورا لمواطن عربي يسخر فيه من العرب ويعدهم أصفارا ، فالحديث الذي يجري على ألسنتهم الآن حول الكورونا لا يتعدى السؤال عن اللقاح ؛ قبوله أو رفضه.
الشاب الذي يتكلم يرى فينا أمة الأفضل لها أن تنقرض ، فحضورها وعدمه لا يعني الآخرين إطلاقا.
هل نحن العرب حقا على هذه الشاكلة؟
في ستينيات القرن العشرين صرخ محمود درويش صرخته الشهيرة:
" سجل أنا عربي!"
وعلى الرغم مما نحن فيه وعليه فليس لي إلا أن أكرر:
- سجل أنا عربي !!
ويبدو أنني الليلة متفائل . هل أنا على صواب أم أن النعاس استبد بي؟
الأوضاع منذ شهرين في ألمانيا ليست على ما يرام فالصديقة
Ibtissam Shakar
كتبت على صفحتها عن معاناتها من الإغلاق وعدم قدرتها على التسوق ، وكنت أظن أن السبب يعود إلى تساقط الثلوج وعندما استفسرت منها أخبرتني أن الإغلاق يعود إلى الكورونا.
و ... و ... والله غالب على أمره.
صباح الخير
خربشات
١٨ كانون الثاني ٢٠٢١

***

[SIZE=26px] - الست كورونا : كورونا المستوطنين (165) [/SIZE]

لم يتجمد الفايروس من شدة البرودة ، لا هنا في فلسطين ولا هناك في أوروبا أو في الولايات المتحدة الأمريكية ، وصديقي Samir Alqot
سامر القط ابن قرية "مادما" ويقيم الآن في الولايات المتحدة الأمريكية ، وكان أحد طلابي وقد أشرفت على رسالته في الماجستير ، أرسل إلي الآتي:
"أمس عدد موتى كورونا في أمريكا ٣٧٤٥ قتيل ... العدد الإجمالي لقتلى كورونا منذ بدايته تقريبا ٤٠٠ ألف شخ "
ولا أعرف إن كان سامر عرف بما حدث في قريته "مادما" ، فقد هاجمها المستوطنون واعتدوا على أحد منازل قريتها وخلفوا وراءهم جرحى ولولا يقظة أهل المنزل وصراخهم لاقتاد المستوطنون فتاة وقتلوها.
الصديق Abdallah Lahloh
أرسل إلي صورة لشخصين يعملان في مختبر ويجريان الفحوص على لقاح وتحت الصورة الكتابة الآتية:
"جامعة كاليفورنيا
فيروس كورونا يقتل نفسه بالطفرة الجديدة وسينتهي خلال شهرين مثل نهاية سارس".
ما أرسله سامر يبعث على التشاؤم وما أرسله عبدالله يبعث على التفاؤل ، وفيما يخص الكورونا نحيا "متشائلين " مثل بطل رواية اميل حبيبي "الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل" ، ولكننا نظل تحت الاحتلال والتغول الاستيطاني متخوفين ، فآخر الأخبار التي استمعت إليها صباح أمس تقول إن حكومة (نتنياهو) ستطلق يد شباب المستوطنات في الضفة الغربية لمزيد من استيطانها.
"رضينا بالهم والهم ما رضي فينا " والملك المغربي الذي بدأ يطبع مع الدولة العبرية يرفض زيارتها ما لم تفاوض السلطة الفلسطينية من جديد . أدام الله الملك وحفظه والحكام العرب كلهم ومعهم الرئيس الفلسطيني "أبو مازن" من كل سوء لحرصهم على الأراضي الفلسطينية والخوف عليها من الضياع!؟
الكاتبة العراقية إنعام كجة جي كتبت على صفحتها "ومن نتائج العولمة ، الكوممة" وعقب عليها كثيرون ومن التعقيبات:
والعولبة
الكمكمة
والكنكنة
والكوروفوبيا
و أكل الدولمة
و..
وحين كتبت من قبل "بارانويا كورونا" علق أصدقاء "فوبيا كورونا" وكنت أقصد "بارانويا" حقا ، لأننا صرنا نشعر أن الفايروس يتابعنا ويلاحقنا ، وعندما ظن الألمان ، وأنا في ألمانيا في ١٩٩٠ ، أنني أميل إلى غلمان الجنة ، تركوا غلاما جميلا جدا يتابعني ، وقد انتبهت إليه وسألته:
- ماذا تريد وأنت تتبعني؟
فأجابني:
- هل أنت مصاب بالبارانويا؟
نحن جميعا منذ أشهر نشعر بأن الفايروس يلاحقنا في كل مكان فنتكمم ونغسل أيدينا ونتباعد و... .
صباح الخير
خربشات
١٩ / ١ / ٢٠٢١

***

- الست كورونا : شوارع القدس العتيقة (166)

لم أزر القدس منذ تشرين الثاني ٢٠١٩ ، والمدينة التي حرمت من زيارتها بحرية منذ ١٩٩٢ حتى ٢٠١٥ صارت زيارتها ، منذ بلغت الستين ، متاحة لي بحكم العمر ، فقد سمحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمن تجاوز الستين بزيارتها دون تصريح ، وعندما انتشر الفايروس كوفيد ١٩ انعكس الأمر فمنعت من تجاوز الستين من زيارتها خوفا على صحته لا خوفا منه ، لسان حال الحكومة هو لسان المرأة التي قالت "ويلي عليك لا ويلي منك يا رجل" باستبدال خوفي بويلي.
الروائية المقدسية
أ.نزهة الرملاوي
التي كتبت "عشاق المدينة" عن المدينة عقبت على إحدى يوميات "الست كورونا" مبدية حسرتها لما هي عليه القدس العتيقة / القديمة / العربية في هذه الأيام حيث تعيش ، منذ أكثر من شهر ، إغلاقا مستمرا ويعاني أهلها معاناة كبيرة ، والروائية ترى في الإغلاق عملا مقصودا من الدولة العبرية المصونة ، فالقدس الغربية / الإسرائيلية التي أقيمت على الأحياء العربية في القدس ، إثر نكبة ١٩٤٨ ، تشهد حياة عادية ، فلا إغلاق ولا ما يحزنون ، وكأن الفايروس اللعين في القدس فقط فايروس عنصري ، فهو في مناطق المتديننين في أماكن أخرى غير القدس يفتك باليهود ، وإحصائيات الدولة حول الوفيات والإصابات تدعو إلى تمديد فترة الإغلاق حتى نهاية الشهر الجاري.
آخر عمل روائي قرأته هو رواية أسعد الأسعد الشاعر الذي طلق الشعر وتزوج الرواية ، وعنوان روايته "دروب المراثي" وقد صدرت عن دار الرعاة في ٢٠٢٠ وكتبت قبل انتشار الوباء ، وفيها تبدو القدس موحشة لا سكان فيها ، فالفلسطيني مراد الذي يستلقي على شاطيء يافا وإلى جانبه راحيل اليهودية يغفو ويحلم أنه تجول برفقة راحيل في البلاد ولم يكن فيها سواهما ، وقد زارا القدس فلم يشاهدا أحدا . هل سيتزوج آدم الفلسطيني من حواء اليهودية ليعمرا البلاد؟
في إحدى يوميات "الست كورونا" أتيت على قصيدة محمود درويش "سيناريو جاهز" وربطت بينها وبين ما تشهده فلسطين ويشهده العالم حيث الجميع مهدد بالفايروس ، وتساءلت إن كان هو الأفعى التي هبطت على الفلسطيني وعدوه الإسرائيلي وهما معا في حفرة . تعقيب الكاتبة أ.نزهة الرملاوي قال إن الإسرائيلي تخلى عن الفلسطيني ، فهو في القدس الغربية يسرح ويمرح في حين أنه فرض الإغلاق الشامل على القدس العربية وشدد العقوبات على سكانها.
هل كان أسعد الأسعد بنى روايته على قصيدة محمود درويش المذكورة أم على رواية
Ibrahim Nasrallah
"حارس المدينة الضائعة" فبطلها يصحو ذات يوم ويسير في عمان من شرقها إلى غربها ولا يرى أحدا فيها ، فلقد اختفى سكانها ، وفي "ألف ليلة وليلة" ثمة مدينة النحاس التي تصفر فيها الريح فلا أنيس ولا ونيس ، ومنها أفاد اميل حبيبي في روايته "الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل" حين كتب عن قرية عربية تحت الاحتلال الإسرائيلي في يوم انتخابات.
كما لو أننا لا نقول إلا معادا مكرورا ! كما لو أننا نصغي إلى نشرات الأخبار الصباحية في زمن الكورونا فلا جديد في كثير من أخبارها عن الكورونا سوى اختلاف عدد الوفيات والإصابات .. وقانا الله وإياكم شرها!!
صباح الخير
خربشات
٢٠ / ١ / ٢٠٢١

***
الست كورونا : تفاءلوا بالخير (167)

انتهت فترة الجفاف وهطلت الأمطار وأفل نجم (دونالد ترامب) وكذب المنجمون وكانت أقوالهم كما وصفها الشاعر العباسي أبو تمام في قصيدته في فتح عمورية:
"تخرصا وأحاديثا ملفقة ليست
بنبع إذا عدت ولا غرب"
وآمل ألا نبكي على أطلال السنوات المنصرمة مكررين القول:
كلما جاءت أمة لعنت أختها
و
بكيت على عمرو فمات فسرني... إلخ.
اقترن العام الأخير من حكم (ترامب) بانتشار الوباء حتى ليصح أن نقرن بين الاثنين إذ اجتمعا ، فهل سيولي (الفايروس) عما قريب كما ولى الفوهرر (دونالد)؟
تفاءلوا بالخير تجدوه ، ولطالما تفاءلنا ولم نحصد سوى قبض ريح ، وكلما قلنا قربت وأوشكت ابتعدت وأظلمت.
قيل إن خمسة آلاف عبوة لقاح وصلت إلى فلسطين ، وردد أن الفايروس سيتآكل ذاتيا ويولي ، فهل قرن نفسه بالفوهرر وأدرك أن قوة الحياة أقوى؟!!
الأمطار ، لا قرارات الحكومات ، أفلحت في فرض سياسة التباعد الجسدي في الشوارع ، وثمة عنصرية تأبى أن تفارق الدولة العبرية ، فتحرير مخالفات عدم الالتزام بشروط السلامة للفلسطينيين فيها أعلى منها بين المواطنين اليهود ، علما بأن اليهود (الحريديم) أكثر مخالفة لشروط التباعد الجسدي ولعدم ارتداء الكمامة .
أمس كثرت أشرطة الفيديو والمقاطع الساخرة التي تركز على الفوهرر ترامب وخروجه من البيت الأبيض ، وقلت في المقابل ، لدرجة الانعدام ، تلك التي تمس الكورونا واللقاح ، كما لو أن الناس رأوا في (ترامب) الخطر الأكبر .
عقبال ما يزول عنا كابوس الدولة وترحل أيضا عن فلسطين كلها.
تفاءلوا بالخير ، ففي زمن الحروب الصليبة كتب الشاعر يوم تحرير القدس:
"أترى مناما ما بعيني أبصر
القدس تفتح والفرنجة تكسر".
صباح الخير
خربشات
٢١ / ١ / ٢٠٢١

***

- الست كورونا : السماء صافية والكورونا في نابلس غائبة (168)

كانت الأجواء في المدينة يوم أمس جميلة جدا على الرغم من البرد القارس ، فالشمس ، بعد أيام مطيرة ، أشرقت ، ما دفع الناس للتجوال ، ولو كانت هناك في نابلس مقاهي رصيف لوجدت الناس جالسين فيها بالعشرات.
ينقص نابلس مقاهي رصيف في وسط المدينة ولا أعرف لماذا لا تسمح بلدية نابلس بإقامتها ، فالمساحة متوفرة.
ما زال الناس يتبادلون الرسوم والأشرطة التي تظهر خروج (ترامب) من البيت الأبيض ، ولقد اكتشفت أن ما ينعت به المصريون وأهل مدينة نابلس ينطبق على آخرين.
في قصيدته "عيد بأية حال عدت يا عيد" يقول المتنبي:
" أكلما اغتال عبد السوء سيده
أو خانه ، فله في مصر تمهيد؟"
وكان أبي - رحمه الله - يكرر المثل:
" القادم له رقصة والذاهب له بعصة"
ولقد صور (ترامب) خارجا من البيت الأبيض بحقائبه يلتفت إليه حزينا ، فضربته قدم لم تظهر ملامح صاحبها كاملة وألقت به أرضا.
أعداد إصابات الكورونا في الولايات المتحدة الأمريكية في ازدياد ، وفي البرتغال كانت كذلك . ولقد أرسل إلي الصديق Samir Alqot
إحصائية بعدد الوفيات والإصابات في أميركا ، تقول الإحصائية إن الأوضاع مخيفة.
في نابلس أمس نادرا ما رأيت الناس يضعون الكمامة.
جلست في مقهى الميناوي في شارع حطين أراقب المارة وشربت الليمون ، وربما يعد هذا المقهى المقهى الوحيد الذي جزء منه يعد مقهى رصيف . لم آبه للبرد فالسماء صافية وهي تغري.
صباح الخير
خربشات
٢٢ كانون الثاني ٢٠٢١

***

- الست كورونا : كافر جمعة.. كافر سبت أو "خش السبت في... اليهود" (169)

الست كورونا : كافر جمعة ... كافر سبت أو " خش السبت في ... اليهود " ( 169 )
لم أخرج أمس من منزلي إطلاقا . لم أخرج حتى لكب كيس القمامة في الحاوية . اكتفيت صباحا بتنظيف ساحة المنزل فلربما - قلت - يؤدي المصلون فيها صلاة الجمعة فأكون كمن قتل ٩٩ رجلا وغفر الله له حين قتل الرجل مائة . قلت عسى ينالني من الجنة ، بتهيئة المكان للصلاه ، نصيب .
أمس كنت ، مثل اليهود في يوم سبتهم ، رهين المنزل ، مع فارق أنني طبخت فأشعلت الغاز وأضأت الكهرباء ونظفت الشقة ولم أحتج إلى كافر " جمعة " أو مثلهم إلى " كافر سبت " وكافر سبت ترجمة لعبارة " غوي شابات " العبرية وقد اقترحها الروائي Aref F. Husseini
عارف الحسيني وجعلها عنوانا لروايته الأولى " كافر سبت " والطريف أنني قرأت العبارة في سيرة الكاتب الكبير حنا أبو حنا " مهر البومة " في صفحة ٦٤ في الفصل الذي عنوانه " من المفكرة " حيث كتب عما مر به في القدس في صيف ١٩٤٦ ، إذ طلب منه رجل يهودي متدين أن يشعل له مفتاح الكهرباء فالسبت دخل :
" قال الشارح: أما تعبير " شاباس غوي " فمعناه : إنسان غير يهودي ( غوي : من الأغيار ) يسخر لقضاء حاجات يمنع اليهودي من القيام بها يوم السبت " .
منذ فترة صار الإغلاق في مدن الضفة الغربية عادة ، ولا أدري لماذا لا يضاف إلى يومي الجمعة والسبت يوم الأحد ، فننصف إخواننا الفلسطينيين المسيحيين ، ولربما يخاف الفايروس من اتحاد الديانات فيولي الأدبار ويعود إلى الصين بلاد الكفار .
أمس انصرف ذهني إلى كتابة مقال الأحد وقد خصصته لكتاب الشاعر والكاتب معين بسيسو " يوميات غزة " . هل سيأتي يوم يخصص فيه كاتب مقاله الأسبوعي لكتابة مقال عنوانه " يوميات عادل الاسطة : الست كورونا " ؟ من يدري !؟
الطريف أنني مساء الجمعة شاهدت شريطا ل Rima Diab الشقراء البيضاء عنوانه " مادونا تعاند الكورونا " لا تلتزم فيه مادونا بالحجر .
اليوم السبت ومنذ أسبوعين صرت أخرج من المنزل ولا ألتزم بالحجر الصحي لا تقليدا لمادونا ، فلم أر شريط ريما من قبل ، وإنما صرت أخرج آخذا بقول عمر الخيام :
" لا تشغل البال بماضي الزمان
ولا بآتي العيش قبل الأوان
واغنم من الحاضر لذاته
فليس في طبع الزمان الأمان "
ووجدتني منذ الصباح أحور في بيت شعر جاهلي :
" رأيت الكورونا خبط عشواء من تصب
تمته ومن تخطيء يعمر فيهرم "
ورأيتني أتذكر " لاعب النرد " لمحمود درويش :
الحياة رمية نرد .
هل بدأت الكورونا تشعرني بعبث الحياة ؟
خش السبت في .... اليهود وفي ... نا أيضا .
صباح الخير
خربشات
٢٣ / ١ / ٢٠٢١

***

- الست كورونا : 90 مليون إصابة و 2 مليون ومائتا ألف وفاة ، والدكتور عبد الستار في غرفة العناية المركزة (170)

على الرغم من إغلاق المدينة بسبب الفايروس كوفيد 19 إلا أن انتخابات حركة فتح / إقليم نابلس جرت غير آبهة بضرورة التباعد الجسدي ، فالضرورات تبيح المحظورات والوطن فوق البشر والشجر ، وإذا لم تنجز الانتخابات فإن تحرير المناطق المحتلة في العام ١٩٤٨ سيتأخر قرنين من الزمان ولن تزول دولة الاحتلال في العام ٢٠٢٢ اعتمادا على حسابات الأستاذ بسام جرار .
كانت السماء صافية والبرد قارسا ، فالمربعانية لما تنته ، وكان لزاما علي أن أخرج وأمشي في شوارع نابلس المقفرة بسبب الإغلاق .
لا أشرطة فيديو أمس عن المواطن الأمريكي ( دونالد ترامب ) وإن أوردت الأخبار أنه سيقدم في الثامن من الشهر القادم إلى المحاكمة ، ودارت أكثر الأشرطة حول الآثار الجانبية للقاح ، فقد أرسل إلي الصديق Ghassan Saffarini
شريطين أحدهما يأتي على موت طبيب أمريكي ، في السادسة والخمسين من العمر ، من ولاية فلوريدا ، بعد خمسة عشر يوما من تلقيحه ، علما بأنه بصحة جيدة - هناك خبر آخر عن وفاة ٢٩ آخرين فوق ال ٧٥ من العمر - ، وثانيهما عن اختراع علاج ناجع بنسبة ٩٩ بالمائة ، من النيتريك ، يتم عبر بخاخ في الأنف أو عبر المضمضة ، والعلاج تم التوصل إليه في الجامعات البريطانية . ( يا حسرة على الجامعات الإسرائيلية والفلسطينية فقد صار الشعبان أقل ذكاء ، والتعبير " صرنا أقل ذكاء " ورد في ديوان محمود درويش " حالة حصار " ٢٠٠٢ وكان الاسرائيليون استخدموه في ٧٠ ق ٢٠ لنعت أنفسهم به ، والسبب هو أن جهودهم منذ المشروع الصهيوني انحصرت في إقامة الدولة ومحاربة العرب والتجسس والمخابرات وتوظيف النساء للإيقاع بالأعداء لا لخدمة المبدعين اليهود وجاءت الكورونا لتضيف إلى الشعبين ما لم يكن بحسبانهما إلا قليلا ) .
صديقنا وزميلنا الدكتور عبد الستار قاسم في حالة حرجة وفي غرفة العناية المركزة بسبب إصابته بالكورونا ، وقد زاملته في جامعة النجاح الوطنية منذ العام ١٩٨٢ . يا رافع البلاء ومزيل الكرب والغمة ارفع عن عبادك كلهم البلاء والكرب والغمة !!
يوم الجمعة خشت الجمعة في ...
ويوم السبت خش السبت في ...
والآن الآن وليس غدا خش الأحد في .....
" من أين العودة فيروز
والعودة يلزمها مدفع
والمدفع يلهو منهمكا
في است الشعب له مرتع "
وأنا تلاحقني جهات ما تفتش منزلي عن بضعة آلاف دولار سحبتها من رصيدي في البنك ، والسيد محمد دحلان يتحدث عن مليار و ٤٠٠ مليون دولار و ... إلخ .. إلخ . أرقام فلكية بالملايين في عدد الإصابات وفي السرقات وفي ... .
صباح الخير
خربشات
٢٤ كانون الثاني ٢٠٢١

***
الست كورونا : إجازات طارئة للكورونا ولا إجازة لعزرائيل ( 171 )
وأنا أتمشى ، أمس
، في شوارع المدينة تناهى إلى سمعي عبارات ساخرة ناقدة مردها التناقض بين القول والفعل ، فالسلطة الفلسطينية التي تنادي بالتباعد الجسدي لمحاصرة الكورونا والقضاء عليها تسمح لحركة فتح بالتظاهر وإجراء الانتخابات ، وللناس آذان وعيون وعقول ، و
" لا تنه عن خلق وتأتي مثله " وفتح لاتفعل ذلك فهي متأكدة أن الكورونا في إجازة .
العبارات الساخرة التي تناهت إلى سمعي تمحورت حول ما جرى يوم الجمعة الذي أجرت فيه حركة فتح انتخاباتها على الرغم من الإغلاق الشامل :
- أجرت حركة فتح انتخاباتها لأن الكورونا كانت في إجازة .
هل للست كورونا إجازات أسبوعية وسنوية ومرضية ؟
إحصائيات الموتى والمصابين يومية ، فلم يمر يوم بلا إعلانها ، وحتى في أعياد اليهود والمسيحيين والمسلمين لم " يمر يوم بلا شهداء " باعتبار من مات بالكورونا مات شهيدا .
أمس الأحد فقدت مدينة نابلس أحد أبنائها وقد قضى بالغاز الإسرائيلي المسيل للدموع .
كان العامل فؤاد سبتي جودة ، وهو متزوح وأب لأربعة أطفال ، في طريقه ، عبر فتحة فرعون ، إلى العمل في فلسطين ١٩٤٨ ولم يعد . لماذا لم تكن الكورونا أمس في إجازة ؟
في ساعات المساء وأنا عائد بالباص مارا بقرية عراق التايه كان ديوانها حافلا بالمعزين ، فالفقيد عز على أهله وأهل قريته والجميع . من سيقنع الناس في حالة كهذه بعدم إقامة بيت عزاء ؟
الكورونا تحصد الأرواح والاحتلال يحصد الأرواح ويبني المستوطنات و ... و ... وفي شوارع ايرلندا لافتات تقول إن الكورونا مؤامره عالمية رأسمالية هدفها تدمير الاقتصاد العالمي ، والحق كل الحق على عيون بهية ، فعيونها أصل الحكاية .
البرد شديد ينخر في العظام على الرغم من التدفئة ، وكان الله في عون العمال الفلسطينيين ، في المناطق المحتلة ١٩٤٨ والمناطق المحتلة ١٩٦٧ أيضا ، فما مر عام والعراق ، كما كتب بدر شاكر السياب ، ليس فيه جوع.
من لم يمت بالكورونا مات بغاز الاحتلال أو بعدم دفع أصحاب العمل الفلسطيني الحد الأدنى من الأجور .
صباح الخير
خربشات
٢٥ كانون الثاني ٢٠٢١ .

**

- الست كورونا : " وتشابهت كل الشهور ، تشابه الموتى ( 172 )

أخطأت ، وجل من لا يخطيء ، أخطأت فيما كتبته أمس وذهبت إلى أن انتخابات حركة فتح جرت يوم الجمعة ، وصوبني السيد خالد عبد الجليل دويكات
، فالانتخابات جرت يوم السبت .
هل اختلط الأمر علي لتقدمي في العمر أم أن الأمر يعود إلى تشابه الأيام في زمن الكورونا ؟
منذ أسابيع والإغلاق في نابلس يتم في يومي الجمعة والسبت ، وصار الأمر يختلط علينا فما عدنا نميز بين الجمعة والسبت .
" وتشابهت كل الشهور ، تشابه الموتى " والسطر سطر شعري لمحمود درويش من ديوانه " محاولة رقم ٧ " .
صرنا نصغي يوميا إلى نشرات الأخبار يقرأ مذيعوها إحصائيات الموتى والمصابين والمعافين ، وصرنا نتساءل عن مواعيد وصول اللقاح ونتحدث عن آثاره ، و " أجت الحزينة تفرح " مع الحديث عن بدايات انفراج ، ولكنها " ما لقيت لها مطرح " فأخبار اليوم لم تكن مطمئنة ، إذ أن الدول الأوروبية تسعى لسياسة الإغلاق من جديد - أستثني ايرلندا فالصديق ماهر فتحي بسطامي
أرسل إلي أكثر من شريط يري لافتات في الشوارع مكتوب عليها أن الكورونا لعبة - .
" درهم وقاية خير من قنطار .... لقاح " على ما يبدو حتى اللحظة ، ومن الأشرطة ما يري حجم الشريحة التي ستزرع في أجسادنا : نقطة دم صغيرة جدا .
وأنا أشاهد فيلم الفنان الفلسطيني محمد بكري " جنين .. جنين " قلت : لعل آل روتشيلد و آل روكفلر وعائلات أخرى غيرها ممن يسعون إلى تقليل سكان العالم رأوا أفلام إبادة كثيرة في حروب كثيرة فحزنوا على ما ارتكب في الحروب ، ولهذا أرادوا لنا موتا رحيما رأفة بنا .
" درهم كمامة خير من قنطار لقاح " والصديق Shaar Yahia
حول إلي " رابط " ليبدد اندهاشي من أن الروس يطورون اللقاح منذ 50 عاما ، فالكورونا ليست سوى رشح مطور .
اللقاح الذي تحدثوا عنه وعمموه أدى إلى تولد سلالات جديدة من كوفيد 19 و ...
كنا بسلالة واحدة وصرنا بسلالات و ( إنا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ولا نعرف أي سلالة من سلالات الكوفيد ستكون الأخف فتكا .
" ويأتيك بالأخبار ما لم تزود " وصارت حكايتنا مع الكورونا مثل حكاية الشعب الفلسطيني مع الحركة الصهيونية .
صباح الخير
خربشات
٢٦ كانون الثاني ٢٠٢١

***

- الست كورونا : حنين المرأة إلى الزمن الجميل ( 173 )

في الباص أخذت المرأة تحن إلى الماضي . ماذا فعلت بنا الكورونا ؟
صعدت إلى الباص وجلست في المقعد الأول ، وخلف السائق جلست امرأة تقارب الخمسين من عمرها وسرعان ما سألت السائق عن سماح دولة إسرائيل لعمال الضفة بالدخول إلى أراضيها .
والسائق أجابها بأنها سمحت لمن يحملون تصاريح من العمال . المرأة أخذت تستطرد وتتحدث عن ابنها . قالت إنه يعمل هناك وإنه يذهب بتصريح ، وأخذت تتحسر على تلك الأيام التي سبقت انتشار الوباء . تحدثت عن سفرها مع حافلات الشركة وزياراتها لمدن الوطن السليب و .. و .. وسألت السائق من جديد إن كانت حافلات الشركة ما زالت تعمل .
تحسر السائق وقال لها إنه غير مسموح لباصات الشركة الآن العمل خارج حدود المدينة . قال لها إنه لا يستطيع الذهاب إلى وادي الباذان إلا بتصريح وإلا فإنه سيعاقب من الشرطة الفلسطينية والشرطة الإسرائيلية أيضا ، والمرأة التي حنت إلى السفر والرحلات تحسرت على الزمن الجميل ؛ زمن ما قبل انتشار الوباء .
في الحافلة كنت أصغي وكنت أتابع صعود معلمات مدرسة أو روضة أطفال في عراق التايه التي فقدت من ثلاثة أيام أحد أبنائها بالغاز الإسرائيلي المسيل للدموع على فتحة " فرعون " ، وهو ما كتبت عنه من قبل .
ولت أيام الرحلات الأسبوعية خارج مدينة نابلس وتحديدا الرحلات إلى يافا وحيفا وعكا والجولان ونهارية و ... و ... وهرتسيلية والقدس .
أخبار أول أمس وأخبار أمس أيضا لم تكن سارة ، فرئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور محمد اشتية قال إن حكومته ستبحث أمر إغلاق الجسر - أي المعابر بين مناطق السلطة الفلسطينية والأردن ودولة أبناء العمومة ، وهذه الأخيرة قررت إغلاق مطارها أمام المسافرين ؛ مطار اللد ، مع استثناءات لرجال الأعمال وأصحاب الطائرات الخاصة و ... و ... وأنا تذكرت الشاعر الجاهلي عروة بن الورد :
" ذريني للغنى أسعى ، فإني
رأيت الناس شرهم الفقير
وأهونهم وأحقرهم عليهم
وإن كانوا لهم نسب وفير "
وأما الأغنياء فلهم و " للغنى رب غفور "
وعلى المعابر نوعان من فحص الكورونا للمسافرين ؛ فحص لمن يدفع أقل وثان لمن يدفع أكثر ، وفي أيام ما قبل الكورونا كانت هناك تسهيلات لمن يدفع أكثر عرفت بسفريات ال ( VIP ) - أي الشخصيات المهمة جدا .
نعم " للغنى رب غفور " وكأننا منذ الجاهلية ، ورغم الكورونا ، لا رحنا ولا جينا و " من دخل دار " أبو سفيان " فهو آمن "
وأستغفر الله العلي العظيم !!
صباح الخير
خربشات
٢٧ / ١ / ٢٠٢١

***

- الست كورونا : شرق وغرب ، رجولة وأنوثة ( 174 )

" شرق غرب ، رجولة وأنوثة " هو عنوان كتاب للناقد السوري جورج طرابيشي درس فيه الصراع الحضاري بين الشرق والغرب في الرواية العربية حتى سبعينيات القرن ٢٠ .
أمس تذكرت الكتاب حين أرسل إلي الصديق الروائي جمال أبو غيدا ، عبر ( الواتساب ) ، مقالة نشرت في ( الغارديان ) البريطانية عن مبيعات الكتب في المملكة المتحدة خلال العام ٢٠٢٠ - أي في عام الكورونا ، وأبدى الروائي دهشته من الفارق بين عالمنا وعالم البريطانيين .
المقال يقول إنه تم في العام الماضي بيع كتب هناك بزيادة 5،2 0/0 عن العام ٢٠١٩ ، وقد تجاوزت المبيعات ٢٠٢ مليون جنيه ، علما بأن المكتبات أغلقت أبوابها ، بسبب سياسة الإغلاق لمقاومة الفايروس ، ما بين آذار وحزيران وفي تشرين الثاني وكانون الثاني .
يا حسرة على مكتباتنا !! أي نعم يا حسرة على مكتباتنا !!
جرت العادة أنني غالبا ما أزور المكتبات مرة أو مرتين في الأسبوع ، وجرت العادة أن أسأل أصحابها عن سوق الكتب . هل ثمة إقبال عليها ؟
" العين بصيرة " عموما ، فلا حاجة للسؤال ، وأصحاب المكتبات يجلسون ينتظرون من يلقي عليهم السلام ، حتى قبل انتشار الوباء حين كانت الأوضاع الاقتصادية أفضل بكثير مما هي عليه الآن .
الدكتوره إلهام أبو غزالة التي أكملت دراستها في أميركا وعلمت عقودا في جامعة بير زيت لها تفسير طريف طالما كررته للتعبير عن الفارق بين مجتمعاتنا الشرقية والمجتمعات الغربية فيما يخص القراءة وعاداتها و ... .
الدكتوره ترى أن ثقافة مجتمعاتنا ثقافة شفاهية ولهذا لا سوق للكتاب حتى بين المتعلمين .
الحق كل الحق على الست كورونا ، فقد كان لزاما عليها أن تدرك هذا ، وأن تتركنا بحالنا .
كان المتنبي شاعر العرب يقول :
" أعز مكان في الدنا سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتاب " .
هل كان الشاعر عاش في الغرب في القرن العشرين ليقول ما قال ؟
وعلى الرغم من الحجر والإغلاقات والتباعد الجسدي إلا أن " أمة اقرأ لا تقرأ " !!
هل أنا متشائم ؟ وهل أكرر العبارة السابقة لقناعتي بها أم أكررها لفرط ما أسمعها من كثيرين يشكون من قلة القراءة بين أفراد شعبنا ؟
الأجواء الآن شديدة البرودة وحتى المكيف اسرائيلي الصنع ( امكور ) لا يفي وحده بالغرض ، وأمس مررت على المكتبة الشعبية وسألت صاحبها عن الفارق بين بيع الكتب وبيع الخضار .
صباح الخير
خربشات
٢٨ / ١ / ٢٠٢١ .

***

- الست كورونا : العودة إلى سياسة الإغلاق ( 175 )

كان أمس يوما شتويا بامتياز ، فمنذ ساعات الصباح المبكر هطلت الأمطار وروت الأرض وأشعرتنا بأننا نعيش أجواء الشتاء تماما ، وظل الشعور يلازمني طوال النهار حتى ساعات المساء ثم خش الليل وخششنا إلى بيوتنا نطلب الراحة والدفء ونأكل الكستناء .
أمس ذهبت إلى مكتبة تصوير فلاحظت نوعا من الاكتظاظ وأمام الحاجة نسيت الكورونا وشرطي التباعد الجسدي ووضع الكمامة ولم ألتفت إلى غبائي إلا بعد أن " خشت الجمعة وخش السبت وخش الأحد وانتصف الخميس " .
قلت وأنا في الطريق إلى البيت :
- نظل حريصين ونظل نطلب من الآخرين أن يكونوا حريصين ، ثم في لحظة ....ثم في لحظة نتصرف ناسين كل شيء .
وكثيرون ممن أصيبوا بالفايروس قالوا إنهم كانوا حريصين ولم يعرفوا كيف باغتهم .
أمس بقيت ساعات أقرأ في الأعمال الشعرية الكاملة لمظفر النواب ، فمعبر الكرامة أغلق من جديد لمدة أسبوع ، ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية استجابت لطلب الحكومة الفلسطينية ، وأنا لا أفكرعموما بالسفر ولولا الكورونا لما التفت لإغلاق الجسر .
الآن المعابر كلها مغلقة وصرنا كلنا مثل قطاع غزة محاصرين ويبدو أنها دعوة المظلوم ، فليس بينها وبين الله حجاب . هل هي دعوة الفلسطينيين أم دعوة حفار القبور في قصيدة بدر شاكر السياب ؟ وكنت أشرت إليها قبل أشهر .
أمس تذكرت رواية ( فولتير ) " كنديد " وفلسفة التفاؤل ، وتساءلت إن كان كنديد في تشرده عانى ، من ضمن ما عانى ، من الأوبئة . هل عانى من الطاعون أو الكوليرا أو الملاريا مثلا ونجا ؟ ( وأنا أكتب تذكرت أيضا رواية الكاتب التركي عزيز نيسين " الطريق الوحيد " . كلما خرج من ورطة دخل في أخرى ) .
تنتهي رواية " كنديد " بالأسطر الآتية :
" وما انفك صديقهما ككنبو يقول مع كنديد :
" لا تسير جميع الأمور سيرا حسنا في إلدورادو ، ولكنها لا تسير كلها سيرا سيئا "
والضمير في " صديقهما " يعود إلى كنديد وزوجته زنوئيد ، ويمكن القول إن الأمور أمس ، ومنذ بداية الكورونا أيضا ، لا تسير سيرا حسنا في نابلس وفلسطين والعالم ، ولكنها لا تسير كلها سيرا سيئا .
و " إن كان دين اقطع رطلين " يقول صاحب " جخ بلا مخ " .
لا تذهب إلى الكتابة إلا حين تأتي ، فالإناء لا يفيض إلا إذا امتلأ ، ولهذا كتابة أخرى .
صباح الخير
خربشات
٢٩ / ١ / ٢٠٢١

***

- الست كورونا : إذا امتلأ الإناء فاض وفاضت الكورونا ، والإصابات تجاوزت 100 مليون ( 176 )

صارت الكورونا موضوعا يشغل الكتاب أيضا ، وإذا امتلأ الإناء فاض وصرخ الكاتب صرخة ( أرخميدس ) " وجدتها وجدتها " .
لفت نظري وأنا أتابع ما ينشر والتعليقات عليه تعليق كاتب يطلب من كاتب أن يكتب في موضوع الجائحة ، وعقبت " إذا امتلأ الإناء فاض " وفي هذه الأثناء أصغيت إلى شريط فيديو يقرأ فيه مقطع من قصيدة الشاعر الأمريكي ( تشارلز بوكوفسكي ) " تريد أن تصبح كاتبا " وفي ذكريات " الفيس بوك " قرأت ما كنت كتبته قبل عدة سنوات تحت عنوان " استمناء الكتابة " عن الكتاب الذين يفتعلون الكتابة .
بحثت عن قصيدة ( بوكوفسكي ) وقرأتها مرارا ، وحين كتبت روايتي " تداعيات ضمير المخاطب " وجزءها الثاني " الوطن عندما يخون " ونصي " ليل الضفة الطويل " كنت ، دون أن أدري ، ملتزما بوصايا الشاعر الأمريكي .
يا لي من امبريالي بالولادة !! كأنني كما قال مظفر النواب يساري باللسان فقط .
يقول ( بوكوفسكي ) :
" إذا لم تخرج منفجرة منك ،
برغم كل شيء
فلا تفعلها .
إذا لم تخرج منك دون سؤال ،
من قلبك ومن عقلك ومن فمك ومن
احشائك
فلا تفعلها .
إذا كان عليك أن تجلس لساعات
محدقا في شاشة الكمبيوتر
أو منحنيا فوق الآلة الكاتبة
باحثا عن الكلمات ،
فلا تفعلها.
إذا كنت تفعلها للمال
أو الشهرة ،
فلا تفعلها.
إذا كنت تفعلها لأنك تريد نساء ... ...
فلا ... تفعلها .
......
......
إذا كنت تحاول الكتابة مثل شخص آخر ،
فانس الأمر .
إذا كان عليك انتظارها لتخرج مدوية منك ،
فانتظرها ... بصبر .
....
.....
لا تكن مثل آلاف من البشر
الذين سموا أنفسهم كتابا
......
......
مكتبات العالم قد تثاءبت حتى النوم
بسبب أمثالك ،
لا تضف إلى ذلك .
لا ... تفعلها
إلا إن كانت تخرج من روحك كالصاروخ
.....
.....
عندما يكون الوقت مناسبا ،
إذا كنت مختارا ،
ستحدث الكتابة من تلقاء نفسها
وستستمر بالحدوث مرة بعد أخرى
حتى تموت
أو تموت هي داخلك .
لا توجد طريقة أخرى .
ولم توجد قط . "
ومنذ أربعة أيام وأنا أفكر في هذه الكتابة .
وكما قال الجاحظ على لسان معاذة العنبرية " لكل شيء إبان " - أي وقت .
هل يجوز لي أن أنصح كاتبا أو أن أقترح عليه ؟
زمن الوصاية الأردنية على الضفة ولى ، وللأسف فقد ابتلينا بالوصاية الإسرائيلية ، وطول عمرنا واقعين تحت انتدابات وسيطرات ووصايات واحتلالات و ... وآخر إحصائية عن عدد الإصابات تشير إلى تجاوز ال ١٠٠ مليون ووفاة المليونين ، واصابات بريطانيا أمس قارب ٢٣ ألفا والوفيات حوالي ١٣٠٠ .
صباح الخير
خربشات
٣٠ كانون الثاني ٢٠٢١ .

****

- الست كورونا : اللقاح وكبار السن في الدولة العبرية ( 177 )

أمس أيضا لم أخرج من منزلي ، ولم يكن السبب الالتزام بسياسة الإغلاق الشامل أو رضوخا للرسالة التي وصلتني في ساعة متأخرة من الصديق خليل حمد
، فقد خش الأحد ولا مجال للخروج أصلا .
كانت أجواء الشتاء في الصباح حتى منتصف الظهيرة ألقت بظلالها على نفسيتي ، فآثرت البقاء في الشقة ولم أتشجع للخروج مع أن الأجواء تحسنت ، فتوقفت الأمطار وأشرقت الشمس . هل هو الكسل أم الكبر ؟
وعلى ذكر الكبر فإن الوزير الإسرائيلي السابق ( افيغدور ليبرمان ) - ترامب الإسرائيلي - تحدث في لقاء تلفازي عن أمر مهم يتعلق باللقاح الثاني وما نجم عنه .
قال الوزير إن ثمة أخبارا تسربت من وزارة الصحة الإسرائيلية تقول إن عشرات بل مئات الأشخاص ممن تلقحوا ، بخاصة من كبار السن ، ماتوا . هل أرادت الدولة الإسرائيلية أن تتخلص منهم باعتبارهم عبئا على ميزانيتها ؟ والمعروف أن أبناء العمومة يعمرون ، فوالد رئيس الوزراء عاش ما يقارب المائة عام ومثله شمعون بيرس الذي شارك رئيسنا في عزائه وبكى على فقدانه ، ولا أدري لماذا ذكرني أحد الأصدقاء بالموضوع ، فأرسل إلي شريط فيديو يقرأ فيه شخص قصيدة هجاء في المعزي .
كبار السن غالبا ما يصبحون عالة وتنسى فضائلهم إن كانت لهم فضائل . " الله يختار له الأحسن ، والله لا يرميه ، واللي فيه خير الله يجيبه " ومن يدري فقد يكون في الموجة الجديدة من الكورونا خير ، ولنكن " كنديديين " - نسبة إلى كنديد وفلسفته ، ولنكن متشائلين أيضا . هل تذكرون حكاية العروس التي مات عريسها ليلة عرسها وما قالته لها أم العريس ؟
" مليح أن صار هكذا وما صار غير شكل "! فما ذهل أحد سوى العروس التي لم تكن من العائلة فلا تعي الحكم ، ففقدت رشدها ، وأخذت تعول في وجه والدتي : أي غير شكل يا عجوز النحس ( هذا اسم والدي ، رحمه الله ) : أي شكل بعد هذا الشكل يمكن أن يكون أسوأ منه ؟
ولم يرق والدتي نزق الشباب ، فاجابتها بهدوء ، وكأنها تقرأ في المندل : أن تخطفي في حياته يا بنية . أي أن تهربي مع رجل آخر .
والحقيقة أنها هربت بعد سنتين ، مع رجل آخر ، فكان عاقرا ، فلماسمعت الوالدةأنه عاقر رددت لازمتها : فلماذا لا نحمده ؟ "
هل نحمد الله على الكورونا ، فقد يكون البديل أصعب ؟
صباح الخير
خربشات
٣١ كانون الثاني ٢٠٢١

****

- الست كورونا : ما جدوى الكتابة ؟ ( 178)

وأنا أتابع آخر أخبار الفايروس ونسخه المتطورة ؛ البريطانية والصينية ( نيباه ) ، وقد أرسلها إلي الصديقان خليل حمد
و Safi Ismael Safi
وسمعت قسما منها صباحا من إذاعة " أجيال " ، أعود إلى شريط فيديو انتشر في بداية الجائحة في آذار ونيسان الماضيين .
في الشريط يسأل الطفل الألماني الجميل أباه :
- لماذا علي أن أنجز واجباتي المدرسية ما دامت الكورونا ستقضي على البشرية ؟
فيجيبه الأب :
- لكي لا تموت غبيا !
ويواصل الطفل حل واجباته .
وأنا أمس سألت نفسي :
- ما جدوى الكتابة ؟
وتذكرت قصيدة أحبها لمحمود درويش وردت في ديوانه " أعراس " ١٩٧٧ وعنوانها " وتحمل عبء الفراشة " ومنها : " ستقول طالبة : ما نفع القصيدة ؟ شاعر يستخرج
الأزهار والبارود من حرفين ، والعمال مسحوقون
تحت الزهر والبارود في حربين . ما نفع القصيدة في الظهيرة والظلال ؟ "
حقا ما جدوى الكتابة ونحن نقرأ عن إغلاقات شاملة هنا وهناك ونتابع الأعداد المتزايدة بوتيرة متسارعة للمصابين والمتوفين ؟
الأخبار القادمة من الصين لا تبعث على الطمأنينة ، وما يقوله ( غيتس ) يعني أن القيامة قريبة ، فالفايروس الجديد سيكون قويا وسيحصد بلا رحمة .
أمس أغلقت مدينة بيت لحم ، فالنسخة البريطانية المتطورة حلت بركاتها هناك ( لسان حال أهل بيت لحم الآن " ما في اشي بيجي من الغرب بسر القلب " ) ، والطريف أن الإغلاق في دولة " أبناء العمومة " رفع عدد الإصابات وزاد منها ، و " أوسلو " - أعني المدينة لا اتفاقية أوسلو التي وقعها الرئيس الفلسطيني "أبو مازن " - أوسلو تغرق ، كما عرفت من الكاتبة Hanan Bakir
ابنة عكا اللاجئة أولا إلى لبنان وثانيا إلى أوسلو ، أوسلو تغرق في الظلمة والإغلاق الشامل .
هل هو غروب العالم ؟
من يدري ؟!
حتى يحل العام ٢٠٢٢ بقي أحد عشر شهرا . يعني قربت فمن عليه دين فليبادر إلى سداده ومن يتجسس فعليه التوبة ومن تغضب زوجها - أو العكس - فعليها أن تحسن من أخلاقها ، وعلى إسرائيل أن تنسحب من المناطق المحتلة في العام ١٩٤٨ و ... .
وبدأنا نهذي - أي والله !!
صباح الخير
خربشات
١ شباط ٢٠٢١

****

- الست كورونا : الفايروس يدمي الدكتور عبد الستار قاسم ( 179 )

كانت نابلس أمس في منتصف النهار عامرة ومزدهرة كأنما كانت تقول للفايروس " باي باي " - كلما قلت رأيا لشخص لم يرق له ، أو كلما لم ألب لشخص توقعاته يقول لي " باي باي " - فالأسواق كانت تكتظ بالمواطنين وحركة البيع والشراء كانت لافتة ، وكان الجلوس في مقهى مكشوف ، مثل قسم من مقهى الهموز ، مطلبا ومنشدا ، وهو ما فعلته ، ولكن المقهى كان شبه خال من الرواد .
هل صار شهر شباط ، شباط الخباط ، شهرا يتنطط فيه الناس لا القطط ؟
كل شيء بدا عاديا ولم يكن حتى ساعات المساء ما يفاجيء .
في السادسة مساء اتصل بي الدكتور د. عامر القبج
، صديقي وزميلي في جامعة النجاح الوطنية وسألني إن كنت سمعت نبأ وفاة الدكتور عبد الستار قاسم زميلنا في الجامعة ، وما إن أنهيت المكالمة حتى صرت أبحث لأتأكد من الخبر .
على صفحة الصحفي سامر خويرة
قرأت النعي وشاهدت في صور الفيس بوك نعي سامر للدكتور عبد الستار .
منذ أيام وأنا أتابع حالة الزميل الذي أصيب بالعدوى ، كما عرفت ، لاستقبال المعزين بوفاة أخيه ، وأمس وأول أمس توفي صديقي عدنان نبهان " أبو العيد " وصار له عزاء يقام له ويقعد ، فهو شخصية اجتماعية محبوبة والله هو الستار على أية حال وليس بوسعي إلا أن أقول :
- الله يستر ويجيب العواقب سليمة .
منذ خمسة وأربعين عاما والدكتور عبد الستار قاسم يقاتل بالرأي ، لسان حاله بيت شعر المتنبي :
" الرأي قبل شجاعة الشجعان
هو أول وهي المحل الثاني "
وخلال قتاله بالرأي فصل من وظيفته أستاذا جامعيا في الجامعة الأردنية ، وتعرض لمضايقات عديدة وصلت إلى التهديد وإطلاق النار عليه لإسكاته ، ولم يضعف ولم يصمت ، وفي زمن الاحتلال الغابر وغير الغابر معا سجن الدكتور فكتب لنا كتابا عن تجربته عنوانه " ليالي تشارلي " و ... و ... و ...
- ماذا أقول ؟
عرفت الدكتور عبد الستار منذ العام ١٩٨٢ وتواصلت صداقتنا وزرته مرة بصحبة المرحوم صالح برانسي والصديق عادل سمارة وتناولنا في بيته طعام الغداء ، وكلما التقينا كان يبادرني بالقول :
- آ يا مناضل !
فابتسم وأرد عليه :
- يا رجل ، لست سوى كويتب .
أمس انتقل الزميل الصديق عبد الستار قاسم إلى رحمته تعالى والسبب !؟
ثمة فايروس لا يرى بالعين المجردة يفتك ويذكر ببيت الشعر :
لا تحقرن صغيرا في مخاصمة
إن الكورونا تدمي مقلة الأسد
صباح الخير ، إن كان في الموت خير
خربشات
٢ شباط ٢٠٢١

***

- الست كورونا : الفايروس كورونا : لا للعنصرية ( 180 )

إن كان ثمة ما يسجل للفايروس كوفيد ١٩ فهو أنه فايروس غير عنصري ، وأنه كائن نشيط يطور نفسه ، مؤمنا بسنة التطور ، رافضا الجمود والتحجر .
في الدولة الإسرائيلية لم ينس الوباء الشرطة الإسرائيلية النزعة العنصرية ، فقد ظلت تميز بين مواطن يهودي ومواطن عربي ، ولذلك حررت مخالفات للعرب بححة عدم الالتزام بشروط السلامة أكثر مما حررت مخالفات للمواطنين اليهود . ومرة عقبت الكاتبة أ.نزهة الرملاوي
على كتابة لي أتيت فيها على القدس العتيقة ومعاناتها بسبب سياسة الإغلاق قائلة إن ما يطبق على القدس العربية لا يطبق على القدس الغربية .
ما سبق يعيدنا إلى التمييز العنصري في الخمسينيات والستينيات من القرن ٢٠ ، وعن تلك الحقبة صدر كتاب فوزي الأسمر " أن تكون عربيا في إسرائيل " . متى يأتي اليوم الذي ستصبح فيه فلسطين دولة لكل مواطنيها ويسمح للاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم ؟
الفايروس كوفيد ١٩ لا يميز بين يهودي وعربي وبين شرقي وغربي وأوروبي وصيني وبين مواطن ورئيس دولة ، وهو أيضا فايروس نشيط . إنه يأبى الجمود كما لو أنه غير راض عن كثيرين منا ممن لا يطورون أنفسهم ويريد أن يعطي لنا مثالا إيجابيا ، فيكون قدوة . هل يمد لسانه لكثير من أساتذة الجامعات ساخرا ؟
ما زالت الأمور غير مطمئنة عموما وعندما أصغيت أمس إلى الفضائية الفلسطينية تأتي على شروط الوقاية العشرة اكتشفت أنني ملتزم بشرطين منها هما الكمامة والعزلة إلى حد ما .
لم أشارك في جنازة الدكتور عبد الستار قاسم ولا في جنازة الصديق عدنان نبهان " أبو العيد " ولم أذهب إلى بيت العزاء وأخذت أمس أحصي المناسبات العائلية التي لم أشارك فيها منذ عام :
- عرس ابن أخي
- عرس ابنة أختي
- عرس ابنة أخت ثانية .
- كتب كتاب ابن أخ .
- وفاة ابنة عمي .
و ....
وزيارة المرضى من أقربائي
و ...
الست كورونا خربطت الحياة كلها ، وثمة أغان جديدة أعتقد أنها طريفة ولكنها لم تجد آذانا مصغية ، كما لو أن الطير على رؤوس الناس .
صباح الخير
خربشات
٣ شباط ٢٠٢١

***

- الست كورونا : وامصلاه ( 181 )

ثمة مقاهي في نابلس كانت قبل ستة عقود مزدهرة ، فبالكاد كنت تجد فيها طاولة تجلس حولها ، أما في هذه الأيام ، فحين تدخل إليها يخيل إليك أن كل طاولة تدعوك إليها حتى " تتونس فيك " .
في هذه المقاهي ورغم قلة المترددين عليها تصغي إلى لغة الناس العاديين ، وغالبا ما تحفل بالتورية والشتائم البذيئة التي يسرون لإيقاعها .
تبدو هذه المقاهي لقلة دخلها باهتة ، كما لو أنها لم تطرش منذ عقود ستة ، فدخلها بالكاد يكفي . أحيانا أتردد على هذه المقاهي لأنها تقع على شارع تنشط فيه حركة المرور ، فلا أشعر بالوحشة أو بالضجر ، وإن تكاد النفس تكتئب لقدم المبنى ولأجوائه التي ينقصها الحيوية .
لا جديد في المدينة وكل شيء على حاله . كل شيء يسير سيرا عاديا ، فلا انعطافات حادة في انتشار الجائحة ، وهكذا أجد نفسي أتابع أشرطة الفيديو التي تصلني .
" مصر أم الدنيا " كان يقال ، ومن مصر يأتي الشيء ونقيضه ، وعلى الأفلام والمسرحيات والروايات وصوت المغنين والمغنيات وكتب الأدباء وقراءة القرآن نشأنا ، وصارت الثقافة المصرية مكونا أساسيا من مكونات شخصياتنا .
الخوف الذي صار يلازمنا ووصل إلى درجة الرعب لا يفارقنا إلا إذا نفسته أغنية أو مسرحية مصرية . هل ألف المصريون أغاني من وحي الكورونا ؟
المغنية المصرية مي فاروق بصوتها الجميل وخفة دمها غنت أغنية عنوانها :
" آه لو وصلت يا مصل "
وكلماتها هي :
" اللي خالط حد ما بينامشي
ما بالك اللي الأعراض فيه
ملعون أبوك يا كوفيد
يا حاوجنا لا pcr
الترمومتر ببوقي ماشي بيه ليل ونهار
ملعون أبوكي يا كورونا
قشف الكحول مرار
آه لو وصلت يا مصل
وبقيت في كل مكان
وتغور خلاص الموجة
وحشتني أنا الأحضان
لأقلع كمامتي واظهر
بوشي زي زمان
و أخرج مامتي تاني
وحشها أوي أركاااااان
و أسلم بالأيد عادي
وأمسك أوكر البيبان
ولو حد عطس أو كح
مش راح أكون قلقان
وأحضن أنا وابوس آه وأبوس البواب والجيرااااان
الحبسة وحشة آه وياما طلقت عرسان
يلا يا مصل يا حبيبي أنت
تعالى بسرعة خلاص بنعجز
آه يا حبيبي
نفسنا نرجع زي الأول
بس المصل شكله مطول
لأ ومصيبة جديدة
في لندن الفايروس هناك تحول ".
ملعون أبوك يا كورونا !!! أي والله ملعون أبوك .
هل تذكرون أغنية " يا حبيبتي يا مصر يا مصر " .
صباح الخير
خربشات
٤ شباط ٢٠٢١

****

- الست كورونا : هل مصدر نسخة الفايروس المتطور فلسطين ؟ ( 182 )

أول أمس كنت بروليتاريا ، فجلست في مقهى بروليتاري ، علما بأن اسم المقهى اسم ارستقراطي فخم هو " الرشيد " - تيمنا بالخليفة العباسي هارون الرشيد - وكان كذلك على ما أظن يوم أسس ، ولكن الدنيا لا تبقى على حال .
أمس جلست في مقهى أرستقراطي ، علما بأنه كان خان تجار ودواب ، ولكنه رمم بنقود غربية فصار أوروبي الطراز . وهكذا أنا : يوم بروليتاري ويوم برجوازي أرستقراطي ، وكنت في شبابي لا أملك المال ، بخلاف اليوم ، فأنا انحدر من أسرة عمالية ، ليس فيها سادة نجب ، لا من أسرة إقطاعية ورثت الأرض من الله باستخدامها عضلات جد جد جد جدها الذي تعاون مع الأتراك والانتداب البريطاني وباع الأرض للصهاينة .
ما علينا وما صلة هذا بالست كورونا !؟
أخبار الأمس قالت إن ربع الإصابات في دولة إسرائيل كانت بالفايروس المتطور عن النسخة البريطانية . وإسرائيل كانت تزعم أنها حررت فلسطين من الانتداب البريطاني ، فهل أراد الفايروس أن ينتقم من إسرائيل لادعائها بأن أبطالها خاضوا حرب تحرير ضد الانتداب ؟
صرت أخشى أن تطلع علينا بريطانيا بفكرة أن الفايروس البريطاني جذوره فلسطينية وأنه انتقل إلى أحفاد الجنود البريطانيين نتيجة لاختلاط أجدادهم بأجداد الفلسطينيين ، وهات حلها الآن معهم ، فقد تطالب بريطانيا الفلسطينيين بدفع تعويضات للمصابين لا تقل عن تلك التي طالبت بها العقيد معمر القذافي بسبب إسقاط الطائرة في لوكربي باسكتلندا في ١٩٨٨ ؟
الحياة في نابلس أمس كانت تسير سيرا عاديا وعداد الوفيات والإصابات ما زال شغالا ، وعلى المرء أن يكون حذرا ليس فقط من الفايروس ، بل من البشر ، فالمثل يقول " احذر عدوك مرة وصديقك ألف مرة " ومثله القول " اللهم نجني من أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيل بهم " .
لا أدري لماذا خطر ببالي أن الفايروس الذي قتل المرحوم عبد الستار قاسم كان مسيسا !
بدأنا نهذي ، ورحم الله وديع حداد ، والحمد لله أنني مواطن عادي لا يشكل خطرا في الانتخابات التي لم أشارك فيها من قبل ولن أشارك أيضا فيها من بعد .
صباح الخير
خربشات
٥ شباط ٢٠٢١

***

- الست كورونا : الكورونا والتسامح ( 183 )

الأجواء المتقلبة أمس جعلتتي أفضل أن أبقى وحيدا وفي ذهني حضر بيت الشعر :
" إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا "
وتلافيا لتكرار ما حدث مرة في مخيم بلاطة وفي كفر عقب آثرت الوحدة وفي ساعات المغرب أرسل إلي نسيبنا Mustafa Yousef Owaynat
شريط فيديو لخلاف جيران في مدينة شيكاغو أسفر عن قتل الجار جاره وزوجته بسلاح ناري . بدأ الأمر بالصياح :
- فك يو
- فك يو
ولم يحتمل الجار فذهب إلى شقته وأحضر السلاح الناري وقتل بلا رحمة ، والبشر بشر سواء في بلاطة أو كفر عقب أو شيكاجو .
في بداية الجائحة أصيب كثيرون بالرعب وتساءلوا إن كانت نهاية العالم اقتربت ، وهذه الحالة دفعت إحدى السيدات إلى أن تتساءل عن سبب غياب التسامح بيننا ونحن غاربون .
عبارة السيدة المنحدرة من أصول أرستقراطية ظلت تلازمني وغالبا ما آخذ بدعوتها ، فلا شيء يستحق حقا .
أمس أيضا ألح علي قول محمود درويش عما سنحصل عليه في نهاية رحلتنا : متران في أقل من متر ، وهو قول غالبا ما أسمعه لزميل لي يظل يحدثني عن الأراضي التي اشتراها والأرباح التي حققها .
في ساعات المساء أرسل إلي الصديق Samir Alqot
إحصائية عن الموتى أول أمس وأمس في الولايات المتحدة الأمريكية وتضم أيضا عدد المصابين والوفيات منذ بداية الجائحة :
ما يقارب ال ٢٦ مليونا و ٧١٦ ألفا
وما يقارب ال ٤٥٦ ألف وفاة . وأول أمس أصيب ١٢٢ ألفا ومات ٥ آلاف .
وأمس أيضا رد الصديق خليل حمد
على تعقيبي على سؤال اقترحه للنقاس ، حول التوقعات المستقبلية للجائحة في العام ٢٠٢١ ، قائلا إن نسبة الإصابات في بريطانيا بلغ أمس العشرين ألفا على الرغم من تعاطي اللقاحات وان نسبة الوفيات زاد على الألف .
وأنا أتأمل فيما سبق تساءلت :
لماذا لا نلجأ في مقاومة الفايروس إلى النهج الذي يتبعه رئيسنا الفلسطيني في علاقته مع الاحتلال الإسرائيلي ؟ ( المقاومة السلمية ولا بديل عنها )
اي أن نستسلم لقدرنا ونعيش حياتنا بلا لقاحات وبلا كمامات وبلا تباعد جسدي وبلا إغلاقات و ... وليكن ما يكون .
غالبا ما يزعم الفلسطينيون أنهم مبادرون ورواد وأنهم أسهموا في بناء دول ، فلماذا حقا لا ينادون بتعميم سياسة " أبو مازن " على بقية الشعوب في مواجهة الكورونا ؟
" اللي كاتبه ربك بدو يصير " و " المكتوب ما في منه مهروب " ، وفي العام ١٩٤٣ قدم الدكتور الفلسطيني اسحق موسى الحسيني هذا الاقتراح ، على لسان دجاجته الحكيمة ، في مواجهة الصراع على المأوى ؟
هل يتبنى الرئيس أبو مازن سياسة الدجاجة الحكيمة ؟
إذا لم يجد اللقاح فلا بديل أمامنا إلا أن نكون دجاجا حكيما ونسيح في مدننا نواجه قدرنا ، وبلا إغلاق بلا هم ، وما يريده الفايروس نوافق عليه ونصر على أننا موظفون عنده .
صباح الخير
خربشات
٦ شباط ٢٠٢١

***

- الست كورونا : فبركة الأخبار ... فبركة الكورونا ( 184 )

في ٢٦ آذار ٢٠٢٠ كتبت تحت عنوان " الست كورونا وفبركة الترجمة ٢٥ " ، وأتيت على فبركة ترجمة خطاب قدبم للمستشارة الألمانية ( انجليكا ميركل ) وتقول الترجمة المفبركة إن الطبيب التونسي الدكتور كمون اكتشف علاجا للكورونا ، وكان مضمون الخطاب شيئا آخر مختلفا تماما .
أمس أرسل إلي الصديق Khaleel Adnan
شريط فيديو يعرض كلابا ألمانية مدربة على اكتشاف الفايروس . الشريط ذكرني بالكلاب الألمانية المدربة التي استحضرتها مصر ، من ألمانيا الغربية ، في زمن الرئيس جمال عبد الناصر لتعذيب السجناء الشيوعيين والمعارضين ، وهذا ما كتب عنه معين بسيسو في كتابه " دفاتر فلسطينية " ، فقد كان سجينا سياسيا لخمس سنوات .
فبركة جائحة الكورونا لم تغب عن ذهن كثيرين ممن يرون أن الكورونا لعبة ومؤامرة وكذبة - أي إنها فبركة في فبركة .
الصديق خليل حمد
أرسل إلي الخبر الآتي عن صفحة " أطباء وأكاديميون لمواجهة كورونا " :
" أكثر من نصف أخبار الوباء خلال الأشهر الماضية والتي تم نقلها حتى عبر المجلات والصحف العالمية مثل واشنطن بوست والقنوات الفضائية العالمية كانت أخبارا غير صحيحة تستند على دراسات ضعيفة وغير موثوقة وللأسف حتى الكثير من الأطباء في مقابلاتهم التلفزيونية قد نفوا هذه الدراسات للناس . هذه الدراسات كلها تم رفضها بعد عرضها على المجلات المتخصصة وذلك لعدم كفاءتها . هذا ما خلصت إليه دراسة عالمية إحصائية " .
هل تقتنع إدارة جامعة النجاح الوطنية ببعض آرائي بخصوص ضعف كثير من الأبحاث التي ترقى عليها عديدون وأن كثيرين من حملة رتبة أستاذ مشارك وأستاذ دكتور ليسوا أكفاء لتدريس الماجستير والدكتوراه والإشراف على الاطروحات العلمية أو مناقشتها ؟
بدأنا نهذي ونلعب سياسة ، وأمس السبت كان الإغلاق نصف إغلاق ، فالحافلات في الشوارع وحركة السير شبه عادية وسوق الخضار الشرقي كان عامرا مزدهرا وكان البرد مساء يلسع ، وكانت وكالة Rayanews ترسل إلي أعداد وفيات الكورونا والمصابين والمتعافين . هل الأرقام هذه أيضا نصفها مفبرك ؟
الشاعر نجوان درويش كتب قبل سنوات قصيدة ساخرة عنوانها " فبركة " وتحدث عن أشياء كثيرة نعيشها ثم قال " إنها فبركة " وفي العصر الجاهلي قال شاعر :
" حياة ثم موت ثم نشر
حديث خرافة يا أم عمرو "
ولو كان قال هذا البيت في زمن الأمويين أو العباسيين أو الآن لقام العالم الإسلامي كله عليه ولصار مثل سلمان رشدي مؤلف رواية " آيات شيطانية " .
أعتقد أنه لا يوجد شخص اسمه عادل الأسطه حصل على الدكتوراه من ألمانيا ودرس سبعة وثلاثين عاما في جامعة النجاح الوطنية . إنه قصة مفبركة . فبركة وحياتنا كلها فبركة في فبركة .
صباح الخير
خربشات
٧ شباط ٢٠٢١

***

- الست كورونا : الهنود الحمر الجدد ( 185 )

أرادت شركة " جوال " للهواتف أن تكافئني ، زاعمة أنني معتمد مميز ، فعرضت علي اختيار خدمة ما تشركني فيها مجانا لمدة ثلاثة أشهر . اخترت الأخبار ، لا الرياضة أو أسعار العملات ، فأخذت الشركة ترسل إلي أخبارا مصدرها وكالة Rayanews وسرعان ما ضجرت من رسائلها فشعرت بالندم متسائلا :
- كيف وافقت على قبول العرض ؟ ألأنه مجاني ؟
ولسوف أرسل إلى الوكالة رسالة لكي لا ترسل إلي رسائلها التي أغلبها يحصي الوفيات والإصابات ، بالكورونا وبرصاص جيش الاحتلال و ... .
وثمة صور كثيرة عرضت أمس لمدينة نابلس وما كانت عليه ، بسبب الإغلاق ، أول أمس . ببساطة الصور تري المدينة مزدهرة الأسواق تعج بالمواطنين - أي أن الإغلاق حبر على ورق ، وفي زمن التكنولوجيا " حروف " في وسائل التواصل الاجتماعي .
والأشرطة القديمة حول افتعال الكورونا للتخلص من ثلث أو ثلثي سكان الكرة الأرضية ، الأشرطة التي انتشرت في بداية الجائحة ما زال قسم منها يتداول بين فترة وفترة ، فأمس أرسل إلي المحامي ماهر فتحي بسطامي
شريط فيديو يأتي فيه المشاركون على سبب اختلاق الجائحة الذي يكمن في أن الكرة الأرضية تفيض بسكانها وأنه لا بد من التخلص من ثلاثة مليارات إنسان يشكل وجودهم عبئا . إنهم فائض لا ضرورة له ، وهذا الفائض يقيم في القارة الإفريقية - أي يجب التخلص من سكان إفريقيا . ولما كان بين المشاركين في الندوة رجل أبيض من جنوب أفريقيا ، فقد سأل الحاضرين السؤال الآتي :
- يعني يجب التخلص مني أنا أيضا ؟
فرد عليه أحدهم :
- أنت . لا ، فأنت من السلالة الأوروبية .
هل سيكون الأفارقة السود هنود الرجل الأبيض في العقد الثالث من القرن العشرين ؟
كم شاعر رثا الهنود الحمر بعد أن تخلص منهم الأوروبيون الذين غزوا أميركا قبل قرون ؟!
كان كل أبيض يقتل هنديا أحمر يحصل على دولار ، وكانت جلود الضحايا تباع لكي يعاد استخدامها ، وصارت حكاية الهنود الحمر موضوعا محببا في السينما ولكتاب الروايات والأشعار ، وكنت ذكرت القصيدة الشهيرة لشاعرنا القومي محمود درويش " خطبة الهندي الأحمر ما قبل الأخيرة أمام الرجل الأبيض " ، وغالبا ما يردد المازخيون العرب عبارة " إن العرب عالة على الشعوب الأخرى " وأنه يجب التخلص منهم ، فهم مجرد أصفار و ... و ... .
هل سيأتي حقا يوم يقرأ فيه شاعر موهوب التاريخ ويقرأ عن إبادة العرب والأفارقة فيكتب فيهم قصيدة رثاء ويجعل أنا المتكلم فيها عربيا أو أفريقيا ؟
" سيمضي زمان طويل ليصبح حاضرنا ماضيا مثلنا
سنمضي إلى حتفنا ، أولا ، .....
إلى أي هاوية يأخذ الأرض هذا الروبوت المدجج ( بالكورونا )
وحاملة الطائرات ( الكورونا ) ، إلى أي هاوية رحبة تصعدون ؟"
يبدو أن لا شيء يدعو ، الآن ، إلى التفاؤل أو حتى إلى " التشاؤل " .
صباح الخير
خربشات
٨ شباط ٢٠٢١

***

- الست كورونا : لحية (برناردشو) وصلعته (186)

وأنا ذاهب أمس إلى المدينة عرجت على صديقي أبو حسين لأخذ بنطالي ، وأبو حسين مكوجي ، وغالبا ما نتحاور معا حول أوضاعنا السياسية ، وأمس تحاور معنا فلسطيني قدم منذ شهرين من أميركا التي أقام فيها خمسة وعشرين عاما . عندما سألت الفلسطيني عن سبب عودته إلى نابلس التي يمجد الحياة فيها وفي العالم العربي والإسلامي ويفضلها على الحياة في أميركا ، أجابني بأن الأوضاع الاقتصادية هناك منذ بداية الجائحة ليست على ما يرام ، ولم اسأله عن سبب بقائه هناك ربع قرن مادام يرى أن الحياة في مجتمعاتنا أفضل .
تحدثت له عن سوء توزيع الثروة وعن الفقر الذي يعاني منه العالم الثالث و... و... وتحدثت عن أشياء كثيرة منها أيضا عدم العدالة في توزيع لقاح الكورونا.
في أخبار الصباح خبر عن تطور سلالات الكوفيد ١٩ في الدولة الإسرائيلية ، فعلى الرغم من تطعيم ما لا يقل عن أربعة ملايين مواطن إلا أن الإصابات في ازدياد . (ربما تحوم أرواح شهداء دير ياسين والطنطورة وكفر قاسم في سماء فلسطين).
عدم تحقيق العدالة في توزيع الثروة في العالم لم يغب أيضا عن أخبار صباح أمس ، فقد سار جنبا إلى جنب مع خبر عدم تحقيق العدالة في توزيع اللقاح ، وهذا كما قيل سيطيل من أمد الجائحة وربما تصل يومياتي - لا سمح الله - إلى الألف فتصبح ألف ليلة وليلة ثانية ، وأصبح أنا شهرزاد الفلسطينية التي عليها أن تنسي شعبها / شهريارها ما هو فيه من مصائب كثيرة أولها الاحتلال الإسرائيلي وثانيها مشاكل السلطة الفلسطينية الكثيرة وثالثها الفقر وقلة فرص العمل و... و...
١٦ بالمائة من سكان الكرة الأرضية يملكون أكثر من ٦٠ بالمائة من ثروة العالم ، وفي الوقت الذي تطعم فيه ملايين الاسرائيليين دوشتنا وسائل الإعلام الفلسطينية بتسلم السلطة بضعة آلاف من اللقاحات ، وأنا تذكرت الكاتب الايرلندي الساخر (جورج برناردشو) ولحيته وصلعته "غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع".
هل تذكرت عروة بن الورد وقوله:
"أوزع جسمي في جسوم كثيرة
وأحسو قراح الماء ، والماء بارد".
الكورونا أكثر عدالة على ما يبدو من أمريكا التي تزعم أنها أم الديموقراطية في العالم ، فالكورونا لا تميز بين غني وفقير وبين أبيض وأسود وبين شمال وجنوب وهي ترأف بصغار السن ، مخالفة بذلك سياسة الدولة الإسرائيلية التي تبطش بالفلسطينيين صغارهم وكبارهم.
(إن أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة).
هكذا هي الحياة للأسف.
صباح الخير
خربشات
٩ شباط ٢٠٢١

***

- الست كورونا : اسم في الأخبار (187)

ما عادت الكورونا ترعب كما كانت في بداياتها ، ويبدو أنها ، لولا حضورها في الأخبار وفي تزيي بعض المواطنين بالكمامة ، يبدو أنها صارت مثل الرشح والانفلونزا.
في بداية الجائحة مثلا كان بعض الصيادلة يعقمون أياديهم ويعقمون النقود وعبوات الدواء ، والآن إن دخلت إلى صيدلية لا تشاهد شيئا من هذا ، ومثل هذا أيضا حدث لعبوات التعقيم ، فلم تعد تشاهد في كل مكان ، ولا حديث عن وصفات شعبية ، فالحديث كله صار عن اللقاحات وأنواعها وبلدان إنتاجها ، والمسافرون بين المدن يشعرون أكثر من غيرهم بأن الكورونا ما زالت تستنزف جيوبهم نظرا لسياسة التباعد الجسدي التي تجبرهم على دفع فارق ركاب الأجرة الناقص عددهم ، ومثل المسافرين السواقون الذين يتقاسمون مع الركاب أجرة الركاب الناقص عددهم.
ومع ما سبق فإن الأخبار تحمل طرائف ومفارقات كما أن أشرطة الفيديو تري أشياء جميلة.
الخبر الذي تنوقل ، ثم نفي لعدم دقته ، هو الفرق بين لاعب كرة القدم كريستيانو رونالدو الغربي الكافر والمغنية أحلام العربية المسلمة . أهي عقدة جلد الذات؟
الخبر / الإشاعة قال إن اللاعب وضع فنادقه كلها لمعالجة المصابين بالكورونا في حين أن المغنية تفاخر بأن كمامتها مصنوعة من الذهب.
أشرطة الفيديو تقدم خدمة كبيرة للتغلب على الكورونا من خلال الرقص تحت شعار "كيف نتغلب على الكورونا بالرقص" والراقصة ، لجمالها ، "تفك عن المشنقة" كما يقولون ، وليس أمام محبي الرقص والجمال إلا أن يستمتعوا ، فكل شيء منذ عام كان قاتما.
رغبت في أن أدرج شريط الفيديو على حائطي ولكني نظرت إلى بقايا شعر رأسي فلاحظت بياضه وتراجعت وترحمت على أعراس فترة السبعينيات والثمانينيات وأدرجت ، بدلا من الشريط ، صورة لي وأنا في برلين قبل اثنين وثلاثين عاما ، مرددا:
"ألا ليت الشباب يعود يوما"
والشباب لا يعود.
في نابلس يبدو أن الكورونا صارت اسما في الأخبار . يبدو!!
صباح الخير
خربشات
١٠ شباط ٢٠٢١.

***

- الست كورونا : خوف العرب على عبقريتهم من الضياع ، اللقاح وال DNA ..
(188)

لا أعرف إن كانت الكورونا ستحدث تغييرا على عبارة أهل نابلس التي تقال في الجد والمزاح / الهزل - والسياق هو الذي يحدد نية قائلها - ونصها:
"سبعين عين تطرقك".
هل ستصبح العبارة في قادم الأيام:
"سبعين كورونا تطرقك"؟
وأطرف ما قرأته أمس قرأته في صفحة الصديقة Maha Khoury
حول اللقاح وال DNA.
ثمة جدل يدور في هذه الأيام حول اللقاح والخطر الذي قد ينجم عنه ، وعدا ما أشيع وما زال يشاع من أن اللقاح سيدخل إلى أجساد الملقحين - اسم مفعول - شريحة تتحكم بالجسد فتميت وتحيي ، عدا هذا فإن قسما يذهب إلى أن اللقاح سيجري تعديلات على ال DNA - أي الجينات الوراثية ، وتخوفا من ذلك فإن قسما من العرب لن يتلقحوا خوفا على جيناتهم الوراثية.
الصديقة Maha لا يروق لها موقف هؤلاء الرافضين وهي ، ومثلها قسم من المعقبين على منشورها ، تسخر منهم ، لسان منشورها يقول إن واقع العرب لا يسر وإنهم يبدون عالة على الاختراعات والتكنولوجيا العالمية . إنهم ليسوا منتجين فهم مستهلكون وواقعهم لا يسر ، فما مبرر الخوف؟
"يعني كثير راح تغير شوية هالتخلف اللي معتزين ورافعين راسنا فيه . روحوا اطعموا واتكلوا على الله".
سناء أمينة فايز عقبت قائلة :
"أنا شخصيا بديش اتطعم . بحبش أدخل سموم وأدوية بجسمي" ، يحدوها سبب آخر مرده الآثار الجانبية للقاح لا خوفها على ال DNA.
شخصيا تذكرت نكتة حول العقل العربي وسعره في الأسواق العالمية قياسا إلى أسعار العقل الياباني والعقل الألماني وغيرها من عقول الشعوب المتقدمة ، فعندما عرضت العقول للبيع دفعت أعلى الأسعار في العقل العربي والسبب أنه ، حتى اللحظة ، عقل غير مستهلك - يعني ما زال عقلا فتيا.
هل غابت النكتة عن ذهن الصديقة مها خوري؟
شايفين يا إخوان؟!
أليس من حق رافضي تعاطي اللقاحات ، من العرب ، أن يرفضوا؟
حقا ماذا سيحل بمستقبلنا إن تحكم الأمريكان ب ال DNA الخاص بنا؟
صباح الخير
خربشات
١١ شباط ٢٠٢١

***

- الست كورونا : سواد سواد سواد (189)

ما كدت أغفو حتى وجدتني في وسط المدينة ولا أرى إلا السواد . ظلام ظلام ظلام والطريف أنني كنت أبصر الناس يسيرون مرعوبين والشرطة ترشدهم . وأنا كنت مثل الناس أسير مسرعا مادا يدي لتمسح الظلمة بحثا عن الطريق المؤدي إلى شقتي.
كنت منذ الصباح أفكر في أن أكتب عن رواية الكاتب أسعد الأسعد "دروب المراثي" ٢٠٢٠ التي بناها على حلم شخصيتها الرئيسة التي غفت على شاطيء يافا ، ووجدت نفسها تسير في القدس وبعض المدن ، بصحبة فتاة يهودية وحيدين والناس قد اختفوا.
قبل أن أغفو في العاشرة تابعت كتابة الصديقة Ibtissam Shakar
عن سياسة الإغلاق في ألمانيا منذ ثلاثة أشهر وشاهدت شريط فيديو عن انتشار الوباء بين طائفة اليهود الحريديم الذين يرتدون الملابس السود . سواد سواد سواد . (في ألمانيا يتم الإغلاق لمدة أسبوعين تجدد أسبوعين فاسبوعين والحكاية قد تطول)
ماذا ورد في الفيديو ؟ وبم يعتقد هؤلاء وحاخاماتهم وما هو موقفهم من الكورونا واللقاح؟ وماذا جر هذا الاعتقاد وذلك الموقف عليهم؟
مات العديد من حاخاماتهم ومن أفراد الطائفة وسار أتباعهم في الجنازات بالمئات دون أدنى مراعاة للمخاطر فكانت نسبةانتشار الوباء بينهم ٤٢ ./. من مجموع الإصابات والوفيات في المجتمع الإسرائيلي.
الحسد والغيرة والغضب من الله والشيطان هي أسباب انتشار الفايروس ، واللقاحات مصنوعة من القردة والخنازير وهي تحول الناس إلى مثليين وتسبب العقم وتؤدي إلى إبادة البشر ، وكورونا هي مؤامرة لإبادة الشعب اليهودي.
" يجب فتح المدارس الدينية والكنس ، فتعلم التوراة أهم من الفايروس".
والمعلومات السابقة أخذها الشريط عن المركز الإسرائيلي للديموقراطية وعن بعض الصحف العبرية مثل يديعوت احرونوت.
كنا بإخوان مسلمين وبشيعة ومزارات وعتبات و... و... وصرنا الآن بإخوان يهود ويا خوفي من الكورونا والقادم .
صباح الخير
خربشات
١٢ شباط ٢٠٢١

***

- الست كورونا : النسخة البرازيلية والساتر هو الله (190)

ليس ثمة في يوم الجمعة - أي أمس - ما يلفت النظر بخصوص الكورونا . الإغلاق في يومي الجمعة والسبت صار عادة ، ولكن المواطنين يمارسون حياتهم العادية إلى حد ما.
كان اللافت أمس أكثر من أخبار الكورونا هو الاشتباكات مع الاحتلال بجيشه ومستوطنيه ؛ اشتباكات أسفرت عن شهيد وجرحى كان لاستشهادهم وجراحهم معنى يفوق معنى الإصابة بالكورونا أو الموت بها ، ومرة أخرى يتذكر المرء قول المتنبي ، وإن لم يفعل الواحد منا به شخصيا:
" وإذا لم يكن من الموت بد
فمن العار أن تموت "كورونا".
والمتنبي قال "جبانا" وقتله بيت شعره شجاعا لا جبانا.
هل الموت بالكورونا هو موت جبن ، علما بأن هناك فتوى اعتبرت الموت بها ضربا من الشهادة؟
وأنا في مخيم عسكر القديم التفت إلى بيت أجر أقامه أهل الفقيد "أبو سامر" "أبو عبده" رحمه الله . كما لو أن الكورونا ولت أيامها ، ولم أشارك فيه ، للقيام بالواجب ، خوفا وتحسبا.
أطرف أخبار الكورونا هي التي تأتي على تطورات الفايروس ونسخه الجديدة ؛ البريطاني والجنوب أفريقي والبرازيلي والحبل على الجرار ، وصار الفايروس أنواعا وأشكالا مثل اللقاحات وأنواعها ، وخبر الأمس اللافت هو أن النسخة البرازيلية وجدت طريقها إلى الدولة الإسرائيلية ولم تنتشر بعد في مناطق السلطة الفلسطينية ، ويبدو أنها - أي النسخة البرازيلية - متعاطفة حتى الآن مع الضحايا الجدد فقط ، فيكفيهم ما هم فيه .
وأنا أقرأ الخبر المتعلق بهذه النسخة ، قلت:
- الله يستر!
وأخشى ما أخشاه هو أن يكون هذا الفايروس مراوغا ولاعبا ماهرا مثل لاعبي كرة القدم البرازيليين: بيليه ورونالدو وسقراط ورونالدينو ونيمار وغيرهم ، فيفاجئنا من حيث لا نحتسب ثم يسجل هدفه القاتل في مرمانا.
والسؤال الذي أخذ يراودني بعد أن سمعت بالنسخة البرازيلية هو:
- ما النسخة القادمة؟ هل ستكون ألمانية أم فرنسية أم إسرائيلية؟
إن كانت إسرائيلية فالعوض علينا لاجتماع فايروس الاحتلال وفايروس الاستيطان وفايروس التطبيع بفايروس كوفيد ٢١ ، ولقاح هذا الفايروس صعب اكتشافه ، فمنذ أصدر المجحوم (بلفور) وعده / حجره وخص به أرضنا / بئرنا وعقال الأرض كلهم عاجزون عن حل ما لمشكلتنا.
الله المستعان به!!
صباح الخير
خربشات
١٣ شباط ٢٠٢١ .

***

- الست كورونا : "الوسواس الخناس" ووسواس الكورونا (191)

هل غدت الكورونا هي الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس؟
الصديق المحامي ماهر فتحي بسطامي
عقب على ما كتبته أمس بالآتي:
"أنصح بعدم الاهتمام الزائد بموضوع الكورونا ؛ الذي ربما كان هذا الاهتمام وسواسا ومهلكا أكثر من الداء ذاته. وصرف الذهن عنه إلى مشاغل الحياة الأخرى ؛ والعيش طبيعيا ما أمكن . صباح الأمل والعمل." (هذا نقل حرفي ولست مسؤولا عن الصياغة).
ولا أعرف إن كان الأستاذ ماهر نفسه يستطيع إنجاز ما أوصى به ، فأخبار الكورونا تطغى على وسائل الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي وتذكر بها الكمامات والجنازات وحركة الناس والإغلاقات وأشياء أخرى كثيرة كالسفر وعدم عقد المؤتمرات والندوات والليالي الملاح.
وفي الوقت الذي اقترح فيه علي ما سبق وصلني من الصديقة Laila Jammal
شريط فيديو يتحدث فيه خبير عن اللقاح وتأثيره السلبي ، فهو يحتوي على مادة الالمنيوم التي تؤثر على الدماغ وقد تسبب الزهايمر ، عدا أنها تسبب التهابات مزمنة في الجسم . إن مدة تجريب اللقاح لم تكن كافية وهذا رأي عليه شبه إجماع.
لطالما كررت من قبل إننا صرنا في حيص بيص.
في أجواء تبدو مربكة ومحيرة تجد نفسك تغني ، وإن بصوت رديء ، مع الموسيقار والمغني محمد عبد الوهاب "جايين الدنيا ما نعرف ليه ، ولا رايحين فين" ، وحين أسأل عن الأفق وقادم الأيام أكرر أسطر محمود درويش في "جدارية":
" لست النبي لأدعي وحيا
وأعلن أن هاويتي صعود".
لقد ولى على ما يبدو زمن الحتمية التاريخية وانتصار الطبقة العاملة وحزبها على الرأسمالية العالمية . هل سيحل الفايروس محل الاتحاد السوفيتي سابقا في مواجهة الامبريالية العالمية؟
" جايين الدنيا ما نعرف ليه
ولا رايحين فين
حبيبي كل ما فيك يا حبيبي حبيبي"
والصديق Ghassan Saffarini
أرسل إلي شريط فيديو يوضح فيه لغوي متخصص النطق الصحيح لمفردة اللقاح ويقترح مفردة النقاب بدل الكمامة بالكسر ، فهذه للدواب والنقاب هو ما يغطي الفم والأنف!!
في إحدى اليوميات السابقة كررت أسطر مظفر النواب:
"ملل يشبه علكة بغي لصقته الأيام بقلبي"
وأنا الآن أكتب تنتابني حالة من الضجر . هل صارت الكتابة في الموضوع مملة ؟ هل صارت مثل إدمان شرب العرق يشرب لمجرد العادة ، وأمس عقب الصديق Ghattas Nazih
على ما كتبت مميزا بين العرق ال "سك" والعرق الممزوج بالماء ، وكان العرب في الجاهلية يفخرون بشرب الأخير ، فيما كان أبو نواس يحب شرب الخمر صافيا . ليس إذن كله عند العرب صابون.
صباح الخير
خربشات
١٤ شباط ٢٠٢١

***

- الست كورونا : "كأن أجملهم بالموت قد فتنوا" مريد البرغوثي (192)

لا أعرف سبب وفاة الشاعر مريد البرغوثي . هل مات بالكورونا أم بوجع الحياة ؟ فـ "إن أسباب الوفاة كثيرة من بينها وجع الحياة" والسطر لمحمود درويش.
كنت أرغب في الكتابة عن ترشح حماس وفتح في قائمة انتخابات مشتركة تحت رئاسة الرئيس أبو مازن لمواجهة الفايروس ، ثم فاجأني خبر رحيل الشاعر.
في العام ١٩٨٢ كتب مريد قصيدته "طال الشتات" وظلت بعض أبياتها تلازمني:
"طال الشتات وعافت خطونا المدن
وأنت تمعن بعدا أيها الوطن
يقول من لم يجرب ما نكابده
كأن أجملهم بالموت قد فتنوا"
وكنت منذ أشهر أرغب في إنهاء كتابي "صورة الفلسطيني في الرواية العربية" ولكن الكورونا حالت دون ذلك ، لانشغالي بتدوين يومياتها ، وهكذا لم أكتب عن روايتين هما "الطنطورية " لرضوى عاشور و"من يعرف تاي؟" لياسين رفاعية.
وأنا أقرأ "الطنطورية" كنت أتساءل:
- ما مدى حضور مريد فيها فكرا ورأيا؟
كل يوم منذ آذار الماضي نقرأ إحصائيات الوفيات ونمر عليها مرور سريعا عابرا ، وفي أيام قليلة نشعر أننا فقدنا عزيزا.
مرة واحدة التقيت بمريد البرغوثي . كان ذلك في العام ١٩٩٨ حين ألقى شعرا في نابلس في مركز الطفل قرب مكتبة بلدية نابلس ، ويومها أهديته كتابي "أدب المقاومة : من تفاؤل البدايات إلى خيبة النهايات" وفيه فصل عن شعره.
وفيات الكورونا والمصابون بها كثيرون ووفاة مريد أيضا كثير . هل أخطأ الشاعر حين قال:
"تعيرنا أنا قليل عديدنا
فقلت لها إن الكرام قليل"؟
رحم الله الشاعر مريد البرغوثي ، فهل سيسجل في شهادة وفاته "قضى بالكورونا" هو الذي كتب:
"ودمع الحاكمين له لغات
وأفصحها يريد لنا الهلاكا
إذا اشتبهت دموع في خدود
تبين من بكى ممن تباكى".
مساء الخير
خربشات
١٤ / ٢ / ٢٠٢١

***

- الست كورونا : الشريحة المفترضة والتحكم فينا (193)

مع ازياد عدد الإصابات بالكورونا في المناطق الشمالية من الضفة الغربية لنهر الأردن - أي نابلس وجنين وطولكرم - صار هناك حديث عن احتمال إعادة تجديد إجراءات الإغلاق فالتشديد ، وقد تزامن هذا الحديث مع الحديث عن المنخفض الجوي القطبي الذي سيبدأ - إن لم ينحرف - هذا المساء.
- هل انحرف المنخفض؟
سأل صديق وأنا في مكتبة الرسالة ، وأضاف:
- منخفض منحرف لأمة - ولفظها "ايما" - منحرفة .
وأما أنا فتذكرت جارتي الطالبة الإنجليزية في مدينة (بامبرغ) (ايما) . هل كان ثمة تورية في الكلام ، فالشاعرة النابلسية فدوى طوقان تكتب في سيرتها "رحلة صعبة ... رحلة جبلية" أن أهل مدينتها يمتازون بالسخرية الجارحة والتهكم؟ هل يمتازون بالغمز واللمز أيضا؟
كل ما سبق "كوم" والشريحة التي ستزرع فينا - إن صح المتداول بشأنها - "كوم" آخر ، بل كوم الأكوام ، ودال "كوم" هنا له معنى يفهمه الناس عامة وقد لا تجد مدلوله الشعبي المتداول في المعاجم.
شخصيا صرت على يقين من أن التحكم فينا عن بعد صار "قاب قوسين أو أدنى" ، فغالبا ما تتحكم جهة ما بجهاز الهاتف خاصتي . أحيانا ينخفض الصوت ، دون أن أفعل ذلك شخصيا ، إلى درجة الصفر ، وصار علي أن أتفقد درجة الصوت باستمرار ، وأحيانا أصحو صباحا فأجد الهاتف مغلقا ، دون أن أكون أغلقته ، أما عن تسرب المعلومات فحدث ولا حرج.
لطالما كررت أسطر الشاعر العراقي مظفر النواب:
"فالعثة في بلد العسكر
تفقس بين الإنسان وثوب النوم وزوجته ، وتقرر صنف المولود"
ولسوف تفقس العثة في قادم الأيام في الإنسان نفسه ، لا بينه وبين ثوب النوم وزوجته . وكما سيتحكمون - إن صح ما يردد عن الشريحة - في نسبة سكر دمنا وفي مستوى ضغطنا وربما أيضا في شهواتنا كلها ؛ من شهوة الطعام إلى شهوة النكاح ، وربما يخترعون للفلسطينيين شهوة كراهية فلسطين . من يدري!!
وأنا أتابع حوار الفصائل وإمكانية اتفاق فتح وحماس على قائمة مشتركة وعلى مرشح الرئاسة ، وهو أبو مازن ، أتذكر قصيدة محمود درويش "سيناريو جاهز " التي يتخيل "أنا المتكلم" فيها أنه هو و"أخوه العدو" وقعا في حفرة وهاجمتهما أفعى ، فماذا سيفعلان أمام عدو قاتل مشترك؟
هل وجدت فتح وحماس ، الآن ، نفسيهما معا في حفرة أمام عدو مشترك وأن عليهما مواجهته حتى لا يقضي عليهما معا؟
هل العدو المشترك لهما هو الفايروس ، والفايروس أخطر من الأفعى؟ وهل تيقنتا من أن دولة إسرائيل جارة مسالمة ووديعة ، فلا خطر منها؟
سبحان محبب القلوب ! سبحانه ، وسبحان مؤلفها أيضا ( إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم)، وكما كتبت تحت عنوان "فبركة" فإن ما قيل عن فترة الانقسام كله "فبركة في فبركة".
الله الباقي!!
صباح الخير
خربشات
١٥ شباط ٢٠٢١.

***

الست كورونا : "لا تصافح" (194)
طغت أخبار المنعطف الجوي على أخبار الكورونا . لقد خيب المنعطف أمنيات قسم منا فلم ينحرف وبدأت الأمطار مساء تهطل بغزارة ويبدو أنها ستتواصل هذا النهار.
أخبار النسخة البريطانية لم تكن مشجعة ، ففي مناطق السلطة الفلسطينية تم فحص ١٣٩ شخصا وثبت أنهم مصابون ، ويبدو أن بريطانيا تحب الفلسطينيين حبا جما ، ونتيجة للخبر السابق فقد تواصلت النصائح بضرورة الالتزام بطرق الوقاية ، والخبر المحزن الذي قرأته على شريط الصور هو ما أدرجه الصحفي سامر خويرة
عن وفاة ثلاثة إخوة بالفايروس، وكما نشر فإن الدكتور عبد الستار قاسم مات بالكورونا بعد وفاة أخيه ببضعة أيام . هل ينبغي أن نقوم بالواجب فندفع حياتنا الثمن؟
الصديق أوس أبوعطا
عقب على مقال لي محورا في عنوان قصيدة الشاعر المصري أمل دنقل "لا تصالح" فقد استبدل الفاء باللام وصارت العبارة "لا تصافح" . الاستبدال راق لي فأعجبت به ، والصلح عموما ينجم عنه المصافحة وعدمه يؤدي إلى عدم تحقيقها.
كلما مرت الأيام ، دون تحقيق انتصار على الكورونا ، تضيق الصدور وأمس التقيت بأحد معارفي فعبر عن يأسه وإحباطه من الأوضاع وقال لي إنه سيسافر إلى خارج فلسطين ، إن استطاع ، مهما كانت النتائج.
"صرنا في سجن كبير" ومرة كتبت تحت هذا العنوان ، ويبدو أنني اعتدت وصار الروتين اليومي مألوفا.
أمس يشبه أول أمس واليوم سيشبه اليوميين الماضيين و"سابع جار لبيت الرفيق رفيق" كان الشيوعيون يرددون.
إنه الملل والضجر ومع ذلك فإن الحياة ستستمر.
أمس تواصلت مباريات الدوري الأوروبي وكانت الملاعب بلا جماهير . تصوروا لو انتصرت الكورونا وقضت على الجنس البشري . تصوروا مدن العالم كلها بلا سكان!!
الله الباقي.
صباح الخير
١٧ شباط ٢٠٢١

***

-الست كورونا : حجر منزلي بسبب الأمطار (195)

أمس لم تكن الكورونا سببا في الإغلاق . كانت أمطار شباط قوية وعنيفة فألزمتنا البيوت ، وفي أوسلو كتبت الصديقة Hanan Bakir
إنها رهينة الكورونا والثلوج معا ، ولم تأت على " أبو العلاء " المعري رهين المحبسين إلا بالتلميح .
ثمة أسباب عديدة لانتشار الوباء وأول أمس عرفت أن أختي مصابة بالفايروس ، ومن خلال حالتها يمكن تشخيص الأسباب:
- التواصل الاجتماعي والتقارب الجسدي ، ف "الموت بين الناس رحمة" و "جنة بلا ناس ما بتنداس".
- العمل في الأرض المحتلة في العام ١٩٤٨ . هل ثمة بديل وصندوق وقفة عز الفلسطيني كان كريما جدا ، فصرف للعمال مبلغ ٧٠٠ شيكل لمرة واحدة ، وهذا مبلغ كبير جدا ولكن العمال طماعون؟
- "يا هارب من قضاي مالك رب سواي".
أمس لم أخرج من البيت ، فقد أخذت أقرأ فصلا من رسالة ماجستير ، وكان هذا أمرا حسنا.
إن كانت الأمطار هي ما أنسانا الوباء ، فهذا يعني أنه لا بد من قوة طبيعية ما تنهكه فتنهيه ، كما قضت البراكين على الديناصورات.
منذ ١٩٤٨ وكثيرون من أبناء الشعب الفلسطيني الذين غلبوا على أمرهم وشردوا من ديارهم وعاشوا في الخيام وبيوت الصفيح وارتكبت بحقهم المجازر وأيديهم تتوجه إلى السماء يدعمها دعاؤهم.
الأجواء شديدة البرودة والناس نيام والبرتغال هزمت إيطاليا ، فانتصر بورتو ٢ على يوفنتوس ١ ولا جماهير في الملاعب ، فالفايروس "ابن حرام" ولا ينام.
لا جديد.
صباح الخير
خربشات
١٨ شباط ٢٠٢١

***

- الست كورونا : البرد قارس والفايروس لعله في غفوة (196)

كدت أكتب لهذا اليوم أن لا جديد.
كدت أكتب:
- صباح الخير!!
فلا جديد أمس بشأن الكورونا . لا أشرطة ولا أخبار لافتة وقد غطت أخبار الطقس على بقية الأخبار ونشر كثيرون مقاطع فيديو وصورا للقادم الأبيض . للثلج.
في وقت متأخر أرسل إلي الصديق عدنان إدريس مقطعا شعريا قديما للشاعر السوري خالد جميل الصدقة وقد مات بالكورونا وكان كتب "المعلقة الكورونية" محاكيا معلقة عمرو بن كلثوم الشاعر الجاهلي :
الا هبي بكمام يقينا...
رذاذ العاطسين وعقمينا
فنحن اليوم في قفص كبير
وكورونا يبث الرعب فينا
وباء حاصر الدنيا جميعا
وفايروس اذل العالمينا
الخ الخ الخ
والطريف أن الشاعر الذي رأى في الكورونا عقابا ربانيا لنا لأننا هجرنا كل حق وصافحنا أكف المجرمينا ، الطريف أنه كان قضى مبكرا بالكورونا فهل كان عاقبه الله لذنب ارتكبه؟!
الله العافي المشافي
صباح الخير
الجمعة
١٩ شباط ٢٠٢١

***

- الست كورونا : هل بدأت الدعاية الانتخابية لتحرير الشعب الفلسطيني من الفايروس (197)

كانت أجواء أمس الجمعة باردة وماطرة وربما لهذا سمح للمصلين بتأدية صلاة الجمعة في المساجد .
ليس أمام عجوز مثلي في أجواء كهذه إلا البقاء في المنزل والتواصل مع الآخرين من خلال ال ( فيس بوك ) والهاتف وال ( واتس اب ) ولكن ماذا أفعل إن حننت إلى الطبيعة ؟
سأتمشى مساء مدة ربع ساعة في الحديقة المنزلية وسوف أتحسر على طفولة أبناء المخيمات الفلسطينية وكل أطفال العالم الذين لا حدائق في بيوتهم ولا يشمون رائحة التراب في أيام المطر ولا يرون الحامض أو الخشخاش أو أوراق الأشجار قرب بيوتهم .
هل يشعر السيد محمد دحلان المقيم في الإمارات العربية ، وهو ابن مخيم أيضا ، بما شعرت به أمس ؟
أبو فادي استطاع تأمين عشرين ألف عبوة لقاح روسي ضد الكورونا لأبناء قطاع غزة على أمل تحريره من الفايروس والبقية تأتي ، فقد وعد ووعد الحر دين ، فكيف إذا كان ابن مخيم فقيرا ومعدما وفتحاويا ويقيم في الإمارات العربية المتحدة ؟
وأنا أقرأ الخبر الذي أدرجه الصحفي سامر خويرة
أردت التأكد منه فعدت إلى صفحة " أبو فادي " لأقرأ التعليقات . ( إن كانت الكورونا في قطاع غزة من السلالة الجنوب أفريقية فاللقاح عديم الجدوى )
مرة كتبت دراسة عنوانها " الشحاد اليهودي والشحاد الفلسطيني " وأتيت فيها على لازمة الشحاد في الأدب العالمي ، ومنذ طردنا من ديارنا في ١٩٤٨ صرنا نمدح كل من يلقي لنا عظمة في أول الشهر أو في آخره .
قبل بضعة أيام أرسل إلي صاحب صفحة باسم Abdullah Hourani يسألني إن كنت أرغب في أن يحول إلي من وكالة الغوث راتبا شهريا مقداره ٣٠٠ دولار لمدة عشرة أشهر ، وقبلها ببضعة أسابيع جاءني ليلا طلب صداقة من شابتين يهوديتين ترغبان في علاقة ما ، وأنا أسأل الله العافية ونظافة الجيب .
هل النقود مكورنة ومثلها الشاباتان اليهوديتان؟
من المؤكد أن بعض أبناء الشعب الفلسطيني أو أبناء الشعب العربي سيكررون المثل " الله ببعث الفول / أو اللحم للي مالوش سنان " وأسناني صارت في السابعة والستين من العمر .
لقد بدأت الدعاية الانتخابية وما أخشاه - بل ما أتوقعه - هو أنه لا انتخابات ولا بطيخ أصفر .
صباح الخير
خربشات
٢٠ شباط ٢٠٢١

***

- الست كورونا : تطعيم ١٠٠،٠٠٠ عامل فلسطيني ( 198 )

دولة أبناء العمومة الرؤوفة بالفلسطينيين تقرر تطعيم مائة ألف عامل فلسطيني يعملون في مصانعها وورشاتها . يعني خمسة أضعاف ما سيقدم عليه الفلسطيني المدعوم من الإمارات محمد دحلان .
ما قررته الدولة ذكرني بما جرى في العام ١٩٤٨ في حيفا . طردت العصابات الصهيونية سكان المدينة العرب تحت أنظار القوات البريطانية وبمساعدتها أيضا وبقي من العرب بضعة آلاف رفضوا الهجرة ، وحين اتصل قائد المعركة برئيس الوزراء الاسرائيلي ( بن غوريون ) يخبره بما جرى طلب منه ( بن غوريون ) طرد البقية ، فلم يلب القائد طلب رئيسه . لماذا ؟ لأنه دونهم لن يجد الاسرائيليون من ينظف الشوارع ويخبز الخبز و ... وقد قرأت هذا في كتاب المؤرخ الإسرائيلي ( إيلان بابيه ) " التطهير العرقي " ، وكان الروائي اميل حبيبي في روايته " المتشائل " ترك بطله سعيد يرد على الضابط الذي اقتاده إلى السجن وأخذ يعايره بأن اليهود يعمرون والعرب يخربون ، فيقول له : إن هذا الخضار والعمار هو من صنع أيادي العرب الباقين .
وأنا ذاهب إلى المدينة كان الوضع في مخيمي عسكر القديم وبلاطة يوحي بأن الإغلاق غير ناجح ، فالحياة تسير كما في كل يوم : المحلات مفتوحة والناس تبيع وتشتري وسيارات العمومي أكثر من الهم على القلب ومثلها السيارات الخاصة .
سائق العمومي الصديق أبو علي قال عندما رأى الحياة في المخيمين طبيعية :
- نحن أهالي المخيمات محصنون ضد الكورونا .
وأنا قلت :
- ربما أدار الفايروس لهم ظهره قائلا : يكفي ما هم فيه . فقر وغربة وبيوت متلاصقة و ... .
في نابلس كان الوضع مختلفا . المحلات مغلقة ولكن الناس في الشوارع وبعض أصحاب المحلات يعرض بضاعته أمام أبواب محله المغلقة .
أشرطة الفيديو التي وصلتني لم يكن لها علاقة بالكورونا . أول أمس تمحورت الأشرطة حول الثلج الذي كسا بعض المناطق ، وأمس كان الشريط اللافت هو الشريط الذي أرسله إلي الأستاذ عمر القزق
من قرية دوما حيث قوة الأمطار وغزارتها والثلوج أوجدت شلالات تذكر بشلالات عالمية معروفة . هل ستصبح بعض الأودية أنهارا ؟
كل شيء في زمن الكورونا ممكن ؛ الزواج بصمت والموت بصمت والعيش بصمت والتسليم بصمت والتعليم بصمت و ... .
وعلى الرغم من قلة الدخل والأعمال وتراجع الاقتصاد إلا أن الفتيات يحلمن ببدلة العرس المكلفة وحفل الزواج في الصالة وكان الله في عون الشباب .
صباح الخير
خربشات
٢١ شباط ٢٠٢١

***

- الست كورونا : " ولعت " ( 199 )

تحت عنوان " ولعت " كتب أمس الصديق خليل حمد
فقرة قصيرة ترصد أرقام الإصابات بالكورونا في غزة والقدس والضفة - أي أن الكورونا شاطت وارتفعت الإصابات بها .
والصحيح أن الناس " ولعت " في ردود أفعالها إزاء الحكم الذي صدر في نابلس عن محاكمة وعد " بلفور " التي كان لرجل الاقتصاد الفلسطيني النابلسي منيب المصري يد في عقدها .
لقد قرأت الخبر والتعقيبات على صفحة الصحفي سامر خويرة
، وقمت بمشاركته ، فقرأت تعقيبات أخرى إضافية عبرت عن روح السخرية والفكاهة لدى أبناء شعبنا الفلسطيني .
لا أعرف إن كان قرار الحكم سرب إلى بريطانيا العظمى قبل إعلانه ، فسربت بدورها السلالة البريطانية من الفايروس إلينا ، لتكمل مشروعها الذي بدأ في ١٩١٧ يوم أصدر بلفور وعده ، ولترد في الوقت نفسه على قرار المحكمة .
ولأن بريطانيا بلد كافر ، فقد كانت مثل الأفعى تحمل الداء والدواء معا - أي السم والترياق ، ( وعبارة " السم والترياق " عبارة للتفكيكيين الذين على رأسهم الفيلسوف جاك دريدا ) ، وثمة رسم ساخر أرسله إلي الصديق Ghassan Saffarini
لرجل مسلم ملتح يتكيء مستريحا ، وهو أقرب إلى خليفة ، يسأل غلامه إن كان اللقاح وصل من بلاد الكفار ، ومن بلادهم يأتينا كل جديد ونحن نستهلك ، وقسمتهم في توزيع اللقاح قسمة ضيزى - أي غير عادلة ، فقد سمعت أمس صباحا في الأخبار أن ٤٥ بالمائة من اللقاح المنتج تم توزيعه في الدول الغنية التي يشكل عدد سكانها ٢٠ بالمائة من سكان عالمنا ، ويبدو أن عنترة بن شداد تنبأ بالقسمة الضيزى وأدرك أيضا أن شجاعته لم تعد تساوي شيئا لو عاش في زمن الكورونا / الكوفيد ١٩ ، ولذلك حاكت روحه التي حلت في شاعر مقلد اسمه صالح البارود معلقته ، فكتب :
" يا دار عبلة في الفناء تكلمي
فاليوم قد منع التجول فاعلمي "
ومنها :
" إن البقاء في البيت أصبح واجبا
لا تخرجي يا عبلتي كي تسلمي
......
واليوم ها أنا ماكث في غرفتي
وبمفردي مثل البعير الأجذم
.....
ولقد ذكرتك والصحون مليئة
فولا وكأس الشاي يسكب في فمي
......
هلا سألت الغرب يا ابنة مالك
كم مات منهم كم مات بغير تكتم
فلكم اذاقهم كورونا ذلة
ويسومهم قتلا بغير تكلم " .
وقبل يومين ثلاثة أتيت على معارضة شاعر سوري قضى بالكورونا معلقة عمرو بن كلثوم :
" ألا هبي بصحنك فاصبحينا " .
هل سيكتب طالب دراسات عليا رسالة ماجستير أو رسالة دكتوراه في وباء الكورونا ويأتي فيها على فن المحاكاة ؟
صباح الخير
خربشات
٢٢ شباط ٢٠٢١ .

***

- الست كورونا : الليلة الثلاثمائة ( 200 )

الليلة هي الليلة الثلاثمائة التي أكتب فيها تحت عنوان " الست كورونا " وكنت أتمنى أن أكتبها تحت عنوان " مسك الختام " لتكون خاتمة الكتابة وخاتمة الوباء أيضا ، فتعود المياه إلى مجاريها ، ولكن هيهات هيهات ، فعلى الرغم من اختراع غير لقاح للقضاء على كوفيد ١٩ ، وعلى الرغم من أن دولة أبناء العمومة طعمت ثلاثة ملايين ونصف ، إلا أن أعداد المصابين في مناطق السلطة الفلسطينية وفي الأردن وفي مناطق أخرى من العالم ما زالت في ارتفاع ، والإحصائية الأخيرة تقول إن المصابين قاربوا ال ١١٠ مليون والوفيات تكاد تقارب الثلاثة ملايين .
وأمس عادت الأشرطة التي ينصح المتكلمون فيها بالوصفات الشعبية ، عادت تتداول ، فقد أرسل إلي الصديق Safi Ismael Safi
شريطا ينصح المتكلم فيه بالكركم والنعنع واستنشاق بخار غليهما ، وأرسل إلي صديق ثان شريط فيديو ينصح المتكلم فيه بالسماق ، والله هو الشافي والمعافي . والصديق الدكتور Abdallah Abu Eid
أرسل إلي كتابة عن قناعة الأطباء الروس بفاعلية مميع الدم للتخلص من الكورونا .
خلال الثلاثمائة ليلة التي كتبت فيها توفي ثلاثة زملاء من جامعة النجاح الوطنية زاملتهم منذ ١٩٨٢ ، وخلالها لم أغادر نابلس إلا مرة واحدة إلى رام الله ، وصارت فكرة السفر إلى خارج فلسطين لا تخطر بالبال .
هل بدأنا نتعايش مع " الست كورونا " عملا بقولنا الشعبي " زوجك إن أراد الله " ؟
ظلت شهرزاد تحكي لشهريار مدة ألف ليلة وليلة ، وإن استمرت الجائحة فقد تطول الكتابة التي لن تخلو من تكرار واستطراد وملل وفقدان القدرة على الدهشة ، ولذلك فإنني اعتبارا من صباح الغد سأتحرر من الكتابة تحت عنوان " الست كورونا " لأخوض في موضوعات شتى قد تكون الكورونا إحداها .
جزيل الشكر للقراء وللسيد Mehdi Naqos
و ل د . هناء علي البواب
ولكل من زودني باشرطة فيديو كان لها حضور ودور في اغناء الكتابة .
صباح الخير
خربشات
٢٣ شباط ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى