عزيزي رجاء النقاش
كنت ومازلت أخي الذي لم تلده أمي.. منذ جئت إلي مصر، باحثاً عن أفق، وجدت في كنفك حرارة البيت وحنان العائلة، أخذت بيدي، وأدخلتني في قلب القاهرة الإنساني والثقافي، فعلمتني كيف أأتلف وكيف أختلف وكيف أكون «أنا» وسواي في آن واحد.
وكنت من قبل قد ساعدت جناحي علي الطيران التدريجي، فعرفت قراءك علي وعلي زملائي القابعين خلف الأسوار.
لم يكن التعبير عن الامتنان وحده هو واجبنا الأخلاقي تجاهك، بل الاعتراف العلني بأنك عمقت إحساسنا بأننا لم نعد معزولين عن محيطنا العربي إلي هذا الحد، وساعدتنا علي الإيمان بقدرة الشعر الخارج من القلب علي الدخول في القلوب وعدم الخروج منها.
أي: أقنعتنا بأننا ذوو جدوي في زمن كاد أن يقتل المعني، وكاد أن يقيم حدّاً فاصلاً بين جمالية الشعر وفاعليته.
منعني الحياء من أن أشكرك بما يليق بك.. لئلا يكون الشكر تعبيراً عن رضا مُبَطن عن النفس. لكني اجتهدت كثيراً لكي لا أسبب لرضاك عني خيبة الأمل والخذلان. نعم، كان لك دور في تطوير وعي المسؤولية، وفي تعميق العلاقة بين حرية الشعر وشعر الحرية.
نحن مدينون لك، لأنك لم تكف عن التبشير النبيل بالمواهب الشابة وعن تحديث الحساسية الشعرية والدفاع عن الجديد الإبداعي في مناخ كان ممانعاً للحداثة الشعرية. ومدينون لك لأنك ابن مصر البار، وابن الثقافة العربية الذي لم تدفعه موجات النزعات الإقليمية الرائجة إلي الاعتذار عن عروبته الثقافية.
عزيزي رجاء!
كم يؤسفني ألا أتمكن من حضور حفل تكريمك هذا الذي تأخر بعض الوقت. لكن قلبي معك، أيها الكريم المكرَّم المكرِّم!
لقد كرمت أجيالاً من الكتاب الشباب بصداقة النقد والإبداع وبمتابعتك المثابرة لتطورات الأدب العربي الجديد في كل مكان في المراكز وفي الهوامش. أنت الذي تكرمنا: تكرم أصدقاءك ومحبيك وقراءك الأوفياء لك.. ولإنتاجك الغزير المتعدد.
أتمني لك العافية والمزيد من القدرة علي اختراع الأمل لنا ولك..
ولك كل المحبة
محمود درويش
كنت ومازلت أخي الذي لم تلده أمي.. منذ جئت إلي مصر، باحثاً عن أفق، وجدت في كنفك حرارة البيت وحنان العائلة، أخذت بيدي، وأدخلتني في قلب القاهرة الإنساني والثقافي، فعلمتني كيف أأتلف وكيف أختلف وكيف أكون «أنا» وسواي في آن واحد.
وكنت من قبل قد ساعدت جناحي علي الطيران التدريجي، فعرفت قراءك علي وعلي زملائي القابعين خلف الأسوار.
لم يكن التعبير عن الامتنان وحده هو واجبنا الأخلاقي تجاهك، بل الاعتراف العلني بأنك عمقت إحساسنا بأننا لم نعد معزولين عن محيطنا العربي إلي هذا الحد، وساعدتنا علي الإيمان بقدرة الشعر الخارج من القلب علي الدخول في القلوب وعدم الخروج منها.
أي: أقنعتنا بأننا ذوو جدوي في زمن كاد أن يقتل المعني، وكاد أن يقيم حدّاً فاصلاً بين جمالية الشعر وفاعليته.
منعني الحياء من أن أشكرك بما يليق بك.. لئلا يكون الشكر تعبيراً عن رضا مُبَطن عن النفس. لكني اجتهدت كثيراً لكي لا أسبب لرضاك عني خيبة الأمل والخذلان. نعم، كان لك دور في تطوير وعي المسؤولية، وفي تعميق العلاقة بين حرية الشعر وشعر الحرية.
نحن مدينون لك، لأنك لم تكف عن التبشير النبيل بالمواهب الشابة وعن تحديث الحساسية الشعرية والدفاع عن الجديد الإبداعي في مناخ كان ممانعاً للحداثة الشعرية. ومدينون لك لأنك ابن مصر البار، وابن الثقافة العربية الذي لم تدفعه موجات النزعات الإقليمية الرائجة إلي الاعتذار عن عروبته الثقافية.
عزيزي رجاء!
كم يؤسفني ألا أتمكن من حضور حفل تكريمك هذا الذي تأخر بعض الوقت. لكن قلبي معك، أيها الكريم المكرَّم المكرِّم!
لقد كرمت أجيالاً من الكتاب الشباب بصداقة النقد والإبداع وبمتابعتك المثابرة لتطورات الأدب العربي الجديد في كل مكان في المراكز وفي الهوامش. أنت الذي تكرمنا: تكرم أصدقاءك ومحبيك وقراءك الأوفياء لك.. ولإنتاجك الغزير المتعدد.
أتمني لك العافية والمزيد من القدرة علي اختراع الأمل لنا ولك..
ولك كل المحبة
محمود درويش